المحاولات الصهيونية لتهويد القدس تتواصل ، خطة اسرائيلية للبناء أسفل البلدة القديمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشرت صحيفة (بونوس يروشاليم) العبرية امس مقالا مطولا حول خطة يقترحها مهندس معماري اسرائيلي تهدف لبدء البناء تحت الارض في البلدة القديمة للقدس بحجة عدم المساس بما هو فوق سطح الارض فيما تخفي الخطة هذه ملامح السياسة الصهيونية التاريخية الهادفة لتغيير معالم المدينة المقدسة وتهويدها. يقول تقرير الصحيفة: تخيلوا انه كان بمقدورنا ان نكسب قدسا اضافية من دون ان نتنازل عن مناطق خضراء ومن دون التخاصم مع الفلسطينيين ومن دون المس بامتداد المشهد الطبيعي وتواصله هذا الامر يبدو خياليا, أليس كذلك؟ الدكتور تسالي بوليشوك الجيولوجي المختص بالانفاق لا يعتقد ان هذه المسألة خيالية محلقة في سماء الخيال بل انها موجودة على عكس ذلك تحت سطح الارض. البناء تحت الارض ليس اختراعا من بدع العقود الاخيرة اذا كان الفراعنة قد بنوا المدن الكاملة تحت الارض - مع ان سبب ذلك كان عقائديا وليس بسبب النقص في الاراضي ــ واليوم مع الانتقال للالفية الثالثة يتوسع استخدام المساحة الواقعة تحت سطح الارض كحل لأزمة البناء. الدكتور بوليشوك لا يعتقد انه يتوجب زج كل المشاكل تحت سطح الارض, ولكن القدس من كل الاماكن في البلاد تعتبر المكان الثاني للبناء تحت سطح الارض. المهندس دافيد كرويانكر في المقابل يقول انه جرت في الماضي عدة محاولات تجديدية لايجاد حلول للمشاكل السياسية او الارضية في الجزء الواقع تحت السطح, ولكنها انتهت بالفشل, المثال على ذلك المحاولة الثورية التي جرت في السبعينيات للبناء تحت باحة حائط البراق. من قبل ان تنطفىء انوار حرب يونيو 67 حيث كان حائط البراق مازال شريطا ضيقا اندلعت الجدالات (كما يحدث دائما في دولة اليهود) حول مكان صلاة اليهود المتزمتين, واين سيقف السياح والزوار العلمانيون واين سيؤدي المظليون يمين الولاء نقطة الاحتكاك بين الطائفتين الاصلوية والعلمانية المختلفتين جدا في طابعهما قد تصل الى درجة الغليان, ولهذا السبب ابتدع المهندس يعقوب برج الحيفاوي في السبعينيات فكرة ثورية, الفصل بين المقدس وغير المقدس, هذه الخطة وضعت وتم تقسيم باحة المبكى لطابقين العلوي مخصص للمراسم الرسمية وللزوار العلمانيين بينما يخصص الجزء السفلي الذي كان من المفترض ان يتم حفره تحت الارض للفعاليات الدينية, خطة برج هذه لم تنفذ كما هو معروف. دفن منطقة ماميلا في السبعينيات حدث النزاع التخطيطي الهيكلي الاكبر في تاريخ المدينة وجوهره: منطقة ماميلا. هذه الخطة معروفة باسم (مشروع سباديا) على اسم المهندس موشيه سباديا, مشروع سباديا هذا تحدث عن هدم كل ما هو موجود في منطقة ماميلا بما فيها دير سانت جوزيف وتحويله الى منطقة مشروع ضخم. في اطار ذلك يتم شق نفق واسع تحت الارض يبدأ من شارع رقم (1) ويمر تحت سور البلدة القديمة وحارة النصارى ويخرج بجوار باب الخليل (باب يافا) ويشمل كل شبكة الشوارع الموجودة اليوم فوق سطح الارض. معارضة الخطة قامت احيانا على اساس الخوف من الحاق الضرر بالمشهد الطبيعي وادعت المؤسسات الخضراء ان المباني التي ستهدم مخصصة للمحافظة عليها, وعن الخوف بأن المباني التي ستشيد ستخفي معالم البلدة القديمة. بعد السبعينيات لم يعودوا يتحدثون عن فكرة البناء تحت الارض الى ان طرحت مجددا على صورة خطة ثورية لتغيير حديقة الاستقلال بحيث يتحول سطح الارض لبناء المجمعات التجارية والمتنزهات وتنقل المواصلات بما فيها القطار الارضي الى ما تحت الارض ومن هنا لا يصبح الدخول لمركز المدينة متاحا بالسيارات وانما من خلال القطار الارضي. خطة مانور الدكتور بوليشوك ليس المختص الوحيد الذي يؤيد البناء تحت سطح الارض بل هناك الكثيرون غيره الذين يتحدثون عن الاحتياطي الكامن في المساحة الواقعة تحت سطح الارض وكبار المسئولين في المدينة يدرسون بجدية هذا الخيار ويعتقدون ان البناء تحت الارض يستطيع ان يحل مشاكل ضاغطة. في هذه الايام واثر طلب مهندس المدينة الجديدة اوري شطريت, ينهي المهندس المعماري للمدينة عوفر مانور اعداد خطة نظرية لاكتظاظ وسط المدينة, وهي المرة الاولى التي يتم التطرق فيها لمركز المدينة كله, وليس لمثلث يافا ــ الملك جورج ــ بن يهودا كما جرت العادة. الحديث يدور عن خطة تفصيلية تتطرق لكل بناية على حدة, مانور يتطرق للبناء تحت الارض خصوصا ان طبوغرافية الارض الجبلية تسمحج بالولوج الى باطنها بسهولة. النجاح في الربط بين المساحة الواقعة تحت سطح الارض وبين ما هو موجود فوقها هو الضمانة لنجاح مثل هذا المشروع الذي يشبه مركز روكفلر في نيويورك ومدينة تورنتو في كندا حيث توجد فيها كيلومترات كاملة من البناء تحت سطح الارض. مانور يقترح استغلال كل المساحات الفارغة في مركز المدينة بحيث يصبح مليئا بالمباني المتلاصقة مثل كل المدن الكبرى واستغلال البناء العامودي بحيث يتحدد وفقا لموقعه في حوض البلدة القديمة وللمحيط الذي يتواجد فيه, ومع ذلك يعتقد مانور ان الامر ليس (بقرة مقدسة) وان من الممكن توقع تغيرات حذرة في الارتفاع وسط المدينة وفقا لاحتياجاتها. الاعتبارات الامنية بوليشوك يقول ان للبناء تحت سطح الارض صورة قائمة سيئة. فالجميع يعتقدون انه اكثر تكلفة وهذا ليس صحيحا على المدى البعيد, هذا الى جانب الاستغلال الامني للبناء تحت سطح الارض اذ يمكن ان تتحول لملاجىء ضخمة, وهذه مسألة مهمة في ظل الوضع الامني السائد في اسرائيل حسب رأيه. كما ان التجربة التاريخية تشير الى ان المباني الواقعة تحت سطح الارض اقل عرضة لاضرار الكوارث الطبيعية مثل الزلازل, هذا الى جانب تخزين المواد الخطيرة, الامر الذي يوفر اهدار المساحات فوق سطح الارض في قطر يبلغ 2000 متر عن مباني تخزين المواد الخطيرة.

Email