دعوة مستمرة إلى التضامن العربي من أجل فلسطين ، قضايا الصراع العربي ــ الصهيوني في أقوال زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الملف السياسي : حينما أعلنت الامارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأصحاب السمو حكام الامارات كان الجو السياسي العربي مشحونا بمجموعة من الاخفاقات الوحدوية ، وعلى رأسها الوحدة المصرية السورية التي كان ينظر إليها على انها ستكون حامل آمال الأمة العربية ومنقذها من التشتت والضياع مما أضعف العزيمة القومية في الشارع العربي وبدأ المواطن محاصرا من داخله اضافة إلى حصاره الخارجي. ولم يقتصر الجو السياسي العربي على الانهيارات المتكررة للتجارب الوحدوية بل كان لا يزال يحمل آثار النكسة 1967 التي أصابت العرب جميعهم وأبرزت بشكل واضح القوة الصهيونية مقابل الضعف العربي في ذلك الوقت. هذا الجو وهذه التحديات ظهرت في الشارع العربي لتزيده تشاؤما إلى أن قامت الامارات العربية المتحدة من وسط هذا الجو لتعلن وقفتها مع العرب تأخذ بيدهم وتنير لهم طريقهم وتعيد تفاؤلهم من خلال السياسة الحكيمة التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ زايد وخاصة في القضايا القومية الكبيرة كقضية فلسطين حيث رأى سموه (ان قيام الاتحاد ضرورة قومية, فهو يؤمن الاستقرار والأمن.. ثم انه سيكون عونا وسندا لأشقائنا العرب) كما قال: (ولعل السياسة الحكيمة التي انتهجها الشيخ زايد كانت تنبع من مفهومه الوحدوي اضافة إلى تبنيه الفكر القومي العربي الذي انبثق من خلاله معالجته لمجمل القضايا السياسية داخليا واقليميا ودوليا, وانصب اهتمام سموه بالقضية الفلسطينية فعلى مستوى العلاقات الخارجية التي تخص الراعي لعملية السلام قال سموه: (لا أوافق اطلاقا على سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية, فلن تؤدي هذه السياسة إلى ايجاد تسوية لمشكلة الشرق الأوسط) وإذا كنا قد ابتدأنا بموقف سمو الشيخ زايد مما يجري على ساحة التسوية العربية الاسرائيلية فإن ذلك يعطينا صورة واضحة عن فهمه العميق لمشكلة السلام وهي مشكلة ازدواجية المعيار توضح عدم المصداقية للراعي الأساسي وهو الولايات المتحدة, وبذلك نرى ان هذه الرؤية كانت رؤية استشرافية حيث رأينا ما حصل في مسيرة المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية منذ مؤتمر أوسلو والفشل الكبير الذي جاء بعد هذا المؤتمر والذي تمثل مؤخرا بفشل قمة كامب ديفيد الثانية والهبة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى ضد تعنت الحكومة الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة فواشنطن لا يمكن لها أن تكون الحكم العادل بل تبقى الراعي الأساسي لارهاب اسرائيل وليس للسلام, وهنا يقول سمو الشيخ زايد: (إنني كواحد من أبناء الشرق الأوسط أرى ان الولايات المتحدة لا تعطي سلاما لأحد بل على العكس في ذلك انها تسبب الحروب وستخلق المزيد من التهديد والعدوان في المنطقة, إننا نطالب الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لاقرار السلام الدائم والعادل في الشرق الأوسط الذي يعطي للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بما في ذلك دولته على أرضه, إننا نطالب بذلك ليس فقط لاحقاق الحق وتأكيد العدل بل لان الاغتصاب الاسرائيلي لفلسطين والاعتداءات الصهيونية المستمرة على لبنان تشكل تهديدا للأمن والاستقرار في العالم كله). وهذه الرؤية العميقة لمواقف الولايات المتحدة تبدو الآن متجلية بشكل واضح من خلال السياسة الأمريكية في الوطن العربي هذه السياسة التي تعتبر الدفاع عن الوطن والأرض ارهابا بينما يبرر القتل الصهيوني لمئات الأبرياء الذين لا يملكون سوى الحجر المدافع عن كرامتهم. التضامن من أجل فلسطين الجانب الثاني الذي طرحه صاحب السمو الشيخ زايد فيما يخص القضية الفلسطينية هو الموقف الموحد للأمة العربية الذي أصر عليه مرارا داعيا الأشقاء العرب إلى الابتعاد عن الخلافات والتقرب