صدر في اعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة, منذ ما يقرب من نصف القرن العديد من الابحاث والدراسات الجادة, تناولت موضوع الهجرة والمهاجرين بالبحث والتحليل, لكنها وضعت في معظمها في الغرب , ونادرا ما صدرت دراسة شاملة ووافية عربية عن هذا الموضوع الحساس والمثقل بالرهانات. والهجرة موضوع اثارته الحملات الانتخابية, خاصة بالنسبة لقوى اليمين المتطرف والمتميزة بعنصريتها في أوروبا, انطلاقا من الاهتمام بجانبيه السلبي والايجابي. واهتمت المنظمات الدولية والانسانية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان وحمايتها, بهذا الموضوع واولته عنايتها وكرست له العديد من الندوات والمؤتمرات. فأقرت الأمم المتحدة مشروع اتفاقية دولية اهتمت بشؤون العمال المهاجرين وحقوقهم وعوائلهم عام ,1990 وبعد ذلك بعام نظم المؤتمر الأول للهجرة في روما عام ,1991 وناقشت اوروبا هذا الموضوع الذي يهمها عن قرب لانها تعايشه يوميا وعلى كافة الاصعدة, فوحدت سياساتها تجاه الهجرة وقوانينها. لكن هجرة اخرى برزت لها.. تلك هي هجرة العقول والأدمغة والكفاءات المؤسسة والمشاركة في برامج التنمية والتطور التقني والحضاري في البلدان النامية خاصة العربية. فكم يبلغ عدد المهاجرين, وما هي مراكز تجمعاتهم ونسبتهم ومدى تأثرهم وتأثيرهم في السياسات العامة لأوروبا؟ هذا التحقيق يعرض بالارقام والتفاصيل موضوعه الهجرة. أوروبا تعدل قوانينها لمكافحة الهجرة والمتسللون يعدلون خططهم ثلاثة أجيال عربية ضائعة بين المنبت والمهجر سبعة ملايين عربي هربوا من البطالة إلى المجهول باريس ــ شاكر نوري, د. طلعت شاهين: يعود تاريخ الهجرة العربية إلى أوروبا إلى بدايات الاحتكاك الحضاري بين الجماعتين الأوروبية والعربية خاصة في الحقبة الاستعمارية الأولى التي هيمنت فيها أوروبا على مقدرات العالم العربية. فهناك مهاجرون عرب قانونيون أي يقيمون بصورة قانونية ويحملون بطاقات اقامة طويلة المدى جاءوا إلى البلدان الأوروبية بموجب عقود عمل مبرمة بين بلدان الهجرة وبلدان الأصل, خاصة دول المغرب العربي. وهناك في الآونة الأخيرة العديد من العمال العرب المهاجرين ولكن بصورة غير قانونية فقد تسللوا أو دخلوا إلى البلدان الأوروبية بتأشيرات سياحية ولم يغادروا بعد انتهاء تأشيراتهم وصاروا يعملون بالسر (العم لالاسود) ويتعرضون لكثير من المخاطر والاستغلال. وهناك فئة من المهاجرين كانت في الأصل تمثل مجموعة من الطلاب - سواء المبعوثين أو الذين يدرسون على حسابهم الخاص - ممن فضل البقاء والعمل في دول المهجر التي درسوا فيها. وهناك فئة أخرى هي فئة اللاجئين لأسباب سياسية أو اقتصادية أو إنسانية نظرا لصعوبة العيش في بلدانهم الأصلية بسبب الكوارث والحروب والأنظمة الاستبدادية. ومن هؤلاء من يقيم بصورة شرعية, ومنهم من ينتظر الموافقة على منحه حق اللجوء السياسي الذي يستغرق وقتا طويلا, ومنهم من يعتبر نفسه لاجئا وان كان يقيم بصورة غير مشروعة ولا تتوفر احصائيات دقيقة عن أعدادهم. فبالنسبة للمهاجرين العرب المقيمين بصورة قانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل عددهم إلى حوالي المليونين ونصف المليون حسب احصائية أجريت عام 1993. بلغت نسبة الجاليات العربية في دول