مستشار أفورقي لم يحتمل حرارة الحوار الساخن ، أرتيريا فكت حزام تفكيك النظام السوداني

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت العلاقات السودانية الارتيرية تطورا ملحوظا في الآونة الاخيرة توج بزيارة كل من رئيسي البلدين لبلد الآخر وانتهى الى الاتفاق على عودة العلاقات الى طبيعتها بعد سنوات من القطيعة والتوتر. (بيان الاربعاء) التقى عبدالله جابر مستشار الرئيس الارتيري اسياسي افورقي وحاوره في الخرطوم الزميل عثمان فضل الله. وقد كان الحوار ساخنا الى درجة ان المسئول الارتيري لم يتحمل حرارته فغضب وانهى المقابلة. * بعد مرور نحو عشر سنوات على قيام دولة ارتيريا , كيف تقيمون مسيرة العلاقات مع الدول العربية؟ ـ العلاقات العربية الارتيرية جذورها ضاربة في التاريخ فمنذ القدم كانت ارتيريا جسرا بين الجزيرة العربية ومنطقة القرن الافريقي والسبب موقع ارتيريا الجغرافي على البحر الاحمر, تميزت العلاقات بالهجرات بين افريقيا والمنطقة العربية عبر ارتيريا . ونحن نرى ان مصالحنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مرتبطة بالمنطقة العربية, وانطلاقا من هذا الفهم عززت الحكومة الارتيرية علاقاتها مع مختلف الدول العربية, لا سيما دول الجوار مثل السعودية واليمن ودول الخليج العربي, ويمكننا القول ان التمثيل الدبلوماسي في الخارج نصفه موجود في المنطقة العربية, وما يعزز هذه العلاقة التي نفتخر بها وبالذات علاقاتنا مع الاخوة في الخليج والجزيرة انها ساهمت بشكل مباشر في البنية التحتية لارتيريا بعد الاستقلال. * لكن الكثيرين يرون ان العلاقة كانت اكثر حرارة إبان فترة النضال الارتيري؟ ـ نحن ندحض مثل هذا التقييم لان العلاقات عقب الاستقلال تعززت بشكل جيد ومتطور والدليل على ذلك العلاقات الرسمية والتعاون بين ارتيريا وغالبية الدول العربية. أسمرا وتل أبيب * وماذا عن السفارة الاسرائيلية في اسمرا والحديث عن تعاون عسكري ارتيري ـ اسرائيلي؟ ـ غريب جدا ان تطرح مثل هذا السؤال, لان هناك علاقات اسرائيلية عربية واكبر دولة في المنطقة العربية وهي مصر لها علاقات مع اسرائيل, في حين ان العلاقة الاسرائيلية الارتيرية هي مجرد سفارة موجودة لاسرائيل في ارتيريا في الوقت الذي لا توجد سفارة ارتيرية في اسرائيل, واذا قارنا هذا الموضوع في المنطقة العربية نحن لدينا سفارات في المنطقة العربية في الوقت الذي لا توجد فيه سفارات للدول العربية في ارتيريا وهذا يوضح مدى اهتمامنا بالعلاقات مع الدول العربية, لذا يجب ان لا نتجه في اتجاه التقييم الذي يفرض نوعا من الوصاية بأن نقول ارتيريا اقامت علاقات مع اسرائيل فهذا يعني انها لا تريد علاقة مع الدول العربية. * لكن العلاقات الارتيرية ـ الاسرائيلية اخذت ابعادا اكبر من تلك التي مع دول عربية؟ ـ العلاقة الارتيرية العربية استراتيجية كما اسلفت, وقد عبرنا عن هذه العلاقة على مختلف المستويات وترجمناها في مختلف القطاعات, هذا ما نعبر به عن حرصنا على علاقاتنا مع الدول العربية وهو ليس مجرد شعارات جوفاء. اما اذا كان هناك اشكال بين اسرائيل والدول العربية فنحن لسنا طرفا فيه, ومرة اخرى اقول حتى الدول العربية تسير الآن في اتجاه بناء علاقات مع اسرائيل فما هو المطلوب من ارتيريا ؟. ان استراتيجيتنا هي عدم معاداة اي طرف لاننا بلد ناشىء وشعب صغير وهمنا الاول هو بناء وتنمية ارتيريا والعيش بسلام مع دول الجوار. واذا كانت لاسرائيل اطماع في المنطقة او اهتمامات بها فهذا الامر تسأل عنه اسرائيل ولا يوجه السؤال لارتيريا . * القلق من علاقتكم مع اسرائيل سببه موقع ارتيريا في خارطة العالم العربي, وهو قلق تحسه الشعوب؟ ـ هذا حديث فيه مبالغة .. ثم ان ترديدك لهذا السؤال عن العلاقة الاسرائيلية الارتيرية وكأنها الخطر في المنطقة هو نوع من الطرح الصحفي الذي لايخدم غرضا وهدفه البلبلة لانه في الواقع العملي لا توجد قضايا من هذا القبيل, واذا كان هناك امر ظهر في مرحلة محددة فذلك يعود لتلك الظروف والمرحلة. * لكن بعض الدوائر العربية ما زالت ترى ان اسرائيل لعبت دورا الى جانبكم في قضية جزر حنيش؟ ـ الخلاف الارتيري ـ اليمني حول جزر حنيش والضجة التي اثيرت حوله في العالم العربي جعلت الامر يبدو وكأن اسرائيل او امريكا هي التي دفعت ارتيريا لقضية الجزر وكأن هذه الجزر المسئول عنها ليس هو الشعب الارتيري او الشعب اليمني بل بدا الامر وكأن اسرائيل وامريكا هما المسئولتان عن الجزر .. انني اعتبر مثل هذا الطرح اهانة للشعب الارتيري ولشعوب المنطقة, وهو طرح يجهل امكانات ومقدرات الشعب الارتيري. الحسابات الاثيوبية خاطئة * لننتقل الى العلاقات الارتيرية ـ الاثيوبية وما شابها من توتر والمبادرات المطروحة؟ ـ في البداية الحرب الارتيرية الاثيوبية في تقديرنا حرب فرضت على الشعب الارتيري ونتيجة لحسابات خاطئة من الاثيوبيين, حسابات خاطئة للقدرات الارتيرية الداخلية وايضا حسابات خاطئة للعلاقات الارتيرية مع دول الجوار الاخرى ومحاولة لاستغلال التناقضات والخلافات بين ارتيريا ودولة اخرى في المنطقة ومحاولة لفرض امر واقع على ارتيريا مستغلة هذا الظرف, باقتطاع اجزاء من الاراضي الارتيرية وضمها لاثيوبيا وهذا خرق لميثاق منظمة الوحدة الافريقية وبالذات البند الذي يتناول قضية حدود الدول, وقطعا اثيوبيا موقعة على هذه المواثيق وهناك ادلة كثيرة جدا لان هناك خرائط تثبت حقنا اصدرتها اثيوبيا من جانبها لقد حاولنا تجنب هذه الحرب بطريقة او باخرى وحل هذه القضية بشكل حضاري ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل فحاول النظام الحاكم في اثيوبيا بشتى السبل تفجير هذه الحرب, وكانت جولتان حتى الآن من المعارك لم يحقق من خلالهما حتى الآن النظام الاثيوبي اهدافه, فالنزاع في تقديرنا هو نزاع حدودي ولكن رؤية النظام الاثيوبي ليست قاصرة على ذلك فقط ولكن اثيوبيا اعلنت امام الملأ انها تريد ان تغير النظام الحاكم في ارتيريا وبالقوة واجتياح الاراضي الارتيرية , ولكن فشلت كل اهدافها. * ماذا عن محاولات احتواء الازمة؟ هناك من يقول ان ارتيريا تقف عائقا امام تسوية المشكلة؟ ـ نعم جرت محاولات دولية واقليمية لايجاد حل سلمي لهذا النزاع بصفته نزاعا حدوديا, والحدود معروفة ومرسومة والحدود الارتيرية الاثيوبية تعد من اوضح الحدود في افريقيا فهناك خرائط واتفاقات وعلى ضوء هذه الاتفاقات يمكن وضع العلامات على الحدود فالخطوات الاجرائية التي ينبغي ان يتم التوصل اليها هي وقف الاعمال العدائية وسحب الجيشين والعودة الى الوضع في عام 89 شهر مايو. هناك مبادرة لمنظمة الوحدة الافريقية خلال مؤتمر القمة في الجزائر و ارتيريا اعلنت قبولها لهذه المبادرة والاتفاقات التي حوتها المبادرة, الا ان الجانب الاثيوبي حتى الآن يرفض تطبيق هذه الاتفاقية ويرفض وقف اطلاق النار والاعمال العدوانية ولا يزال يطالب وبشكل واضح ان تعترف ارتيريا بأن الاراضي المتنازع عليها هي اراض اثيوبية, فهذا يعني ان الطرف الآخر غير راغب في الحل السلمي بل انه يسعى لتغيير الواقع على الارض من خلال وضع خرائط حسب الافكار والاهواء الاثيوبية وتطالبنا بالقبول بها وهذا امر مرفوض من قبل ارتيريا وفي تقديرنا ان النظام الاثيوبي الذي رفض كل النداءات الدولية ونداء منظمة الوحدة الافريقية يعد نظاما معزولا دوليا لانه رافض للارادة الدولية, كما ان هناك اشياء وافق عليها النظام الاثيوبي عند البداية والآن رفضها في تقديرنا لا يمكن ان يقبل النظام الاثيوبي بالحل السياسي مالم يجرب بجولة عسكرية جديدة ويتأكد ان الحل العسكري غير مجد وبعد ان يتأكد يمكن ان يقبل, او ان الاوضاع في اثيوبيا يمكن ان تتجاوز ذلك النظام وتقوده لاتجاه آخر, اما نحن فقد اكدنا استعدادنا امام العالم كله ولمنظمة الوحدة الافريقية وللامم المتحدة ولكل الدول المجاورة وتلك المحبة للسلام قبولنا للحلول السلمية المتفاوض عليها ولكن النظام الاثيوبي رافض لهذا الموضوع, والآن الخيار والكرة بملعبه. نحن نقبل المبادرة الافريقية وان ارادوا ان يجربوا الحرب وهذا خيار مدمر ولن يجلب غير الخراب للبلدين نقول للعالم وللشعب الارتيري الصابر هذه ليست المرة الاولى التي نواجه فيها الآلة العسكرية الاثيوبية. فقد واجهناها قبل التحرير والآن قادرون على الصمود وكسر شوكة الآلة العسكرية الاثيوبية وارغام الاثويبيين على القبول بالحل السلمي لان القضية في نهاية الامر قضية سياسية ولا تحل الا عبر التفاوض والمبادرات السلمية. الديمقراطية * الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان اصبحت احدى المرتكزات الانسانية التي يقيم بها الغرب علاقاته بدول العالم الثالث وفي افريقيا, وبات هذا التقييم سلاحا تستخدمه الدول ضد بعضها البعض على رغم ان هذه العوامل لا تتوافر في معظم البلدان الافريقية التي لا يزال يحكمها العسكر وفي احسن الاحوال انظمة الحزب الواحد ومن بين تلك الدول ارتيريا ؟ ـ المجال واسع فيما يتعلق بالتجربة الارتيرية نحن طبعا تجربتنا كجبهة شعبية عريضة اسقطت وازالت الوجود الاستعماري من ارتيريا وطرحت فترة انتقالية يتم فيها الاعداد لمرحلة دستورية ننتقل فيها الى التعددية وهذه الفترة الانتقالية انتهت منذ 1998 ومن المفترض منذ العام الماضي ان ننتقل الى المرحلة الدستورية ولكن نفاجأ بحالة الحرب لم نستطع تحقيق هذا الانتقال لأن الانتخابات تحت ضغط عسكري لن تكون لها جدوى ولن تكون مفيدة وليست حقيقية فيتم تأجيل هذا الموضوع وقطعا في الدستور الارتيري نحن نؤمن بتعدد الاراء والافكار والتيارات السياسية وهذا ليس ارضاء للغرب او غيره لان الارضاء يخلق احزابا كرتونية ولان التعددية الآن اصبحت موضة, هذا مرفوض من جانبنا في ارتيريا , لان الديمقراطية في تقديرنا ليست نقلا حرفيا لما توصل اليه الغرب وانما بما يتلاءم وواقع شعوبنا لاسيما وان الديمقراطية في اي بلد من البلدان الافريقية ما زالت في طورها الاول تحتاج لتعزيز وتقوية, فهمنا للديمقراطية يتماشى والتطور الاجتماعي الاقتصادي والسياسي فيما يتعلق بالوطنية في اي بلد من البلدان الافريقية, ونحن نسير في هذا الاتجاه والدستور يسمح بتعدد الافكار والآراء والتبادل السلمي للسلطة وان لم ننتقل ولم نجرب ذلك لان هناك عوائق حدثت بعد ان اعددنا اعدادا كاملا لهذا الامر من بنيات سياسية للدولة ومؤسساتها لاننا استلمنا بلدا مدمرا تماما وبالتالي كان خلق تعددية في بلد كل شيء فيه مدمر من اول وهلة ولا سيما نحن لدينا تجربة نزاع مسلح في مرحلة الثورة الارتيرية لذلك رأينا ان كل من يريد ان يساهم في بناء وطنه فليتفضل وبالفعل قوى كثيرة كانت خارج الجبهة الشعبية دخلت الى ارتيريا وساهمت في البناء وتم وضع الدستور, هذا فيما يتعلق بالتجربة الارتيرية, لكن اذا جئنا للتقارب بين اشكال الحكم في افريقيا قد تختلف من دولة لاخرى ولكن لابد من التشابه مما يساعد في خلق التكامل والتعاون بين الدول المختلفة في افريقيا حتى تخلق واقعا متجانسا لان انواع وتنوع اشكال النظم السياسية قد تكون عائقا للحكم الافريقي الذي يحتاج هنا لتقارب في الاقتصاد والنظم السياسية ويجب ان يتجسد الوعي السياسي في واقعنا حتى نستطيع ان نخلق تغييرا في افريقيا, لان الحلم الافريقي لا يمكن ان يتحقق باجتياح دولة لدولة وخلق معارك مع دولة ثانية لان الهدف هو اسعاد الانسان الافريقي والوسيلة كذلك هي الانسان الافريقي لذا يجب الوعي بهذه الحقيقة وفي نهاية الامر يجب ان تكون الانظمة انظمة تمثل ارادة شعوبها لتصل الى شيء مشترك وتمكن الانسان الافريقي ليكون منافسا وله دور واسهام في العالم. الانسان الافريقي * هل لنا ان نسأل عن هوية الانسان الافريقي الذي تتحدثون عنه؟ ولتكن ارتيريا نموذجا, الا تتفق معي على ان السياسة حرمت هذا الانسان من هويته؟ ـ ارتيريا ليس فيها ازمة هوية حتى تطالب بهوية ماذا تريدون هنا؟ يا أخي انت تسأل اسئلة لا ادري من اين جئت بها والى ماذا ترمي من ورائها؟ نحن ليس لدينا ازمة هوية والناس اذا تحدثوا لانهم لم يكونوا يعلمون وهذه هي مشكلتهم هم واذا كان هناك حديث في بعض المنظمات العربية والافريقية فهي منظمات سياسية والانسان يدخل الى هذه المنظمات لتحقيق اغراض سياسية يعلمها هو ولكن الشعب الارتيري لا يعاني ازمة هوية وبسؤالك تحدثت عن ان السياسة حرمت الشعوب الافريقية من تحديد هويتها ليس ذلك صحيحا ان تفرض عليهم السياسة الانضمام لاحد المنظمات فمن الناحية المبدئية ارتيريا لا تعاني ازمة هوية حتى تبحث عن هوية اخرى وفيما يتعلق بالعروبة والاسلام, العرب متواجدون في ارتيريا والاسلام والمسيحية موجودان في ارتيريا, الافارقة ايضا في ارتيريا . ارتيريا هي تشكيلة تشابه التشكيلة السودانية لانها تحتضن الافارقة والعرب وهذه التشكيلة تواجدت خلال سنين عديدة وطويلة, هذه السلالات انصهرت مع بعضها وصارت عصارة واحدة هي الشعب الارتيري, فالشعب الارتيري له هويته الخاصة ولا يبحث عن هوية جديدة ثم الآخرين لا يمكن ان يبحثوا عن هوية للشعب الارتيري كما ان العروبة والاسلام ليسا بطاقات في جيب مجموعة محددة في العالم توزعها او تمنعها وهذه افكار في تقديري ذات سقف محدد للتعامل مع الناس وتخلق عراقيل للتعامل مع الناس وامام علاقات الشعوب والبشر وتجربتنا في هذا الموضوع تجربة غنية جدا فاذا كان لابد من الفصل بان هل تصير ارتيريا افريقية ـ ام عربية ـ نحن نقول ماذا يمنع ان نكون افارقة وعربا في آن واحد في هوية واحدة. هذه مواضيع فكرية عميقة جدا يجب ان لا نتعامل معها بشكل مبتور لانها تحتاج لفهم عميق مبني على دراسة متأنية. * حدثنا عن العلاقات السودانية ـ الارتيرية التي وصلت الى حافة الحرب قبل التطورات الاخيرة؟ ـ بالنسبة للعلاقة الارتيرية السودانية هي علاقة ذات امتدادات تاريخية ضاربة في القدم ويلزم ان اقول ان اقرب شعب للشعب الارتيري هو الشعب السوداني هذه حقيقة لا ينفيها اي ارتيري او سوداني والآن اذا دخل اي انسان علينا الآن لن يستطيع ان يحدد من الارتيري ومن السوداني منا, وهذا دليل على التقارب الطبيعي الموجود بين ارتيريا والسودان ثم اذا اردنا ان نتحدث عن العلاقات الرئيسية او لنقل عنها العلاقات الحديثة في ارتيريا والسودان يعتبر كل منهما عمقا للآخر فهناك علاقة مصالح وعلاقة قربى وعلاقة الى درجة ان الارتيري في السودان والسوداني في ارتيريا يجد ويحس بهويته كل منهما في البلد الثاني ولدرجة انه يمكن ان تكون هناك اسرة نصفها في السودان والنصف الآخر في ارتيريا والعكس كذلك. فالعلاقة بين الشعبين علاقة ازلية وستبقى ولم تقطع هذه العلاقة حتى في احلك الفترات. * قطعت ارتيريا علاقاتها بالسودان وساقت جملة من المبررات, هل انتفت تلك المبررات لتعود العلاقات الى طبيعتها؟ ـ من المشاكل التي كان فيها خلاف قضية تصدير الافكار الايديولوجية من بلد لآخر هذه كانت احدى الاسباب التي عقدت العلاقة بين البلدين, وفي تقديري الآن اذا رجعنا الى العداء وقيمنا صعب جدا ان نحدد اذا ما كان يمكن ان نتجنب قطع هذه العلاقة ام لا وهذا امر متروك للتاريخ ونحن الآن بصدد فتح صفحة جديدة وطي الصفحة الماضية, وبالذات في هذا الوقت فان الرجوع والتحدث او اتهام طرف لآخر بانه السبب في قطع العلاقة في تقديرنا لن يكون مفيدا في تطوير هذه العلاقة الى الامام فهناك اخطاء يجب تجنبها من الطرفين, وتقديري اننا بدأنا في اعادة العلاقة بين البلدين بناء على اتفاق (الدوحة) والجميل في اتفاق الدوحة نحن نسير بخطى ثابتة لاننا طبقنا ما نلتقي فيه وأجلنا ما اختلفنا عليه. خرق الاتفاق * اتهم بيان للخارجية الارتيرية, اثيوبيا بخرق الاتفاق الذي نص على (محاصرة النظام الاصولي في السودان) والآن نرى ارتيريا تسعى لاعادة علاقاتها مع الخرطوم, اين هذا من اتفاق محاصرة (النظام الاصولي) ؟ ـ ما في خرق ولا غيره نحن لدينا قناعة ومطمئنون للسياسة الخارجية السودانية في الوقت الحاضر بانها اصبحت تسعى الى حسن الجوار ليس مع ارتيريا واثيوبيا فقط بل مع كل الجيران, وبشكل عملي وواضح جدا خطت السياسة الخارجية السودانية خطوات جادة جدا وجدت القبول من كل دول المنطقة عربيا وافريقيا وعالميا والاطروحات السابقة اظنها قد عفا عليها الزمن. * هذا البيان كاد يعصف بمباحثاتكم في الخرطوم؟ ـ المباحثات السودانية الارتيرية لم تتناول هذا الموضوع بشكل رسمي على الاقل اطلاقا لان اللقاءات التي تمت هي امتداد للقاءات سابقة بناء على اتفاق (الدوحة) ولقاء الرئيسين البشير واسياسي في طرابلس والجزائر وزيارة وفد رفيع لارتيريا من الحكومة السودانية, فبالتالي المباحثات الارتيرية السودانية لم تتناول موضوع نطاق الحزام لمحاصرة السودان مطلقا, انما كان الناس يتناقشون في كيفية تعزيز هذه العلاقة وكيف يتحقق السلام والاستقرار للسودان والمنطقة بأكملها. * اذا عدنا لتأثير الحرب الارتيرية الاثيوبية على العلاقات السودانية الارتيرية فالناظر لهذه العلاقة يجد انها لم تتطور بشكل كبير الا بعد الحرب؟ ـ العلاقة الارتيرية السودانية ليس لها ارتباط مباشر فيما يتعلق بالحرب الاثيوبية الارتيرية, هذا لا يعني ان الحرب ليس لها تأثير سلبي على الاوضاع في السودان وما اظن ان الاخوة في الخرطوم يستبشرون بأن هناك حربا صارت بين ارتيريا واثيوبيا لاننا نعرف اكثر من غيرنا ماهو اثر هذه الحرب على السودان وخاصة ان الحرب بين ارتيريا واثيوبيا ليست جديدة فقد سبق ان استمرت هذه الحرب اربعين عاما والسودان عانى اكثر من غيره من تلك الحرب ونحن على قناعة من ان تفكير القيادة في السودان لن يكون بشكل (رب ضارة نافعة) او (مصائب قوم عند قوم فوائد) الاخوة في السودان لا يفكرون بهذه الشاكلة وهذا ما لمسناه تماما وبشكل جاد, ان القطيعة كانت لها مسبباتها وبذلت مساع جادة لتلافيها وعلى رأس تلك المساعي جهود أمير دولة قطر وايضا مساعي العقيد القذافي وتم بناء على تلك المساعي وكنتاج لها استئناف هذه العلاقة, ولرغبة البلدين في عودتها لان المتضرر من قطع هذه العلاقة كان هو الشعب الارتيري والشعب السوداني وفي تقديرنا ان هذه العودة لم تكن رد فعل لعودة علاقات اديس ابابا والخرطوم فالموضوع ليس (رد فعل) لان العلاقة الارتيرية السودانية لا تتحكم فيها سياسة ردود الافعال بين دولة ودولة لانه اذا كان الامر ينطلق من هذا المنطلق يعني انه اذا حدث فعل آخر من اثيوبيا ارتيريا ستراجع موقفها بناء على ذلك الفعل, الموضوع بعيد كل البعد عن هذا الامر. تراجع ارتيري * سبق ان تحدث الرئيس الارتيري انه سيسعى لاسقاط الحكم في الخرطوم طالما كان الشعب السوداني لا يتمتع بالحرية والديمقراطية, هل ترون الآن كافة الاسباب التي ذكرتموها في احاديثكم لاجهزة الاعلام قد زالت لتعود العلاقات بين اسمرا والخرطوم؟ ـ (بعد ان ظهرت عليه علامات الضيق والغضب بصورة واضحة) اجاب قائلا (النظام الموجود في الخرطوم قبل قطع العلاقات كانت لنا معه علاقة وطيدة مثلما تفضلت في احد اسئلتك, علاقة وطيدة جدا, الخيار السياسي لاي شعب هو الذي يحدده بنفسه ليس ارتيريا التي تحدد او تختار للشعب السوداني الكيفية التي يحكم نفسه بها وبالتالي المسألة هي كيف يتم التعايش بين مختلف الانظمة والافكار السياسية المختلفة ولنا تجربة في بداية نجاح الثورة التي كانت لنا علاقة وطيدة رغم تباين اطروحاتنا السياسية, وتعاون وتعايش وصل لدرجة الاستراتيجيات في مختلف القضايا الاخرى, حتى مبادرة (ايجاد) التي تسعى لاحلال السلام في السودان في بدايتها فكرة ارتيرية سودانية, الان فيما يتعلق عن الحديث حول الاسباب التي حالت دون تطور العلاقة سبق وذكرت ان هذا الموضوع متروك للتاريخ وحده, وقد وجدنا خلال زيارتنا الحالية للسودان وجدنا استعدادا من كل الاطراف سواء في الحكومة او القوى السياسية الاخرى المسجلة والمعارضة وطلبنا ان نلتقي بمختلف الفئات السياسية وما لمسناه هو الرغبة الجادة في ايجاد حل سياسي سلمي يمكن السودان من الاستقرار السياسي واستقرار السودان بما يعني استقرار المنطقة بأكملها واكدنا للجميع ان ارتيريا بما لها من امكانات وعلاقات مع مختلف الاطراف ستسعى لمساعدة اهل السودان في ايجاد حل سياسي شامل لمشكلة السودان. * ماذا عن ايواء الحكومة السودانية لفصائل ارتيرية معارضة؟ وماذا تم بشأنها؟ ـ (بغضب) اعفني من هذا السؤال. * اذا ماذا عن المعارضة السودانية في ارتيريا والتي تقود عملا عسكريا ضد الحكومة السودانية؟ ـ لا توجد معارضة سودانية مسلحة في الاراضي الارتيرية اطلاقا وهذا يمكن للسودان ان يتأكد منه بشكل واضح, المعارضة السودانية المسلحة موجودة في اراض سودانية هذه حقيقة واضحة, في تقديرنا ان العمل المسلح هو وسيلة ضغط لايجاد موقف تفاوضي او غيره ونحن نرى ان المشكلة مشكلة سياسية تخص اهل السودان وحدهم ومن ضمن الاشياء التي كنا نتناقش فيها ضرورة الاعتراف بالحقيقة اذا كنا جادين ونسعى لتوطيد علاقاتنا ونحقق الكلام الكبير الذي نحكيه الآن حول العلاقة الاستراتيجية بين السودان وارتيريا يجب ان نواجه الحقائق بشكل واضح يجب ان نعترف بانه لا يوجد تسلل من الاراضي الارتيرية للاراضي السودانية هذه حقيقة موضوعية موجودة, ولكن المعارضة هل تستطيع ان تفرض حلا عسكريا على الحكومة السودانية في تقديرنا مهما كانت قوة اي طرف لن يستطيع ان يفرض حلا عسكريا على الآخر, المسألة هي مسألة سياسية وتحتاج الى معالجة سياسية لكنا نطرح ونتناقش مع كل الاطراف في السودان وكل هذه الاطراف اذا طلبت من ارتيريا ان تلعب دورا محددا ارتيريا مستعدة وموقفها واضح جدا هي مع الحل السياسي الشامل وليس حلا جزئيا بين فئة وفئة او حزب وحكومة, المشكلة مشكلة سودانية والسودانيون هم الذين يحلونها. ولقد جلسنا مع كل الاطراف بغية الوصول الى بلورة رؤية محددة لتقديم اسهامنا في توصل السودان الى حل شامل يعيد الاستقرار اليه. * هل يعني هذا ان الحكومة الارتيرية اوقفت دعمها للمعارضة السودانية؟. عند هذا السؤال نهض عبدالله جابر غاضبا وانهى الحوار.

Email