كيف يتحقق التوازن بين المسئولية والحرية الإعلامية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من مايو، شهدت دبي حدثين اعلاميين بارزين هما توزيع جائزة الصحافة العربية في دورتها الأولى والتي كان قد أطلقها عام 1999 الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع، وحظيت برعايته الكريمة منذ انشائها، وتعد أكبر جائزة صحفية على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط. والحدث الثاني الذي تزامن معها هو ملتقى الاعلام العربي الذي نظمه نادي دبي للصحافة بمشاركة حشد من المسئولين والاعلاميين العرب وعدد كبير من الاعلاميين الأجانب. وقد جاءت كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الاعلام والثقافة والتي افتتح بها الملتقى، معبرة عن هموم الاعلاميين العرب وواقع الاعلام العربي، مؤكدا سموه على ضرورة اعطاء المزيد من الحرية في الأداء الاعلامي وتطويره لمواكبة متطلبات العصر وثورة المعلومات والاتصالات. وأشار سموه في هذا الصدد إلى ان «الاعلام الرسمي» بشكله التقليدي قد ثبت فشله ولم يعد يتابعه غير بعض المسئولين الرسميين أنفسهم. وهو ما اعترف به ايضا وزيرا الاعلام الاردني واللبناني اللذان حضرا افتتاح الملتقى وشاركا في احدى ندواته. وبذلك يكون ثلاثة من وزراء الاعلام العرب قد خرجوا على القاعدة المألوفة بأن تأتي المطالبة بمزيد من الحرية وتحسين الأداء من الممارسين والقاعدة الصحفية وليس من قمة الهرم الاعلامي وقياداته الرسمية. وهذا التحول النوعي في فهم الرسالة الاعلامية وضرورة تطوير وسائلها وظروفها عربيا، يحمل الاعلاميين العرب بدون شك مزيدا من المسئولية، لكنه في الوقت ذاته يمنحهم الشعور بالأمان ويعطيهم حافزا اضافيا لبذل جهد أكبر والمضي في تطوير أدائهم ليكون الاعلام العربي في مستوى التحديات والمهام المنوطة به. وهذا ما أكده أيضا مسئولون واعلاميون بارزون في لقاءات مع «الملف» حول هموم الاعلام العربي وأهم التحديات والمعوقات التي تواجهه. قبضة الاحتلال البداية كانت مع نعيم الطوباسي نقيب الصحفيين الفلسطينيين القادم من اتون الاحتلال الصهيوني وقبضته العدوانية، وحيث الأطفال والمدنيون العزل يخوضون انتفاضة الاقصى العربية الفلسطينية في وجه الغزاة المحتلين. حول المعاناة التي يعيشها الاعلاميون في ظل هذه المواجهة غير المتكافئة والقيود والاجراءات التعسفية التي تفرضها عليهم قوات الاحتلال يقول نعيم الطوباسي: ـ يواجه الاعلاميون الفلسطينيون وجميع الاعلاميين العاملين في الاراضي الفلسطينية المحتلة مخاطر جمة وصعوبات كثيرة في اداء عملهم المهني بسبب الممارسات التعسفية الاسرائيلية والرقابة العسكرية الصارمة وعمليات الاغلاق المتكررة للأراضي الفلسطينية والتي تعيق تحرك الصحفيين وتمنعهم من الوصول الى مواقع الحدث واحيانا من الوصول الى أماكن عملهم. ولا يقف الأمر عند هذه القيود والعراقيل فقط، بل تعرض العديد من زملاء المهنة للرصاص الاسرائيلي وعمليات القصف حيث اصيب خلال الأشهر الماضية من عمر الانتفاضة حوالي خمسين اعلاميا بعضهم أصيب بعجز جزئي، فضلا عن أكثر من 150 آخرين تعرضوا للضرب والاعتقال ومصادرة أجهزتهم وأوراق عملهم، بينما بلغت حالات الاغلاق أكثر من 380 حالة خلال تسعة أشهر. لذلك فان معاناة الصحفيين الفلسطينيين والاعلاميين العاملين في الاراضي الفلسطينية تفوق بكثير معاناة نظرائهم في الاقطار العربية والكثير من مناطق العالم الأخرى. ـ في هذه الحالة، ما المطلوب من الاعلاميين العرب لمساندة أشقائهم في الأراضي الفلسطينية؟ ـ نحتاج الكثير من اشقائنا العرب، فنحن نعيش تحت الحصار الشامل، ونتطلع الى ان تفتح أمامنا كل وسائل الاعلام العربي كما نحتاج بصفة خاصة الى الدعم في مجال التقنيات الاعلامية المتطورة، فضلا عن الدعم المعنوي والسياسي لكشف جرائم الاحتلال وممارساته التعسفية اليومية. وفي هذا المجال لابد من تقديم الشكر والامتنان لدولة الامارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على دعمها المتواصل للشعب الفلسطيني في كافة المجالات بما فيها المجال الاعلامي، وكذلك نشكر نادي دبي للصحافة الذي اتاح لنا فرصة التواصل والالتقاء بأشقائنا وزملائنا الاعلاميين العرب في هذا الملتقى. ـ وكيف تقيمون تعامل الاعلام العربي مع احداث الانتفاضة ومع القضايا العربية عموما؟ ـ الاعلام العربي بشكل عام والأمريكي خاصة يخضع لهيمنة اللوبي الصهيوني، ولذلك لا نتوقع الكثير من خلال هذا الاعلام الذي اظهر في معظم الاحيان انحيازا واضحا لاسرائيل. ومع ذلك لابد من الاعتراف بأن الرقابة العسكرية الاسرائيلية لا تعطي الفرصة لتغطية حيادية وموضوعية حتى بالنسبة للاعلام الغربي. فكل التقارير والاخبار تخضع لرقابة صارمة، وتمر كلها عبر الرقيب العسكري الاسرائيلي. الحرية والوعي بصراحته المعهودة وجرأته في التشخيص وتلمس مواطن الخلل ووسائل علاجها، يتحدث لنا تركي السديري عضو هيئة جائزة الصحافة العربية ورئيس تحرير صحيفة «الرياض» السعودية. ـ بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، كيف تقيمون مدى حرية الاعلام في الوطن العربي؟ ـ اعتقد ان الوضع الصحفي بصفة عامة شهد تطورا وفيه هامش حريات لا يبتعد كثيرا عما عليه الأوضاع الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والحضارية. تكون كارثة كبرى في الوطن العربي لو أن التطور قد تحقق في المجالات المادية وتخلف كثيرا في المجالات المعنوية ومن ابرزها الاعلام. الملموس ان السنوات العشر الاخيرة شهدت وجود هامش كبير وافضل من السابق في حرية التناول الصحفي، وهي أكثر وضوحا في منطقة الخليج العربي، وفي دول عربية محدودة كلبنان على سبيل المثال، ومقننة في دول عربية اخرى، هذا الهامش المتاح حاليا انا لا أريد أن اغمطه حقه واقول ان الصحافة لا يتوفر لها هامش من الحرية، هذا الهامش موجود، وكما قلت فانه يتماشى مع العمر الحضاري والتقني الذي قطعته الدول العربية في مشوارها، وبالذات الدول الخليجية. في الحقيقة شاهدنا في مناقشات الملتقى كيف أن هناك تباينا في وجهات النظر وفي المستويات الصحفية والاعلامية بين دولة عربية واخرى. هناك تباين ايضا أكثر وضوحا في مستوى الوعي بين موقع عربي واخر، فلا تستطيع ان تطالب بحرية صحفية كاملة في مجتمع ما زال يبني مؤسساته، ومازال لا توجد فيه المؤسسات الحقيقية والانظمة الواضحة والصارمة التي تحفظ الحقوق ـ وهذا مهم جدا لانه في صلب العمل الصحفي او في صلب المنحى الذي نريد ان يوفر لنا عملا صحفيا سليما لا تأتي فيه الحرية على حساب حقوق الناس، ولا تأتي فيه الحرية على حساب مفاهيم وقيم وحقائق معروفة يأتي الاعلام فيغالطها. المطلوب حقيقة هو وجود اعلام امين على رسالته الاجتماعية وعلى المصلحة العليا لهذه الشعوب التي تبني نفسها والتي تتحرك نحو المستقبل بحذر، خصوصا وان لنا خصوصيات عربية وخصوصيات خليجية اكثر. ولو