ثلاثية الأمن والاحتلال والاستيطان: بقلم- نادية دمياطي

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اللحظة الأولى للقرار الجائر الذي أعلنته اسرائيل بضم هضبة الجولان السورية المحتلة 14/12/1981 اتسم الموقفان الأمريكي والأوروبي بالتباين, فبينما انبرت أوروبا كلها بدولها الكبرى فرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا لادانة قرار الضم ومطالبة اسرائيل بالتراجع عنه والغائه . كان الموقف الأمريكي أشد ما يكون انحيازا للكيان الصهيوني وظهر ذلك الانحياز في جلسة مجلس الأمن الدولي الثانية وبعد انتهاء المدة التي أعطاها لاسرائيل للتراجع عن قرار الضم أي بتاريخ 20/1/1982 والتي طالبت فيها سورية مجددا بفرض عقوبات على اسرائيل استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو لصالح اسرائيل وكأنها قررت من تلك اللحظة طي هذا الملف إلى الأبد ولكن هل تستطيع الولايات المتحدة طي أو تجاهل قضية وطنية وقومية هامة ومصيرية مثل قضية الجولان والتي هي من أولويات تحقيق سلام عادل للمنطقة؟ تنطلق سياسة الاستيطان الاسرائيلية من جدلية قائلة بتلازم ثلاثية (الأمن) والاحتلال العسكري والاستيطان وكان بن جوريون يربط بين الأمن الاسرائيلي واقامة المستوطنات الزراعية وينظر إلى المناطق الخالية في النقب بأنها تمثل نقطة ضعف في نظام الأمن الاسرائيلي, كما كان بن جوريون يؤكد ان الاحتلال العسكري وحده لا يكفي للتمسك بالأرض المحتلة والسيطرة عليها ولابد من قيام استيطان مكثف وسريع لضمان استمرار الاحتلال حيث يشكل الاحتلال والاستيطان وجهي المشروع الصهيوني والاحتلال العسكري يفقد قيمته وفاعليته إذا لم يترافق بالعمل الاستيطاني وعن طريقه يتم جذب المهاجرين واستيعابهم, ولا يلبث هؤلاء ان يتحولوا إلى محاربين يمدون الجيش بالقوى البشرىة اللازمة لادامة الاحتلال واستمراره اضافة إلى دور الاستيطان في اشغال الأراضي ويحقق وضع اليد عليها. ولاسرائيل التي احتلت هضبة الجولان في حرب يونيو عام 1967 استراتيجية خاصة بمستوطناتها حيث تشكل في الجولان جزءا من نظام الدفاع الاقليمي الاسرائيلي للهضبة وتم انشاء هذه المستوطنات وفق استراتيجية تقوم على اشراك المستوطنات في الخطة العسكرية الاسرائيلية في حالتي الدفاع والهجوم وتشكل المستوطنات جزءا من مشروع (آلون) العام وقد روعي في اقامة مستوطنات الجولان توفر ثلاثة شروط: وجود أرض صالحة للزراعة ومياه وموقع استراتيجي مناسب وقد كثفت اسرائيل استيطانها في هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967 إلى الآن وعلى حساب هدم البلدات والقرى العربية وبعد حرب اكتوبر التحريرية عام 1973 زادت الحكومة الاسرائيلية من تحصين المستوطنات في الجولان وتسليحها وامتد الاستيطان نحو الشمال والجنوب وحتى عام 1981 كانت اسرائيل قد مهدت الأرضية لاصدار قانون ضم جولان وبتاريخ 14/12/1981 قررت حكومة مناحيم بيجين الليكودية ضم المرتفعات السورية المحتلة وكان ضم الجولان على سلم أولويات هذه الحكومة بعد ان أعلنت عن ضم القدس المحتلة في الفترة الأولى من حكمها وبعد تمكنها من امتصاص نقمة المجتمع الدولي بفضل الموقف الأمريكي المساند لها ونص القانون على ما يلي: 1ـ ان قانون دولة اسرائيل وصلاحياتها واداراتها ستطبق على مرتفعات الجولان. 