وزارة التربية تتجه الى تجريم الدروس الخصوصية ، الانفاق على الظاهرة يكلف الاسرة المصرية 6 مليارات جنيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتواصل جهود وزارة التربية والتعليم فى مصر من أجل مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية التى تفشت فى المجتمع المصرى بصورة لم يسبق لها مثيل فقد دعا الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم الى ضرورة ايجاد تشريع يجرم الدروس الخصوصية التى أصبحت بمثابة (ايدز) جديد يهدد السلام الاجتماعى فى مصر ويضر بالقادرين قبل غير القادرين مشيرا الى أن ماتنفقه الأسرة المصرية على الدروس الخصوصية يتجاوز ستة مليارات جنيه سنويا حيث يوجد فى مصر نحو 12 مليون طالب يدرسون فى 25 ألف مدرسة. ومن جانبه أفتى الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الازهر بأن الدروس الخصوصية تعد خيانة للأمانة من جانب المدرس, فيما اتخذت محافظة الجيزة خطوة ايجابية فقررت اغلاق 17 مركزا للدروس الخصوصية وهى الآن بصدد اتخاذ قرار آخر باغلاق 37 مركزا ليصل اجمالى ماتم اغلاقه خلال العام الدراسى الحالى الى 54 مركزا, فى حين تؤكد الاحصائيات وجود 350 مركزا للدروس الخصوصية بالقاهرة و100 مركزا بالجيزة بالاضافة الى المدرسين الذين يعلنون عن أنفسهم فى كل مكان ويصفون أنفسهم بصفات مثل عملاق الرياضيات وامبراطور الرياضيات ونيوتن وفيثاغورث الى آخر ذلك. وبينما تستعد وزارة التربية والتعليم لعقد المؤتمر القومى لتطوير التعليم الثانوى فقد تم تشكيل لجنة الدروس الخصوصية كلجنة منبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر برئاسة الدكتور رسمى عبدالملك رستم رئيس شعبة التخطيط التربوى بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية وعضوية بعض أساتذة المركز والجامعات وخبراء التربية وأولياء أمور الطلاب وأعضاء مجالس الآباء بالمدارس وعقدت اللجنة ثلاثة اجتماعات لدراسة ظاهرة الدروس الخصوصية وأرجعت تفشى هذه الظاهرة الى وجود قصور فى الادارة المصرية والادارة التعليمية فى تأدية دورها التعليمى وتكدس المناهج الدراسية, وعدم اهتمامها بتنمية القدرات والمهارات العليا وعدم مسايرتها لتطورات العصر. الى جانب ارتفاع كثافة الفصول وتعدد الفترات الدراسية ونمطية الامتحانات وعدم نجاحها فى قياس قدرات ومهارات وميول الطلاب وضعف التقدير المادى والاجتماعى للمعلم بالاضافة الى ضعف دور مجالس الآباء والمعلمين فى مواجهة الدروس الخصوصية وقصور نقابة المهن التعليمية لتأدية دورها المهنى ازاء المعلم. العلاج وأكدت اللجنة فى التقرير الذى أعدته لعلاج مشكلة ادمان الدروس الخصوصية وآثارها السيئة على المجتمع المصرى بكل مافيه من أفراد وأسر ومدرسين ونظام تعليم واداريين ومسئولين وعلى القيم والاخلاق والعادات والتقاليد ونظم الحياة ضرورة أن تتبع الدولة طريقين لعلاج الظاهرة فى نفس الوقت بجانب التخطيط الدقيق والحاسم. الأول: طريق الحلول السريعة قصيرة المدى والتى قد تكون حاسمة وقوية وجادة أحيانا. الثانى: طريق طويل المدى يتطلب التخطيط والتنفيذ الحتمى لتغيير أهم مافى النظام التعليمى المصرى العتيد بهدف تدمير كل حلقات ومراحل وأطوار زراعة الدروس الخصوصية والعوامل التى ادت الى انتشارها والقضاء على مراحل ادمانها وتعاطيها. واشار التقرير الى أن الحلول السريعة لظاهرة الدروس الخصوصية تعتمد على تنفيذ توصيات ومقترحات التلاميذ وأولياء الأمور والمعلمين والتى أسفرت