من بعضهم البعض كي يقفوا في وجه الصهيونية باعتبارها العدو الأول لهم جميعا فهو يرى من الواجب أن نقف صفا واحدا للدفاع عن وجودنا حين يقول: (ان المشاركة في الدفاع عن كيان الوجود العربي وكيان الأمة العربية هو واجب على كل عربي ودولة الامارات لا تزال تشتهر بمواقفها تجاه شقيقاتها بما يمليه عليها واجبها القومي) وقد لاحظنا كيف كانت الامارات تقف مع الوجدان العربي قولا وفعلا وخاصة في المحن الكبرى فما من أزمة تمر على بلد عربي إلا وكانت الامارات سباقة في الوقوف إلى جانب الحق كما كان موقفها تجاه العراق الشقيق ودعوتها الواضحة لفك الحصار عن شعبه, وكذلك مساعدتها للبنان في أزمته وللشعب الفلسطيني في جميع ظروفه التي يعيشها تحت الاحتلال باعتبار الامارات جزءا من الأمة الواحدة متمثلين قول سمو الشيخ زايد: (اننا هنا دولة وشعبا ووطنا جزء لا يتجزء من الوطن العربي الواحد تجمعنا واخواننا في العروبة وحدة الماضي والحاضر والمصير المشترك, فنحن وإياهم يد واحدة في مسيرة التحرير والتنمية والبناء نلتزم بما يلتزمون ونسهم بما يسهمون). ولعلنا وفي قراءة متأنية لأقوال سموه نستطيع أن نستنتج مجموعة كبيرة من الآمال القومية التي يصر على تجسيدها كواقع في مواجهة الصهيونية العالمية فكم من مرة نادى: (على الأمة العربية أن تتحد وتتمسك بكل المواقف الفعالة لمواجهة العدوان الصهيوني, وعلى العرب أن يعملوا بسرعة من أجل فرض ارادتهم على العدو الصهيوني). وهذا القول تجسد في رسالته التي وجهها سموه إلى مؤتمر القمة العربية الأخير في القاهرة حينما طالب المؤتمرين بالخروج بقرارات حاسمة تؤكد ضرورة استعادة التضامن العربي وتكريسه, ووضع خطة فاعلة لدعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس, كما أكدت رسالة سموه على تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تدعو إلى انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأرض العربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم, وتعتبر هذه الرسالة بمثابة الملخص الهام الذي يحدد أولويات مؤتمر القمة اضافة إلى ان الاصرار المتكرر على توحيد كلمة العرب يبرز من خلال الدعوة الصادقة التي يكررها سموه حين قال: (انطلاقا من عروبتنا أعلنا مرارا إيماننا بأهمية اللقاءات العربية المباشرة والمستمرة من أجل توحيد الجهود لمواجهة ما تتعرض له أمتنا من محن ودسائس وأخطار). فلسطين الهم الأكبر إذا كان صاحب السمو الشيخ زايد قد قدم قراءات واضحة للأخطار التي تحيط الأمة العربية فإن القضية الفلسطينية كصلب خاص لموضوع قراءاته تبرز من خلال ما قدمته الامارات للشعب الفلسطيني طوال فترات الصراع وخاصة بعد الاتحاد الذي ما ان بدأ يثبت أقدامه على الساحة العالمية حتى بدأت حرب أكتوبر 1973 فما كان من الشيخ زايد إلا أن بادر قائلا: مقولته التي اقترنت بالفعل المباشر حين قال: (ان النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي). وكانت هذه المقولة هي المحرك الأساسي الذي ساهم في حرب أكتوبر حيث توقفت امدادات النفط العربي عن الدول المساندة لإسرائيل مما دعا تلك الدول إلى الاعتدال بمواقفها تجاه الصراع العربي ـ الصهيوني, ولم يكتف سموه بهذا بل كان يردد دائما: (ان الوحدة العربية كفيلة بتطويق العدو, وارجاع حقوق الشعب الفلسطيني, ولا يجوز لعربي أن يغض النظر لحظة واحدة عن المساهمة في استرداد أي حق عربي يطالب به أي عربي بكل ما يملك من امكانيات وطاقات). ويعود سمو الشيخ زايد ليدلنا على الطريق السليم لتحرير فلسطين فهو يرى ان التضامن العربي هو المنقذ حين يقول: (ان الطريق لمواجهة المخططات الامبريالية والصهيونية العالمية بالنسبة للأراضي العربية المحتلة لا يتأتى إلا بالتضامن العربي الكامل, ولا بد من الصدق والاخلاص بحيث تكون كلمة العرب واحدة) ويقول في جانب آخر: (نحن العرب نواجه عدوا شرسا لا يعترف بالقيم وعلينا أن نتسلح بالتضامن ونبذل كل الطاقات الكافية لمواجهته).

Email