تصورات اولية لاستراتيجية سوريا الزراعية حتى 2010

ت + ت - الحجم الطبيعي

وصل عدد سكان سوريا عام 1999 الى 16.11 مليون نسمة وزاد خلال الفترة الماضية بنسبة نمو سنوي قدرها 3.3% وسيبلغ عدد السكان في عام 2010 بحدود 24.1 مليون نسمة.وتعتبر سوريا بلدا نامياً متوسط الدخل وتزايدات حصة الفرد في سوريا بمتوسطة 4.8% ، وذلك اعتباراً من عام 1990 ولغاية 1998 ونظراً لنسب نمو السكان وحصة الفرد فإن الحاجة الى الغذاء ستبقى متذبذبة في المستقبل, وقالت دراسة اعدت حديثاً قدمت الى ورشة عمل (عقدت في نهاية شهر مايو الماضي بدمشق) ان حالة التغذية في سوريا مرضية بشكل عام وتعتبر عالية قياساً مع مختلف الدول النامية ووصل متوسط استهلاك الفرد الى اكثر من 3200 حريرة في اليوم خلال متوسط الفترة 96-1998. توجد حاجة اكبر للمنتجات الحيوانية في الوجبة الغذائية للسكان وهذا ضروري جداً نظراً لان اكثر من 50% من السكان تحت عمر 19 سنة ويحتاجون لغذاء غني كما ان معظم شرائح المجتمع تحتاج الى توازن في البروتينيات من المصدرين النباتي والحيواني. الاحتياط الغذائي واوضحت الدراسة انه لا توجد في سوريا علامات فقر حاد باستثناء فقر المجموعات الصغيرة المتنقلة (البدو) والرعاة التي لا تملك ارضاً او تملك حيازات صغيرة وهي معرضة لانعدام الامن الغذائي خاصة في سنوات الجفاف. ولا تواجه سوريا عجزا في الاحتياط الغذائي فيما عدا سنوات الجفاف الحادة. وتعتبر نسب الاكتفاء الذاتي جيدة بالنسبة للنجيليات والدرنيات والفواكه والخضراوات ولا يوجد اكتفاء بالنسبة للسكر والزيوت النباتية ويتم استيراد الأرز. وبينت الدراسة ان هناك تقدماً جيداً في تحسين الغذاء المحلي فقد ازدادت كمية الحريرات المستهلكة وان الحاجة لاستهلاك القمح والبقوليات يمكن تغطيتها من الانتاج المحلي ولكن بالنسبة لمنتجات الثروة الحيوانية فإن تحقيق الفجوة الغذائية يحتاج الى جهود اكبر. السياسات الاقتصادية والمؤسساتية خلال الستينيات تبنت سوريا نظاماً اقتصادياً يعتمد على التخطيط المركزي ونفذت حتى عام 1986 عدة خطط خمسية وبعدها تم التركيز على الخطط التأشيرية. ازداد نصيب الفرد من اجمالي الانتاج الاجمالي المحلي بالاسعار الثابتة لعام 1990 من 20669 ل.س للفرد في عام 1990 الى 28840 في عام 1998 اي بنسبة نمو قدرها 4.8% وقد كان التزايد في انتاج الحبوب وفي انتاج القطن والزيوت من العوامل المساهمة الرئيسية. ان التخفيف من القيود على توريد الاغذية من قبل القطاع الخاص قد حسن من امكانية توفير الغذاء كما ان سياسة الحكومة في تشجيع القطاع الخاص لأخذ دور فعال في التطور الاقتصادي قد قدم ايضاً بعض النتائج الجيدة. وقدمت الحكومة الكثير من التشجيعات لمصدري المنتجات الزراعية وخاصة الخضار والفواكه وذلك باستفادتهم من كامل القطع الناجم عن صادراتهم ويمكن بيعه للغير لاستيراد المواد غير المقيد استيرادها مثل الرز والسكر والشاي والزيوت النباتية الأرز الخ. لا تزال الدولة تحدد الاسعار للمنتجين لبعض المحاصيل بالرغم من انهم غير ملتزمين بأن يبيعوا للدولة هذه المحاصيل ما عدا القطن والتبغ والشوندر السكري. في الوقت الحالي هناك اختلافات بين اسعار المشتريات واسعار السوق العالمية ولكن يتم العمل التدريجي بالاقلال من هذه الفروق. وذكرت الدراسة ان سيطرة الدولة على الزراعة قوية وتكون ادارتها من قبل مؤسسات عامة متسلسلة هرمياً. وان الجهة العليا لصنع القرارات في مجال الزراعة هي مجلس الزراعة الاعلى الذي يترأسه رئيس مجلس الوزراء ويضم في عضويته نواب الرئيس والوزراء المختصين في (الزراعة, الري, التخطيط, الاقتصاد, الصناعة, التموين, الاتحاد العام للفلاحين) . وهو الذي يقرر الخطة الانتاجية السنوية على مستوى المحافظات وتحديد اسعار المشتريات وتحديد الجهات المسئولة عن تأمين مستلزمات الانتاج وطريقة تسليمها ويضع القرارات والسياسات بخصوص تدابير التسويق والتمويل في مجال الزراعة ويكلف كل الجهات ذات العلاقة لتنفيذ ما يخصها وفق السياسات والاجراءات المحددة. وتعتبر مساهمة الزراعة الى اجمالي الناتج المحلي متغيرة لان 76% من الاراضي المزروعة هي بعلية خاضعة لتقلبات الطقس وخلال الاعوام 1995-1997 شكلت الزراعة 24-26% من اجمالي الانتاج المحلي وفي عام 1998 فقد بلغت مساهمة الزراعة في الانتاج بحدود 26% ويعمل بالزراعة نحو 28 من اجمالي القوى العاملة. وشكلت المنتجات الزراعية 25% من اجمالي عائدات التصدير وحوالي 7% من اجمالي الواردات واشارت الى ان الاستثمار الزراعي في سوريا ينحصر تقريباً بالقطاع الخاص وبنسبة 98.5% (تعاوني وخاص حيث ان القطاع الخاص في القطاع التعاوني ايضاً) واقل من 1% للاستثمار الحكومي وبحدود 005% للقطاع المشترك (وهو قطاع حديث العهد نسبياً في سوريا) . ويساهم الانتاج النباتي بنحو 66% من اجمالي الانتاج الزراعي مقابل 34% للانتاج الحيواني فقد حققت زراعة القمح تطوراً ملحوظاً وبلغ الانتاج الزراعي في عام 1990 بحدود 2070 الف طن في عام 1999 (سنة جافة) في حين وصل في السنة السابقة 1998 الى 4112 الف طن كما زاد انتاج القطن من 441 الف طن الى 1017 الف طن خلال الفترة نفسها وتنعكس معدلات الزيادة هذه على معظم المحاصيل. بالنسبة للانتاج الحيواني بينت الدراسة ان الزيادات واضحة ايضاً وتطور انتاج الحليب من 1331 الف طن عام 1990 الى 1656 الف طن في عام 1999 وزاد انتاج اللحم الاحمر خلال الفترة نفسها من 152 الف طن الى 229 الف طن وانتاج البيض 1520 مليون بيضة الى 2497 مليون بيضة ولحم الدجاج من 60 الفاً الى 104 آلاف طن وانتاج السمك من 507 الاف طن الى 14 الف طن. الامن الغذائي الوطني فيما يتعلق بالامن الغذائي فإن الحكومة السورية تقوم باتباع سياسة متوازية اهم مرتكزاتها كما ذكرتها الدراسة: 1 ـ زيادة انتاج المحاصيل الغذائية عن طريق زيادة المساحة المروية وزيادة انتاجية المحاصيل بالهكتار وزيادة عدد انتاج الحيوانات وانتاج المزيد من الاسماك. 2 ـ رفع قوة الشراء من المجتمعات الريفية من خلال دعم الاسعار لعدة محاصيل وعن طريق دعم بعض الأشياء (مثل استرداد تكاليف التشغيل والصيانة في شبكات الري الحكومية). 3 ـ المحافظة على استقرار الاسعار للمواد الغذائية عن طريق الحصول على مخزون ملائم من الحبوب وتقليل القيود المفروضة على المستوردات الغذائية. 4 ـ زيادة التعاونيات لحماية المستهلك والمنتج من سيطرة الوسطاء. 5 ـ حماية اصحاب الدخل المتدني والطبقات الفقيرة من خلال المخصصات الغذائية الضرورية وبأسعار منخفضة. 6 ـ اتبعت الحكومة سياسة القضاء على الفقر في كل المناطق المدنية والريفية ففي المناطق الريفية كانت الوسائل المستخدمة لتحقيق هذا: توزيع الاراضي وتدخل الحكومة المباشر في تسعير المواد والمستلزمات الزراعية وحماية رأس مال السكان الريفيين من استغلال المحتكرين. 