الصادق المهدي لـ (البيان): المشاركة في الحكومة المرتقبة غير واردة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استبعد الصادق المهدي, رئيس الوزراء السوداني السابق, زعيم حزب الأمة, كليا مشاركته وحزبه في الحكومة التي يرتقب تشكيلها من قبل الرئيس عمر البشير. وقال المهدي في حوار سريع أجرته معه (البيان) في طرابلس ان ذلك غير وارد لاننا لسنا متفقين على شيء. ورغم ان المهدي, الذي عاد الى الخرطوم مؤخرا بعد سنوات في المنفى, قال بوضوح ان الانفراج السياسي الحالي في السودان غير كامل, الا انه شدد على ان المعارضة في الداخل افضل ألف مرة من الخارج رغم قسوة وعنف النظام. وفيما يلي نص الحوار الذي تطرق فيه الزعيم السوداني الى عدد من المسائل التي تشغل الساحة السياسية في بلاده: * ماذا وراء دعوة القيادة الليبية لهذا اللقاء هل من جديد؟ ــ الحديث مع القيادة الليبية الآن حول مشاورات لكي يستطيع عنصرا المبادرة ان يقررا الخطوات التالية لتفعيل المبادرة وهي حاليا اجتماعات مشاورات من أجل التفعيل ونحن في حزب الأمة قد التقينا القيادة الليبية وأوضحنا رأينا فيما ينبغي أن يحدث واعتقد ان الفصائل الأخرى ستفعل ذلك وأتوقع ان راعيا المبادرة المشتركة سيكون لهما رأي محدد خلال فترة قصيرة من أجل المؤتمر الجامع لحل المشكل السوداني قريباً. * ما هو تصور حزب الأمة لتحقيق المصالح وعقد المؤتمر الجامع مؤخراً والتي نقلتموها للقيادة الليبية؟ ــ هناك ثلاثة أشياء يجب ان تتحقق من أجل عقد المؤتمر والملتقى الجامع وهي: أولاً وضع أسس لاتفاق شامل لجميع الفصائل يؤدي الى سلام عادل. ثانياً: وضع أسس لنظام حكم دستوري ديمقراطي. ثالثاً: فقرة انتقالية يتفق عليها لكي يتم تنفيذ الأمرين السابقين. * ما هو تقييمكم للأوضاع العامة في السودان حالياً؟ ــ الوضع الظاهر في السودان ان الحكومة لديها أجندة محددة وقبلت مبدأ التغيير وهنالك معارضة تعمل على الإطاحة بهذا النظام ولكنها قبلت بمبدأ التفاوض من أجل تغيير سياسي تتفاوض عليه, والظاهرة الأوضح في سياسة السودان ان الحكومة غير مستعدة للتغيير المطلوب وعناصر المعارضة تريد الإطاحة بها. وأما حزب الأمة فهو الحزب المعارض الذي قبل العمل على التغير السياسي عن طريق التفاوض والضغط الشعبي من الداخل, ويعتقد ان هذا الاسلوب هو مناخ جديد فيه مساحة من الحرية وفيه درجة من التفاوض المستمر بين الطرفين, ونحن نتوقع أن ينتهي ذلك الى اتفاق كامل ونتطلع الى اتفاق يكون نواة الى اتفاق جامع تلتقي فيه كل القوى السياسية, حتى نصل الى الأسلوب الأمثل, ونعتقد ان المبادرة الليبية ــ المصرية المشتركة يمكن أن توفر آلية مناسبة لتحقيق هذا الملتقى الجامع. * كزعيم لحزب الأمة خرجت من السودان وانضممت الى المعارضة ثم بعد فترة عدت الى السودان ولكنك لم تشارك في الحكم الآن كيف ترى الأمور؟ ــ عندما خرجت من البلاد كان لدي سبب واضح وهو ان النظام في ذلك الوقت اغلق كل أبواب الحرية وقمع الرأي الآخر وصار يمارس القهر على السياسيين في الداخل وفي الوقت نفسه كانت سياسات النظام الخارجية مع كل الدول المجاورة تسير للأسوأ وكذلك مع الأسرة الدولية وكنا نحن نعمل ضد النظام في ذلك الوقت. وقررنا الخروج بطرقنا المشروعة باعتبار ان فرص العمل السياسي من الداخل صارت مستحيلة وهناك مجموعة من العوامل وهي نضالنا المستمر وامتناع النظام وأحاديته التي كان يسير عليها مستحيلة ولم يقبل بالتعددية السياسية ولا بالاعتراف بالمواطنة في الحقوق الدستورية. ولكن الآن حدث تغيير واضح وبدأت الحكومة تتجه الى حسن الجوار في علاقاتها الخارجية والتفاوض من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الشاملة, ولذلك رأينا ان واجبنا الوطني يفرض علينا العودة الى البلاد لأن وجودنا في الخارج أصبح لا مبرر له في ظل التغير الحادث ولذلك عدنا الى البلاد, ويهمني أن أوضح هنا ان عودتنا ليست في اطار اتفاق مع النظام أو صفقة كما يحلو للبعض ان يدعي ذلك. لكن عودتنا فيها استمرار للتفاوض حول جميع النقاط ورفض, كل ما هو خاطئ للنظام وللأجندة الوطنية. كان المبرر الوحيد للخروج من الوطن هو القمع الشامل الذي كان يعيق عمل القوى السياسية وهذا مفتاح لها في الخارج وكنا نقوم بأشياء غير مشروعة وغير وطنية ولكن هناك ضروريات تبيحها محظورات وعندما تزول هذه الأسباب فلا داعي لهذه الأعمال غير الشرعية. * هل عودتكم كانت للمشاركة في الحكم أو صفقة ضد الترابي مع الحكومة؟ ــ عودتنا في المقام الأول والأخير ليست للمشاركة في الحكومة وهذا الشيء غير وارد لأن هناك أشياء كثيرة تمنع ذلك أولها اننا لسنا متفقين على شيء, فمن المستغرب أن نعمل معهم في حكومة وليس هناك اتفاق أو صفقة لعودتي ولكنني عدت عندما وجدت تحسنا في المناخ السياسي وبقدر يسمح بهذا العمل لأن العمل السياسي بالداخل أفضل ألف مرة من الخارج إذا أردت مصلحة الوطن, أما أنك تريد ضجة إعلامية دون برامج فهذا شيء آخر ولكن مشاركتي مع الحكومة مستحيلة لأن ليس هناك أي برنامج متفق عليه حتى الآن. * ما هو تعليقكم على بيان مؤتمر التجمع الأخير في مصوع؟ ــ بيان جيد لقبول الحل الشامل وهو بيان أكثر اعتدلاً وهذا الذي كنا نطرحه ونقوله عندما كنا متواجدين في التجمع ولم يقبلوه وحالياً وبعد خروجنا صاروا أقرب إلى ما كنا ننادي به. * ألا ترون ان هناك مصداقية في نهج التغيير لدى الحكومة؟ ــ ما زالت هناك أخطاء لدى النظام وهذا ينعكس من الممارسات اليومية واعتراضنا على من اعتقلوا مؤخرا من داخل السودان وما زلنا نقول ان الانفراج السياسي ناقص وهناك شيء واضح ومتفق عليه وهي وطنية الذين يطالبون بالتغيير من الداخل ولكنهم لاقوا العنف من النظام وهناك نقص واضح في الحريات ورغم ذلك أقول المعارضة في الداخل أفضل ألف مرة من الخارج رغم القسوة والعنف في الخرطوم لأن مساحة الحرية في الخرطوم أوسع منها في أسمرة. * هل تعتقدون وفق المعطيات السياسية الراهنة, وفي ظل توازن القوى سياسياً اجتماعياً ان هناك مبررات للعمل العسكري؟ ــ مجرد وجود عنف واسع في بلد ما يعني مباشرة ان النظام السياسي لايمتلك أجوبة لأسئلة مطروحة بإلحاح, والعنف في السودان لدى البعض قد يجد مشروعيته من عدم وجود إجابات ناجحة حول ضمانات التداول السلمي للسلطة ولكن ما يحدث الآن أجده ليس له مبرراً لعنف طالما ان هناك حواراً لأن العنف ليس له ضوابط اخلاقية والجميع يمضي في التفاوض وهناك تغير واضح من جميع القوى السياسية سواء من النظام أو من عناصر التجمع.

Email