تخلينا عن هذه الخصوصيات سنفقد هويتنا التاريخية التي من دونها لن نستطيع ان نتحرك في هذا الكون، خصوصا واننا اقتصاديا غير مدفوعين لأن نضيع مع الآخرين. نحن لدينا كل الامكانيات التي لو عرفنا كيف نوجهها لاستثمارات محلية ودولية بمقدورها مع حفاظنا على الشخصية التاريخية ان تعطينا وطنا نموذجيا يختلف عن الاخرين. وبالتالي نحن نطالب بالحرية الصحفية، ولكن المقننة بأنظمة وحكم مؤسسات يحميها من الانزلاق، وفي الوقت نفسه يعطيها القناعة ايضا بما يصدر لها أو ضدها من احكام. ـ كيف يمكن التوازن بين الانضباط والمسئولية من جانب وضمان الحرية الصحفية في اطار المصلحة العليا؟ ـ التوازن بمعناه الدقيق في الحقيقة صعب، لكن على الأقل يفترض الا يكون هناك تجاوز لخطوط حمراء تمثل تهديدا لقيم المجتمع ومصالحه الاقتصادية والسياسية. قد تكون هناك تجاوزات اذ يصعب ان تأخذ الكل في مسلك واحد. لكن على أي حال لن نعدم ان نصل الى المرحلة الوسط التي تحقق لنا النمو الاعلامي المنسجم مع طبيعة المجتمع، لا نريد ان يدخل المجتمع من ناحية اخرى في باب متاجرة اعلامية او مزايدة تضر المجتمع واقتصاده، وتتعلق بقيمه الثقافية وعضوية المرأة في المجتمع ونوعية التعليم وبالذات التعليم العالي الذي من شأنه ان يوجه الاجيال نحو علوم نحن بحاجة اليها. ـ في هذا المجال هل يمكن ان نضع اللوم أو بعضه على المؤسسات التعليمية ومناهجها في ضعف مستوى الاعلام العربي وندرة كوادره المؤهلة تأهيلا كاملاً؟ ـ نستطيع ان نضع اللوم على جهتين: الانظمة بالدرجة الاولى لأنها تتحرك بحذر اكثر مما يجب. وايضا على انظمة التعليم التي هي قطعا متخلفة، وقطعا اذا استمرت على ما هي عليه فلن يتحقق لنا النجاح الا على المستوى الفردي لمن لديه الارادة والقدرة على ان يثقف نفسه ويعلمها بما تتطلبه احتياجات العصر. ان انظمة التعليم في العالم العربي وبالذات في منطقة الخليج هي انظمة لم تعد ملائمة لحياة العصر، وعندما نقول هذا الكلام فهو لا يعني ولن يعني مطلقا تجاوزا للقيم، ولكنه سيعني حتما ان يكون لنا مجتمع قادر على الدخول في علوم العصر وفي مجال السباق الحضاري القائم الآن بين الامم. وهذا التعليم بطبيعة الحال مرتبط بالأنظمة التي تتحرك بحذر شديد، سواء في مجال الحرية الاعلامية المقننة وفق العمر الزمني والحضاري للشعب الواحد او بحذر شديد فيما يخص انظمة التعليم بشكل عام. محددات الحرية ويأخذ الحديث منحى آخر مع الدكتور سليمان القضاة نقيب الصحفيين الاردنيين الاسبق والرئيس السابق للجنة الدولية لحرية الصحافة. ـ هل يمكن القول ان هناك حرية مطلقة في الاعلام؟ ـ بالتأكيد، لا. المعروف حتى على الصعيد العالمي ان الحديث عن الحرية المطلقة غير وارد. انما الحرية، حرية الصحافة بشكل خاص، هي حرية نسبية، الحرية بالمطلق لا تستطيع ان تقول ان هناك حرية مطلقة، فكل فرد يعيش ضمن مجموعة هو مقيد بمصلحة هذه المجموعة وبطبيعة رغباتها واتجاهاتها، وهذا بشكل عام ينطبق على الصحافة، الصحافة طبعاهناك محددات لها تختلف من مجتمع الى اخر، ومن دولة الى اخرى. هذه المحددات يمكن تلخيصها بأنها اطار المجتمع، كما قلت، وطبيعة المجتمع السياسي وطبيعة وعيه الثقافي ومستوى تقدمه سواء على المستوى الاجتماعي او الاقتصادي او الثقافي وطبيعة التشريعات التي تنظم العملية الصحفية والاعلامية... الخ من محددات. وبالتالي هذه كلها تحدد الى حد كبير مدى المجال الذي تستطيع الصحافة ان تعمل فيه بشكل او بآخر. وكما قلت على الصعيد العربي تختلف النماذج من دولة الى اخرى. ولكن هناك نماذج قريبة من بعضها البعض.. ـ نحن استمعنا اليوم الى كلمات ثلاث من وزراء الاعلام العرب، سمو الشيخ عبدالله بن زايد، ود. طالب الرفاعي وزير الاعلام الاردني، وغازي العريضي وزير الاعلام اللبناني، والثلاثة اجمعوا على الدعوة الى توسيع هامش الحرية في الصحافة وفي الاعلام العربي بشكل عام.. الى أي مدى يمكن تنفيذ هذه الرؤية أو هذه المطالبة عمليا؟ ـ حين نسمع مثل هذا الكلام من وزراء الاعلام، في الحقيقة نتفاءل كثيرا. فالمعتاد ان الصحافة هي التي تطالب برفع سقف الحرية، ووزراء الاعلام عادة يعطون المبرر لتقليص هذا الهامش. وما سمعناه اليوم هو مؤشر مهم جدا على ان هناك بداية لفهم جديد ومختلف لطبيعة العمل الاعلامي. وكما قيل في احدى الندوات فالاعلام العربي كان يتبع لما يريده صاحب القرار، وبالتالي لم تكن هناك مهنية فعلية في تطبيق الاعلام، وثانيا اذا كان هناك هامش من الحرية فيكون لصالح النظام وليس كهدف في حد ذاته. لقد كان هناك تعثر في فهم وتطبيق الحرية الصحفية. اعتقد ان التطورات التي حصلت في مجال الاتصال والاعلام بشكل عام اثرت بشكل كبير في مجمل فهمنا جميعا، سواء كمسئولين او صحفيين أو كأفراد في المجتمع، لطبيعة التغير الحاصل في مجال الاتصال، حيث اصبح بالامكان الحصول على المعلومات في أي وقت ومن أي مكان، وتستطيع ان تطلع وتشاهد وتسمع وتقرأ من خلال وسائل الاتصال المختلفة وعن أي مجال، حتى القضايا المحلية تجد لها في وسائل اتصال كثيرة التناول الذي في النهاية، يضع صاحب القرار امام مأزق حرج، حيث لا يستطيع اخفاء المعلومات، ولا يستطيع ان يتغاضى عن تطلعات الناس للاطلاع والفهم والتعبير عن الرأي. ـ هل نستطيع في هذه الحالة القول ان الحرية الاعلامية اصبحت ضرورة حكومية اكثر؟ ـ بالطبع اصبحت ايضا ضرورة حكومية، والا سنجد النظام متأخرا جدا أو شبه معزول عما يحدث في العالم. ولذلك نجد ان بعض الدول العربية انتبهت لما يحدث في العالم وبدأت تطور نفسها في هذا المجال. ـ هذا يجرنا للسؤال، هل العقبات التي تواجه الاعلام العربي هي عقبات حكومية فقط ام ان هناك عوائق من جهات ومصادر اخرى؟ ـ لا، لا، بالتأكيد. كما قلت قبل قليل هناك عوامل كثيرة.. طبيعة المجتمع نفسه، فهناك بعض المجتمعات العربية نسبة الفقر فيها عالية جدا، وبالتالي لا يستطيع المواطن ان يواكب مقومات العصر في الاتصال، من اجهزة لاقطة واجهزة كمبيوتر وغيرها.. وهناك مجتمعات نسبة الأمية فيها عالية ايضا وبالتالي مستوى القراءة منخفض، وفي الوقت نفسه المستوى الاقتصادي العام صعب جدا، لذلك لا نستطيع في مثل هذا الوضع أن نتحدث عن وسائل اعلام متطورة، وربما تكون الاذاعة في هذا المجال فرصتها أكبر قليلا. المقارنة، اذن، صعبة. لكن من الجانب الآخر، جانبنا نحن كصحفيين واعلاميين هناك تقصير، وهناك عدم قدرة على المواكبة. ومازال هناك بعض الخوف والرعب من السلطة ومن بعض اصحاب النفوذ، و الرقيب الذاتي. وهناك مؤسسات مازالت غير قادرة على ان تطور نفسها. فالمسئولية مشتركة، حتى مجتمعاتنا ومواطننا العربي ليس من السهولة ان يتقبل النقد مثلا، وهذا ملاحظ بشكل كبير. ـ اذا جئنا الى موضوع الحرية والمسئولية وامكانية التوازن بينهما، والخوف مما يسميه البعض «الانفلات الاعلامي»، كيف يمكن تحقيق ذلك؟ ـ في الحقيقة لابد أن نفرق بين الحرية والانفلات، الانفلات احيانا يكون مقصودا لذاته من بعض وسائل الاتصال لأجل الترويج دون الالتزام بأية ضوابط أو قواعد مهنية او اجتماعية، وهذا نشاهده في اكثر من مثال في الوطن العربي. مثلا في الاردن صدر الكثير من صحف الاثارة التي تركز على الجريمة والجنس.. الخ، واثارت جدلا كبيرا. كل هذا ادى الى طرح هذا التساؤل الكبير: اين نسير؟! هل الحرية في هذا المجال متاحة بشكل مطلق أم ان المجتمع ايضا له حاجاته وحقوقه ليمنع الضرر عن ابنائه. ـ كيف يمكن اذن ان نضع ضوابط دون ان نقيد الحرية؟ وما هي الضمانات التي تتيح التناول الموضوعي والمسئول دون ان تكون هناك قيود على حرية التعبير أو حرية الرأي؟ ـ من هنا يجب ان تكون الضوابط غير حكومية، بل ضوابط مهنية. معروف في كل انحاء العالم ان هناك مواثيق الشرف الصحفي التي تحدد القيود المهنية التي يجب على الصحافي أن يلتزم بها، وهي مبادئ أساسية تعطي للصحافي حقه وتعطي ايضا للمجتمع حقه في الا يساء اليه من خلال سوء استخدام وسائل الاعلام للحرية. أزمة مفاهيم اما محمد عبدالقادر الجاسم رئيس تحرير الوطن الكويتية: فيؤكد على وجود ازمة حريات في الوطن العربي ويقول: من المحزن القول ان مفهوم الحرية بشكل عام يتعرض للعبث في الوطن العربي فلا نزال على مسافة بعيدة من الفهم الحقيقي لمفهوم الحرية فما بالك بالتطبيق العملي، مع الاسف الوطن العربي يعاني من غياب الحرية بكافة اشكالها، ومن بينها الحرية الصحفية. الحرية السياسية والمشاركة في التنمية وفي بناء المجتمعات هي الحق الأساسي للأفراد أيا كان هذا وأيا كانت ظروف هذا المجتمع. ولكن هذا الحق معطل تعطيلا تاما في اغلب الدول العربية، ان هناك اعلاما حكوميا، طالما ان الصحافة العربية في اغلبها هي صحافة حكومية وطالما ان رؤساء التحرير في اغلب الدول العربية، وليست من بينها الكويت، يتم تعيينهم بقرار رئاسي او جمهوري فلا أمل لنا بحرية في المستقبل القريب، فالحريات في الوطن العربي بشكل عام تتعرض لأزمة، وأزمة الحريات ليست أزمة تطبيق بقدر ما هي أزمة مفاهيم وقناعات وايمان. وحول مصداقية الاعلام العربي في التعاطي مع الوقائع الجديدة عربيا واعلاميا قال الجاسم انه في غياب مبادئ اساسية عن الاعلام العربي وهو اعلام صادق، فالاعلام العربي في اغلبه هو اعلام حكومي رسمي، ومن هذا المنطلق فان الواجبات الأساسية لهذا الاعلام في كافة فئاته هي تلميع صورة النظام، ويأتي ضمن هذا السياق التحايل على الحقائق وبالتالي الاعلام الاجنبي او الدوائر السياسية الغربية للاعلام العربي لها نظرة دائما مشكوك فيها، وقبل ذلك نظرة المواطن العربي ذاته لوسائل الاعلام الرسمية. مع الاسف ونحن نتحدث على هامش المنتدى الاعلامي العربي ان الاطروحات التي قدمت خلال فعاليات هذا المنتدى اظهرت ان الازمة كبيرة جدا، ليس من الجانب الحكومي او سيطرة الافكار الحكومية وانما حتى من جانب ما يمكن تسميته بالجانب النقابي او الخاص. وبعض الاراء التي طرحت حول دور النقابات. اعتقد ان المسافة التي تفصلنا عن الرقي الانساني وليس حتى في مسألة حرية التعبير وغيرها المسافة كبيرة، المصداقية مع الاسف في مجملها مفقودة، الحيادية مفقودة، الاعلام الحكومي بات يناقش أو يحاول ان يناقش الاعلام الخاص ليس عن قناعة بأهمية حرية التعبير وانما خوفا من فقدان الدور وفقدان القدرة على التأثير في الخطاب المحلي. أجرى الحوارات: عبدالله اسحاق ، صالح القاضي ـ هويدا سعيد

Email