الصحافة السورية ورجال الأعمال يفتحان النار على قانون الاستثمار

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ صدور قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991م, والخاص باستثمار أموال المواطنين السوريين المقيمين والمغتربين, اضافة الى رعايا الدول العربية والأجنبية, يواجه المستثمرون صعوبات وعراقيل لا يعرفون متى تبدأ, ولا يعرفون متى تنتهى . حيث تبدأ رحلتهم مع الحصول على الترخيص للمشروع الاستثماري وفقا للقانون المذكور أعلاه: بل ان رحلة البعض منهم تبدأ قبل ذلك بكثير, ونعني الانتظار الممل في محاولات اقناع الجهات المسؤولة بتشميل مشروعه بقانون الاستثمار, ولكن فرصة هؤلاء نادرا ما تكتمل, اذ تقترن الموافقة بتشميل المشروع بشروط يراها المستثمر مجحفة, ولكنه يجد نفسه أمام خيارين.. اما الغاء المشروع, وهو ما يفعله الكثيرون, أو تنفيذ المشروع بالشروط الملزمة على أمل ان تتغير الظروف في المستقبل القريب أو حتى البعيد. وبينما ترى الجهات المسؤولة في قانون الاستثمار وتعليماته التنفيذية نموذجا لا مثيل له في المنطقة من حيث ما يوفره للمستثمر من تسهيلات ومزايا واعفاءات, فان الصحافة السورية والمستثمرين الذين باشروا باستثمار مشاريعهم, أو اولئك الذين آثروا التريث والانتظار, فيرون ان المستجدات تجاوزت القانون الحالي, وان قوانين الاستثمار في الدول العربية قد قاربته بل وتجاوزته احيانا, وان المطلوب ليس قانونا يشجع الاستثمار فقط, وانما المطلوب مجموعة متكاملة ومتجانسة من الأنظمة والقوانين الكفيلة بخلق مناخ استثماري منافس في سوريا, الأمر الذي يتطلب بطبيعة الحال تعديل أو الغاء قوانين نافذة بما فيها قانون الاستثمار رقم ,10 واصدار قوانين جديدة تعمل على جذب الاستثمارات العربية والأجنبية الى سوريا وربما كانت التعليمات التنفيذية للقانون 10 والتي صدرت بتاريخ 26/7/1998 وألغت التعليمات التنفيذية السابقة والصادرة بتاريخ 10/6/1991 هي اعتراف غير مباشر بما يلاقيه المستثمرون من صعوبات وعراقيل إلا أن ذلك يبقى غير كاف للتحدث عن مناخ استثماري منافس لمناخات الاستثمار المحرضة لاستقطاب الاستثمارات العربية والدولية. حول قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991م, كانت لنا جولة على آراء بعض الصحافيين والمستثمرين السوريين. تشجيع القطاعين الخاص والمشترك يقول الصحافي علي عبود المشرف على (البعث) الاقتصادي ان هذا القانون يهدف إلى توجيه الفوائض النقدية نحو التنمية والانتاج والاستفادة من الامكانات المتاحة للقطاعين الخاص والمشترك, وتشجيعها بشتى الطرق على المشاركة مع القطاع العام في بناء القاعدة الاقتصادية للبلاد, وتنفيذ خطط التنمية, وزيادة الموارد المتاحة للتنمية عن طريق خلق المناخ الاستثماري المناسب الذي يساعد على جذب رؤوس الاموال المحلية والاجنبية, وتوظيفها في القنوات الانتاجية بما يعود على البلاد بالخير والفائدة, سواء في تلبية الاحتياجات المتنامية لمواطنيها, وتوفير متطلبات خطط البناء القائمة فيها, ام في دعم الفعاليات الاقتصادية المختلفة بهدف زيادة التصدير والحد من الاستيراد وتحقيق عائدات أوفر من القطع الاجنبي, فضلا عن ايجاد فرص عمل واسعة للاعداد المتزايدة من السكان. ويحق للمستثمر بموجب القانون (10) ان يستورد استثناء من احكام وقف ومنع حصر وتقييد الاستيراد ونظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ واحكام انظمة القطع ما يلي: (أ) جميع احتياجاته من الآلات والآليات واجهزة وتجهيزات ومعدات وسيارات عمل وباصات لتخدم المشاريع وغيرها من المواد اللازمة لاقامتها أو توسيعها أو تطويرها شريطة تحديد هذه الاحتياجات من الجهة المختصة. (ب) سيارات الخدمة السياحية ويحدد عددها طبقا لطبيعة كل مشروع. (ج) المواد والمستلزمات اللازمة لتشغيل المشاريع. وتعفى المستوردات المنصوص عنها في الفقرة (أ) من جميع الضرائب والرسوم المالية والبلدية والجمركية وغيرها شريطة استخدامها حصرا في اغراض المشروع, كما اشترطت عدم التخلي عنها الا بموافقة المجلس الاعلى للاستثمار, وبعد دفع الضرائب والرسوم المترتبة عليها وفق حالتها الراهنة. ويذكر علي عبود ان القانون قد ميز في الاعفاء بين المشاريع التي تقوم بها شركات مشتركة تساهم الدولة بجزء من رأسمالها, فاعفاها من جميع الضرائب المفروضة على الدخل لمدة سبع سنوات, اعتبارا من تاريخ بدء الانتاج الفعلي, أو بدء الاستثمار وفقا لطبيعة المشروع. كما اعفى القانون العقارات والعربات لمدة سبع سنوات ايضا, في حين نص القانون على منح المشاريع التي سينفذها الافراد والشركات غير المشتركة جميع الاعفاءات الضريبية المذكورة اعلاه لمدة خمس سنوات فقط اعتبارا من تاريخ بدء الانتاج أو الاستثمار الفعلي وفقا لطبيعة المشروع. كما منح القانون اعفاءات اضافية لمدة سنتين للمشاريع التي تتجاوز حصيلة صادراتها السلعية أو الخدمية 50% من مجموعة انتاجها خلال مدة الاعفاء, وقضى القانون بوجوب حسم الفترة التي تزيد على ثلاث سنوات لتأسيس المشروع من اصل مدة الاعفاء. قانون الاستثمار رقم (01) لم يعد كافيا وبينما يؤكد المستثمرون اهمية قانون الاستثمار والقوانين الاخرى التي صدرت لصالح مناخ الاستثمار الا انهم يرون بان التطورات تفرض دائما اعادة النظر بما هو قائم لمواكبة ما يجري من مستجدات عالمية. ويقول الدكتور يحيى الهندي رئيس الغرفة الصناعية بدمشق ان القوانين كلها تحتاج بعد مضي وقت إلى اعادة قراءة وتحديث, منها القوانين الاقتصادية التي تحتاج إلى تطوير يتناسب والتطور الحالي في الاقتصاد العالمي. ويرى عضو لجنة الصناعات السكرية والمنسق السوري في قطاع الصناعات الغذائية رقم 21 لعام 1958 القانون رقم (10) لعام 1991 لا تشكل التشريعات الاكثر تقدما في عالم التشريعات الصناعية, والقانون (10) الذي تفاءل به الجميع اثبتت التجربة العملية انه لم يلب متطلبات الصناعة الوطنية, وهناك العديد من الصناعيين فضلوا الحصول على تراخيص صناعية وفق القانون رقم (20) لعام 1958 بدلا من قانون الاستثمار رقم (10), ويؤكد ان القوانين التي تنظم الصناعة, ومهما كانت متطورة لا تساوي شيئا اذا لم تطبق معها قوانين متطورة اخرى, مثل قوانين التجارة الخارجية والتجارة الداخلية, والمالية والنظام الضريبي والنظام الجمركي كذلك لابد من تبسيط الاجراءات الجمركية اثناء الاستيراد والتصدير واحداث مناطق صناعية متخصصة ومميزة بكافة الخدمات تستوعب المنشآت الصناعية الجديدة. ويقول الدكتور هيثم الجفان عضو الاتحاد العربي للصناعات الغذائية ورئيس اللجنة القومية للصناعات السكرية ان تفسيرات القوانين غالبا ما تكون معيقا لحسن تطبيقها, فان كانت هي اساسا بحاجة إلى التعديل واعادة الصياغة, فان تطبيقها يغدو امرا لا يعود على تطوير الصناعة بأية جدوى. تناقض واضح ولو اجرينا استعراضا سريعا للتعليمات التنفيذية التي صدرت