لم يعتد السوريون ان يشاهدوا رئيسهم بين ظهرانيهم في كل الأوقات يخالطهم ويستمع الى مشكلاتهم وهمومهم, الرئيس بشار الأسد قرر كسر هذه القاعدة فصار يفاجأ المواطنين بزيارات وجولات غير متوقعة الأمر الذي بات حديث مختلف الأوساط السورية على اختلاف مستوياتها. الأسبوع الماضي فاجأ بشار الأسد المصلين في جامع عبدالله الرفاعي الواقع في حي البرامكة بدمشق وهو يدخل الجامع فجأة ويأخذ مكانه في أحد الصفوف ليؤدي صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان مثله في ذلك كمثل أي مواطن عادي. تمثل عنصر المفاجأة والدهشة في الطريقة التي وصل ابها الرئيس بشار الأسد الى المسجد حيث داخل بلباس عادي ودون حرس أو مرافقة أو بروتوكول كما جرت العادة ان تجري مع رؤساء الجمهوريات الأمر الذي أذهل جموع المصلين والمواطنين الذين التفوا حوله وراحوا يتبادلون معه عبارات التحية والشكر والمحبة وكانت المفاجأة أكبر بالنسبة لمشاهدي التلفزيون السوري الذين لم يكن لديهم علم مسبق ان بشار سيصلي في الجامع هذا. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يفاجأ الرئيس السوري الشاب ابناء شعبه بموقف كهذا فقد سبق له الشهر الماضي ان وصل فجأة الى احدى دور المسرح في مدينة حلب شمال البلاد حيث كان يتم عرض مسرحية ذات مضمون وطني وقومي وذهل الحضور عندما اكتشفوا دون سابق إنذار ان رئيسهم يجلس بينهم وفي مقدمتهم وانه يتابع العرض المسرحي بحماس واهتمام وبين مصدق ومتوهم التف الجميع حول الرئيس وراحوا يحتفون بوجوده ويتبادلون معه أطراف الحديث وكان ذهول في صفوف الفنانين الذين كانوا يقدمون العرض المسرحي. وجرى حوار ونقاش مفتوحان بين الرئيس الشاب وجموع الفنانين والمشاهدين الذين أرادوا ان يتعرفوا على رئيسهم عن قرب وأن يتأملوا مليا في شخصيته وطريقة ادارته لأمور الحكم والبلاد وقد أحدثت هذه المفاجأة ردود فعل ايجابية للغاية لدى سكان مدينة حلب الذين سرعان ما تقاطروا الى مكان المسرح بعد ان عرفوا ان رئيس الجمهورية موجود فيه بلا حواجز ولا متاريس. وكان بشار وعد شعبه في خطاب القسم الدستوري الذي ألقاه أمام البرلمان بأن يظل قريباً منهم وملتصقاً بهم ويعيش همومهم ومشكلاتهم عن كثب وبطريقة الاتصال المباشر والبعد تماماً عن مظاهر الرسميات والبروتوكول. وبالفعل بدأ الرئيس السوري ينفذ وعده ويقوم بزيارات ميدانية للأماكن العامة من أجل تحقيق التواصل المباشر مع ابناء شعبه. وتؤكد المصادر السورية المطلقة ان بشار قام ويقوم بالعديد من الزيارات الميدانية لمواقع العمل والانتاج وسجل أكثر من مفاجأة على هذا الصعيد حتى ان المسئولين على اختلاف مواقعهم ومستوياتهم باتوا يتوقعون قدومه اليهم الذي كان يعاني من الروتين والتعقيد والبيروقراطية في أية ساعة وأدت هذه الطريقة في الحكم الى زيادة الاحساس بالمسئولية لدى المسئولين والمواطنين على السواء حيث بات الجميع يتصرفون بصورة متميزة في التواصل مع قضايا المواطنين ومشكلات الشعب العامة والخاصة. وكان الرئيس بشار الأسد قد طلب من الوزراء وكبار المسئولين في الدولة تخصيص أيام محددة في الأسبوع من أجل استقبال المواطنين والتعرف على مشكلاتهم والعمل على حلها والتصدي للقضايا العامة والخاصة التي تواجههم. وبالفعل بادرت كل وزارة ومؤسسة حكومية الى تحديد يوم أو أكثر في الأسبوع لاستقبال كل المواطنين والمراجعين والاطلاع على ما لديهم من مشاكل وقضايا والمبادرة الى حلها مباشرة اذا كان ذلك ممكناً من الناحية العملية وبات هذا السلوك السمة المميزة للعمل الاداري في سوريا. وتجمع الأوساط السورية على ان بشار يعتزم افتتاح مكتب في قصر الرئاسة لتلقي شكاوى المواطنين ويحاول ان يرسي دعائم طريقة جديدة في الحكم تقوم على مبدأ الحوار والاتصال المباشر بين المواطن والمسئول ويبدو ان هذه الطريقة تجمع بين الحزم والجدية من جهة ومراعاة مصالح الشعب وحقوق المواطنين من جهة أخرى.
