الجيش يقلل من شأن الدعم الأمريكي لقرنق، اجماع نادر في الخرطوم على رفض تصريحات اولبرايت

ت + ت - الحجم الطبيعي

في موقف جماعي نادر اتخذت الحكومة السودانية ومعارضيها بالداخل موقفا موحدا برفض تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية التي ادلت بها في نيروبي قبل وبعد اجتماعها بزعيم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) العقيد جون قرنق معلنة من خلالها تكثيف دعم بلادها للحركة . واعلن قياديون من الطرفين (الحكومة ـ المعارضة) رفضهم الكامل للموقف الامريكي الذي اجمعوا على انه يهدف الى فصل الجنوب عن الشمال بيد ان الطرفين تبادلا الاتهامات فيما يتعلق بتحمل مسئولية التكالب الدولي على البلاد ومسئولية تدويل القضايا السودانية. وبالرغم من الموقف الموحد الرافض للنوايا الامريكية الا ان دوافع هذا الرفض بدت متباينة. ففيما تتحدث القيادات الحكومية عن موقف الادارة الامريكية الهادف لاسقاط الحكومة تحدثت قيادات المعارضة عن رفضها للموقف الامريكي على اعتبار انه سيناريو مفروض من الخارج ولايوافق هوى السودانيين, على حد تعبير بعضهم, ومن جهتها اعلنت القوات المسلحة السودانية على لسان الناطق الرسمي باسمها استعدادها الكامل للذود عن البلاد. وقال الفريق الركن محمد عثمان يسن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني لـ (البيان) ان الموقف الامريكي ليس بجديد وكل ما هنالك ان امريكا نقلت موقفها من السر الى العلن وهذا بالنسبة لنا كعسكريين لاجديد فيه والامر متروك لاخواننا (في وزارة الخارجية) وطبقا لقول الناطق الرسمي فان حركة قرنق لن تستطيع فعل اي شيء لانها لم تعد قادرة على ذلك ونفى الناطق الرسمي خلافا لما تردد ان تكون القوات المسلحة قد رصدت اي حشود على الحدود الاوغندية السودانية وزاد: نحن على حسب قراءتنا للموقف فان الحركة ستظل عاجزة رغم الدعم الامريكي الذي اعلن. وجدد الناطق الرسمي في ختام تصريحه لـ (البيان) التزام الجيش السوداني بوقف اطلاق النار المعلن من قبل الحكومة السودانية مشيرا الى التأمين الكامل المفروض على جميع خطوط النقل والانتاج والتصدير لخام البترول السوداني. وفي الاوساط الحكومية السياسية قال محمد الحسن الامين امين دائرة القوى الشعبية عضو هيئة قيادة الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) ان امريكا ظلت منذ قيام هذه الحكومة تسعى الى تطويقها واسقاطها بكل السبل التي تتوافر لها فقد سعت الى ذلك من خلال المنظمات الدولية وكانت نتيجة لذلك مجموعة من القرارات التي صدرت من مجلس الامن في الفترة السابقة وعندما فشلت على هذا الصعيد لجأت الى دعم قوات قرنق سرا, وهاهي وزيرة خارجية امريكا تعلنها على رؤوس الاشهاد بان بلادها ستدعم قرنق في كل المجالات العسكرية والسياسية واردف الامين قائلا الآن بات على المعارضة الشمالية ان تحدد موقفها من حركة قرنق التي تؤكد انها لن تسعى للحل السلمي او الحل السياسي. من جانبه هدد حسن عثمان رزق امين دائرة الاتصال والتنظيم بالحزب الحاكم بان المواقف الامريكية المتشددة تجاه السودان ستدفع السودانيين بالضرورة الى ان يتخذوا مواقف اكثر تشددا تجاه مصالح امريكا سواء داخل السودان, ان وجدت او خارجه, وطالب رزق من اسماهم بالعقلاء داخل امريكا بدفع الحكومة الامريكية الى مراجعة مواقفها تجاه السودان