عن جهات رسمية عديدة لتنفيذ القانون (10) نجد حجما كبيرا من التناقضات بين الواقع والتعليمات, فلا نرى الا عبارات, يرجى الاطلاع والتوجيه, يذيل بها الموظف المعاملة, ويرفعها إلى رئيسه المباشر, وتذهب المعاملة إلى الشخص المسؤول لتعود بحاشية (لاجراء اللازم اصولا) . كما ان المستثمرين لايزالون يرون القانون (24) معيقا للاستثمار, فاذا اضفنا إلى ذلك الضرائب والتعليمات والقرارات الشارحة للقانون, فاننا نجد المستثمر يعامل بردة الافعال, وليس وفق معايير واسس قانونية ونظام اقتصادي. ومحمد سراقبي مدير مكتب الاستثمار يقول ان القانون رقم (10) صدر بهدف تشجيع الاستثمارات السورية والعربية والاجنبية, وذلك لتسخير القدرات المالية والادارية والتكنولوجية في خدمة عملية التنمية الاقتصادية وزج القطاع الخاص في خطة التنمية التي تنشدها سوريا, وبالتالي رفع مستوى معيشة المواطنين وتحقيق الاهداف الاقتصادية. الاستثمارات دليل نجاح القانون ويضيف سراقبي ان القانون سمح للاجنبي تملك كامل مشروعه دون مشاركة سوري, وبتحويل امواله سواء بعد خمس سنوات من اقامة المشروع واذا قرر عدم الاستمرار في المشروع فبامكانه تحويل أمواله بعد ثلاثة اشهر. كما سمح القانون باستخدام العمالة الاجنبية وسمح للعمالة بتحويل 50% من رواتبها و100% من تعويض نهاية الخدمة واستثنى من كل القيود المنح والحصر والتقيد ببلد المنشأ واعفى من الضرائب لمدة خمس سنوات تمتد لسبع للشركات المشتركة. وقد بلغ عدد المشاريع المشملة بالقانون حتى نهاية العام الماضي 1452 مشروعا برأسمال 325 مليار ل. س. وتتوزع هذه المشاريع في ثلاثة قطاعات هي الصناعة 696 مشروعا وما تبقى هي مشاريع في قطاع النقل البري والبحري. وتشكل نسبة الاستثمارات في قطاع الصناعة نحو 85.6% من مجموع التكاليف الاستثمارية مقابل 11.6% للنقل و2.8% للزراعة. ويرى مدير مكتب الاستثمار ان قانون الاستثمار نجح في جذب عدد كبير من المستثمرين السوريين والعرب والاجانب, وان قيمة الاستثمارات دليل على نجاح القانون, اذ لم تستطع كثير من الدول المجاورة تحقيق هذا الرقم الكبير, وذلك يعود إلى المناخ الاستثماري الملائم الذي تتمتع به سوريا, وقناعة المستثمرين لسلامة هذا المناخ. ويلاحظ ان معظم الشركات المشملة بأحكام قانون الاستثمار قد اتخذت من حيث الوضع القانوني شكل المؤسسات الفردية يلي ذلك الشركات التضامنية, وشركات التوصية البسيطة والشركات المحدودة المسؤولية وجميعها من شركات الاشخاص في حين لايزال عدد الشركات المساهمة المغفلة والشركات المشتركة, وهي من شركات الاموال التي تشجعها الدول محدودا ويعود سبب ابتعاد المستثمرين عن هذه الشركات برأي سراقبي الى الرسوم المفروضة على طوابع العقد بالرغم من قيام الحكومة بتخفيضها من 3.6 الى 1% كذلك مدة الرقابة الحكومية على هذا النوع من الشركات وعدم توفر سوق للاوراق المالية لتداول اسهم هذه الشركات وسنداتها. ويؤكد سراقبي ان هذه السوق على درجة كبيرة من الاهمية بالنسبة لتعبئة مدخرات المواطنين وتوجيهها نحو المجالات الانتاجية الامر الذي يتطلب اعطاء المزيد من العناية والتشجيع لهذا النوع من الشركات لما لها من فوائد ومزايا اقتصادية واجتماعية. ويضيف سراقبي انه لابد من اجراء تعديدلات على قانون الاستثمار وقانون التجارة وقانون الضرائب على الدخل والطوابع وغيرها باتجاه منح المزيد من الحوافز والمغريات, بهدف جذب اكبر عدد من المستثمرين الى