2 ــ يعمل بهذا القانون فور موافقة الكنيست الاسرائيلي. 3 ــ يكلف وزير الداخلية يوسف بورغ بتنفيذ هذا القرار وبالطبع رد المواطنون السوريون على قرار الضم الجائر بوثيقة مشهورة اكدوا فيها ان هضبة الجولان المحتلة هي جزء لا يتجزأ من سوريا العربية من الوطن الأم والجنسية العربية السورية صفة ملازمة لنا لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأراضينا هي ملكية مقدسة لابناء مجتمعنا السوريين المحتلين ولا نعترف بأي قرار تصدره اسرائيل من أجل ضمنا إلى الكيان الاسرائيلي.. إلخ الوثيقة التي بدأ بعدها الاضراب الكبير الذي استطاع أهل الجولان بصمودهم المعجز افشال قرار الضم واسقطوه رغم الممارسات العسكرية الصهيونية القمعية من الاعتقال ومداهمة البيوت وحظر التجول واحكام الحصار ومنع حتى حليب الأطفال. أما الرد السوري على قرار الضم والذي انتهك بشكل فاضح حرمة الأراضي السورية وقرارات مجلس الأمن الدولية فقد جاء الموقف السوري قاطعا على لسان الرئيس حافظ الأسد حيث قال: ان الجولان ليست محتلة بقانون سنته اسرائيل ولم ولن يتوقف تحريرها على عدم وجود قانون تسنه اسرائيل, لم تأخذه اسرائيل بقانون ولن نسترجعه نحن بقانون. بإدارتها المتعاقبة على البيت الأبيض الأمريكي ظلت الولايات المتحدة منحازة للموقف الاسرائيلي المتعنت والرافض لمقولة السلام مقابل عودة الاراضي العربية المحتلة. ففي حين يطالب العرب بالسلام الشامل والدائم والعادل لجميع شعوب المنطقة من خلال القبول بالكيان الاسرائيلي كأمر واقع واقليمي ودولي ضمن حدود ما قبل عام 1967 وانسجاماً مع متطلبات مؤتمر مدريد عام 1991 القائمة على تنفيذ القرارين الدوليين رقم (242 ــ 338) تسعى اسرائيل في ظل حكومة اليمين المتطرف الى تعطيل كل مضامين الشرعية الدولية تحت ذريعة مطالبتها بالأمن المطلق الذي لا يتحقق في نظرها من دون التوسع واكتساب المزيد من الارض العربية والتي هي في مفهومها مجردة عمق استراتيجي من دونه يتعرض وجودها للزوال وأمنها للخطر. وبهذه الاستراتيجية تتعامل اسرائيل مع قضية السلام وتستغل العجز الامريكي الواضح في الخضوع لنفوذ اللوبي الصهيوني الذي يحمي المواقف الاسرائيلية في موضع القرار الأمريكي في البيت الأبيض. وقد دأبت اسرائيل على أفشال كل محاولات واشنطن كراعية للسلام بإملاء المزيد من الشروط التعجيزية والتي تؤكد دائماً على أنها ترفض تحقيق سلام عادل وشامل بينها وبين العرب. وعلى المسار السوري الاسرائيلي التفاوضي لم تستطع الولايات المتحدة أن تحرك منذ بدأ مؤتمر مدريد الى الان ساكناً ورغم تنديد واشنطن بقرار ضم الجولان المحتل وتهديدها لاسرائيل بفرض عقوبات عليها وقد جاء ذلك على لسان الرئيس الاسبق رونالد ريجان في 17/12/1981 بأن الولايات المتحدة ترفض القرار الاسرائيلي