الاتحاد الأوروبي حوالي 3.21% من مجموع المهاجرين غير الأوروبيين, و30% من مجموع المهاجرين, ويتساوى عدد المهاجرين العرب مع المهاجرين الأتراك تقريبا في دول الاتحاد الأوروبي. يعمل المهاجرون العرب في كل القطاعات والمهن التي لا تتناسب بالضرورة مع اختصاصاتهم وكفاءاتهم وتفيد احصاءات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ان عدد المهاجرين في قطاع الصناعات المعملية قد انخفض في الآونة الأخيرة عكس ما كان عليه في سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات, وازداد في قطاع الخدمات وتأثر الكثير من العمال العرب المهاجرين بأزمة البطالة الحادة التي تعصف بالبلدان الأوروبية, وان نسبة كبيرة منهم اتجهت للأعمال الحرة بعد أن كانوا يعملون كأجراء في مختلف القطاعات. ومنهم من يعمل في قطاع البناء والصناعات الغذائية والتجارة المتنقلة والنقل والمطاعم. بينما بلغ عدد اللاجئين العرب إلى الدول الأوروبية 36064 ممن يحملون بطاقة اللجوء وينتمون إلى ست دول عربية في غالبيتهم الساحقة وهي الجزائر والصومال والعراق ولبنان وموريتانيا والسودان. يقدر عدد المهاجرين العرب غير القانونيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي بـ6.2 مليون شخص في بداية التسعينات وقد تضاعف هذا الرقم تقريبا حتى أواسط عام 1999 من بينهم 540 ألفا من المغاربة أي خمس المهاجرين المقيمين بصورة غير قانونية ويتمركز جلهم في دول الجنوب الأوروبي أي ايطاليا واسبانيا وجنوب فرنسا واليونان والبرتغال وتحتل ايطاليا المرتبة الأولى من بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث عدد المهاجرين من ذوي الأوضاع غير القانونية والذين يبلغ عددهم حوالي 4.1 مليون شخص في بداية التسعينات وذلك بحكم الموقع الجغرافي الذي تحتله ايطاليا فهي أقرب الدول الأوروبية بعد اسبانيا إلى بلدان المغرب العربي وهي الممر الأصلي لمعظم المهاجرين المتسللين وهي معروفة بأهمية وضخامة القطاع الاقتصادي الاسود غير المنظم وبوجود السوق السوداء للعمل وخضوعه لنشاطات المافيا فحسب المصادر المذكورة مثل CENSIS ROME 1995 فإن عدد 57% من العمال العرب المهاجرين المقيمين في ايطاليا يقيمون في أوضاع غير قانونية وتصل نسبتهم إلى 80% في قطاع الفلاحة وفي الأرياف. وتجد الاشارة إلى اننا يجب أن نضيف نسبة العرب الحاملين للجنسيات الأوروبية في بلدان الاقامة فقد بلغ عدد المتجنسين في دول الاتحاد الأوروبي حتى بداية التسعينات 247889 وبالتحديد بين 1980 إلى 1993. حلم العودة الضائع لقد تغيرت طبيعة الهجرة وتعرضت لتحول نوعي مهم فالكثير من المهاجرين الأجانب حولوا طبيعة اقاماتهم من عامل مهاجر هجرة مؤقتة وفق عقد عمل محدد إلى اقامة دائمة واستقرار. وبالرغم من توقف الهجرة رسميا إلى فرنسا في بداية السبعينات اثر الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن ارتفاع أسعار النفط في العالم الا انها لم تنقطع تماما بل تواصلت بأشكال أخرى من خلال التجمع العائلي وجلب الأقارب والزواج المختلط والتسلل غير القانوني والمخالفة القانونية بعد انتهاء تأشيرات السياحة وغيرها من الأساليب. كان الغرض الأساسي من هجرة الأيدي العاملة العربية هو العمل وادخار مبلغ من المال للعودة وبدء