تقرير اخباري: هتافات الصامتين على حافة الجولان مبحوحه

ت + ت - الحجم الطبيعي

لصالح الصالح (63 عاما) عينان ثاقبتان صارمتان لكنهما اغرورقتا في لحظات بدموع رقيقة عندما كانتا تختزلان 32 عاما من رحلة معاناة اهالي بلدة مجدل شمس وجاراتها العربيات الاخريات في هضبة الجولان السورية المحتلة . وعلى بعد امتار من اقرب نقطة سورية كان الصالح واكثر من الف اخرين من بلدات مجدل شمس وعين قينيا ومسعدة وبقعاتا, عند السفوح الجنوبية لجبل الشيخ, يحيون ذكرى استقلال سوريا عندما علم الصالح ان ولده وهيب أصيب برصاصة جندي اسرائيلي خلال تظاهرة للاهالي في المناسبة. وسرعان ما تغلب هذا الرجل القوي العود على دموعه وقال (لقد اصيب وهيب وهذا ليس غريبا, فعندما تخرج الى مثل هذا الامر عليك ان تتوقع كل الاحتمالات) . وكانت المظاهرة احتدت للتو بعد ان غادر الشبان موقع الاحتفال الرسمي حيث كان اهالي الجولان من الطرفين, السوري على تلة مرتفعة الى الشرق والاخر الغربي المحتل, يتبادلون تهاني العيد القومي السوري في هذه المنطقة الممتدة اسفل احدى قمم جبل الشيخ والتي باتت تعرف بـ (تل الصيحات) . وقد غدا تل الصيحات مناسبة تقليدية تحمل في طقوسها كل ما هو عربي سوري, ابتداء من خطابات العهد والوفاء (لسوريا الوطن الام والقائد المفدى حافظ الاسد) وانتهاء بقائمة (الشهداء الذين قضوا دفاعا) والاهل الذين تشتتوا بين الجزء المحتل والاخر الحر على مرمى حجر من بساتين التفاح الجولاني. ولم يحتج الصالح الى تقليب كبير في صفحات تاريخ الجولان ليجد اسما قريبا الى قلبه فقد فاجأته دموعه مرة اخرى عندما خرج صوت ولده الاخر مدحت والنائب في مجلس الشعب السوري عن محافظةالقنيطرة, وهو يردد اسماء (شهداء الجولان) من شريط تسجيل لبرنامج اذاعي بثته قبل ايام احدى المحطات في سوريا. ويصر سكان الهضبة المحتلة (حوالي 18 الفا) على اعتبارهم جزءا من محافظة القنيطرة السورية, الامر الذي يعكسه منصب مدحت الصالح في مجلس الشعب وهو الذي اخترق السياج الى سوريا قبل سنوات قليلة فقط. وللمصادفة فان القائمة التي تلاها مدحت ضمت اسما اخر هو (فايز المحمود) والذي لم يكد الصالح يسمع احرفه الاولى حتى دهمه الدمع مجددا. وقال وبحة تعلو صوته في اشارة الى المحمود الذي سقط برصاص الجنود الاسرائيليين غير بعيد عن تل الصيحات في منتصف الثمانينات (لقد كان فايز فارسا يعادل خمسين رجلا) . وقضى المحمود وحوالي 40 اخرين برصاص اسرائيلي منذ احتلال اسرائيل هذه الهضبة الاستراتيجية في حرب يونيو عام 1967. ورفضت اسرائيل الالتزام باعادة الجولان خلال مفاوضات السلام مع سوريا المجمدة منذ عام 1996. ــ أ.ف.ب

Email