فإنها استخدمت الفيتو في مجلس الأمن ضد طلب دمشق بفرض عقوبات على اسرائيل التي حاولت أن تجبر سكان الجولان على تسلم الجنسية الاسرائيلية هذا الاجراء الذي يعتبر انتهاكاً صارخاً لبنود معاهدة جنيف لعام 1949 استخدمت واشنطن الفيتو وحسن الموقف لصالح اسرائيل لا بل أنها كرست موقفها لمد اسرائيل بالاسلحة والالتزام بتقديم المساعدات التي تبقى هذا الكيان الصهيوني متفوقاً عسكرياً على دول المنطقة. ورغم التطورات الكثيرة والتشابكات والتداخلات التي طرأت على قضية الشرق الأوسط منذ الثمانينات ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ومازالت تعتبر نفسها الراعية الأولى لسلام المنطقة إلا أن السياسة بواشنطن ظلت في موقع ادارة الازمة وليس حلها بسبب الكيل بمكيالين وتحيزها الصريح والعلني لاسرائيل رغم أن حل الازمة هو الغرض الاسمى وكل من تعاقب على البيت الأبيض الأمريكي منذ بدء الصراع العربي الاسرائيلي كان مديراً للازمة وهناك فارق كبير بين الحل والادارة اذ يتطلب حل الازمة نزع اسباب حدوثها بينما يتطلب ادارتها الابقاء على هذه الاسباب بل وربما تجسيمها وتعميقها. ولعل تصريح المسؤول الامريكي انديك الذي زار اسرائيل مؤخراً بأن الجولان جزء مهم لأمن اسرائيل يلقي الضوء مجدداً على مدى تحيز الادارة الامريكية لحكام تل أبيب الذين يقولون أن الجولان قد (منحت لهم بالنص الالهي التوراتي) . وهكذا تصريح لابد أن يزيد مساعي تحريك المسار السوري الاسرائيلي تعقيداً فدمشق لا يسعها تقديم أي تنازلات عن أراضيها المحتلة والرئيس حافظ الأسد يؤكد عدم التفريط بحبة واحدة من تراب الجولان والسلام بلا ثمن هو أكبر ضرراً من أية هزيمة عسكرية ممكنة واسرائيل جاهدة في تثبيت واقع فوق أراضي الجولان والمخطط أن تبني (2200) وحدة سكنية و(2400) وحدة نقاهة ستضاعف عدد المستوطنين أربعة أضعاف والدبلوماسية الامريكية مازالت في موقع ادارة الازمة واسرائيل تعرف كيف تستثمر الوقت الامريكي لصالح أهدافها البعيدة. وفي البعد الأوروبي مقابل التراخي الأمريكي يبدو أن الدور الأوروبي في محاور سلام الشرق الأوسط وفي خضم تحولات واضحة في العلاقات الدولية أصبح يطمح الى دور منافس للولايات المتحدة.. وقد حدث تحول واضح في النظرة الأوروبية للمنطقة العربية وقضاياها المصيرية. فالاتحاد الأوروبي يريد أن يلعب دوراً في قضية السلام وتوفير تسوية سلمية عادلة لشعوب المنطقة ويعمل على أن يتشكل له نفوذ سياسي انحسر عن بعض دوله التي كانت صاحبة النفوذ الرئيسي من حوالي نصف قرن. ومظاهر الدور الأوروبي لمساعدة دول منطقة الشرق الأوسط واضحة وقرارات الاتحاد تظهر أن له رؤية سليمة في المفاوضات حيث ترى دول الاتحاد أن تبدأ مما انتهت اليه في عهد حكومة بيريز وأن تقوم على أساس الارض مقابل السلام وقد أيدت هذه الدول قرارات مجلس الأمن 242/ 338/ 425 القاضية بانسحاب اسرائيل من الاراضي الغربية التي أحتلها بعدوان عام 1967 ومنها الجولان. وكانت هزيمة يونيو سنة 1967 فرصة مواتية للتقارب بين العرب والدول الأوروبية