الأوساط الإسرائيلية تعتبر انهاء حصار المقر الرئاسي «نكسة»، وزراء في حكومة شارون يتوعدون عرفات بعد ضرب العراق

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 24 رجب 1423 هـ الموافق 1 أكتوبر 2002 دافع وزراء في حكومة ارييل شارون عن قرار الاذعان للضغوط الاميركية لانهاء حصار المقر الرئاسي الفلسطيني في رام الله بالقول انه اتى لتفادي أزمة مع الولايات المتحدة التي مارست ضغوطاً لم تتوقع على تل ابيب وان تكرار هذا الحصار يبقى قائماً بعد ضرب العراق وهو ما لم يقنع الاوساط الاسرائيلية والصحف العبرية التي اثارت ضجة حول ما اعتبرته «نكسة» لهذه الحكومة. وقال ريئوفين ريفلين وزير الاتصالات الاسرائيلي عضو حزب ليكود للتلفزيون الاسرائيلي «تقييمنا هو اننا نستطيع عزل ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني .. لكن يؤسفنا اننا لا نستطيع دوما الحصول على ما نريد». وجاء هذا التراجع بعد رسالة بعث بها جورج بوش الرئيس الاميركي الى شارون طالبه فيها بانهاء الحصار على وجه السرعة حيث تخشى واشنطن ان يؤثر على خططها باحتمال شن حرب على العراق. وقال افرايم عيتام الوزير القومي المتشدد في الحكومة الاسرائيلية «فضلنا كما ينبغي تقديم دعم لمسألة شن هجوم اميركي على العراقيين على امر يمكينا دائما القيام به في وقت لاحق». لكن صحيفة «هآرتس» العبرية نسبت امس الى الوزير ناتان شار انسخي قوله ان المسئولين فى الحكومة الاسرائيلية « لم يضعوا فى اعتبارهم مدى رد فعل واشنطن على العملية العسكرية الاسرائيلية فى اطار الهجوم المحتمل للولايات المتحدة ضد العراق». وقال اننا اخفقنا فى تقييم الاوضاع تقييما سليما عندما قررت الحكومة منذ اسبوعين القيام بالعملية حيث كانت الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل العد التنازلى لشن الهجوم على العراق مما سيدخل واشنطن ازاء حدوث المزيد من المواجهات . وأضاف ان ضباط الجيش الاسرائيلى الذين انتقدوا قرار رفع الحصار عن عرفات ووصفوه بأنهم قرار غير حكيم «عليهم أن يتذكروا ان الجيش كان اول من اقترح هذه العملية اولا على وزير الدفاع بنيامين بن اليعازر ثم على ارييل شارون رئيس الوزراء». وقال الوزير الاسرائيلى « قبل اتخاذ قرار العملية لم تكن هناك اشارات من واشنطن بشأن رد فعلها السلبى وفى نفس الوقت فان القرار تم اتخاذه بسرعة غير مبررة وكانت هذه هى النتيجة». وأكد احد كبار المعلقين السياسيين فى «هآرتس» الوف بن فى تعقيبه على انتهاء «أزمة المقاطع» أن اسرائيل بجهازيها السياسى والامنى أخفقت تماما فى تقدير مصالح ومواقف الادارة الاميركية . وبين أنه فى جلسة الحكومة التى أقرت فرض الحصار على المقاطعة انفرد وزير واحد فقط هو دان مريدور بالتحذير من الفشل المتوقع اما البقية فأنهم لم يلاحظوا التغيير الحاصل فى واشنطن واستخفوا بقرار مجلس الامن الاسبوع الماضى الذي اتخذ بامتناع أميركي عن التصويت . ورأى المعلق السياسى أن الفشل برز فى ضوء أن الجيش الاسرائيلى رفع الى شارون فى يوليو الماضى تقريرا قال فيه ان على اسرائيل عدم القيام بأية فعاليات تصعيدية فى الجبهة الفلسطينية الى حين الانتهاء من الحرب على العراق . وقال بنيامين نتانياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسبق ان «الواقع يتحدث من تلقاء نفسه اما ابعاد عرفات او تركه. الخطوات المؤقتة لا تفيد بشيء يجب ابعاده ابعاد رجاله. اذا أبُعد عرفات إلى باريس او طهران فانه سيكون غير مناسب وستبدأ عملية نمو قيادة جديدة. وقال النائب افيغدور ليبرمان ان «الحكومة اعادت عرفات الى وسط الخارطة. لا يعرفون ان ينتصروا ولا يعرفون ان