عقل بلتاجي منع أزمة بين البلدين: مصر تستعيد اثريات أحبطت السلطات الاردنية تهريبها

ت + ت - الحجم الطبيعي

مازالت قضية الآثار المصرية التي يتم سرقتها وتهريبها خارج البلاد تثير دهشة الكثيرين ورغم محاولات المسؤولين بالمجلس الأعلى للآثار, وجهود مباحث الآثار في الحد من تلك السرقات, إلا انها مازالت مستمرة, وأصبحت تدخل في عداد الجرائم المنظمة . وأصبح أمام وزارة الثقافة المصرية وسيلة واحدة, وهي محاولة اسعادة تلك الآثار المهربة, طبقاً للاتفاقيات الدولية الموقعة بين مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية بجانب توصيات منظمة اليونسكو. وبالفعل نجحت وزارة الثقافة المصرية في المرحلة الأولى للخطة التي وضعتها لاستعادة عدد من آثارها النادرة التي تم سرقتها وتهريبها الى بريطانيا. كما نجحت المفاوضات المصرية في اقناع المسؤولين بالاردن لإعادة مجموعة نادرة من الآثار تمكنت السلطات الأردنية من ضبطها على الحدود قبل دخولها أراضيها.. فما هي قصة تلك الآثار التي تم سرقتها وتهريبها الى الاردن, وكيف جرت عملية التفاوض لاستعادتها مرة أخرى؟! حاميها حراميها بداية فإن معظم عمليات سرقة الآثار المصرية تتم بمساعدة بعض العاملين في المناطق الأثرية, نتيجة ضعف عمليات الحراسة أو تجاهل المسؤولين للقيام بأعمال الحفريات اللازمة في بعض مناطق الاثار البكر والتي لم يتم التنقيب عما في باطنها من آثار وذلك لعدم وجود ميزانيات تكفي تكلفة الحفريات, والتي تتطلب أموالاً طائلة وهناك أيضاً تكدس المخازن بأعداد كبيرة من الآثار تفوق طاقتها, الأمر الذي اضطر المسؤولين عن الآثار الى تخزين الآثار المكتشفة حديثاً داخل مخازن غير كاملة التأمين والحراسة, مما يعرضها للكثير من عمليات النهب والسرقة, سواء كان ذلك من عصابات متخصصة أو من مفتشي وحراس الآثار أنفسهم, مثلما حدث في سرقة رأس الآله ميريت ولوحة حجرية نادرة والتي قام مفتش آثار منطقة سقارة الأثرية بسرقتها بنفسه وتهريبها الى لندن بمساعدة احدى العصابات الدولية حتى تم اعادتها مؤخراً بعد جهود دبلوماسية وقانونية مضنية أستمرت خمس سنوات كاملة حصلت مصر بعدها على حكم قضائي بملكيتها وإعادة ضمها الى ممتلكاتها الأثرية بجانب مجموعة من البرديات النادرة التي ترجع الى 3000 سنة قبل الميلاد, وكذلك عدد من التماثيل الأوشابتي والجعارين المصنوعة من مادة الفيانس. تفاصيل العملية قال الدكتور جاب الله علي جاب الله أمين عام المجلس الأعلى للآثار ورئيس الوفد المصري الذي أصطحب الآثار في رحلة العودة الى مصر أن الآثار المصرية التي تمكنت السلطات الأردنية من ضبطها على حدود ميناء العقبة الاردني عبارة عن رأس تمثال حجري على شكل ادمي تم ضبطه داخل شاحنة اردنية وكانت بحوزة شخص يدعى وائل علي حسين وهو مصري الجنسية, تمكن بمساعدة اخرين لم تفصح السلطات الاردنية عن هويتهم من سرقة الاثار من بعض المناطق الاثرية بمصر, وتخزينها في مكان مجهول حتى تحدد موعد تهريبها وقام بوضعها داخل شاحنة اردنية.. وبمجرد وصولها ميناء العقبة الاردني في يوم 7 نوفمبر عام 1998 اشتهبت السلطات الاردنية في محتويات الشاحنة, وبتفتيشها عثر داخلها على رأس التمثال الرخامي والذي يرجع الى القرن الاول الميلادي ويبلغ وزنه 30 كيلوجراما, ويرجع تاريخه الى عصر البطالمة. وفي مساء يوم 11 نوفمبر تمكنت السلطات الامنية الاردنية من ضبط المهربين وتبين ان الشحنة المهربة كانت داخل الشاحنة وهي عبارة عن 27 قطعة اثرية من بينها 21 تمثال او شابتى و 6 قطع عبارة عن تمائم وجعران من العاج فرعوني اصلي حجمه صغير يبلغ طوله 2سم تقريبا. وفي يوم 7 نوفمبر نما الى علم القنصل المصري بالعقبة كافة المعلومات الخاصة بضبط الاثار المصرية, واخطر على الفور السفير المصري بعمان هاني رياض بتفاصيل الحادث, فقام بإرسال مذكرة عاجلة الى فاروق حسني وزير الثقافة يطلعه فيها على جوانب القضية. تحرك الوزارة واشار امين عام المجلس الاعلى للآثار ان فاروق حسني وزير الثقافة قام بإصدار رقم 143 لسنة 1999 بسرعة سفر وفد مصري من المتخصصين في الاثار الى المملكة الاردنية الهاشمية لمعاينة المضبوطات الاثرية الموجودة بمدينة العقبة الاردنية واحضارها الى مصر وجمع المعلومات اللازمة حول عملية التهريب بمعرفة احد اعضاء الوفد المصري من ادارة البحث الجنائي لشرطة السياحة والاثار. جهود الوفد المصري في مساء يوم 23 فبراير الماضي وصل وفد المجلس الاعلى للآثار برئاسة عبدالكريم محمد