7 ـ ان الهدف هو جعل مستوى التغذية لتلك المجموعة اقرب الى المستوى الوطني. واكدت الدراسة ان سوريا هي بمرحلة الانتقال من الاقتصاد المخطط الى اقتصاد السوق بشكل متزايد بالنسبة للزراعة, يعتبر الانتقال معقداً واكثر صعوبة نظراً لطبيعة الانتاج الزراعي والحاجة الملحة الى اختبار سياسات لان القطاع الزراعي يلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد الزراعي (اجمالي الانتاج المحلي والتوظيف والتجارة) وهو قطاع كانت فيه مراقبة الحكومة مكثفة من اجل الانتقال السهل للزراعة من زراعة مخططة الى قطاع متجه نحو السوق لذلك فإن جميع سياسات تشجيع الانتاج الموجودة يجب دراستها لضمان الوصول للأفضل. وقالت: بعد تفكك الشريك الرئيسي لسوريا (الاتحاد السوفييتي) فقد نجحت سوريا في تحويل تجارتها الى شركاء آخرين خاصة الى دول اوروبا الشرقية ودول الاتحاد الاوروبي وايران. في المستقبل هناك عاملان سيحددان توقعات الصادرات الزراعية: 1 ـ التناسب بين الاسعار الدولية واسعار الشراء. 2 ـ دور الدولة في تشجيع القطاع الخاص على تصدير المنتجات الزراعية وتخليها عن هذا الدور. التحديات والصعوبات الأساسية وعددت الدراسة الصعوبات والتحديات التي تواجه البلاد وهي: 1 ـ ازدياد نسبة النمو السكاني بسرعة كبيرة اذ تبلغ بحدود 3% في السنة وهي مشكلة خطيرة تواجه الامن الغذائي ويمكن تخفيفها فقط من خلال عملية تنظيم الاسرة والتوعية. 2 ـ يتأثر انتاج الحبوب (القمح, الشعير, العدس, الحمص) بالتذبذبات نظراً لان المساحات البعلية بحدود 76% ولكنها حققت زيادة شبه دائمة نتيجة العمليات الزراعية والاصناف الحديثة وخبرة المنتجين. 3 ـ تجميع الارض: تشكل الحيازات الصغيرة نسبة كبيرة من مجموع الحيازات وهذا يخلق مشاكل كبيرة في استخدام الجرارات لزراعة الاراضي المستخدمة بشكل رئيسي لزراعة الحبوب. 4 ـ مياه الري: لقد تم استثمار موارد المياه بشكل كبير واي استخراج اضافي من المياه الجوفية سيكون ضاراً على نوعية مياه الري ومياه الشرب لذا يمكن استخدام المياه السطحية فقط وهذا المورد محدود ايضاً. 5 ـ تحسين الثروة الحيوانية: تواجه الثروة الحيوانية عدة معوقات اساسية اهمها تدهور بعض الانواع وعدم كفاية الانتاج العلفي والزراعة المحددة للبقوليات في المناطق البعلية. 6 ـ ادماج القطاع الخاص: بالرغم من احراز بعض التقدم ما زالت طاقات القطاع الخاص لم تستثمر بشكل كامل خاصة في مجالات الري والثروة الحيوانية والتصنيع الزراعي وتصنيع معدات الري. 7 ـ اقتصاديات الزراعة: ان ريعية الانتاج الزراعي غير مستقرة نظراً لتأثره بالظروف الجوية وزيادة عامل المخاطرة واصبحت المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب زيادة الاجراءات الفاعلة لتدعيم اقتصاديات الزراعة. اما الخيارات الاستراتيجية التي ستواجه الزراعة السورية فهي في المستقبل: * تدعيم النهج الذي سارت عليه الحكومة مؤخراً وهو سياسة الاعتماد الذاتي زراعياً والتي من خلالها يمكن تغطية النقص في السلع الرئيسية من خلال الاستيراد وتوريدها من عوائد التصدير الزراعي ويبدو ان الدولة بدأت بانتهاج هذا الحل ولكن بخطوات تدريجية. * ان الري اساسي للزراعة في سوريا ولكن تطويره مقيد بتوفير المياه المستديمة من جهة اخرى واستخدام افضل للقدرة الموجودة وذلك للحفاظ على الماء الذي يمكن فيما بعد من زيادة تكثيف المحصول. * ان الدور الموكل الى القطاع الخاص وفقاً لسياسات الاصلاح الاقتصادي التدريجية لم يحقق المطلوب بشكل فعال حيث توجد حاجة لتوضيح المجالات المطلوبة التي ستبقي من اختصاص القطاع الحكومي وما هي مجالات الشراكة بين القطاع الخاص والحكومي؟ وما لم يتم تحديد هذه النقاط سيبقى القطاع الخاص بعيداً عن الاندماج في انتاج المحاصيل والثروة الحيوانية والتصنيع الزراعي والتسويقي. * واخيراً الاصلاح الهيكلي هو مفتاح نجاح الزراعة السورية فهو يسهل عملية التخطيط ووضع استثمار ملائم وصياغة اطار عمل سياسة يشجع الاستثمار الخاص.

Email