وزير الخارجية التركي في حديث خاص لـ البيان ، تركيا لن تساوم على علاقاتها العربية لحساب اسرائيل ،أنقرة أول من دعا لرفع الحصار عن العراق تدريجياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم ان سياسة بلاده الخارجية ترتكز على مفهوم (الاوراسي) اي اوروبا ـ آسيا ووصف تركيا بأنها محور (الاوراسي) . وقال ان تركيا تمكنت من اقامة علاقات متطورة خلال العامين الاخيرين وبعد انتهاجها هذه السياسة. وحول سياسة بلاده عربياً قال الوزير التركي ان بلاده تريد علاقات اكثر متانة مع العرب, مضيفاً ان تركيا لا تساوم على علاقاتها مع العرب حتى تطور علاقاتها مع اسرائيل او غيرها من البلدان. واشار الى ان تركيا كانت من اولى الدول التي اعترفت بدولة فلسطين وقال ان بلاده كانت اول دولة تبادر للمطالبة برفع الحصار تدريجياً عن العراق. وأكد ان تركيا تقدمت منذ سنتين بمبادرة تشترك فيها الدول المحيطة بالعراق اطلقت عليها (مبادرة الجوار) لكنها لم تر النور. وحول مسألة المياه قال اسماعيل جيم ان بلاده لن توقع سوريا في موقف حرج بشأن المياه ولن تعطل انسياب المياه تجاه سوريا, مشيراً الى ان تركيا لم تفعل ذلك من قبل. خلال زيارة الوزير التركي الى تونس التقته مراسلة (البيان) واجرت معه حواراً خاصاً تناول العديد من القضايا: * بمناسبة زيارتكم الى تونس, سأبدأ بسؤالكم عن العلاقات الثنائية: في اي مرحلة توجد العلاقات التونسية ـ التركية؟ ما هو حصاد زيارتكم الى تونس من حيث الاتفاقيات والمشاريع المشتركة؟ ـ في الحقيقة العلاقات التونسية ـ التركية في وضع متطور وفي حالة صداقة ونريد ان تتطور هذه العلاقات اكثر فأكثر سياسياً واقتصادياً, فتونس في مرحلة اقتصادية وتنموية متطورة وسياسياً لها مكانة مرموقة ليس في العالم العربي بل في اوروبا ايضاً. ونحن الآن في مرحلة واعدة سياسياً, خلال السنتين الاخيرتين تمكنت تركيا من اقامة علاقات جديدة ومتجددة ومع الجغرافيا الواسعة لهذا العالم, فإن علاقاتنا مع الشرق الاوسط ومع العالم العربي بصفة عامة, تطورت باطراد, اليوم لنا علاقات صداقة مع كل البلدان العربية تقريباً. طبعاً لنا علاقات خاصة مع الشرق الاوسط ومع البلقان ومع القوقاز اذن نحن نريد ان نتخذ خطوات الى الأمام بخصوص اوروبا وآسيا (أوراسي) لقد أخذنا مفهوم (الأوراسي) كأساس لسياستنا الخارجية التي ترتكز على هذين العمادين. لقد عملنا كثيراً على هذا الاساس ووفق هذا المنهج, وقطعنا اشواطاً كبيرة والآن لدينا الامكانية للتطور وبالتالي تطوير وضعنا كمركز يربط اوروبا بآسيا فالفضاء الاوروبي ـ الآسيوي يتطور الآن وينمو ويحاول ان يجد له مكاناً في الساحة العالمية. السبب الثاني لهذه المرحلة المتقدمة في سياستنا وموقعنا يدخل في باب علاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي, منذ سنتين اصبحنا مرشحين للدخول الى الاتحاد الاوروبي, هذا مهم جداً على المستوى الاستراتيجي وايضاً على المستوى الاقتصادي, لأن مجرد ترشيح تركيا للاتحاد الاوروبي يمكن