وزير القوى العاملة المصري لـ (البيان):معدلات البطالة في مصر ليست مقلقة ومستمرة في الانخفاض, أسواق العمل العربية تتطلب الاسراع بالحد من العمالة الأجنبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت وزارة القوى العاملة والهجرة المصرية في اعادة صياغة الاستراتيجيات الخاصة بها بهدف اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد مثل تنظيم الأوضاع في سوق العمل الداخلي من خلال اصدار قانون العمل الموحد, واعداد وتدريب وتأهيل العمالة المصرية بشكل فني متطور يتوافق مع المتغيرات الدولية والاقليمية ومتطلبات أسواق العمل الخارجية وتوثيق علاقات التعاون مع الوزارات المناظرة والأجهزة المعنية بشؤون التشغيل في الوطن العربي . ويرى أحمد العماوي وزير القوى العاملة والهجرة ان فكرة التعيين في الحكومة أصبحت غير مجدية نظرا لتضخم عدد العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة عن الاحتياجات الفعلية.. مشيرا إلى ان المستقبل أصبح للعمل الحر في ظل تزايد دور القطاع الخاص والاستثماري الذي ورث الشركات الحكومية بعد انتهاء عملية خصخصتها وأصبح هو المسؤول الاول عن خلق فرص العمل. وينفي العماوي بشكل قاطع وجود مجرد شبهة مجاملة لاصحاب الاعمال والمستثمرين على حساب العمال في قانون العمل الموحد, لأن على حد تعبيره اذا كان رأس المال مهما في العملية الانتاجية فان العنصر البشري هو الاكثر اهمية. (البيان) التقت احمد العماوي وتحاورت معه حول عدد من القضايا الساخنة علي الساحة العمالية في مصر مثل معدلات البطالة وسبل السيطرة عليها, وقانون العمل الموحد, ومدى مسؤولية الحكومة عن تعيين الخريجين في ظل التحول الاقتصادي والخصخصة, والسوق العربية المشتركة, والدعوة لاقامة سوق عمل عربية موحدة. وفيما يلي نص الحوار: * في البداية.. يأتي انعقاد مؤتمر العمل العربي بالقاهرة وسط خضم من الاحداث المتلاحقة التي تمر بها المنطقة العربية, ما هي الآثار التي يمكن ان تلقي بظلالها على المنطقة من جراء هذه الاحداث؟ ـ هذا السؤال يعتبر بداية ساخنة للحوار لان اجابته متشعبة وتسير في اكثر من اتجاه لأن مؤتمر العمل العربي هذا العام يعتبر آخر مؤتمرات القرن الحالي وبالتالي سوف نستقبل قرنا جديدا له مشاكله ومتطلباته وسط ثورة تكنولوجية ومعلوماتية رهيبة لأن العالم يشهد جديدا كل يوم. العولمة والتكتلات اما عن ابرز الاحداث التي يمر بها العالم العربي فتتمثل في العولمة الاقتصادية وتحرير التجارة الدولية بالاضافة الى التكتلات الدولية والاقليمية المحيطة بالمنطقة العربية سواء في اوروبا او في آسيا وهذان الامران يفرضان على الدول العربية ضرورة اتخاذ خطوات فعالة تؤدي في النهاية الى تحقيق الوحدة العربية الشاملة التي يجب ان تبدأ بالسوق العربية المشتركة ويتبعها ازالة الحواجز الجمركية بين الدول العربية ومنح حرية اكبر للمواطنين العرب في التنقل داخل حدود الوطن العربي الكبير للوصول في النهاية الى صك عملة نقدية عربية موحدة كما هو الحال بالنسبة لـ (اليورو) الاوروبي. حلم.. ولكن السوق العربية المشتركة حلم قديم او بمعنى أدق (جنين لم يكتمل نموه) منذ 40 سنة.. من وجهة نظركم ماهي المعوقات التي تحول دون ميلاد السوق العربية المشتركة من مرحلة المخاض المتعثرة؟ ـ لا شك ان الاعلان عن قيام السوق العربية المشتركة ككيان اقتصادي يحسب له الف حساب في المنطقة حلم يراود كل عربي منذ نهاية الخمسينات وبداية الستينات, ومن وجهة نظري وحسب معطيات الواقع الذي نعيشه, يمكننا القول ان ابرز معوقات تحقيق هذا الحلم تتمثل في عدم توافر النوايا الصادقة لدى بعض الأطراف العربية لاكمال هذا الشروع وتخوف البعض الآخر من تدهور اقتصادها بسبب الاندماج في هذه السوق وهي لا تمتلك مقومات تنافسية متكافئة مع الدول العربية الأخرى. ويضاف إلى ذلك الدسائس والمؤامرات التي تدبرها بعض القوى الخارجية لاجهاض أي مشروع وحدوي عربي لأن ذلك لا يحقق أطماع ومصالح هذه الأطراف في ثروات المنطقة العربية وبالتالي تسعى هذه الأطراف لخلق وصياغة مصطلحات دخيلة على الخريطة العربية مثل مصطلح (السوق الشرق أوسطية) وهو مصطلح يتسع لضم دول أخرى غير عربية في أي تكتل اقتصادي مثل تركيا واسرائيل وهي دولة تسعى إلى الحصول على حصة كبيرة من مساحة الأسواق العربية التي تضم أكثر من 280 مليون نسمة, خاصة وان فاتورة الواردات العربية بلغت خلال العام الماضي فقط حوالي 170 مليار دولار. ضرورة تغليب المصلحة القومية ومن هذا المنطق فإنني أرى ان مقومات نجاح السوق العربية المشتركة تكمن في تغليب المصالح القومية للأمة العربية على المصالح القطرية والتصدي للنزاعات الفردية لبعض الدول واليقظة لكل المحاولات الخارجية الرامية إلى (دق اسفين) بين الدول العربية وتفويض أي محاولة للوحدة وفوق كل ذلك ضرورة تنحية الخلافات السياسية بعيدا عن المصالح والأنشطة الاقتصادية التي تزدهر في أجواء الاستقرار والثقة المتبادلة ولعل منطقة التجارة العربية الحرة التي مر عام على اعلان تأسيسها تعتبر نواة لمشروع السوق العربية المشتركة التي نتمنى ان ترى النور قبل استقبال الألفية الثالثة. الحد من العمالة الأجنبية لا شك ان أسواق العمل العربية تحتاج إلى اعادة النظر في سياسات الاستخدام والتشغيل وبوجه خاص بعد تدهور اسعار البترول. ألست معنا في ان هذا الوضع يحتاج إلى أطروحة خاصة للتعامل معه لضمان السيطرة على الأوضاع وضبط الايقاع داخل أسواق العمل؟ بالفعل انتم محقون في هذا الرأي لأن الأوضاع داخل أسواق العمل العربية بشقيها المرسلة والمستقبلة للعمالة تحتاج كما سبق وقلت إلى استراتيجية خاصة للتعامل معها في ظل الانخفاض المستمر في أسعار البترول. وهذه الاستراتيجية يجب ان تقوم على تكامل السياسات داخل الدول المرسلة والمستقبلة للعمالة لتنظيم عمليات الهجرة حتى تستقر الأسواق المستقبلة للعمالة. ويقوم الشق الثاني من هذه الاستراتيجية على ضرورة الحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية الوافدة وخاصة العمالة الآسيوية التي باتت تزاحم العمالة العربية بقوة, ولم يقتصر الأمر على العمالة العربية الوافدة من أقطار أخرى, وانما تعدى ذلك إلى العمالة الوطنية وخاصة في مؤسسات القطاع الخاص الذي يسعى للتعاقد مع عمالة رخيصة الأجر وتقبل القيام