أبناء آوى الجدد (2) ، هكذا فقد رمزي يوسف احدى عينيه حادث مرور عابر انقذ السفارة الاسرائيلية في بانكوك من التدمير

ت + ت - الحجم الطبيعي

من حق القارىء وهو يستعرض سطور كتاب (أبناء آوى الجدد) ويحاول قراءة ما بين السطور ان يسأل نفسه: ما الذي يحاول المؤلف سيمون ريف ان يقوله بالضبط؟ لماذا يجشم نفسه عناء التطرق الى تفاصيل بالغة الدقة ومغرقة في طابعها الفني وهو يسرد عملية وراء الاخرى من عمليات النسف والاغتيال والتدمير؟ وما هو الهدف الكلي او النهائي الذي يصب فيه نهر الكلام الذي يسبح بنا عبره؟ دعنا نتذكر اولا ان المؤلف يحاول اقناعنا بفكرة اساسية وهي ان جيلا جديدا من رجال الحركة السياسية على امتداد العالم قد ظهر, واعماله تدل على انه لايتردد في النظر الى العنف المطلق باعتباره اداته الاثيرة. هذا من الناحية الفكرية اما من الناحية الفنية المتعلقة بالوصول الى اقناع القارىء بسلامة هذا الطرح وصحته فإن المؤلف يعتمد حشدا من الاساليب من بينها اساليب صحافة التحقيقات التي تبني لوحة بانورامية للحدث بالمراكمة الشاقة للتفاصيل الدقيقة. ولقد رأينا ان المؤلف قد انطلق بنا اولا الى تحليل اطروحته الرئيسية, كم قدم لنا المثال الاول على اعمال هذا الجيل الجديد ونعني به عملية تفجير المركز التجاري العالمي في نيويورك التي قام بها رمزي يوسف وفريق المتعاونين معه. والان عندما يستأنف سيمون ريف مشواره معنا هنا, نجده يقف بنا مع رمزي تحت افق جيرسي سيتي وهو يتأمل الدخان ينبعث عاليا من المركز التجاري العالمي بنيويورك الى عنان السماء. لعنة اسمها الفلوس يبادر المؤلف, كأنما يقرأ خواطر رمزي يوسف في لحظة التأمل تلك, الى ان ما حدث بالفعل تحت آفاق نيويورك لم يكن هو بالضبط, ما خطط له المغامر الشاب, ففي اعتقاده انه لم يكن هناك الا سبيل واحد لتعرف امريكا انها تواجه حربا ضارية, وهذا السبيل هو ايقاع خسائر على ارضها تعادل تلك التي تكبدتها اليابان في هيروشيما ونجازاكي, ومن هنا كانت خطته نسف احد البرجين التوأم بحيث يتهاوى ويسقط على البرج الاخر مما يسبب خسائر في الارواح لا تقل عن ربع مليون نسمة في المجمع بكامله, ومن شأن عمل على هذا المستوى فحسب ان يلحق العقاب بأمريكا لما ترتكبه على امتداد العالم وبصفة خاصة لدعمها لاسرائيل وللمذابح التي ترتكبها ويروح ضحيتها الكثير من المسلمين. وقد اوشك هذا المخطط بالفعل على التحقق لان كل جانب من جوانب البرجين التوأم يقوم على دعامة تتألف من واحد وعشرين عمودا من الصلب, وقد حاول رمزي يوسف توجيه قوة الانفجار نحو هذه الاعمدة بايقاف السيارة الفان الملغومة بجوار الحائط الذي يحمي ربع الاعمدة الداعمة للبرج الاول, وهو المبنى الشمالي بالمجمع, كما انه صمم العبوة الناسفة بحيث يمكنها اختراق هذه الاعمدة, فالمواد شديدة الانفجار لها قوة اندفاع قدرها ثلاثة الاف قدم في الثانية الواحدة, وقد اعد