مشاريع في البلد الأم وخلق مكانة اجتماعية أفضل من السابق. لكن غالبية المهاجرين اكتشفوا بعد ذلك ان الهجرة طالت ونشأ جيل ثان وثالث من الابناء الذين يعتبرون أنفسهم فرنسيين بالولادة والمنشأ والتربية والتعليم واللغة والثقافة, فعمدت أعداد كبيرة من المهاجرين إلى تثبيت أوضاعها والحصول على أكبر قدر ممكن من المساعدات وجلب أكبر عدد ممكن من أفراد العائلة وادخال ما يمكن ادخاله من أبناء الحي والقرية والمدينة التي ينتمي لها العامل المهاجر عن طريق الهجرة المقنعة وارتفع عدد المهاجرين المقيمين في البلدان الأوروبية رسميا من 1416000 ألف عام 1982 إلى 1740000 ألف في سنة 1984 ثم تضاعف هذا العدد إلى ثلاث مرات في الفترة الواقعة بين 1981 و1991 ثم تضاعف أربع مرات أخرى بين 1991 و1999. وبالرغم من الفائدة الآنية التي جناها العمال المهاجرون من هذه التغيرات الا ان انعكاسات سلبية ترتبت عليها وأثرت في أحوال وحياة المهاجرين كان على رأسها تفاقم المشاعر والمسلكيات العنصرية. فإلى جانب تزايد عدد العمال غير القانونيين الذين يعملون في ظروف سيئة للغاية ويتعرضون لأسوأ أنواع الاستغلال ولا يتمتعون كأسلافهم بمواصفات التعاقد المسبق المزكى من قبل الحكومات, برزت فيما بعد انعكاسات سلبية نجمت عن عمليات لمّ شمل العوائل كازدياد الأعباء العائلية وخلق نوع من الغيتوهات أو التجمعات السكنية المحتكرة أو المقصورة على الأجانب والمهملة إداريا والتي صارت تسمى ازدراء بـ (Les Cite's) , المدن الشبحية. وأمام ضغط الاحتياجات المادية اضطرت النسوة والأطفال الى ترك المدارس والبيوت للعمل لتحسين دخل الأسرة ومواجهة البطالة المتفشية بين صفوف المهاجرين. ارتفع معدل البطالة في فرنسا بين المهاجرين المغاربة عام 1980 إلى 13%, وارتفع إلى 30% عام 1992 وتضاعف إلى 45% عام 1999 كما ارتفع معدل النساء العاملات من المهاجرات إلى 4.38% من الجزائريات, و4.49% من المغربيات, و9.50% من التونسيات. تولدت صعوبات أخرى لدى الأسر المهاجرة تتعلق بالمستوى الدراسي والتعليمي لدى التلاميذ من أصل أجنبي فواجه الأطفال الذين التحقوا بآبائهم في سن صغيرة صعوبات في التأقلم واتقان اللغة واجتيازات الامتحانات والاختبارات لمواصلة الدراسة في المعاهد والثانويات والكليات العالية مما دفع الكثير منهم إلى ترك الدراسة واختيار العمل في المهن الحرة والأعمال العالية مما دفع الكثير منهم إلى ترك الدراسة واختيار العمل في المهن الحرة والأعمال اليدوية أو اختيار الشعب المهنية والدورات التدريبية. ففي المرحلة الأولى من التعليم الثانوي كانت نسبة التلاميذ عند الفرنسيين 4.59 وعند الجزائريين 5.,60 وعند المغاربة 5.,26 وعند التونسيين 2.65. أما في المرحلة الثانية من التعليم المهني فبلغ عند الفرنسيين 8.14 وعند الجزائريين 4.24 وعند المغاربة 2.21 وعند التونسيين 5.19. أما في المرحلة الثالثة وهي الاعداد للتعليم العالي فبلغت عند الفرنسيين 2.23 وعند الجزائريين 7.10 وعند المغاربة 8.10 وعند التونسيين 7.11 أما معدل باقي الجنسيات من المهاجرين فكانت كالتالي: المرحلة الأولى للتعليم الثانوي 8.,60 المرحلة الثانية للتعليم المهني 6.,21 والمرحلة الثالثة لاعداد التعليم العالي 2.13. وفي بحث أجرته منظمة العمل العربية سنة 1990 في فرنسا تعرض 60% من التلاميذ المغاربيين إلى الرسوب بسبب قلة المامهم باللغة الفرنسية كما ان نصف الأطفال في سن الدراسة يتابعون دروسا خاصة لتعلم اللغة العربية والنصف الآخر لا يعرف شيئا عن اللغة الأم لآبائهم وأجدادهم. انسلاخ الأبناء وضياع التقاليد هذا يجرنا إلى موضوع شائك وخطير يتعلق بنسيان وانمحاء اللغة العربية لدى الأجيال المقبلة من أبناء المهاجرين. فتبعا لدراسة قام بها المعهد الوطني الفرنسي للاحصاء ومعهد الدراسات السكانية في فرنسا عام 1992 تبين ان حوالي 70% من الآباء الجزائريين و54% من الأمهات الجزائريات يتكلمون مع أبنائهم باللغة الفرنسية حتى وان كانوا لا يجيدونها وبنفس النسب تقريبا أو أقل بقليل مع الآباء والأمهات المغاربة والتونسيين مما خلق حالة من الضياغ اللغوي لدى الجيلين الثاني والثالث فالغالبية الساحقة منهم لا تقرأ ولا تكتب اللغة العربية ويتحدث جزء قليل منهم لهجة البلد الأصلي لأهله بصورة سيئة لضرورة التخاطب مع الآباء والأمهات الذين لا يتحدثون الفرنسية ولا يفهمون من أبنائهم شيئا وبالتالي أصبح الجيل الثاني والثالث من الأجيال المهمشة التي لا تنتمي إلى ثقافة الأبوين إلى جانب شعوره في الغربة في بلد الاقامة والولادة والتربية حيث يشعر بالعنصرية والتمييز العنصري والعرقي تجاهه مما ولد لديه احباطات وردود فعل سلبية تجاه السكان الأصليين في بلد الاقامة. ونظرا لاختلاف وتباين نظام العيش الحياتي والايقاع اليومي للأسر العربية المهاجرة مع الأسر الأوروبية التي اضطرت للاقامة بصورة متجاورة معها خلق حالة من التوتر وجعلها عرضة للانتقاد والتذمر لانها لا تنسج مع نمط الحياة الأوروبي لا في الملبس ولا في المأكل وتتبع أسلوبا حياتيا يتنافر مع تقاليد بلدان الاقامة خاصة عندما تصر الأسر العربية الاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية وتنظيم الأفراح التقليدية والشعبية كالزواج والختان وارتداء الملابس التقليدية والحجاب الذي ارتدته بعض الفتيات المسلمات في المدارس الفرنسية وأثار ضجة منذ عام 1990 الى يومنا هذا وتحولت القضية إلى قضية وطنية تدخلت فيها محكمة الدولة العليا لحسمها ولم تحسم بعد لغاية أواسط عام 1999 إذ ما زالت تثير الكثير من الجدل والسجال السياسي والاجتماعي والثقافي. بل استغلت بعض وسائل الاعلام المغرضة والموالية للصهيونية أو الواقعة تحت تأثير اللوبي الصهيوني هذا الموضوع وبالغت به لاثارة الرأي العام الأوروبي وتعبئته وشحنه ضد المهاجرين العرب والمسلمين. لقد تدهورت أوضاع العرب والمسلمين أكثر فأكثر في بلدان الهجرة وزادت صعوبات وظروف العيش وولدت مشاكل جمة للأسر التقليدية التي رأت تقليص وانحسار سلطة الأبوين وانفلات جزء غير يسير من أبناء الجيلين الثاني ولثالث في ظل القوانين الأوروبية التي تحرر الأطفال من سلطة الأهل في سن مبكرة وخاصة بالنسبة للفتيات مما خلق عددا من المآسي الأخلاقية لديهن. إلى ذلك ارتفع عدد المنحرفين والضالين من أصل عربي في أوروبا في الآونة الأخيرة فكانت نسبتهم عام 1990 حوالي 7.,29 وفي عام 1991 حوالي 4.,30 وفي عام 1992 حوالي 6.,60 وازدادت نسبة الاجرام لدى المهاجرين فوصلت عام 1999 إلى 4.72 وأغلب السجناء في السجون الأوروبية والفرنسية