السبت 21 رجب 1423 هـ الموافق 28 سبتمبر 2002 تشهد القاهرة هذه الأيام سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي تستهدف إعلان الدعم الشعبي المصري للشعب الفلسطيني، الذي تدخل إنتفاضته الباسلة عامها الثالث في ظل حصار وإعتداءات همجية من قوات الاحتلال الصهيوني، حيث تنظم الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية واللجان الشعبية والقوى السياسية مظاهرة حاشدة بميدان التحرير ـ وسط العاصمة ـ غدا السبت، تأييدا للإنتفاضة ولإعلان رفض التهديدات الأميركية بضرب العراق. ويقدم وفد من المتظاهرين مذكرة إلى أمين عام الجامعة العربية دعت اللجنة الشعبية المصرية للتضامن مع إنتفاضة الشعب الفلسطيني آلاف المواطنين بالتوقيع عليها،وتطالب المذكرة بأن تتبنى الجامعة العربية عقد مؤتمر شعبي للجان والمنظمات الأهلية العربية الداعمة لإنتفاضة الشعب الفلسطيني. كما تطالب المذكرة بالتأكيد على دعم كفاح الشعب الفلسطيني وذلك بالتشديد مجددا على حقه في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل بما فيها الكفاح المسلح، وكذلك على حقه المطلق في اختيار قادته وبالتالي طريقة وأسلوب تغييرهم. مؤكدة على ضرورة مضاعفة العون المادي المقدم من القمم العربية السابقة للشعب الفلسطيني والتأكد من وصول ما تم إقراره بالفعل في تلك القمم. وتدعو المذكرة إلى كسر الحصار المفروض على الشعب العراقي ـ كموقف عملي من العدوان المرتقب على أراضيه ـ وإتخاذ كافة الإجراءات الرسمية والشعبية لعودة العلاقات العربية ـ العراقية إلى طبيعتها. وتؤكد المذكرة على ضرورة الإلتزام بقرارات القمة العربية الأخيرة بوقف الإتصالات بين الدول العربية والكيان الصهيوني على أن تصدر الجامعة العربية تقريرا بمدى التزام كل دولة عربية بذلك القرار. وفي الجامع الأزهر يواصل المواطنون والقوى السياسية وممثلو اللجان الشعبية لدعم الإنتفاضة والمقاطعة مظاهراتهم بالمسجد عقب كل صلاة جمعة لتأييد الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد المحتل الصهيوني. وفي نقابة المحامين بدأت أمس فعاليات أيام التضامن مع الشعب الفلسطيني والتي دعت إليها جماعة المحامين الناصريين، وتتضمن فعالياتها معارض لوحات فنية تصور كفاح الشعب الفلسطيني إلى جانب المؤتمرات الشعبية والسياسية الداعمة للشعب الفلسطيني، والتي يتم خلالها إحراق العلمين الإسرائيلي والأميركي وترديد الهتافات المعادية للكيان الصهيوني والسياسة الأميركية في فلسطين والعراق. وفي إتحاد المحامين العرب دعت الأمانة العامة للإتحاد إلى اجتماع طارئ ليلة أول أمس للمنظمات والنقابات المهنية والعمالية لبحث سبل دعم الشعب الفلسطيني، ذكر خلاله السفير محمد صبيح مندوب فلسطين الدائم في الجامعة العربية أن البنية الأساسية للشعب الفلسطيني قد تم إنتهاكها وتدميرها، مطالبا بتدعيم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في الموقف الذي يمر به حاليا في ظل الحصار الإسرائيلي على مكتبه وإسقاط السلالم المؤدية إليه وإحاطته بالإسلاك الشائكة. ودعا صبيح إلى اسماع الإدارة الأميركية صوتا عربيا قويا، مؤكدا أن أميركا شريكة للكيان الصهيوني وإنها تستخدم حق الفيتو ضد إصدار أي قرار لصالح الشعب الفلسطيني.وقال أن القيادات الإسرائيلية العسكرية هي التي قتلت إسحاق رابين وإنها تسعى حاليا إلى تقسيم المنطقة العربية وتتحدث عن إزاحة دول من على الخريطة العربية وإحلال دول أخرى. ودعا صبيح إلى إرسال برقيات إلى كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة وإلى الرئيس الفلسطيني عرفات ومخاطبة الرأي العام الأوروبي بمختلف الوسائل المتاحة. ودعا فاروق أبو عيسي أمين عام إتحاد المحامين العرب إلى عدم الثقة نهائيا في الموقف الأميركي وعدم تعليق أية آمال عليه، والتوجه لمزيد من دعم الإنتفاضة لكي تستمر في مواجهة الكيان الصهيوني. وحذر جمال الصوراني الأمين المساعد لإتحاد المحامين العرب من خطة غربية صهيونية تستهدف تقسيم كل من العراق والسعودية ومصر، مطالبا العمال العرب بالتوقف عن شحن وتفريغ السفن