رمزي يوسف العبوة بحيث تكون لها خمسة امثال قوة الاندفاع هذه, الامر الذي يعني ان الشخص الواقف في جنوبي منهاتن اذا تعرض لقوة الاندفاع هذه فإنها سوف تقذفه الى جيرسي سيتي في اقل من ثانية. وباقرار خبراء المتفجرات فإن رمزي يوسف كان عبقري متفجرات من طراز فريد, فقد زاد من القوة التدميرية لعبوته الناسفة باضافة ازيدات الالمنيوم وازيدات المغنسيوم اليها, وكذلك بتضمينها زجاجات من الهيدروجين الذي اشتراه من شركة ايه.جي.ال ويلدنج, ويكفي تذكر ان الانفجار دفع بدعامة شاتولية طولها 12 قدما تستخدم لربط الاعمدة الصلب معا فانطلقت هذه الدعامة التي يبلغ وزنها 14 الف رطل كالطلقة لتستقر على بعد 75 قدما من الأعمدة. لقد اهتز البرجان وتذبذبا في موضعهما, ولكن على الرغم من عنف الانفجار إلا انهما امتصا ضراوته ولم يتهاو أي منهما على الأرض أو على الآخر. وربما كان على سكان نيويورك ان يرفعوا الأكف إلى السماء شاكرين لأن جوانب أخرى من خطة رمزي يوسف لم تكلل بالنجاح, فقد ذكر بعض المحققين ان الرجل أدمج في العبوة الناسفة حاوية لسيانيد الصوديوم السام على أمل ان أنابيب التهوية سوف تمتصه وكذلك الدرج ومجاري المصاعد في البرج الشمالي, وكان ذلك يمكن لو حدث ان يرفع عدد القتلى إلى الالاف , ولكن الانفجار أحرق سيانيد الصوديوم بدلا من ان ينثره في أرجاء المبنى. ولكن ما الذي حصل بالضبط؟ ولماذا لم يتحقق ماخطط له (عبقري المتفجرات) حسب وصف الخبراء الأمريكيين؟ منذ قديم الزمان والناس يتحدثون عن الفلوس باعتبارها لعنة تتدخل لتفسد المشروعات ولتقطع على العباقرة طريق اضفاء المزيد من التألق على عبقرياتهم, وحالة رمزي يوسف ليست استثناء من هذه القاعدة. فقد أراد الرجل شراء المزيد من حاويات الهيدروجين لزيادة حجم العبوة الناسفة وجعلها أكثر فعالية, كما أراد كذلك استخدام غاز الهيدروكسايد وبحث امكانية شراء شاحنة بدلا من استئجار سيارة فان متوسطة الحجم لنقل العبوة الناسفة, ولكن هذه الخطوات كانت تقتضي انفاق المزيد من الفلوس, وهكذا فإن خططه لم يحبطها إلا الافتقار للمزيد من المال. تجنيد مخابرات العالم لم يقف رمزي يوسف طويلا يتأمل مشهد الدخان المتعالي إلى سماء نيويورك, فقد كان رجلا محترفا, ولهذا بالضبط لم يسمح لمشاعره بالسيطرة عليه, وانما انطلق إلى (دار آمنة) في جيرسي سيتي وحزم حقائبه وشق طريقه إلى مطار جون لنيدي واستأنف تأملاته على معقد في طائرة أقلته إلى كراتشي. لكن المشهد من الجانب الأمريكي كان أبعد ما يكون عن الهدوء, فقد انطلق تحذير من بروس هوفمان, خبير الارهاب في مؤسسة راندوم للأبحاث, والذي سيتولى بعد سنوات منصب مدير مركز دراسة الارهاب والعنف السياسي بجامعة سانت أندروز والذي قال في اطاره: (ربما كنا نتحدث الآن عن الطلقة الأولى في صراع جديد يواجه النظام العالمي الجديد) . من منظور السلطات الأمريكية, وسواء أكانت تلك هي الطلقة الأولى أو لم تكن, فإن منفذي عملية التفجير لابد من القاء القبض عليهم ومعرفة من يقف وراءهم. هكذا فإنه في العاشرة من صباح السبت 27 فبراير 1993, أي بعد 24 ساعة من التفجير, اجتمع ممثلون كبار لأكثر من اثنتي عشرة وكالة محلية واتحادية في قاعة المتابعة في 26 فيدرال بلازا, وهو ثاني أكبر مبنى اتحادي في الولايات المتحدة, حيث شهد الاجتماع ماريو كومو حاكم ولاية نيويورك, وراي كلي مفوض الشرطة, وجيمس فوكس من مكتب التحقيقات الاتحادي بالاضافة إلى مسئولين من الخدمة السرية التي تتولى حماية الرئيس الأمريكي ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية وسلطة الميناء وفرقة القنابل التابعة لشرطة نيويورك ومكتب النائب العام. وشأن أي عملية تفجير أخرى كان أول ما ينبغي القيام به هو الوصول إلى ما يعرف بـ (أرض الصفر) أي النقطة التي انطلق منها الانفجار بأسرع ما يمكن, وبدا للمجتمعين ان ذلك أمر يكاد يكون مستحيلا في ضوء نتائج الانفجار. لكن خطأ أقرب إلى المعجزة صادف المحققين في هذا الانفجار, ففي أي انفجار آخر يمكن ان تمر أسابيع وشهور قبل الوصول إلى ما يعرف بأرقام التعرف على السيارة, لأن محاولة الوصول إلىها تكون غالبا أقرب إلى محاولة الوصول إلى ابرة في كومة من القش, وكومة القش في هذه الحالة لم تكن إلا ستة آلاف طن من الحطام تدفقت إليها ملايين الجالونات من مياه المجاري. غير ان ضربة حظ أفضت إلى الوصول مبكرا إلى أرقام التعرف التي نقل الهيكل الذي يحملها إلى المختبر وسرعان ما تم الوصول إلى معرفة السيارة والشركة التي تقوم بتأجيرها. مرة أخرى ستظهر لعنة الفلوس في عملية التفجيرهذه, فقد تم تلقي مكالمة من الشركة التي أجرت السيارة تفيد ان محمد سلامة, الذي استأجر السيارة وقادها إلى المركز وأبلغ عن سرقتها, قد جاء لاسترداد مبلغ التأمين, فقيل له (فوت علينا بكرة) . والحكاية ان محمد سلامة, فيما يبدو كان يفتقر إلى المال فاستخدم آخر 65 دولارا معه لحجز تذكرة سفر لطفل على متن طائرة ستنطلق إلى الأردن عن طريق أمستردام في 5 مارس, والتذكرة تكفل له تأشيرة هولندية تلقائيا, ولكنه يظل بحاجة إلى الفلوس لنقل تذكرته من فئة الطفل إلى فئة الراشد, ولم يكن أمامه من سبيل لهذا إلا استرداد أموال التأمين باعتبار ان السيارة دمرها الانفجار ومن المستحيل التعرف عليها. ولكن هذا الافتراض الأخير هو الذي جعل الأصفاد تزين يديه لدى عودته لمقر شركة تأجير السيارات, وبتفتيشه عثر معه على بطاقة شخصية ورخصة قيادة وعناوين عدة أماكن أمكن عن طريق الهواتف الموجودة فيها رصد اتصالات مجموعة التفجير. وهكذا تم رصد مشاركة محمود أبو حليمة الذي كان قد سافر من نيويورك إلى السعودية بعد أربعة أيام من التفجير ومنها الى بلده مصر وفي اطار الاتصالات الأمريكية بأجهزة مخابرات عديدة على امتداد العالم للاستعانة بها في المطاردة فإنه حسبما يقول المؤلف: (قامت