بشكل خاص من أصل أجنبي. سياسات اوروبا بين الاندماج والمكافحة تتبع البلدان الاوروبية عدة سياسات لاحتواء ظاهرة الهجرة وتفاقمها منها التشجيع على العودة وتقديم المساعدات المالية لذلك, وتقديم المساعدة لتسريع وتسهيل عملية الاندماج والحد من عمليات التجمع العائلي إلا وفق ظروف صعبة وشبع تعجيزية وتشديد الرقابة على الدخول والاقامة ومنح تأشيرات الدخول والحد من الحقوق الاساسية للمهاجرين وحرمانهم من بعض الامتيازات القانونية والنقابية والتمييز في العمل والرواتب بين المهاجرين وبين السكان الاصليين بصورة غير رسمية. لم تنجح سياسة التشجيع على العودة التي انتهجتها الدول الاوروبية, ذلك لان الكثير ممن وافقوا عليها استلموا مبالغ مالية وعادوا بها الى بلدانهم لاقامة مشاريع ثم رجعوا بصورة غير قانونية متسللين الى البلدان الاوروبية التي عاشوا فيها سنين طويلة لممارسة حياتهم الطبيعية ولكن بدون اوراق اقامة رسمية ولم تتجاوز نسبة الـ 10% من المهاجرين العرب الذي وافقوا على اجراءات العودة بأخذ مبالغ معينة هي تصفية لحقوقهم القانونية في البطالة والتقاعد والمساعدات العائلية عن سنين العمل المتبقية للعامل قبل سن التقاعد. لكن العملية فشلت وحتى نسبة العشرة بالمئة من المغادرين عادت بطرق ملتوية لتقيم في اوروبا, اما سياسة الاندماج فقد نجحت بصورة نسبية خاصة بين الاجيال التي وصلت الى اوروبا في اعمار صغيرة او ولدت في البلدان الاوروبية وترعرت فيها وقد حصل عدد كبير منهم على جنسيات البلدان الاوروبية التي يعيشون فيها فهناك اكثر من ربع مليون مهاجر عربي 250 الفا حصلوا على الجنسيات الاوروبية بين 1983 و1993, إلا ان الحصول على الجنسية لا يعني بالضرورة التخلي عن الجنسية الأصلية او شرط لاندماج كامل في المجتمع الاوروبي المانح للجنسية, ان اول شروط الاندماج هو الشعور بالمساواة التامة مع المواطنين الاصليين الحاملين لنفس الجنسية وهذا ما لمن يتحقق تماما في العديد من البلدان الاوروبية فأغلب الجزائريين المولودين في فرنسا والذين تبلغ اعمارهم بين 20 و29 سنة من المتخرجين من المدارس الفرنسية ظلوا عاطلين عن العمل بعد مضي سنة او اكثر على تخرجهم وان الاندماج التربوي والتعليمي لا يعني بالضرورة اندماج اجتماعي كما جاء ذلك في كتاب لاحد الباحثين الاجتماعيين الفرنسيين بعنوان العنصرية في العمل اذ يقول الباحث فيليب باتاي في كتابه المذكور الصادر عام 1997 (مهما بذل الشباب من ابناء المهاجرين من جهد لتحصيل مستوى دراسي وثقافي رفيع إلا ان جهدهم يظل بلا اعتراف من جانب المجتمع) . وبالرغم من فتح الحدود بين دول الاتحاد الاوروبي إلا ان اتفاقية شينجن نصت على انه اذا رفضت اقامة اجنبي في اي بلد اوروبي فلن يكون بوسعه طلبها او الحصول علىها من اي بلد آخر من بلدان الاتحاد الاوروبي, وتم تشديد شروط واجراءات جمع او لم الشمل العائلي بالرغم من كونه حقا اساسيا من حقوق الانسان كما ورد في الفقرة 23 من المعاهدة الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والفقرة 8 من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان. تضاعفت عمليات الطرد للاجانب الذين لا يحملون بطاقات اقامة شرعية وعمدت الحكومات الاوروبية الى مراجعة قوانينها بهذا الصدد وتم