الأميركية في الموانئ العربية وأن تتحرك الشعوب والحكومات العربية كأمة واحدة وليس كقبائل كما هو الحال الآن، وحذر من أن أية شركات أو منظمات غربية خيرية في الوطن العربي إنما تتبع المخابرات الغربية ولا تستهدف خير الأمة. واتفق الإجتماع الطارئ على بدء حملة الألف رسالة من الف منظمة عربية غير حكومية للتحذير من خطورة الوضع في الأراضي المحتلة،على أن يتم توجيهها إلى المؤسسات الدولية والمسئولين في مختلف أنحاء العالم وفي مقدمتهم كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة. وفي نقابة الصحفيين دعت ندوة نظمتها لجنة دعم الإنتفاضة بالنقابة الأمة العربية إلى أن تفيق من «غيبوبة السلام» التي أغرقتها فيها الدعاية الأميركية والصهيونية..وأكدت الندوة التي حضرها عدد من أعضاء مجلس الشعب وممثلي اللجان الشعبية للمقاطعة ودعم الإنتفاضة والمثقفين، على أن المقاومة هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني. ودعت الندوة الشعوب العربية إلى مواجهة التهديدات الأميركية بضرب العراق، مؤكدة أن الخطة الاستعمارية الغربية تستهدف جميع الدول العربية بلا استثناء. وقال الكاتب الإسلامي عبد المنعم سليم عمارة ان الأمة العربية تتعرض الآن لهجمة أميركية صهيونية تستهدف وجودها ومواردها وأن الشعب الفلسطيني يدافع الآن عن فلسطين وعن الأمة العربية ويقوم بإفشال الخطة الصهيونية لإحكام القبضة على أرض فلسطين.وحذر من أن الخطة الغربية لن تستثنى أحدا داخل الوطن العربي،مدللا على ذلك بتصريحات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عقب أحداث سبتمبر 2001 بأنه قد «آن الأوان لترتيب العالم». وقال سليم ان الجهاد فريضة على كل مسلم ومسلمة في ظل الاحتلال الصهيوني للأرض العربية والإسلامية في فلسطين. ودعا محمد عبد العليم عضو مجلس الشعب الطلاب في المدارس والجامعات والمواطنين إلى التحرك للتعبير عن غضبهم إزاء ما يجري في الأرض المحتلة وإزاء التخاذل العربي المهين في مواجهة الكيان الصهيوني، مؤكدا على أهمية الدعم المادي المنتظم للشعب الفلسطيني لمواجهة ظروف الحصار. وأكد المهندس كمال خليل أحد قيادات اللجان الشعبية لدعم الإنتفاضة أن ارتباط المصالح بين الإمبريالية الأميركية والحكومات العربية يمنع الأخيرة من اتخاذ أية خطوة قوية في مواجهة الكيان الصهيوني وأن الحل هو في انتفاضة شعبية عربية في كافة الأقطار العربية لتأييد الشعب الفلسطيني ومنع العدوان الأميركي المنتظر على العراق. وقال المهندس عبد العزيز الحسيني القيادي باللجنة الشعبية المصرية للمقاطعة ان شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» يثبت يوما بعد الآخر صدقه وصحته،وأنه لا حل إلا بعودة الأرض الفلسطينية كاملة لشعبها وأن مصير الكيان الصهيوني إلى زوال. وقال الحسيني انه إذا كان النظام العربي المفلس قد فشل في تقديم دعم حقيقي لانتفاضة الشعب الفلسطيني فإن الشعوب العربية مطالبة بتقديم هذا الدعم بمختلف فئاتها وتياراتها السياسية والفكرية. وأعقب الندوة عرض فني لفرقة «لاجيء» الفلسطينية والتي حضرت من مخيم «عايدة» في بيت لحم لتقديم عدد من الأغاني والأناشيد التراثية الفلسطينية بالقاهرة.كما قدم عدد من الفلسطينيين شهادة عما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار ظالم وممارسات نازية لا تفرق بين رجل وامرأة أو شيخ وطفل، كما شهدت نقابة الصحفيين معرضا فنيا لتجربة أفراد أسرة واحدة في التعبير عما جرى في الأرض المحتلة بالرسم قدم خلالها الطفلان كريم وأحمد هويدي (9،8 سنوات) عددا من اللوحات الفنية التي تصور انتفاضة الشعب الفلسطيني والحصار الصهيوني المفروض على الشعب الفلسطيني، كما قدم والدهما الفنان سيد هويدي عددا من اللوحات التي تصور الافتراس الهمجي الصهيوني للشعب الفلسطيني، وقال هويدي عن هذه التجربة انها تكشف عن أن تفاعل جيل جديد مع حدث بهذا التعقيد يوضح كيف أن الحق الضائع في فلسطين مازال حيا في ضمير الأمة، رغم ضراوة الظروف التاريخية، وأن عزم وإرادة التحدي تملأ وجدان حماة المستقبل. القاهرة ـ محيي الدين سعيد: