قبسات من سير الشهداء, العريس صلاح ودَّع أصدقاءه وترك وصيته

ت + ت - الحجم الطبيعي

(ولدت في 18/6/1977, أصبت بعدة اصابات خلال الانتفاضة وفي أحداث النفق, عضو في حركة فتح, اشتشهدت وأنا على أبواب الزفاف) تلك هي كلمات الشاب صلاح ابراهيم الفقيه التي أوصى بكتابتها قبل استشهاده, حيث كان قد أعطى أصدقاءه صورة شخصية له اختارها بنفسه لنشرها على الناس. وذكر عدد من أصدقاء الشهيد انه كان في الساعات الأخيرة يعيش هاجس الشهادة ولا يغيب عن باله, فإلى جانب وصيته بنشر صورته وكلماته, زار الفقيه أحد أصدقائه عند الساعة الواحدة من فجر الأحد حيث أيقظه قائلا له: انه يحب ان يسهر معه هذه الليلة, لأنه قد لا يراه, وكان قد مر ـ كأنه يودع ـ على أصدقاء آخرين فاعلا الشيء نفسه.. الوداع. وفي يوم الجمعة شارك الفقيه في عرس ابن خاله ورقص مع الأصدقاء في ليلة الحناء, وفي يوم السبت حيث الزفة (دبك) صلاح قائلا لهم: الآن أدبك هنا, وغدا سأدبك في البالوع, وقال لصديقه أديب شماسنة: إذا استشهدت أو أصبت انقلني بسيارتك, ولم يدر أديب ان صلاح كان جادًا إلى هذه الدرجة, حتى سقط شهيدا, ونقله من رام الله إلى قطنة, تحدث شباب قطنة عن الشاب المرح صلاح الفقيه وذكروا انه كان حريصا على المشاركة في كل الأحداث, وكان يودع أصدقاءه إلا انه هذه المرة كان الوداع الأخير. ولم يغب عن بال صلاح محادثة خطيبته, وكأنه كان يدرك انه يودعها للمرة الأخيرة. ولعائلة الفقيه أكثر من حادثة مع الموت, فقد مات ابراهيم الفقيه (أبو حسن) في عز شبابه, وكان لصلاح وقتها من العمر عامان, ثم توفي اخ له في عام 1991, وهو في الثلاثين من عمره, وكانت أخته قد توفيت وهي ابنة 16 عاما, ما جعل ام صلاح تعاني آلاما كثيرة. ويقول الناس ان هذه السيدة القنطاوية كانت تحب ابنها صلاح كثيرا وكأنه ابنها الوحيد, وصلاح هذا كان صاحب ابتسامة عذبة يحبه كل الأصدقاء والأقارب والغرباء أيضا. ولم تسعفه رصاصات الاحتلال كي تمنحه الفرصة للفرح وليوزع بطاقات دعوة الزواج على الناس, ورغم ذلك فقد جاءه المواطنون بالآلاف راجلين, وها هو يترك اخوته وأخواته وأسرته وأصدقاءه لا يدرون أيستقبلون التهنئة بالشهادة أم العزاء, زغردت نساء البلدة, وهتف الشباب وبكى الأصدقاء. الفتى محمد طلب (البيجامة) ولم يهنأ بها لن يرى الفتى محمد نبيل علي حامد (14 عاما) الذي شيع جثمانه إلى مثواه الأخير .. (البيجامة) التي طلبها من والده صبيحة يوم استشهاده السبت الماضي, في اتصال هاتفي معه, حيث كان والده في الكويت لانجاز عمل خاص, عندما اغتال رصاص الاحتلال الحاقد الابن بعد ساعات من مكالمته مع والده. ويقول أقرباء الشهيد انه كان هاتف والده قبل استشهاده بساعات فسأله والده ان كان يريد شيئا له من الكويت, حيث طلب (بيجامة) ثم أنهى المكالمة وتوجه بعد ذلك كالكثير من المواطنين لمراقبة الاشتباكات التي كانت تدور منذ أيام عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة الذي لا يبعد كثيرا عن مكان سكناه. واختار رصاص القنص الاسرائيلي (محمد) من بين مئات الشبان الذين تواجدوا في مكان الاشتباك, ليجدد الاحتلال التأكيد على وحشيته وعنصريته وساديته, وليضيف صورة أخرى من صور الطفل الشهيد محمد درة, الذي لم تصل صرخاته إلى آذان العالم المتحضر لإنقاذه من رصاص الاحتلال إلا بعد سقوطه ضحية له, ولم يتح رصاص القنص الاسرائيلية الفرصة للفتى (محمد) كي يرتدي بيجامته فاختار ان يلف بالعلم الفلسطيني بدل (البيجامة) . وقبل يوم واحد من استشهاد (محمد) سقط برصاص القنص الاسرائيلي فتى آخر, هو نزار عيدة, حيث جمعت الشهيدين ضمن نقاط مشتركة, هي: الطفولة, الانتماء إلى الداخل, وادراك معنى اللجوء, الاستشهاد أثناء سفر الوالد إلى الخارج, عمل والد كل منهما مهندسا, وأخيرا السقوط ضحية القتل الغادر برصاص القنص. ولن يعود (محمد) إلى فرقته الكشفية في مؤسسة شباب البيرة, ولا إلى صفه في مدرسة رام الله الثانوية. رام الله ـ البيان

Email