مشيرا الى ان امريكا تسعى لفصل الجنوب عن الشمال. وعلى النقيض مما ذهب اليه المسئولان الكبيران في الحزب الحاكم نشرت صحف الخرطوم الصادرة امس تصريحا للدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني اكد فيه ترحيبه بان تلعب امريكا دورا ايجابيا في عملية السلام الجارية وقال مصطفى عثمان الذي بدا متشككا في ان تقوم الولايات المتحدة بهذا الدور (ان اعلان الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها استعدادها للتوسط بين الحكومة وحركة التمرد اذا كان يهدف الى اعلان توجه جديد في السياسة الامريكية تجاه السودان وتجاه مشكلة الجنوب فهو جدير بان ينظر اليه نظرة ايجابية. واضاف نحن ظللنا نؤكد بان الادارة الامريكية يمكنها ان تلعب دورا كبيرا وهاما في قضايا السودان وخاصة مشكلة الجنوب اذا ماتدخلت تدخلا ايجابيا. ولوحظ ان الوزير السوداني تجنب التعليق على الجانب الآخر من تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية التي اعلنت فيها تكثيف الدعم الذي تقدمه بلادها للحركة الشعبية لتحرير السودان. اما الاوساط المعارضة بالداخل فقد اجمعت بالكامل على رفض التصريحات التي ادلت بها وزيرة الخارجية الامريكية واعتبرتها بداية للتدخل الاجنبي في السودان واعلن غازي سليمان القيادي الناشط في معارضة الداخل رئيس المكتب السياسي لجبهة القوى الديمقراطية المعروفة اختصارا (جاد) استعداد حزبه لتحريك قواعده للوقوف ضد اي محاولات للتدخل الاجنبي في السودان وقال غازي ان تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية لم تكن موفقة ولكنها لاتهمنا في شىء لاننا نحن في المعارضة السودانية ملتزمون بالمبادرة الليبية المصرية ونعد اي حديث من الادارة الامريكية يهدف الى تقويض هذه المبادرة تدخلا غير ايجابي في الشأن السوداني. واضاف غازي متحدثا لـ (البيان) ان على الحكومة ان تسرع الخطى نحو الحل السلمي الديمقراطي حتى لاتتحمل المسئولية التاريخية في تقسيم السودان. اما علي محمود حسنين القيادي البارز بالحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تزعمه محمد عثمان الميرغني رئيس تجمع المعارضة بالمنفى فقد اتهم وزيرة الخارجية الامريكية بانها تسعى الى تفكيك وحدة التجمع الوطني بتصريحاتها الاخيرة, وشدد حسنين على ضرورة ان تقوم الادارة الامريكية بدور ايجابي لحل قضايا السودان بكاملها دون تجزئة مشيرا الى ان اي مسعى لفصل القضايا السودانية عن بعضها البعض يعني وبوضوح السعي نحو تجزئة البلاد وحمل حسنين الحكومة مسئولية التدخل الامريكي في الشأن السوداني. وقال: السيناريوهات المفروضة من الخارج كانت السبب الرئيسي فيها الحكومة لانها تلكأت في تحقيق الحل السلمي الديمقراطي ورفضت ان تلتزم باعلان طرابلس, المتوازن الذي صدر عن المعارضة السودانية. وفي دوائر حزب الامة المعارض شدد الشيخ عبدالمحمود ابو الامين العام لهيئة شئون الانصار القاعدة الدينية للحزب الذي يتزعمه الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق على ضرورة استباق الاحداث وتحقيق الحل السلمي الذي يقطع الطريق امام السيناريوهات الخارجية التي تفرض حلولا بعيدة عن رغبة السودانيين وقال الشيخ ابو لـ (البيان) ان الحكومة مطالبة اكثر من غيرها بالسعي الجاد نحو الحوار ودفع عملية الوفاق. الخرطوم : عثمان فضل الله

Email