هذا النوع من الشركات الذي يعتبر الاكثر فائدة للاقتصاد الوطني ولجماهير المواطنين. وتجدر الاشارة الى انه ومن دراسة المشاريع التي تم تشميلها بقانون الاستثمار يتبين ان مجالات الاستثمار الصناعي والتعديني والهياكل الاساسية, قد شملت الكثير من المجالات التي كانت محصورة بالقطاع العام او المختبرات ومازالت هذه المجالات تتسع يوما بعد يوم. معوقات قانون الاستثمار ويؤكد سراقبي انه من خلال تجربة السنوات الماضية على صدور القانون رقم 101 يمكن القول ان كل ماتم في مجال تشجيع الاستثمار يشكل بداية مشجعة وناجحة الا انها لاتزال تحتاج الى المزيد من المتابعة والدراسة واتخاذ العديد من الاجراءات في مجالات عدة من اجل تأمين الظروف والشروط الكفيلة باستمرار وزيادة اندفاع المستثمرين نحو المزيد من الاستثمار في سوريا ويقول سراقبي أن اهم المعوقات التي تواجه عمليات تشجيع الاستثمار في سوريا هي: الافتقار الى المناطق الصناعية المنظمة حسب المفهوم العلمي لهذه المناطق بكل ما يعنيه من توفير الارض المناسبة والمرافق والخدمات الضرورية بالمستوى المطلوب وبالاسعار المناسبة وان مايجري حاليا من قبل المستثمرين في البحث والتقصي عن الاراضي التي يمكن اقامة مشاريعهم عليها, تشكل عقبة كبيرة في هذا المجال, خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار الجهود التي تتطلبها هذه العملية وكلفة توفير المرافق اللازمة لاقامة المشروع على هذه الاراضي والوقت والموافقات. ولاشك ان هذه العملية في حال استمرارها اضافة لكونها عاملا مثبطا للاستثمار فانها تؤدي الى تشتت وتبعثر المنشآت الصناعية مضيفة المزيد الى اعباء المستثمرين. عدم وجود سوق مالية فقد ادت السياسة النقدية والمصرفية في سوريا التي تقوم على حصر هذا النشاط بالدولة الى عدم وجود سوق مالية تقوم بمهمة ايجاد الاطار القانوني المناسب ليتم من خلاله حصر عمليات بيع وشراء اسهم الشركات المساهمة التي تطرح اسهمها على الاكتتاب العام وفق الاسعار الرائجة وتسهيل وتنظيم مراقبة عمليات بيع وشراء الاسهم والاوراق المالية, بما يؤدي الى حماية حقوق الدولة, والحفاظ عى مصالح صغار المساهمين ودون المساس بحرية عمل تلك الشركات وتوجيه جزء هام من الموارد المالية, والفوائض النقدية المتاحة لدى الافراد والمؤسسات نحو توظيفها في المشاريع الانمائية باقتناء الاسهم والاوراق المالية. * الروتين والاجراءات الادارية الطويلة, فالموافقة على المشروع من قبل المجلس الاعلى للاستثمار تعتبر عمليا الحلقة الاسهل والاسرع, حيث يشكو المستثمرون من المراحل التي تتلو هذه الموافقة, وهي مراجعة الجهات والسلطات المختصة لتأمين الموافقات للحصول على ماتتطلبه عملية تنفيذ المشروع من رخص وموافقات متنوعة, ومن قبل جهات عديدة ومتباعدة وبشكل خاص في ظل عدم وجود مناطق صناعية جاهزة ومجهزة, وعدم اتباع نظام الباب الواحد بين المستثمر والجهة المسؤولة عن الاستثمار, وتستغرق هذه العملية الكثير من الجهد والوقت, وقد سعت التعليمات التنفيذية الجديدة للقانون 10 الى تذليل تعقيدات الروتين والاجراءات الادارية الطويلة. ويؤكد مراقبي ان التعليمات الجديدة هدفت الى ابعاد المستثمرين عن البيروقراطية والروتين والخلقات الادارية غير الضرورية, واعطاء الصلاحيات الكاملة للوزارات والمحافظين ومكتب الاستثمار, لمعالجة قضايا المستثمرين مباشرة, واعطاء الاولوية في المعالجة لهم دون الرجوع الى