ترحيل آلاف من المهاجرين الافارقة والمغربيين بصورة قسرية, كما منحت بعض الدول الاوروبية لرؤساء البلديات الحق في الامتناع عن منح موافقة تزويج المهاجر غير القانوني من اي مواطن او مواطنة من بلد اوروبي بل ويمكنه رفض زواج المواطن او المواطنة من الاجنبي المقيم بصورة شرعية وقانونية اذا كان هناك شك في حقيقة واهداف وغايات مثل هذا الزواج بذريعة محاربة صفقات الزواج الابيض التي تتم بسرية مقابل مبالغ طائلة بغية الحصول على اوراق اقامة وتجنس. ساهمت وسائل الاعلام في تصعيد الحملة ضد المهاجرين الاجانب واستغلال بعض الهفوات والحوادث المتفقرة لتأليب الرأي العام ضد المهاجرين وجعله مناهض لهم ورافض لمنحهم اية حقوق, وقد بالغت بعض وسائل الاعلام في وصف ظاهرة الهجرة ووصفتها بالغزو الاسلامي ـ العربي الجديد لاوروبا, وظهرت في جميع ارجاء اوروبا احزابا وتجمعات وحركات سياسية يمينية متطرفة وعنصرية جعلت من ملف الهجرة ومكافحة الهجرة هدفا من اهدافها باعتبار الهجرة خطر يهدد الهوية والامن والسيادة الوطنية في الدول الاوروبية كحزب الرابطة اللومباردية في ايطاليا وحزب الجبهة الوطنية في فرنسا, والجدير بالذكر ان هذه السياسة العنصرية حققت للحزب المذكور للحصول على 15% من اصوات الناخبين الفرنسيين في الانتخابات التشريعية الاخرية واحتل المرتبة الثالثة في سلم الاحزاب الفرنسية الناشطة في المسرح السياسي الوطني وهكذا يمكننا القول اليوم بأن هناك منظورا او رؤية اوروبية بدأت تتشكل لمسألة الهجرة والمهاجرين بعد ان بلغ عدد المهاجرين في الاتحاد الاوروبي اليوم حوالي 18 مليون مهاجر وتسعى الدول الاوروبية لعقد معاهدة موحدة تنفذ منتصف او أواخر عام 1999 بهذا الصدد لقطع الطريق على تفاقم تدفق المهاجرين مع تفاقم وازدياد الازمات الدولية في العام, وتتميز فرنسا من بين جميع الدول الاوروبية بتطرف موقفها وقوانينها تجاه المهاجرين مقارنة ببريطانيا وهولندا وبلجيكا وألمانيا وايطاليا خاصة بعد ان اصبح موضوع الاسلام مسألة وطنية وبلغ عدد الناخبين من اصل عربي مليون ناخب يؤثرون على مسار ونتائج الانتخابات ودول الشمال الاوروبي النرويج والسويد والدانمارك وفنلندا وهولندا بدأت في السنوات الاخيرة تشعر بثقل الهجرة داخل مجتمعاتها فبالرغم من ثراء وقلة سكان دولة مثل النرويج إلا انها تحارب الهجرة بل هوادة, وفي الدانمارك ظهرت حركات وعصب نازية جديدة تكره الاجانب وتهدد بممارسة العنف ضدهم, في حين تبدى السويد بعض التساهل وتدافع عن حق الاجانب في البحث عن مجتمعات اكثر انسانية من مجتمعاتهم الاصلية التي يعانون فيهاالامرين. وقد بلغ عدد المهاجرين في السويد حوالي المليونين نصفهم من اوروبا الشرقية والوسطى والنصف الآخر مسلمون من دول العالم الاسلامي, بينما تعمل هولندا على مساعدة الاجانب على الاندماج بصورة سلسلة وطوعية في المجتمع وتسمح لهم ببناء المساجد وخوض الانتخابات البلدية والنشاط في صفوف الاحزاب الهولندية وايجاد اطر للحوار البناء العربي ـ الاوروبي والسماح بتشكيل الجمعيات والمنظمات الاسلامية والمهنية والنقابية, وفي المانيا تكون الغالبية الساحقة من المهاجرين من اصل تركي وكردي وهم منفصلون عن ابناء الجنسيات الاخرى المهاجرين ولا تمنح المانيا الجنسية الالمانية