السلطات المصرية بعمل اللازم وأكثر) . وهو لا يفصح بالطبع, عن هذا (اللازم) الذي يقصده, ولكننا سرعان ما نعلم ان الرجل تم تسليمه للسلطات الأمريكية, ولدى وصوله بالسلامة إلى نيويورك كان آخرون من زملائه قد سبقوه إلى السجون الأمريكية, حيث تم القبض على نضال أياد الذي جلب المواد الكيماوية اللازمة لصنع العبوة الناسفة وذلك في العاشر من مارس, واعتقل أحمد عجاج وهو صديق لرمزي يوسف قدم النصح بشأن اعداد العبوة الناسفة. أما الغلطة الكبيرة فقد ارتكبها مكتب التحقيقات الفيدرالية عندما حقق رجاله مع عبدالله الياسين, وهو عراقي من خريجي سيتي كوليج بنيويورك, والذي أعرب عن صدمته ازاء ما حدث, وأعطى رجال المكتب عنوانا لمسكن في 40 بامرابو أمنيو بنيوجيرسي, والذي هاجموه في اليوم التالي, وقال انه علم سلامة قيادة السيارة الفان قبل أيام من وقوع التفجير, وتأثر رجال المكتب كثيرا بموقفه المتعاون والمفيد فشكروه, وأطلقوا سراحه, معتقدين انه إلى جانبهم كشاهد متعاون, ليعضوا بنان الندم بعد ذلك, حيث سافر الياسين إلى الأردن في اليوم التالي ومنه بالسيارة فورا إلى بغداد, وعندما صدر ضده قرار الاتهام بالاشتراك في مؤامرة تفجير المركز والمساعدة في اعداد العبوة الناسفة كان يعيش آمنا في سربه بالعراق, ولم يفلح أحد في الامساك به على الرغم من رصد مكافأة تبلغ خمسة ملايين دولار لمن يرشد عنه أو يساعد في القاء القبض عليه. لكن الياسين لم يكن اللاعب الكبير, فقد أشارت المقابلات التي أجريت مع سكان البنايات التي أقامت في المجموعة إلى وجود رجل غامض يدعى باسم (راشد) ربما كان الرأس المدبر للعملية, وهكذا برز رمزي يوسف ليؤرق كل من له علاقة بالتحقيق في التفجير. المطاردة كشف التحقيق عن ان رمزي يوسف انفق آلاف الدولارات في اتصالات هاتفية خلال الوقت الذي أمضاه في الولايات المتحدة مع أشخاص في الشرق الأوسط والفلبين وباكستان والمدهش ان سيمون ريف يقول ان السلطات الأمريكية لا تزال حتى اليوم تستخدم أرقام الهواتف هذه في عملياتها وتستفيد منها في مطاردة ما تسميه بـ (قوى الارهاب الدولي) . وبعد تحديد هوية رمزي يوسف باعتباره العقل المدبر للعملية تم تشكيل فريق من كبار محققي مكتب التحقيقات الفيدرالية, قسم إلى فرق فرعية بحيث تغطي مجموعة من المحققين كل متهم في العملية, ونال رمزي يوسف نصيبا وافرا حيث خصص له ستة محققين. ولكن في ذلك الوقت كان رمزي يوسف قد استقر لينال قسطا من الراحة في كيتا عاصمة مقاطعة بلوشستان الباكستانية, وعاد إلى حياته باسمه الحقيقي, وهو عبدالباسط كريم. مضى المحقق بمكتب التحقيقات الفيدرالية جون ليبكا في غضون ذلك ينفق أيامه مع فريق عمل هائل تابع له في ابرام تحالفات تكفل أكبر عدد ممكن من أجهزة مخابرات العالم للجهود الأمريكية في المطاردة, ومن هنا جاء تعاون رحمن مالك مدير وكالة التحقيقات الاتحادية الباكستانية مع الأمريكيين, حيث