وأخذت العلاقات تأخذ شكلاً أكثر ايجابية ومنطقية حيث أصبح السلام والمصالح الاستراتيجية لأوروبا في الشرق الأوسط أمراً حيوياً ومنذ سنوات عدة والدول الأوروبية تتدخل بعمق في ايجاد حل للصراع العربي الاسرائيلي على اساس قرار مجلس الأمن 242 وهو القاعدة التي استندت اليها دبلوماسية صنع السلام في مؤتمر مدريد. وسلام الشرق الأوسط إذا ما تحقق يحقق لأوروبا زيادة في انفتاح شعوبها على القارة العجوز ويجعل المنطقة أقل عرضة للاضطرابات أو احتمالات النزاع أو حتى الحروب وهذا يوفر الأمن والامان للاستثمارات الأوروبية في المنطقة ويحقق مصالحها الحيوية فيها. وأوروبا التي كانت مقراً لمؤتمر السلام في مدريد لا تريد أن تأخذ قيمة الانتصار إذا ما تحقق بالاحترام لوحده بين دول المنطقة التي اقتنعت بامكانية ترجمة الانتصار الى عمل دبلوماسي مقنع. لقد وجدت اوروبا نفسها اليوم امام فرصة لدعم الدور الامريكي والعمل على ابراز نفسها كشريك داعم وثابت لذلك الدور بعد غياب دور الاتحاد السوفييتي السابق مع علمها ان واشنطن قد تفوقت وابرزت نفسها كقوه وحيدة في الشرق الاوسط وهذا يعني ان جهودها السلمية لن تصطدم بمواقف المتنافسين كما كان يحصل باستمرار من جانب الاتحاد السوفييتي. والاتحاد الاوروبي كان ومازال داعيا للانسحاب الاسرائيلي الكامل من الجولان السوري المحتل وبأن كان اوروبا اليوم تبدو مؤهلة على الصعيدين السياسي والامني للاضطلاع بدور اهم بكثير مما هو متاح لها الان في الشرق الاوسط ومن المؤكد ان العرب تواقون الان لان يروا اوروبا وهي تمارس نفوذا اكبر ولو لموازنة نفوذ الولايات المتحدة على الاقل والرد الاوروبي على قرار ضم الجولان جاء ومنذ اللحظات الاولى لصدوره حيث سارعت فرنسا الى ادانته بعد ان عقد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس السابق فرانسوا ميتران وخرج الاجتماع بتوجيه الادانة الصريحة لاسرائيل داعيا اياها التراجع عنه وقدمت فرنسا في اواخر العام الماضي مبادرة عرفت بالمبادرة المصرية الفرنسية محورها الدعوة لعقد مؤتمر دولي يجمع الدول المعنية بدعم ونجاح عملية السلام في وجه سلوك نتانياهو الذي يحاول اجهاض عملية السلام وكان الهدف من عقد المؤتمر على مرحلتين هو كشف دور نتانياهو ومدى التباين بين موقفه وموقف المجتمع عموما فنتانياهو لايوفر فرصة ليعلن فيها ان الجولان جزء لايتجزأ من ارض اسرائيل والذي يحث الكنيست الاسرائيلي على اصدار قوانين تعرقل اي انسحاب اسرائيلي في المستقبل من الجولان السوري المحتل والقدس المحتلة وكان اخر هذه القوانين قانون يقضي ان يحصل اي انسحاب من الجولان والقدس على الاغلبية المطلقة في الكنيست ثم ان يطرح بعدها على استفتاء عام وهذا يعني تلقائيا رفض اي انسحاب من الاراضي العربية السورية المحتلة وبالتالي الابقاء على مسيرة السلام على المسار السوري مجمدة الى وقت طويل هذا القرار الذي اعتبرته سوريا مثله مثل قرار ضم الجولان عام 1981 باطلا وكأنه لم يكن فهو لايلغي الحق ولايغير الجغرافيا ولايزيف التاريخ. وفيما وصفت بريطانيا الاجراء الاسرائيلي لضم الجولان عام 1981 بأنه مخالف للقانون الدولي وضار بمساعي السلام معتبرة اياه لاغيا وباطلا فإن المانيا الغربية انذاك استنكرت قانون الضم واصفة اياه بالمخالف لبيان البندقية وها هي المانيا تسعى اليوم لاعادة صياغة الدور الاوروبي في الشرق الاوسط من خلال المباحثات الهامة التي اجراها وزير خارجية المانيا في القاهرة الشهر الماضي حيث تريد بون الوفاء بالتزاماتها السياسية تجاه شعوب المنطقة وقضية السلام اضافة الى دورها الاقتصادي الهام. كما اكدت المبعوث الاوروبي الى الشرق الاوسط موراتينوس ان مشروع القانون الذي تبناه الكنيست الاسرائيلي والقاضي بعدم تقديم تنازلات في هضبة الجولان السورية المحتلة بعرقلة مسيرة سلام الشرق الاوسط والجهود الهادفة الى اعادة اطلاقها مشددا على حق دمشق في استعادة السيطرة على الهضبة التي ضمتها الدولة العبرية. بينما امتنعت الادارة الامريكية عن التعليق على قرار الكنيست واعلنت ان موقفها ازاء مرتفعات الجولان معروف منذ وقت طويل ولم يطرأ عليه اي تغير. وقال المبعوث الاوروبي: ان الموقف الدولي حيال الجولان هو موقف دولي وللاتحاد الاوروبي موقف واضح مفاده ضرورة اعادة الجولان الى سوريا لكن وفي السياق نفسه اعربت الخارجية الفرنسية عن قناعتها بضرورة اعادة هضبة الجولان الى سوريا وقال الناطق باسم وزارة الخارجية (جاك روميلهارت) ان موقفنا حيال هضبة الجولان لم يتغير منذ ضمها من قبل اسرائيل العام 1981 ومفاده ان ينبغي ان تستأنف المفاوضات بين الجانين في اقرب فرصة ممكنة على قاعدة القرارات الدائمة لمجلس الامن ومبدأ مبادلة الارض بالسلام وحين تحل كل مسائل الامن, ينبغي حينها ان تؤدي المفاوضات الى اعادة هضبة الجولان واقامة علاقات طبيعية بين الدول المتجاورة. وهنا نتوقف لالقاء الضوء على رؤى الدبلوماسية الاوروبية للموقف الامريكي حيال الجولان وكيف ترى السلام الكامل بين دمشق وتل ابيب. مصدر دبلوماسي في المجموعة الاوروبية حلل مسار هذه المفاوضات السورية الاسرائيلية فقال ان لواشنطن وزنها الحاسم في احراز التسوية السلمية بين سوريا واسرائيل ويتركز دورها على دفع اسرائيل على الانسحاب الكامل من الجولان الى الحدود الدولية مقابل ارساء السلام الكامل بين الدولتين. وترى اوروبا ان كلينتون لايختلف عن سلفه بوش في اعتبار دمشق مفتاحا لسلام عربي اسرائيلي مستقر قد يخدم المصالح الامريكية في المنطقة ويولي سوريا اهمية كبيرة ضمن الاستراتيجية الامريكية الخاصة بسياسة المنطقة. ومن زاوية الرؤية الاوروبية فإن واشنطن تؤيد الموقف الاسرائيل بدون تحفظ بصدد جوهر السلام اي العلاقات الدبلوماسية والحدود المفتوحة والتطبيع والترتيبات الامنية ولكن في المقابل فإن واشنطن قريبة الى الموقف السوري من ناحية ضرورة الانسحاب الكامل من الجولان ضمن اطار التسوية. وقد كشفت مصادر دبلوماسية اوروبية عام 1995 النقاب عن رفض ادارة كلينتون الاعتراف بقانون ضم الجولان الصادر في ديسمبر 1981 وتؤيد كالادارة السابقة قراري مجلس