يقرروا». وعنونت صحيفة «معاريف» على صدر صفحتها الاولى «اسرائيل اندحرت والارهابيون المطلوبون فروا» مرفقة بصورة لياسر عرفات الرئيس الفلسطيني «خارجا من انقاض مقره محمولا على اكتاف مناصريه». من جهتها عنونت صحيفة «يديعوت احرونوت» الواسعة الانتشار مع صورة للرئيس الفلسطيني مشرق الوجه ورافعا شارة النصر «شارون: لا يمكننا ان نقول لا لاكبر اصدقائنا» (الولايات المتحدة). من جهته كتب بين كاسبيت احد ابرز صحافيي «معاريف» ويغطي رحلة ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الى موسكو التي بدأها الاحد ان «الرحلة الى موسكو بالنسبة لشارون جاءت في وقتها المناسب تماما. في مثل هذا اليوم يجب الرحيل ولا يهم الى اين. لكن المهم الابتعاد اكثر ما يمكن عن المقاطعة» اي مقر عرفات. واعتبرت الصحيفة ان حصار المقاطعة الذي بدأ بهدير الجرافات واجواء الحرب انتهى بشكل «مخجل». وتحت ضغط الولايات المتحدة التي تريد ان تكون مطلقة اليدين لمهاجمة العراق رفعت اسرائيل، التي كانت تطالب باستسلام عشرين فلسطينيا تتهمهم بالتورط «بالارهاب»، امس الاحد الحصار الذي كانت تفرضه منذ عشرة ايام على المقاطعة. وكتب هيمي شاليف في افتتاحية نشرتها صحيفة «معاريف» على صفحتها الاولى ان «شارون يخلف وراءه هزيمة كبرى، الافدح منذ توليه مهامه (في مارس 2001) وهناك اتفاق حول هذه النقطة على الساحة السياسية بمجملها». وقال ان «العملية العقابية التي بدأت بضخامة تحولت الى هزيمة والفلسطينيين يسخرون والافدح من ذلك والاخطر هو ان اعداء اسرائيل يمكن ان يستنتجوا، بعد الفشل الذريع في رام الله، بان اسرائيل مكبلة الايدي حاليا وقد يبدأون باستفزازنا». من جهته كتب ناحوم بارنيا كاتب الافتتاحية في «يديعوت احرونوت» على صدر صفحتها الاولى ان «شارون قرر تجنب مواجهة مع (الرئيس الاميركي جورج) بوش وتحمل اهانة التراجع»، مؤكدا ان «هذا القرار يتطلب شجاعة». واضاف ان «العبرة التي يجب استخلاصها الان للمستقبل تقول ان مفتاح اي اتفاق في الشرق الاوسط هو بين يدي الرئيس بوش وحده». وقال «اذا اندلعت الحرب ضد العراق وتعرضت اسرائيل لهجوم باسلحة غير تقليدية، فسيكون على الحكومة اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بكيفية الرد وبأي اسلحة. لكن سيكون من سوء حظنا ان تتخذ هذه القرارات بنفس الطريقة المؤسفة التي اتخذ فيها قرار تدمير المقاطعة». وفي التفاصيل حول الضغوط الاميركية التي سبقت انهاء حصار عرفات قالت «يديعوت» ان دافي ايلون سفير اسرائيل في واشنطن استدعي على عجل للقاء كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي والتي ابلغته انتم تزعجوننا في الموضوع العراقي والذي سارع اثرها لابلاغ شارون. بعد عدة ساعات من ذلك، وبعد وصول رسالة مماثلة دان كريتسر سفير الولايات المتحدة في اسرائيل استدعى شارون مدير مكتبه دوف فيسغلس على أمل انه يمكن اقناع الاميركيين بواسطة «قوائم الارهابيين» المتواجدين في المقاطعة، ارسل فيسغلس على عجل الى واشنطن لتنفيذ مهمتين: تبديد التوتر مع الاميركيين واذا امكن اقناعهم بحيوية البقاء في المقاطعة. وقال مصدر في وزارة الخارجية الاسرائيلية ان الاميركيين رفضوا ذلك جملة وتفصيلاً وبلهجة تكسانية قالوا مباشرة «ابتعدوا من هناك ولا توجعوا رأسنا بالمطلوبين. حاول فيسغلس اقناع كوندوليزا رايس ومرة اخرى لقي رداً شديد اللهجة تستطيع اسرائيل ان تنقل المعلومات والملفات عن المطلوبين لفحص الفلسطينيين مثلما تنص الاتفاقيات «انا اتوقع منكم عملية سريعة «العمليات الحالية لا تساعد في جهودنا لبلورة دعم للخطوات ضد العراق. القدس ـ «البيان» ووكالات:

Email