الادارة المركزية, الا عند الضرورة القصوى فالتعليمات التنفيذية الجديدة خطوة توضح للمستثمرين بدقة الالتزامات والحقوق ومهام الوزارات والجهات المعنية وصلاحياتها والتزاماتها تجاههم, وبذلك تكون دليلا واضحا لكل مستمثر في التعرف على واجباته ايضا تجاه هذه الجهات المسؤولة عن الاستثمار. ويعترف المستثمرون جميعا بان قانون الاستثمار جيد, لكن من الصعب تشجيع الاستثمار من دون توفير مناخ استثماري مرافق للقانون, فالقطاع الخاص غير قادر على العمل دون موعد مناسب مهما قدم له من اعفاءات. ويرى بعض المستثمرين ان نجاح واستمرار الحركة الاستثمارية في سوريا مرهون بصورة حاسمة بمدى اتخاذ المزيد من الخطوات الاصلاحية, باتجاه تحسين مناخ الاستثمار واقامة الشروط المناسبة التي تتمثل بتعديل بعض التشريعات والانظمة التي اصبحت لاتتماشى مع التطورات التي شهدها الاقتصاد السوري, اذ لابد من مناخ استثماري يجذب الاستثمارات الوطنية والاجنبية فلم يعد انخفاض تكلفة العمالة في سوريا وموقعها الجغرافي او الاعفاءات الضريبية كافية لاستقطاب هذه الاستثمارات وانما يتطلب الامر ايجاد تحفزات اخرى في وقت تستمر فيه المنافسة على اجتذاب الاستثمارات وتتضاءل فيه معدلات الاستثمار الوطني وهو السبب الرئيسي للركود الاقتصادي. ان المطلوب بنظر المستثمرين توفير الموارد البشرية والبنية التحتية وبخاصة المدن الصناعية ونظام مصرفي فعال وسياسة تمويل ديناميكية وسوق مالية لتداول الاسهم وتوحيد سعر الصرف والغاء المرسوم 24 واعادة النظر بالسياسة الضريبية بصيغة تؤدي الى مزيد من الموارد للدولة وتخفف من الاعباء على المستثمرين كريم الطابع وضريبة ريع الالات وضريبة الدخل والغاء الرسوم والضرائب المفروضة على التصدير بما فيها الضريبة واحكام التجارة الخارجية وتدفق رأس المال واعادة ترحيله وشروط التلاخيص والحصول على الخدمات اللازمة بحيث تكون واضحة يضمها دليل استثماري موحد والقضاء على كافة العقبات البيروقراطية واعادة تنظيم اجراءات الترخيص والتعديل على كافة الخدمات باتجاه التبسيط او الوضوح. ضرورة تقييم القانون ان هذه كلها تشكل عناصر مناخ الاستثمار المنافس في سوريا القادر على جذب الاستثمارات العربية والاجنبية ومن الطبيعي ان يشكل قانون الاستثمار رقم 10 العنصر الرئيسي من عناصر هذا المناخ الاستثماري الذي يفترض ان يعاد النظر فيه كي يلبي متطلبات المرحلة القادمة. وقد سبق لمحمد سراقبي مدير مكتب الاستثمار ان تقدم في العام 1995 بجملة من المقترحات التي قال أنه استخلصها من خلال اللقاءات التي تمت مع المستثمرين المشمولين باحكام قانون الاستثمار فأكد انه بعد سنوات من العمل بقانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 فإن الامر يتطلب اجراء تقييم ومراجعة متأنية لنتائجه, بهدف تطوير النصوص والتشريعات المعمول بها حاليا واتخاذ الاجراءات اللازمة والضرورية لتطوير وتعديل قانون الاستثمار والقوانين الاخرى المتعلقة به. ورأى سراقبي ان القانون اعطى مزايا واحدة للاستثمارات في كافة المناطق السورية دون تمييز بين مناطق متطورة ومناطق اقل نموا, الامر الذي جعل الاستثمارات تتركز في المدن الرئيسية وحرم المناطق الاخرى من جني فوائد اكبر من هذا القانون لذلك يقول: ان اعطاء مزايا اضافية في الاعفاءات للمشاريع التي تقام في المدن الصغيرة والمناطق البعيدة, وفي مجالات استثمارية محددة, تتناسب مع المزايا النسبية التي تتمتع