مقاطعة اسرائيل.. الدوافع والمعوقات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاشك ان الانتفاضة المباركة في فلسطين قد خلقت أوضاعا جديدة بالمنطقة دفعت من خلالها كل الاطراف الى اعادة الحسبة من جديد واعادة ترتيب الاوراق وفقا للمستجدات, وعليه لا يمكن قراءة مسيرة التسوية ، المتعثرة في الشرق الاوسط حاليا الا وفق منظور جديد ومفهوم آخر يراعي التطورات التي افضت اليها الاحداث الجارية على الارض في ظل تصاعد الانتفاضة ضد العدوان الاسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني الاعزل. المقاطعة الشاملة ضد اسرائيل قضية مطروحة اليوم بقوة في الساحتين العربية والاسلامية, بل تحولت الى مطلب شعبي ملح لمواجهة الارهاب والعدوان الصهيوني الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني باعتبار المقاطعة سلاحا مشروعا للدفاع عن النفس وفق قرارات الشرعية الدولية. ان المقاطعة باتت تطرح اليوم عبر كل المحافل والمؤتمرات لمواجهة الموقف والتحدي الذي يتعرض له العرب والمسلمون جراء اعتداءات الدولة العبرية واستباحتها للدم الفلسطيني وتدنيسها للمقدسات الاسلامية, الأمر الذي يتطلب معه اعادة تفعيل المقاطعة العربية الشاملة ضد اسرائيل ومحاصرتها اقليميا باعتبارها جسما غريبا في المنطقة العربية وورما خبيثا لابد من ازالته. واذا كان العرب يتطلعون الى ممارسة حقهم في استخدام سلاح المقاطعة ضد الدولة العبرية فإنهم يتعرضون لضغوط واشنطن الساعية لكسر الطوق حول اسرائيل والتبشير بنظام الشرق أوسطية الذي يمهد للتطبيع والتعايش المزعوم بين تل أبيب والعرب وهي المحاولات التي بذلتها واشنطن خلال السنوات الماضية منذ مؤتمر مدريد, وتعاطت بعض الدول العربية معها, حيث تم فتح مكاتب تمثيل تجاري وتبادل مصالح في بعض العواصم العربية فضلا عن الغاء الدول العربية لمقاطعة اسرائيل بدرجتيها الاولى والثانية. بيد ان التطورات الآنية في الاراضي المحتلة وانهيار عملية التسوية قد فرضا ظروفا جديدة ومتغيرات سياسية ينبغي التعامل معها بأنماط مختلفة توجب استخدام كل اوراق الضغط العربية المتاحة ضد الدولة العبرية لاجبارها على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ووقف الممارسات الهمجية ضد الفلسطينيين. لقد أضحت المقاطعة الشاملة لاسرائيل مطلبا عربيا شعبيا وكذلك رسميا, الأمر الذي يدعو الى تفعيل قرارات المقاطعة وترجمتها الى أرض الواقع خدمة لقضايانا العربية ودفاعا عن فلسطين والمقدسات الاسلامية وتأكيدا للحقوق العربية. ان تجديد المقاطعة وسيلة مهمة للتأثير على اسرائيل واقتصادها ومواقفها, ولذا ينبغي على العرب اعادة النظر في الآليات والوقائع والنتائج لصياغة عملية للمواقف والممارسات والعمل المشترك لاحباط خطط اسرائيل بالهيمنة على المنطقة.

Email