في المقيل اليمني يستخدم اليمنيون الى جانب «القات» الارجيلة الهندية الطويلة العنق. ويمدون منها ما يسمونه «قصبة» يمتصون من خلالها الدخان والقصبة في العادة طويلة بحيث يمكن للمقيلين، تبادلها فيما بينهم. ويضعون التبغ في وعاء فخاري كبير يتسع لكمية من التبغ ولعدد من الجمرات الملتهبة ويظل وقتا طويلا قبل ان تدعو الحاجة الى تغييره. ويضعون كل ذلك على قمة عنق الارجيلة. ويحدث احيانا ان تنقلب الارجيلة التي يسميها اليمنيون «المداعة» وتتساقط جمراتها على الارض وتحرق من الاثاث ما تقدر على حرقه. الشاهد هنا ان المقيلين جميعاً القريب من الارجيلة والبعيدين عنها وهم يشاهدون انقلابها تذهلهم المفاجأة فيمدون اياديهم في الهواء ويتأتئون كتعبير عن الفزع والاستغاثة ولكن لا احد منهم يتحرك من مكانه لمنع انقلاب الارجيلة مع امكانية ذلك لو تحركوا بسرعة. وهذا هو حال العرب اليوم. اسرائيل تدك مدن فلسطين وتقتل شبابها وشيبها رجالها ونسائها اطفالها ورضعها وتقتل الحياة في كل شبر من ارض فلسطين المجاهدة.. والعرب في اماكنهم يمدون ايديهم في الهواء ويتأتون في ذهول ولا احد يتحرك من مكانه. قوى العدوان والطغيان والهيمنة وعلى رأسها بؤرة الشر الادارة الصهيونية العنصرية الحاقدة في البيت «الأبرص» تعد العدة للاجهاز على شعب عربي بهدف تدمير امكانياته، وتعطيل تطوره ونموه، وتهميش دوره. وتحطيم ما بقى في العروق بعد الذبح من قدراته خدمة للكيان العنصري الصهيوني في فلسطين، والاستيلاء الكامل على ثرواته، والتحكم في مستقبله ومصيره. كل ذلك والعرب في اماكنهم شعوبا وحكومات يتأتون ويمدون في الهواء اياديهم حيث لا شيء. الشيء الوحيد الذي تفعله الانظمة المرتهنة لدول الاستكبار هو الادانة لاولئك الابطال الذين فاض بهم الكيل ففجروا اجسادهم دفاعاً عن كرامتهم وارضهم. وكرامة امتهم وسيادتها. واذا تأتأوا عن العراق فانهم يطالبونه بتنفيذ قرارات الامم المتحدة وحتى يتفادى ضربة العدو الحاقد. تعلن الانظمة العربية عن رفضها لمهاجمة العراق ومقابل ذلك تفتح اراضيها ومطاراتها وموانئها وخزائنها للصهيونية العنصرية النازية التي تدير المعركة ضد الامة من المكتب البيضاوي في البيت «الأسود»، مركز الحقد والكراهية والعدوانية والجبروت. فها هي احدى الدول العربية يشارك احد كبارها في مؤتمرات المعارضة العراقية.. وتفتح موانئها ومطاراتها واجواءها وساحاتها للجنود والآليات الاميركية تحت مسمى «المناورة» وتتمنى دولة اخرى ان ينتهي الامر عند اسقاط النظام في بغداد. وهناك دولة عربية ثالثة مفعمة بالغيظ من جراء الغزو العراقي الاحمق تتلمظ شوقا لليوم الذي تشاهد فيه صدام اسيرا او قتيلا مهما كان الثمن فالشعار الشمشوني هو الذي يحكم سلوكها اليوم.. «عليّ وعلى اعدائي يارب». واذا كانت احدى الدول الخليجية تحتضن اكبر قاعدة بحرية اميركية في المنطقة فان دولة خليجية أخرى ليست اقل منها عطاء فصحراؤها وشواطئها تحولت بقدرة قادر الى اكبر مخزن اميركي للسلاح الذي به تذبح الامة وتستباح كرامتها. اما جمهورية اليمن الميمون فان النظام يبحث عن دور مناسب يظهر فيه ولاءه واخلاصه لسيد البيت «الأبيض» وما فيش حد أحسن من حد. لكن مشكلة النظام في اليمن ان شعبه عنيد ومسلح. ياترى اين ذهب اولئك الذين ايدوا العراق في حرب الخليج الاولى؟ اين الوحدات التي ارسلتها اليمن بالأمس في حرب ظالمة يقتل المسلم فيها اخاه المسلم، لماذا لا ترسل اليوم لتدافع عن كرامة وعزة واستقلال وسيادة الشعب العراقي المجاهد الصابر؟ اين تلك الاموال التي تدفقت لدق اسفين بين الامة العربية والاسلامية في وقت كانت فيه جمهورية ايران الاسلامية قد أعلنت وقوفها مع القضية الفلسطينية وطردت السفير الاسرائيلي. واستبدلته بسفير فلسطيني. ودخلت مع اميركا في شبه حرب حول الاسرى الاميركان؟ هل هي التعليمات الاميركية في حالة الامس وحالة اليوم وحيثما تدور اميركا تدور رؤوس بعض الحكام العرب. اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكنا نسألك اللطف فيما قضيت. وكما ندعو عند طلب الغيث ان يكون على الجبال، والوهاد وبطون الاودية فانا ادعو ان يكون على رؤوس الظلمة وقصور الطغاة ومساكن الذين ركنوا الى الذين ظلموا فمستهم النار.