بسهولة لانها تتبع نظام حق الدم وليس حق الارض فليس كل من يولد على الارض الالمانية يصبح المانيا كما هو الحال في فرنسا. وفي بريطانيا يوجد عدد كبير من المسلمين الباكستانيين والعرب الى جانب الهنود وتشكل الاقليات في بريطانيا نسبة 5.5% من عدد السكان الاجمالي وتطبق بريطانيا قوانين قاسية في منح حق اللجوء النسبة الكبرى من العرب في بريطانيا من اصل عراقي ويليهم المصريون وهناك حوالي 50 الف بريطاني من اصل عربي يملكون حق الانتخاب والترشيح للانتخابات وتعد بريطانيا حاليا مشروع قانون لتنظيم الهجرة واللجوء السياسي اليها وفي اسبانيا نصف مليون مهاجر اغلبهم ممن لا يحمل اوراق رسمية للاقامة الشرعية يبلغ عدد المسلمين في اسبانيا حسب آخر الاحصاءات 600 الف ولديهم حوالي 300 مسجد وفي ايطاليا محطة العبور الى اوروبا يقع العديد من المهاجرين في حبائل وشراك المافيا. مراقبة الكترونية ضد المتسللين لم تكتف اسبانيا بالحلول المطروحة على طاولات الاتحاد الاوروبي بل عمدت الى تنفيذ مشروع برنامج الكتروني متكامل لمراقبة شواطئها الجنوبية المطلة على مضيق جبل طارق من الهجرة الافريقية غير الشرعية. يتكلف المشروع 25 مليون بيزيتا (الدولار الامريكي يعادل 155 بيزتا اسبانية) ويتكون من معدات الكترونية دقيقة يمكنها تمييز القوارب الخشبية الصغيرة التي يستخدمها المهاجرون غير الشرعيين في الانتقال من الشواطىء المغربية الى الشواطىء الجنوبية لشبه الجزيرة الايبيرية اضافة الى ادوات الكترونية يمكنها ان تستقبل حرارة الجسد البشري حتى يمكن التعرف على عدد ركاب تلك القوارب بالتحديد وارسال القوات المطلوبة للقبض على المتسللين. وقال سانتياجو لوبث بالدبيلسو المسؤول عن قوات الحرس المدني اكثر من 80 الف ضابط وجندي, الذي سيتولي تنفيذ هذا المشروع, ان المشروع الجديد مختلف عن حائط الاسلاك الشائكة المكهربة الذي تمت اقامته على الحدود ما بين مدينتي سبتة ومليلة والحدود المغربية, والذي تكلف حوالي 5 بلايين بيزيتا, واشار الى انه من المنتظر ان يتم الانتهاء من المراحل النهائية من المشروع الجديد خلال ثلاثة اعوام. ويأتي هذا المشروع الجديد بعد ان فشلت كل الجهود المبذولة حتى الآن في وقف سيل المهاجرين الافارقة غير الشرعيين الذي يدخلون اسبانيا عبر الشريط المائي لمضيق جبل طارق الذي يبلغ عرضه 12 كيلومترا لان رادارات القوات البحرية الحالية لا تستطيع تمييز القوارب الخشبية الصغيرة التي يستخدمها معظم المهاجرين للوصول الى الشواطئ الاسبانية, بل تخطىء تلك الرادرات كثيرا لانها لا تستطيع التفرقة بين قارب خشبي صغير وموجة مائية عالية, مما يزيد من صعوبة مراقبة الشواطىء ومنع او تخفيف حدة الهجرة. ولكي يتم اختيار افضل الطرق نحو بناء الحاجز الالكتروني تجري قوات الحرس المدني الاسباني حاليا تجارب على انواع متعددة من الاجهزة الالكترونية لاختيار افضلها وبعد تلك التجارب سوف تقوم الحكومة الاسبانية بالاعلان عن مناقصة عامة لتوريد الاجهزة المطلوبة التي تتفق ومتطلبات البوليس في حربه ضد الهجرة الافريقية غير الشرعية. لكن المراقبة لن تقتصر على الشواطىء الجنوبية لاسبانيا فقط, بل تشمل ايضا مراقبة شواطىء منطقتي سبتة ومليلة الواقعتين شمال المغرب, مع خلق نقاط عمل مشتركة ما بين قوات