ان يكون أهم من عضوية دولة من هنا او هناك لأن تركيا بلد كبير تعداده 65 مليون نسمة والناتج القومي الخام لتركيا يصل حوالي 300 مليار دولار اذا اخذنا بعين الاعتبار الاقتصاد الموازي, على المستوى الاقتصادي دائماً نجد ان تركيا هي البلد السابع عشر من حيث النمو الاقتصادي اذن تركيا بلد في قمة الانتعاش. اذن بالنظر الى هذه المعطيات التي تتطور حول تونس وتركيا فإني متأكد اننا نعيش مرحلة جديدة, وسنعمل الكثير وفقها مع بعضنا البعض. اذا تحدثنا عن حصاد هذه الزيارة كما ذكرت في السؤال, فيمكن الحديث عن احياء صداقاتنا وتعاوننا في ظروف جديدة وأكثر ايجابية, لقد قررنا ان نخلق لجنة مشتركة ستربط بين الوزارتين وستكون هذه اللجنة مفتوحة الى وزارات اخرى فهي لجنة تفكير مكونة من اعضاء في وزارتي الخارجية في كلا البلدين وايضاً بها اعضاء من وزارات اخرى وذلك لنرى كيف يمكن ان نعمل ثنائياً ولنقترح آلية سياسية وخطة عمل, كل هذا لنضع على الطريق الصحيح مجمل علاقاتنا الاقتصادية والتجارية. لقد وقعنا اتفاقيتين: واحدة حول النقل البري والثانية حول التعاون في كل المجالات. * لعبت تركيا دوراً مهماً في التصدي للمد الشيوعي طوال فترة الحرب الباردة وبعد انهيار الثنائية القطبية.. اين هذا الدور اليوم؟ ـ نعم.. نعم كان هناك تغييراً كبيراً لأن تركيا طوال الحرب الباردة كانت تمثل عماداً او حصناً في وجه الاتحاد السوفييتي كان دوراً مهماً لكنه دور كانت له مؤثرات سلبية على التطور الديمقراطي والمؤسساتي لتركيا. وعندما انتهت الحرب الباردة وجدنا انفسنا في وضعية لنقل غريبة لان هدف وجود سياسة تركيا طوال أربعين عاماً لم يعد موجوداً. لقد وجدنا انفسنا ولبرهة من الزمن وكأننا نعيش في فراغ, لكن فترة التردد هذه لم تدم طويلاً. وبسرعة وجدت تركيا لنفسها مهمة جديدة, على اساس انها المخاطب الأساسي بين الشرق والغرب وايضاً كرابط بين القوقاز واوروبا وآسيا الوسطى وايضاً كبلد له جذور تاريخية وثقافية مع عالم جديد يولد لتوه اي مع دول خلقت لتوها او مع دول تعمل على اثبات وجودها عبر الاستقلال (جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً المحاذية لتركيا) اذن بدأنا مباشرة مشوارنا الاقتصادي مع هذه الدول الجديدة والمستقلة حديثاً في البلقان وفي القوقاز وفي آسيا الوسطى, هذا الامر او الواقع الجديد اعطانا دفعاً جديداً في علاقاتنا السياسية والاقتصادية, هذه المرحلة الجديدة اعتقد اننا استفدنا كثيراً منها الآن نحن نساعد كل هذه الدول التي ذكرتها, نحن الآن واحد من شركاء لبلدان آسيا الوسطى وجورجيا واذربيجان وايضاً بلدان البلقان الشرقي. لهذا استعمل عبارة البلد (القطب) او (المحور) لآسيا واوروبا (أوراسي) ويمكن ان اضيف حتى اذا كان لنا دور جديد اليوم فهو في الحقيقة دور جد قديم, دور كنا خسرناه طوال الحرب الباردة. * معالي الوزير ما هو مستوى العلاقة الآن مع الاتحاد الاوروبي على ضوء المستجد المتمثل في ترشحكم لعضوية الاتحاد الاوروبي؟ ـ العلاقة تتطور بيننا وبين اوروبا سياسياً لكن أمامنا طريقاً طويلاً, ليس مستقيماً لكن تركيا تتطور من تلقاء نفسها.. تتطور ولها هاجس التطور الذاتي تطور اقتصادها وطريقتها في التنظيم لكن مع ترشح تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي الآن لنا ديناميكية خارجية جديدة حتى نصل الى منهج عقلاني ذي مستوى عال. * ما هو مستوى العلاقة بين تركيا والعرب, هل يمكن الحديث عن سياسة عربية لتركيا ام ان العلاقة تتوزع على المستوى الثنائي اي بين تركيا والدول العربية فرادى؟ * في الحقيقة يمكن الجمع بين الاثنين مثلما ذكرت علاقاتنا مع الدول العربية تتطور انتخابياً لكن هناك مشكلة لا تزال ماثلة وهي ان الدول العربية لها انشغال واحد يتمثل في اعتقادها ان تركيا تبرم علاقات استراتيجية وتستعملها ضد العالم العربي, تحادثت مع اغلب زياراتي في الدول العربية وزرت اغلب العواصم العربية وتحدثت كثيراً في التلفزيونات العربية وللصحافة العربية حاولت ان افسر ان صداقات تركيا ليست للمبادلة وليست مواد للمساومة, نحن نريد علاقات متينة اكثر مع العرب لا نريد ان نبادل علاقاتنا بالعرب بعلاقاتنا مع اسرائيل لأننا نريد علاقات اكثر صداقة مع العرب, ابداً لن نساوم على صداقاتنا مع العرب حتى تتطور علاقاتنا مع اسرائيل او غيرها من البلدان. ثانياً: نحن نريد ان نربط علاقات جديدة مع البلدان العربية وقد أطلقنا مبادرات والآن لنا علاقات متطورة اكثر, كل طرف فينا يؤمن بصدق الآخر تجاهه وعلاقاتنا الاقتصادية تحسنت خلال السنتين الاخيرتين. على المستوى السياسي علاقات تركيا بالعرب تحسنت في الجامعة العربية, ومنذ سنتين بدأنا نلمس قرارات اقل عداوة تجاه تركيا. لكن ايضاً لنا علاقات مع بلدان عربية اكثر تطوراً وحقيقية من بلدان عربية اخرى وذلك حسب الظروف طبعاً, اما بالنسبة لبلدان المغرب العربي فإن التاريخ هو ملهم اساسي لهذه العلاقة الجيدة بيننا. فمع بلد مثل تونس نتفق فيما نتفق حول مظاهر الحداثة اذ لدينا رصيد تاريخي نستند اليه. * اي دور يمكن ان تلعبه تركيا في مسار المفاوضات والتسوية بين العرب واسرائيل وهل لتركيا دور في ترتيبات اقليمية مقبلة؟ ـ نحن لنا موقف موحد ومعروف مع فلسطين ومع كل القضية, علاقاتنا ايجابية وهامة مع فلسطين منذ القدم. لقد اعترفنا بدولة فلسطين وكنا من اولى الدول التي فعلت ذلك لكن ايضاً لنا علاقات متطورة مع اسرائيل طبعاً هناك سوريا كطرف في هذا المسار وقد كانت لنا معها صعوبات الآن تجاوزنا الكثير منها في علاقاتنا ونحاول ان نطور الوضع نحو الافضل, ولقد ساهمت تونس بالمناسبة في تطوير العلاقة بين سوريا وتركيا في وقت حرج جداً الآن ما زالت هناك مشاكل لكن الكثير منها حل والذي بقي سنحاول ايجاد حلول له سوياً نحن والسوريون. في ضوء هذا المشهد يمكن ان يكون دورنا توفيقياً. كذلك علاقاتنا الطيبة مع الولايات المتحدة يمكن ان تدعم موقفنا الذي ذكرت ليس لنا دور كبير او بارز لكن قلنا لكل طرف في هذا المسار اذا كنتم بحاجة الى مساهمة سياسية, فنحن