عنها اجتماعات لجنة الدروس الخصوصية والدراسات التى قام بها عدد من الباحثين بالمركز القومى للبحوث التربوية بما يساهم فى تعديل الاتجاهات نحو المدرسة والدروس الخصوصية. التعليم الذاتى وأوصى التقرير بضرورة تدريب التلاميذ على أساليب التعليم الذاتى كاجراء البحوث والتلخيص وحل المشكلات واستخدام مصادر المعلومات والتعلم التعاونى للاقران واستخدام المجموعات الصغيرة واستخدام أسلوب البحث الاجتماعى فى التعلم وأسلوب البحث العلمى والمنطقى واستخدام التعلم الوظيفى أو ربط التعلم بالحياة اليومية وتدريب المعلمين على اساليب تدريب التلاميذ على التعلم الذاتى وتحديد دور المعلم كمساعد أو ميسر لعملية التعليم, والتدرج نحو انهاء دوره الحالى كمردد أو ملخص أو مفسر أو كتسجيل حى للمقررات بجانب تخصيص حصص للمراجعة وحل نماذج الامتحانات. ودعا التقرير الى تغيير نظام الامتحانات الحالى القائم على الحفظ والتلقين وعدم ربط اسئلة الامتحانات بالمحتوى أو المقرر وضرورة تذكره وان يهدف الامتحان الى قياس القدرات والمهارات العقلية مثل القدرة على التفكير والتفسير وحل المشكلات أو الربط بين المعلومات أو البحث عنها واستخدامها وتحديد تطبيقاتها والتجديد والابداع لأن تحرير اسئلة الامتحانات من محتوى المقررات يقضى على أهمية الحفظ والتلخيص وعلى أهمية المعلم فى الدرس الخصوصى كشارح أو مساعد على الحفظ بالاضافة الى أن غياب نموذج معروف مسبق لاسئلة الامتحان سيجعل المدرس يسير فى طريق مجهول ويفشل امام التلميذ وتضيع أهمية الدرس. المجاميع الكبيرة وطالب التقرير بالقضاء على ظاهرة التسابق على المجاميع الكبيرة وتغيير نظام القبول للمراحل الأعلى كالجامعة والثانوى بحيث يعتمد على توافر المهارات والقدرات والاستعدادات المجردة عن محتويات ومقررات بعينها من خلال المرور بامتحانات ووسائل اختبار وقياس خاصة بالمراحل الأعلى مثل اختبارات (GRE.MAT) المستخدمة فى اختبارات القبول بالجامعات الأمريكية وكذلك (Mller Analogy Test) وأن تكون لكل كلية أو جامعة مكتب قبول واختبارات خاصة بها. هذا بجانب تغيير المناهج وربطها بالحياة الوظيفية وترك عملية تطوير المناهج السائدة فى مصر والتى تقوم على التقديم والتأخير والحذف والاضافة, وأن تبدأ عملية بناء المناهج على أسس علمية تربوية على أيدى خبراء متخصصين يحددون أهداف المناهج وطرق اختبارها وتصفيتها وتنظيمها واختيار الخبرات والانشطة اللازمة لتحقيقها فى ضوء الاعتماد على التلميذ نفسه أى التعلم الذاتى واستخدام وتوظيف مصادر المعلومات وتوفير معايير الاستمرار والتتابع والترابط والتوازن بين مراحل التخصص الواحد وبين التخصصات وبعضها البعض وبين الصفوف والمراحل فى عملية متكاملة تتوافر لها أدوات ووسائل وطرق تقويم للتلميذ نفسه بالاضافة الى اشتراك الآخرين معه فى عملية التقويم. مادة خام وأوضح التقرير أهمية أن تكون محتويات المقررات مجرد مادة خام تتحدد أهميتها بقدر ما تسمح به من تنمية مهارات وقدرات واستعدادات التلاميذ للتعلم والا تكون المقررات مجرد الهدف من التقويم والاختبارات لأن الاختبارات والتقويم انما يهدفان لمعرفة مدى النمو الذى يحققه التلميذ من مرحلة الى أخرى مشيرا الى ضرورة تدريب الموجهين بحيث يكون دورهم التدريب المتتابع والتنقل الدائم بين المدرسين ومنحهم صلاحيات أوسع فى الثواب والعقاب واعتبار رقابتهم الدقيقة والفجائية عاملا مهما فى استقرار العملية التربوية. وأكد التقرير على ضرورة استخدام الوسائل