الحرس المدني ومواقع المراقبة التابعة للجيش الاسباني مما يقلل من النقاط المطلوبة لقيام نظام المراقبة الالكتروني بعمله بكفاءة. ونظرا الى ان المبلغ المطلوب لتنفيذ هذا النظام الالكتروني عالي الكفاءة غير متوفر حاليا في ميزانية قوات الحرس المدني التابعة لوزارة الداخلية, وغير متوفر كذلك في الميزانية العامة للدولة, فإن الحكومة الاسبانية سوف تبذل جهودا من اجل الحصول على مساهمة مالية كبيرة من جانب الاتحاد الاوروبي, على اعتبار ان وقف الهجرة غير الشرعية عبر اسبانيا ليست مشكلة اسبانية محلية بل هي مشكلة جميع الدول الاوروبية الاخرى وحل المشكلة من على الشواطئ الاسبانية سوف يعود بالفائدة على جميع الدول التي وقعت على اتفاقية حرية انتقال الافراد (التشينجن) . ويرى المسؤول عن الحرس المدني ايضا ان احكام المراقبة على الشواطئ الجنوبية لاسبانيا من خلال مشروع المراقبة الالكترونية سيكون مفيدا ايضا في مكافحة المخدرات لان تلك الشواطئ تعتبر ايضا معبرا لتهريب المخدرات, بل ان بعض قوارب الهجرة غير الشرعية تستخدم في تهريب البشر والمخدرات في الوقت نفسه, وتمكنت قوات الحرس المدني عدة مرات من احباط عمليات تهريب مخدرات خلال محاولاتها القبض على بعض المهاجرين غير الشرعيين. تشير التقديرات الاولية المتوفرة ان عدد المهاجرين الصرب في بلدان الاتحاد الاوروبي حسب البلدان هو كالاتي: المغرب 1125640, والجزائر 653563, تونس 296795, لبنان 2105293 مصر, 69938, والصومال 47507, والعراق 39152, وسوريا 37685, والاردن 21534, وليبيا 12808, وموريتانيا 8311, والسودان 5684, والمملكة العربية السعودية 1675, واليمن 1405, والامارات العربية المتحدة 1021, والكويت 472, والبحرين 211, وفلسطين 208, وعمان 140, وقطر 52, ان هذه الاحصاءات تقديرية بالطبع اجريت سنة 1993 وصدرت عن Eurostat Migration Statitics سنة 1995 وكما نلاحظ فإن المغرب تحتل المرتبة الاولى في عدد المهاجرين العرب القانونيين في الاتحاد الاوروبي وان الغالبية العظمى من المهاجرين العربي في دول اوروبا الغابية هم من دول المغرب العربي تونس والمغرب والجزائر يقيم 87.4% من العرب المهاجرين في البلدان الاووبية التالية حسب التوزيع الديمغرافي التالي: من المغرب: 572652 في فرنسا, 144993 في بلجيكا, 80278 في المانيا, 95580 في ايطاليا, 7000 في انجلترا, 54000 في اسبانيا, 8500 في هولندا وفي باقي البلدان الاوروبية بنسبة مختلفة حيث لا يتجاوزون 171132. من الجزائر: 614207 في فرنسا, 10443 في بلجيكا, 14373 في المانيا, 50350 في ايطاليا, 5000 في انجلترا, 9540 في بلدان اوروبا الاخرى. من تونس: 206336 في فرنسا,. 6195 في بلجيكا, 28075 في المانيا, 50350 في ايطاليا, 5639 في دول الاتحاد الاوروبي الاخرى. من لبنان: 20953 في فرنسا, 2078 في بلجيكا, 53489 في المانيا, 23479 في ايطاليا, 2000 في انجلترا, 21125 في بقية الدول الاوروبية في الاتحاد الاوروبي. من مصر: 6341 في فرنسا, 16605 في المانيا, 6000 في انجلترا, 21495 في بقية الدول الاوروبية منهم 1000 في اليونان. هناك 40% من مجموع المهاجرين من المغرب العربي من النساء وهي تتنوع حسب البلد المضيف. حركة الهجرة تضاعفت منذ الستينات أرصفة المهجر تعج بالمهاجرين