الامن رقم ,242 338 اي انسحاب اسرائيل مقابل السلام واضاف صحيح ان كلينتون لم يعلن موقفه بصدد حدود الانسحاب ولكنه بعد اجرائه مقابلتين مع الرئيس السوري حافظ الاسد في يناير واكتوبر 1994 اعلن انه على قناعة بأن الرئيس الاسد ملتزم بالسلام والتطبيع مع اسرائيل وهذا ما يعني ان ادارة كلينتون تؤيد الانسحاب الاسرائيلي الى خط الرابع من يونيو ولكن كلينتون يأخذ بالحسبان الاعتبارات لدى حكام تل ابيب ويمتنع عن اعلان موقفه. والرئيس الفرنسي الذي زار سوريا في جولته الشرق اوسطية اكد على ضرورة انسحاب اسرائيل من هضبة الجولان السورية وطالب اسرائيل الالتزام بقرار مجلس الامن 242 ــ 338 ــ 425 وكثيرا ما بدا الموقف الاوروبي تجاه قضية الشرق الاوسط وتجاه ضرورة انسحاب اسرائيل من الجولان المحتل مبتعدا ومتناقضا مع الموقف الامريكي فالاتحاد الاوروبي الذي يسعى لمواجهة الهيمنة الامريكية يبحث عن حل وليس عن ادارة الصراع واوروبا تطالب اسرائيل صراحة بالانسحاب من الجولان دون ذرائع امنية والمنسق الامريكي السابق الذي جاء الى المنطقة قال في جولته الاخيرة العام الماضي ان اسرائيل بالكاد تملك حدود رودرس اليهودي حتى العظم الكسينجري الاب الذي يقول لا توجد اي ازمة بين واشنطن واسرائيل والمهم الابقاء على المودة وعدم اغضاب اسرائيل بالضغط عليها للانسحاب من الاراضي المحتلة ومنها الجولان السوري. ونتانياهو يصرح لصحيفة (شيكاغو) تريبيون بانه واثق من تحقيق السلام مع لبنان وسوريا والفلسطينيين قبل انتهاء ولايته عام 2000 ولكن من دون عودة اسرائيل الى حدود ما قبل يونيو 1967. ماجرى ويجري منذ انطلاقة عملية مدريد السلمية يؤكد ان سوريا تريد سلاما عادلا وتريد الجولان المحتل على اساس مبدأ الارض مقابل السلام وتدعمها في هذه المطالب العادلة اوروبا في مقابل مراوغة او ضبابية في الموقف الامريكي الذي يؤكد ان الالتزام بمرجعية مدريد مبني على عبارة (PROGSSOF) اي سيرورة السلام والذي يعتبر طبيعة النزاع بين السوريين والاسرائيليين مختلفة عن بقية مسارات التفاوض وواشنطن تتخوف فعلا من وضع قضية الجولان في الثلاجة عبر تجميد الملف بانتظار ان يتآكل الوضع تدريجيا, فدمشق تسعى الى ايجاد توازن استراتيجي مع اسرائيل والرئيس كلينتون يقول انه مصر على ان يفعل شيئا ما على المسار السوري الاسرائيلي قبل انتهاء ولايته الثانية وثمة اتجاه امريكي لاقفال الملف اللبناني اي تفكيك التلازم السوري اللبناني في عملية التسوية واوروبا تؤيد هذا التلازم وامريكا تحاول ان ترفع قبضتها الدبلوماسية لعمل شيء ما على المسار السوري التفاوضي دون خوف او تراجع او عجز امام التأثير الذي يمارسه اللوبي الصهيوني على مركز صنع القرار الامريكي. فهل تنجح اوروبا بمواقفها الصريحة والمعلنة تجاه ضرورة انسحاب اسرائيل من الجولان وبقية الاراضي العربية المحتلة في جنوب لبنان والضفة الغربية فيما يبدو انه فشل امريكي في جعل الشرق الاوسط يعبر الى القرن المقبل بأمن وآمان. رئيسة قسم الأخبار العربية في صحيفة الثورة السورية

Email