لابد من استراتيجية شاملة ذات ثلاث مراحل للقضاء على الارهاب، بقلم: مارجريت تاتشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

«أرى في احلامي أمة نبيلة وجسورة تنهض بقامتها كما ينهض المرء بعد نوم، لتطيح بأغلالها الخفية»، ان كلمات ميلتون هذه تصف تماماً حال امريكا اليوم فبعد الرعب الذي انطلق يوم 11 سبتمبر رأى العالم امريكا وهي تستجمع قواها، وتستدعي حلفاءها وتتقدم بهم لتشن الحرب في ميدان يبعد عنها مسيرة نصف العالم ضد عدوها وعدونا. لن تكون امريكا كما كانت في سابق عهدها ابداً، لقد أثبتت لنفسها وللعالم انها حقاً (وليس اسماً فقط) القوة الكونية العظمى الوحيدة، القوة التي تتمتع بالفعل بمستوى من التفوق على أعدائها الفعليين والمحتملين بقدر لم تسبقها اليه أمة اخرى في عصرنا، ولذلك يتوجب على العالم خارج امريكا ألا يكون كسابق عهده بعد اليوم ايضاً، فبالطبع ستظهر تهديدات اخرى من اتجاهات جديدة لكن ما دامت امريكا تعمل على تعزيز تفوقها التقني فلن يكون هناك اي مبرر يمنح اي تهديد يواجه امريكا فرصة النجاح وهذا بدوره سيساعد في ارساء الاستقرار والسلام. ومثلما ذكر الرئيس بوش للامريكيين فليس هناك مجال للركون فأمريكا وحلفاؤها اعني الغرب وقيمه لا يزالون تحت طائلة تهديد خطير وهذا التهديد يجب القضاء عليه، وقد آن الأوان للعمل بقوة. ان التحدي الذي نواجهه من جانب قوى الارهاب هو تحد فريد من عدة اوجه وهذا كان السبب وراء الصعوبة التي واجهتها اجهزة الاستخبارات الغربية في محاولتها لتوقع مذابحه والحيلولة دونها وبالطبع، فإن العدو ليس هو الدين، فمعظم المسلمين يدينون ما حدث وليس هو دولة بعينها، مع ان هذا الشكل من الارهاب بحاجة الى دعم الدول ليحقق غايته وربما كان الأقرب شبهاً له هو الشيوعية المبكرة، فالتطرف الذي نشهده اليوم، شأن البلشفية في الماضي، هو مبدأ مسلح وهو أيديولوجية يروجها اناس متشددون ومسلحون جيداً يكرسون حياتهم لها، وشأن الشيوعية يحتاج الى استراتيجية شاملة طويلة المدى لهزيمته. وقد تعين ان تكون المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية هجوماً عسكرياً على العدو في افغانستان، وهي المرحلة التي اقتربت الآن من نهايتها، واعتقد ان الحكومة الانتقالية هناك تستحق الدعم لكن مع ذلك فإن الولايات المتحدة كانت على حق حينما رفضت الالتزام بخطة طموح لبناء دولة جديدة في تلك الاراضي المتقلبة والبعض قد لا يوافق على هذا، ويجادل بأن الدرس المستمد من الأزمة الحالية مفاده تجاهل الدول المحطمة بسبب الارهاب، لكن هذا القول ليس اكثر من فخ فهو يتضمن مستوى من النزعة التدخلية الدولية يمكن لأي كان ان يلاحظ انه غير عملي. لكن الدرس الأكثر اهمية هو ان الغرب قد تأخر في التحرك القوي والمبكر ضد تنظيم القاعدة والنظام الذي يؤويها ولأن الخيار سيكون متاحاً دوماً حول أين يجب تركيز الجهود الدولية، كان من الأفضل للولايات المتحدة باعتبارها القوة العسكرية الكونية العظمى الوحيدة، ان تزج بطاقاتها على الشكل العسكري، وليس على