بعث بطائرة من طراز سي-130 مع فريق من ضباطه ومحققين أمريكيين من الخدمة السرية الدبلوماسية إلى دار رمزي يوسف في كيتا لاقتحامه, ولكن كم كانت خيبة (فريق الهجوم لدى اقتحام الدار عندما علموا ان الطائر قد حلق بعيدا عن العش وسبقهم بأربع وعشرين ساعة ماضيا إلى المجهول, وتركهم يضربون كفا على كف. هنا يلفت نظرنا, على الفور تقريبا, ان المؤلف يؤكد ان تحركات رمزي يوسف بعد مغادرته كيتا ظلت غامضة إلا ان مسئولين من الـ (سي. آي. ايه) ومصادر في المخابرات الباكستانية يقولون انه كان يختبئ في (دار آمنة) وانه تلقى التمويل من ممثلين كبيرين يتخذان كيتا مقرا لهما لأسامة بن لادن. غير ان المؤلف نفسه يعود ليقر بأن الصلة بين رمزي يوسف وبن لادن كانت على الدوام يسودها الغموض والاضطراب. رصاصة لبنازير من جديد يلفت نظرنا ان المؤلف (يزوغ) من القاء الضوء على الصلات التي يقول بأنها قائمة بين رمزي يوسف وبين أسامة بن لادن. ومن حق القارئ أن يسأل المؤلف: وماذا عن تأكيد أسامة بن لادن انه يعرف بوجود رمزي يوسف قبل انفجار نيويورك ولم يعلم بأمره بعد الانفجار إلا من أجهزة الاعلام؟ لكن المؤلف يهز كتفيه, ويتجنب الرد على هذا السؤال ويشغلنا بسرد فاصل جديد حافل بالأسرار من مسيرة رمزي يوسف وهو محاولته اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو قبيل الانتخابات التي حملتها إلى سدة السلطة. ولكن لماذا يحاول رمزي يوسف اغتيال بنازير بوتو؟ ما الذي يدفعه لذلك؟ وكيف يمكن أن تندرج عملية كهذه في اطار سلسلة عملياته التي يبدو لنا بوضوح انها موجهة إلى هدفين محددين هما واشنطن وتل أبيب؟ مرة أخرى لا يجيب سيمون ريف عن هذه الأسئلة بأي قدر من الوضوح أو القدرة على الاقناع, وهو يكتفي بالقول انه ليس من الواضح حتى الآن وبعد أن استقر رمزي يوسف في سجنه بالولايات المتحدة محكوما عليه بالسجن لمدة 240 عاما ما هي الجماعات أو الجماعات التي دفعت الرجل, أو دفعت له, حسب التعبير الذي يستخدمه المؤلف لكي يغتال بنازير, لكنه يذهب إلى القول, من دون أن يحدد مصدرا يستند إليه فيما يقوله, ان شخصا غامضا قدم لرمزي يوسف ثلاثة ملايين روبية باكستانية أي حوالي 68 ألف دولار أمريكي لتمويل عملية الاغتيال. أيا كان الأمر فإن المؤلف يشير إلى ان الخطوة الأولى التي قام بها رمزي يوسف كانت تجنيد اثنين من اصدقائه القدامى لمشاركته في هذه العملية, هما عبدالحكيم مراد, وهو طيار مدني نشأ مع رمزي يوسف في الكويت وكان يقيم في ذلك الوقت في باكستان, والثاني هو عبدالشكور وهو صديق تعود صداقته مع رمزي يوسف إلى الأيام الخوالي في الكويت. كانت خطة الاغتيال الأولى تقضي بوضع قنبلة ناسفة عند مدخل دار بنازير, وبالاستعانة بجهاز سوفييتي عتيق للتفجير عن بعد يقوم رمزي نفسه من خلال رصد حركة سيارة بنازير بالضغط على زر التفجير, وهو ما يعني ضرورة وجوده قرب الدار الكائنة في