جاهزون للمشاركة نحن نقوم بذلك بدرجات متفاوتة اذ لنا اتصالات مع كل الاطراف المعنية. * كيف تتصدرون مشكلة المياه على ضوء الانسحاب الاسرائيلي اذا انسحبت اسرائيل من الجولان واستعادت سوريا بحيرة طبرية. ـ ليست هناك مشكلة مياه حالياً لكن لدى السوريين هاجسا بخصوص المستقبل ونحن لن نضع سوريا ابداً في موقف حرج بشأن المياه فنحن حتى عندما كانت بيننا وبين سوريا مشاكل خطيرة لم نعطل انسياب المياه باتجاه سوريا اما بخصوص المستقبل فإننا سنجد الحلول الكفيلة. * بخصوص المسألة الكردية في العراق يحدث ان حليف تركيا ـ الولايات المتحدة الامريكية ـ يعمل على اساس احداث دولة او كيان مفصول عن السلطة المركزية في العراق يكون كردياً بالطبع وبالنظر الى المشهد الجغرافي ـ الاستراتيجي فإن خلق كيان كهذا سيكون مصدر عدم استقرار في المنطقة وتحديداً سيمس ثوابت سياسية في ايران وتركيا بخصوص المسألة الكردية؟ ـ ليس هناك قانون او مبدأ يقول ان الحلفاء دوماً متفقون لقد جددنا حرصنا ومطالبتنا ومساندتنا للوحدة الترابية للعراق والوحدة السيادية لهذا البلد وهذا مبدأ أساسي في سياستنا الخارجية ثم ان مبدأنا يقول انه لا يمكن ان نأخذ ارضاً من بلد عربي ونعطيه الى الآخر نحن اذن ـ أجدد ـ مع وحدة العراق الترابية والسيادية. واما الوضع في شمال العراق فهو مشكل يحل ضمن اطار الوحدة الترابية لهذا البلد, وبدون المس بوحدته السياسية. * ما موقف تركيا الآن من مسألة الحصار المفروض على العراق خاصة وان الاصوات الدولية والانسانية تعددت عبر العالم مطالبة بانهاء هذا الحصار؟ ـ نحن اول بلد اخذ مبادرة لرفع الحصار تدريجياً عن العراق منذ سنتين وخضنا (مبادرة الجيرة) على اساس ان تشترك فيها الدول المحيطة بالعراق, سوريا, الاردن, تركيا, وايران لكن لم تر هذه الخطة النور رغم ان فرنسا تبنت فكرة الرفع التدريجي لحصار العراق وكنا نريد ان تتم المبادرة وفق احترام القرارات الامنية في هذا المجال ومنها تنفيذ القرار 687 الخاص باخلاء المنطقة من سلاح الدمار الشامل لكن يبقى الرد عند العراق الذي لم يستجب. * في علاقات تركيا بالعالم العربي ما هو نصيب التاريخ في بعض التحالفات من هنا وهناك (العرب مع الحلفاء وتركيا مع المحور) في مسار العلاقة الحاضرة والمستقبلية؟ ـ لا يجب الحديث عن التاريخ في ظرف محصور بعشرين او خمسين سنة. خاصة عندما يضع هذا التاريخ كيانات لها تاريخ يعود لآلاف وملايين السنين, تاريخياً علاقاتنا طيبة جداً مع العرب صحيح جدت مشاكل وقضايا لمدة عشرين عاماً ارتبطت ببروز الفكرة القومية عند العرب وحاولت ان تستغل تلك الموجة الدول الاوروبية الغربية لما كانت عين الدول الغربية على المنطقة العربية بحيث وضعت العرب أضداداً مع الاتراك لكن ذلك لم يدم طويلاً, ثم ان مثال ضرب الاستعمار والطريقة المتوخاة التي اعتمدها كمال اتاتورك اصبحت مثالاً صالحاً لبعض الدول العربية, فالتاريخ هنا يعطينا نقاطاً ايجابية يجب ان نعرف كيف نستفيد منها. تونس حوار فاطمة عبدالله

Email