شكل العمل الاجتماعي الأفضل ترك محاولة دعم المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية في افغانستان للآخرين ليقوموا بها وما دام هؤلاء «الآخرون» يتضمنون بريطانيا فإني آمل ان نكون نحن ايضاً واقعيين فيما نستطيع تحقيقه وما لا نستطيع. أما المرحلة الثانية من الحرب ضد الارهاب فيجب ان تكون ضرب المراكز الاخرى للارهاب الاسلامي التي تجذرت في افريقيا وجنوب شرق آسيا وغيرها من الاماكن وهذا يتطلب اولاً عملاً استخباراتياً دقيقاً ودبلوماسية شرسة والتزاماً مديداً ومستمراً بالخيار العسكري. ان اعداءنا الآن قد امضوا سنوات يحفرون خنادقهم ويتمترسون ولن يكون بمقدورنا دحرهم دون مواجهة مقاومة ضاربة ودموية. أما المرحلة الثالثة فهي مواجهة الدول التي تؤوي الارهاب وتدعمه وتسعى لامتلاك اسلحة الدمار الشامل بها لقد أدمنا على تسميتها بـ «الدول المارقة» وليس هناك من خطأ في هذا ما دمنا لا نقع في فخ تخيلها وهي تلائم دوماً وبخصوص كل قضية هذه الخانة. وعلى سبيل المثال، فإن ايران وسوريا كليهما قد انتقدتا بحدة أسامة بن لادن وطالبان وهجمات 11 سبتمبر ومع ذلك فإنهما كليهما عدوتان لقيم الغرب ومصالحه. وهناك ايضاً منتقدون خطرون لهجمات 11 سبتمبر فليبيا، على سبيل المثال، لا تزال تكره الغرب، وتتمنى لو أنها تستطيع الانتقام منا، والسودان ارتكب عمليات تطهير عرقي ضد مواطنيه، اما فيما يتعلق بكوريا الشمالية فإن نظام كيم جونج ايل لا يزال معتوهاً، كما كان دوماً، وهو السبب الرئيسي في العالم لانتشار الصواريخ الباليستية بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس حربية نووية او كيماوية او جرثومية. اما المارق الاكبر وهو بدون اي شك النظام العراقي، فهو يمثل الدليل، ان كنا لا نزال بحاجة لدليل، على ان عمل اليوم المؤجل سيصبح هم الغد، ان هذا النظام لن يخضع ابداً للشروط التي نفرضها عليه وهدفه في الواقع واضح جداً وهو تطوير اسلحة دمار شامل، ليتحدانا من دون خوف. ان السؤال المهم اليوم هو كيف ومتى سنقضي على هذا النظام وليس إذا ما كنا سنفعل ذلك، وايضاً يحتاج تنفيذ هذه المهمة لاستثمار افضل الموارد الاستخباراتية المتاحة كما يتطلب شأن افغانستان، تعبئة المقاومة الداخلية وربما يتطلب الاستخدام الشامل للقوة العسكرية وحلفاء امريكا، وفي مقدمتهم بريطانيا، يجب ان يقدموا دعماً قوياً متواصلاً للقرارات التي يتخذها جورج بوش. ان احداث 11 سبتمبر هي دليل مرعب على ان الحربية تحتاج ليقظة لا تنتهي وعلى امتداد فترة طويلة مضت كنا غافلين، لقد آوينا اولئك الذين يكرهوننا، وتسامحنا مع اولئك الذين هددونا، وتواصلنا مع اولئك الذين اضعفونا ونتيجة لذلك ما زلنا، على سبيل المثال، دون اي دفاعات ضد الصواريخ الباليستية التي يمكن ان تنطلق نحو مدننا. ان الغرب بمجمله مطالب بتشديد عزمه على مقاومة الأنظمة المارقة وتطوير دفاعاته، والأخبار الطيبة في هذا المجال هو ان لدى أمريكا الآن رئيساً قادراً أن يمثل القيادة اللازمة لفعل ذلك. عن «نيويورك تايمز»

Email