امام ابو شنب مدير عام الحيازة, بالمجلس الاعلى للاثار المصرية وقام بالتعاون مع السفارة المصرية بعمان بالاجتماع مع عقل البلتاجي وزير السياحة والاثار الاردني. وبالفعل تمت الموافقة على معاينة الاثار المضبوطة عندئذ فوجىء الوفد المصري بقيام المسؤولين عن دائرة الاثار العامة بالمتحف الاردني بعرض رأس التمثال الحجري داخل فاترينة زجاجية ويحمل بطاقة وصف ورقم سجل عام متحفي برقم ,19461 عندئذ ابدى الوفد المصري اعتراضه على تسجيل اثر مسروق وكذلك تسجيله دون الابلاغ عنه ودون اتخاذ اي اجراءات قانونية كما ابدى الاعضاء ملاحظاتهم في اسباب عدم النشر عنه طبقا للاعراف. وتحدث الوفد الى المسؤولين بدائرة الاثار الاردنية عن الاجراءات القانونية التي كان يجب اتخاذها في مثل هذه الحالات وهي حفظ الاثار محرزة بعيدا عن العرض المتحفي وعدم تسجيلها في سجل المتحف الاردني لان ذلك يعني انها اصبحت اثرا اردنيا وهذا مخالف للتوصيات التي وضعتها منظمة اليونسكو لحماية التراث الثقافي والاتفاقيات الدولية, والتي تنص على وجوب تعاون بين الدول بما يؤدي الى حماية التراث الثقافي, وعلى اعادة الممتلكات التي تدخل بلدا اخر بالطرق غير المشروعة الى بلد المنشأ او البلد القادمة منه. موقف الوزير ويشير الامين العام للمجلس الاعلى للاثار ان الوفد المصري تمكن من تحديد هوية رأس التمثال بصورة اكثر دقة حيث تبين انه رأس لاله مصري بطلمي وهو الاله سيرابيس, التي ظهرت عبادته في عهد البطالمة لكي يعبده المصريون والاغريق في آن واحد. وكان المسؤولون بدائرة الاثار العامة بالاردن قد طلبوا من الوفد المصري القيام بجولة لزيارة الاثار الاردنية, الا ان وفد المجلس الاعلى للاثار اعتذر حتى يتم حسم قضية رأس الاله المصري الذي ضمته الاردن لحيازتها داخل متحفها. وكان لهذا الموقف اثرا بالغا في نفس المسؤولين بدائرة الاثار العامة بالاردن التي قامت على الفور بالاتصال بوزير الاثار والسياحة الاردني عقل بلتاجي وابلاغه بما حدث مع وفد المجلس الاعلى للاثار وجاء الرد على مسؤولية عبدالسميع على ابو ديه مدير ادارة المصادر التراثية ومندوب دائرة الاثار الاردنية أن وزير السياحة والاثار الاردني اصدر قرارا بعودة رأس الاله المصري الى مصر ومعاقبة المسؤولين عن الخطأ بوضعه داخل متحف الاردن كأثر اردني كما اصدر قراره بنقل مديرة المتحف. واكد مدير ادارة المصادر التراثية الاردني ان اتصالا سيتم بين وزير السياحة ورئيس الوزراء الاردني لشطب رأس التمثال من عهدة وجلسات متحف الاثار الاردني, حتى تتمكن دائرة الاثار العامة من تسليمه الى السلطات المصرية بواسطة مرافقين اردنيين توثيقا وتأكيدا على العلاقات الثنائية والاخوية التي تربط الاردن بمصر. وفي يوم 27 فبراير ارسل وزير السياحة الاردني خطابا الى رئيس الوزراء لشطب التمثال من عهدة وسجلات متحف الاثار بالاردن, ووافق رئيس الوزراء الاردني على طلب وزير السياحة بجانب طلبه مشاركة الجانب المصري في التحقيقات التي تجري في هذا الشأن. وفي يوم 27 فبراير التقى وفد المجلس الاعلى للاثار مع السفير المصري بعمان لبحث معاينة باقي الاثار المضبوطة والتي لم تعرض على الوفد والتحريات التي يجب ان يقوم بها عضو ادارة البحث الجنائي المصري حتى كانت المفاجأة التي بدأت بحضور مدير إدارة المصادر التراثية الى مقر الوفد المصري وعثوره على كيس به تماثيل مصرية واتفق علي معاينتها وردها مع رأس التمثال وهي عبارة عن 21 تمثال اوشايتي من الفيانس عليها كتابات هيروغليفية وتتراوح ابعادها مابين 10 الى 10.8 سم وتميمة من الفيانس للاله بتاح فاقد القدمين وطوله 4 سم وعدد 2 تميمة عين اوجات من الفيانس طولها مابين 3 الي 2.5 كم وجعران طوله 2 سنتيمتر وعليه كتابات هيروغليفية وتميمة من الفيانس طولها 2 سنتيمتر لطائر او حيوان مجنح غير واضح المعالم وتميمة للاله تاورت مكسورة ومرممة لعدة اجزاء طولها 4.5 سنتيمترات. وقام الوفد المصري بتحرير محضر بتلك المضبوطات وتصوير الاثار. في حين اكد وزير السياحة والاثار الاردني في لقائه الاخير مع الوفد المصري وبحضور السفير المصري هاني رياض بسفارة, عمان ان الاثار المصرية امانة لدى الاردن وسيتم ردها خلال شهر ابريل الحالي خاصة بعد انتهاء التحقيقات التي تجري مع المهربين والكشف عن كافة المشاركين في عملية التهريب وكيفية قيامهم بارتكاب الجريمة وهو مايتطلب ضرورة وجود الاثار خلال تلك الفترة. القاهرة ــ مكتب (البيان) ــ كمال عمران

Email