حي كليفتون المترف في كراتشي. في وقت مبكر من صبيحة يوم في أواخر يوليو 1993 ركن رمزي ومراد وعبدالشكور سيارتهم قرب الدار البيضاء في حي كليفتون وحملوا العبوة الناسفة إلى غطاء المجاري غير بعيد عن بوابة الدار التي قرروا وضع العبوة فيها, ولكنهم فوجئوا بسيارة شرطة دورية يسألهم رجالها عما يفعلونه, فزعموا بعد ان كانوا قد وضعوا العبوة بالفعل ان أحدهم سقطت مفاتيحه وانهم يبحثون عنها. وعلى الرغم من ان رجال الدورية قد ابتلعوا هذا التفسير, إلا ان رمزي خشي أن يعودوا لتفقد المكان فصمم على استرداد العبوة وابعادها إلى مكان آخر, ولكنه فيما كان جاثما على الأرض مجتذبا العبوة من المجاري انفجر بادئ الانفجار السوفييتي العتيق في وجهه مباشرة, وان لم تنفجر العبوة الرئيسية ذاتها, واندفعت شظايا دقيقة من المعدن فأصابت عينه اليسرى, وأغمي عليه في الحال, فحمله رفيقاه ليتلقى العلاج. غير ان ذلك لم يردعه عن محاولة الوصول إلى هدفه فبعد علاج استمر شهرين, وضع خطة جديدة للاغتيال في تجمع كان من المقرر أن تلقي فيه خطابا, ولم ينقذها من الموت برصاص بندقية قنص إلا ان البندقية لم تصل في موعدها المحدد إلى رمزي الذي كان سيقوم بالعملية بنفسه غير مبال بالمخاطر. الموت في بانكوك الصدفة وحدها انقذت الدبلوماسيين الاسرائيليين الموجودين في مقر القنصلية الاسرائيلية في بانكوك من موت محقق بفعل عبوة ناسفة هائلة أعدها رمزي يوسف. ولكنه قبل أن يروي لنا هذه القصة يوضح لنا ان الامريكيين قاموا بتنشيط ما يعرف باسم (برنامج الابطال) وهو برنامج لمنح النقود والاقامة في الولايات المتحدة وهويات جديدة لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال شخص مطلوب للسلطات الأمريكية, ولكن هذا التنشيط في حالة رمزي يوسف لم يؤد إلا إلى فشل جديد. في غضون ذلك كان رمزي يوسف قد انتهى من اعداد عبوته الناسفة في 11 مارس 1994 والتي استهدفت نسف مقر السفارة الاسرائيلية في بانكوك, ولكن سائق السيارة الملغومة وعند تقاطع رئيسي على بعد مئات من الأمتار من السيارة صدم سيارة أخرى وسائق تاكسي سيارة من النوع الذي يتحرك بآلية دراجة والمنتشر في أرجاء آسيا, وذلك في شتلوم رود وتحول المشهد إلى مسرحية من نوع الفارس عندما حاول السائق ترضية السائقين بمبالغ من العملات الأجنبية فاستلفت ذلك أنظار الفضوليين الذين تجمعوا لمشاهدة ما يجرى. وسمع في البعيد دوي صفارات سيارات الشرطة فلاذ السائق التعس بالفرار بعد أن استبد به الذعر. ونقلت الشرطة السيارة إلى مقر قيادتها وهناك اكتشفت العبوة الناسفة, ولكن في غضون ذلك كان رمزي يوسف قد شق طريقه إلى خارج تايلاند, ليستعد لبدء عمليات أخرى مدوية. ولكن ما الذي فعله الأمريكيون في غضون ذلك؟ وهل أدت شبكة المطاردة التي نشروها على امتداد العالم إلى الايقاع بطريدتهم؟ وما هي الضربة المقبلة التي مضى رمزي يوسف في الاعداد لها؟

Email