التعليمية المساعدة كالانتفاع بشبكة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والاتصالات غزيرة الاشعاع عبر Vedio Conference فى عقد لقاءات ومسابقات تعليمية للتلاميذ ولقاءات توجيهية وارشادية لأولياء الأمور وتخصيص قناة تليفزيونية مستقلة لكل صف دراسى تذيع ارسالها على مدار أربع وعشرين ساعة بحيث يتم عرض الدرس الواحد بشروح متعددة من أكثر من معلم فى أوقات مختلفة مع تصوير الشرح ونقله من فصول دراسية ويشارك التلاميذ فى مناقشات طبيعية غير مرسومة وغير معدة مسبقا. واتاحة الفرصة للتلاميذ للاتصال المباشر بالمعلمين لمناقشتهم والاستفسار عن النقاط التى قد تكون مبهمة بالنسبة لهم, وأن يتمتع المعلمون فى هذه الدروس بكفاءة عالية ومرونة عقلية والقدرة على القيادة والاقناع وادارة الحوار وتوجيه عمليات التفكير عند المشاهدين والتحرر من محتوى المقرر فى الأمثلة ونماذج الاسئلة التى يقدمها. وظائف أخرى وأشار التقرير الى ضرورة استحداث وظائف أخرى غير المدرس بصورته التقليدية مثل مرشد المادة الذى يجيب على استفسارات التلاميذ المرتبطة بالمواد الدراسية ويكون تقييم الأداء بناء على عدد مرات استشارة التلاميذ له ونجاحه فى الاجابة على اسئلتهم وأيضا الاخصائي العلاجى الذى يقدم المساعدة السريعة لشرح النقاط الصعبة والقضاء الفورى على أوجه الضعف لدى التلاميذ الذين تخلفوا عن زملائهم. وكذلك المدرس المساعد الذى يتولى بعض الأعمال المعاونة للمدرس العادى اثناء الحصة وبعدها كتصحيح الواجبات والاجابات وعقد المناقشات وتيسير التعلم التعاونى أو النشاط الصيفى. وأكد أهمية تحسين الأوضاع المادية للمعلمين والتدقيق فى اختيار العاملين بمهنة التدريس قبل التحاقهم بكليات اعداد المعلم وقبل استلام الوظيفة ومراعاة ارتفاع مستواهم الاخلاقى والوطنى والاجتماعى والقيمى ووضعهم تحت الاختبار لمدة عامين والرقابة المستمرة ووضع دستور وقسم اخلاقى لمهنة التدريس. أسوة بالأطباء ورجال القضاء مشيرا الى ضرورة معاقبة المدرس والتلميذ الذى يتعاطى الدروس الخصوصية. والتدرج فى معاقبة المدرس من فصله من نقابة المعلمين ومعاقبة أولياء الأمور له بالمطالبة بنقله الى وظيفة ادارية ونقل أولاده من التعليم الحكومى الى التعليم الخاص الباهظ التكاليف والحكم عليه بغرامة مالية ضخمة ثم طرده من المهنة, أما التلاميذ الذين يتعاطون الدروس الخصوصية فيعاقبون بخصم نسبة من الدرجات فى كل مادة يتعاطون فيها الدروس الخصوصية وتحويلهم من المدارس الحكومية المجانية الى المدارس الخاصة ذات المصاريف العالية. ومنح المدرسين الذين لا يعطون دروسا خصوصية علاوات ومكافآت مالية بالاضافة الى سرعة الترقيات والمكافآت الاستثنائية وتكريمهم و الاشادة بأخلاقهم وكذلك اضافة درجات الى التلاميذ الذين لا يتعاطون الدروس الخصوصية كنوع من التشجيع لهم. وطالب التقرير بتجنب العوامل المنفرة للتلاميذ من مجموعات التقوية بتحديد أماكن وأوقات مناسبة واختيار معلمين ذوى كفاءة وأن تكون هذه المجموعات مجانية وصرف مكافآت للمعلمين المشاركين فيها على نفقة الدولة بحيث تصبح البديل الفعال للدروس الخصوصية مشيرا الى ضرورة اعادة الثقة فى المدرس من خلال وسائل الاعلام والتركيز على الاخلاقيات الايجابية لديه واسناد بعض مهام الاشراف على التعليم فى الفصول وفى مجموعات التقوية لأولياء الأمور ذوى السلطة والخبرة والمكانة واسناد عمليات التدريس لبعضهم فى مجموعات التقوية بصفة استثنائية كنوع من التطوع المجانى.

Email