بها هذه المدن سوف تعطي اهدافا وابعادا تنموية اوسع لاثار ونتائج قانون الاستثمار وتتمثل في الحد من الهجرة من الريف الى المدينة ومن المدن الصغيرة الى المدن الكبيرة وتنمية المناطق والمدن الصغيرة... الخ. واقترح سراقبي اعطاء الشركات المساهمة دفعا اكبر وتشجيعا اوسع مما تضمنه القانون باعطاء هذا النوع من الشركات المزيد من الاهتمام والرعاية ومن ضمنها منحها المزيد من الاعفاءات والتسهيلات. ورأى سراقبي ضرورة تحويل مكتب الاستثمار الى هيئة عامة للاستثمار ترتبط برئاسة مجلس الوزراء وتتولى اضافة الى مهامها الحالية الترويج للاستثمار في سوريا وطرح المشاريع للاستثمار والحصول من الجهات المختصة بالدولة نيابة عن المستثمرين علي كافة التراخيص اللازمة وفق الانظمة والقوانين المرعية, وبكل ما يتعلق بانشاء وادارة تشغيل هذه المشاريع وان يكون لدى هذه الهيئة مكاتب تمثل كافة الجهات المعنية المسؤولة عن هذه الامور يشغلها مسؤولون مخولون بمنح هذه التراخيص, الامر الذي يعني عمليا تطبيق مبدأ الباب الواحد للمستثمر والجهات الرسمية. المناطق الصناعية حاجة ملحة وشدد سراقبي على ضرورة الاسراع في انجاز المناطق الصناعية واكد على دور الدولة الاساسي في توفير هذه المناطق بكافة المرافق الازمة لما تشكله من حافز كبير في الاقدام على الاستثمار وفي الاسراع في انجاز المشروع وادخاله حيز التنفيذ. وطلب سراقبي ايضا اجراء المسوحات القطاعية, او تحديث ما تم منها كالمسح الزراعي والمسح الصناعي ومسح قطاعي النقل من اجل التعرف على واقع هذه القطاعات وتحديد نقاط الاختناق فيها, واستنباط الفرص الاستثمارية المناسبة فيها بما يساعد على تطوير هذه القطاعات وازالة الاختناقات فيها ومن ثم اعداد الملفات اللازمة والترويج لها. ومن المقترحات الهامة التي اشار اليها سراقبي الاسراع في اتخاد الاجراءات اللازمة لاحداث مصرف للاستثمار واقرار واقامة سوق الاوراق المالية في دمشق ودراسة امكانية الانضمام الى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار وذلك في اطار العمل على تشجيع المستثمرين الاجانب على الاستثمار في سوريا. نستنتج مما سبق ان الاعفاءات من الانظمة النافذة لعدة سنوات بهدف جذب الاستثمارات لم يعد كافيا كما ان التسهيلات التي وفرها القانون 10 عند صدوره في عام 1991 لم تعد كافية لان الدول كافة تتنافس على جذب الاستثمارات. ولو خير المستثمر بين الاعفاءات المحددة المدة وبين التسهيلات الدائمة, لاختار دون تردد التسهيلات وبخاصة ما يتعلق منها بالتشريع الضريبي وانظمة الاستيراد والتصدير والناظم الجمركي وتوفير المدن الصناعية. ان المستثمر بالمحصلة سيختار البلد الذي توفر له اكبر قدر من التسهيلات, وهو يفصل ان يتعامل مع تشريع ضريبي لا يتجاوز حده اقصى 10% او 20% كما في لبنان او مصر على اعفاءات ضريبية لمدة خمس او سبع سنوات ليجد نفسه بعدها امام تشريعات ضريبية مرهقة تجعل مشروعه غير مربح اقتصاديا. ما نحتاجه فعلا هو اعادة النظر بالتشريعات المتعلقة بمناخ الاستثمار كي تتمكن من مواجهة التحديات القادمة ونحن على ابواب انفتاح اقتصادي عربي من خلال منطقة التجارة العربية الحرة والسوق العربية المشتركة وانفتاح عالمي من خلال الشراكة السورية ــ المتوسطية, وما كان صالحا منذ عقد او اكثر من اللازم لم يعد يتماشى مع التطورات التي شهدها الاقتصاد الوطني والاقتصاد العالمي. دمشق ــ يوسف البجيرمي

Email