بأكثر من عمل وتعمل لفترات طويلة حتى وان كانت درجة مهارتها اقل ولذلك يجب على الدول العربية المستقبلة للعمالة ضرورة التزام القطاع الخاص بتشغيل نسبة من العمالة الوطنية اولا داخل مؤسساته وعدم السماح له باستقدام عمالة من الخارج اذا لم يلتزم بذلك اما الشق الثالث من هذه الاستراتيحية فيقوم على ضرورة الربط بين سياسات التدريب والتعليم والاحتياجات الفعلية لاسواق العمل لتحقيق نوع من المواءمة بين هذه المعطيات الثلاثة, بحيث يتم رسم السياسات التعليمية وخاصة في التعليم الفني حسب نوعيات المهن المطلوبة ودرجة المهارة اللازمة في كل مهنة واجراء نوع من التدريب التحويلي للعمالة الموجودة في تخصصات يقل الطلب عليها في سوق العمل. توحيد تشريعات العمل ألستم معنا في ان الاوضاع الحالية تتطلب المزيد من التعاون والتنسيق بين الدول العربية للوصول الى الاقتراب من توحيد تشريعات العمل على امل خلق سوق عمل عربية؟ بكل تأكيد تحتاج الدول العربية اكثر من أي وقت مضى الى التعاون والتنسيق والسعي بجد لتحقيق نوع من التجانس بين قوانين وتشريعات العمل السائدة في كافة الاقطار العربية لان الظروف الراهنة وتزايد التكتلات الدولية والاقليمية وتنامي نفوذ الاسواق متعددة الجنسية داخل الاسواق العربية تدفع الجميع نحو هوة سحيقة لا يوجد منقذ منها سوى الوحدة العربية, بدلا من حالة التشرذم الذي يعاني منها العرب منذ سنوات طويلة. ويتطلب التنسيق العربي في مجال التشريعات العمالية وضع دليل استرشادي عربي تهتدي به كافة الدول العربية عند وضع التشريعات العمالية التي تتوافق مع متطلبات المرحلة المقبلة وتشكل حائطا قويا في مواجهة المخاطر الناجمة عن العولمة والتحرر الاقتصادي وسوف يؤدي تناغم تشريعات العمل العربية في النهاية الى خلق سوق عمل عربية موحدة تعظم فرص العمل المتاحة للعمالة العربية وتحد من تزايد العمالة الاجنبية داخل الدول العربية, والتي يصاحبها آثار سلبية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتقلل من فرص العمل المتاحة امام العمالة العربية التي تتزايد يوما بعد يوم.. وتحتاج الى توفير 2.5 مليون فرصة عمل سنويا لامتصاص جزء من نسبة البطالة الحالية التي وصلت الى 14 مليون شخص يمثلون حوالي 15% من حجم قوة العمل العربية البالغة حاليا 90 مليون شخص بالاضافة الى استيعاب الداخلين الجدد الى اسواق العمل العربية من خريجي الجامعات والمعاهد والمدارس الفنية. معدلات البطالة.. والتنمية دعنا نخرج من الاطار العربي وندخل الى سوق العمل المحلي حيث يردد البعض ان هناك تضاربا كبيرا في الاحصائيات الصادرة عن معدلات البطالة في مصر والتي يقال انها زادت بصورة مزعجة بسبب توقف الحكومة عن تعيين الخريجين.. نرجو القاء المزيد من الضوء على هذه القضية مع التركيز على التوقعات المستقبلية لحجم البطالة في مصر؟ معدلات البطالة في مصر ليست بالصورة التي يصورها البعض لكنها تتماشى تماما مع معدلات التنمية السائدة لان نسبة البطالة حاليا 8.7% لان قوة العمل تبلغ 18 مليون شخص يعمل منهم بالفعل حوالي 16 مليونا ويصل عدد المتعطلين عن العمل حوالي مليوني شخص وسوف تنخفض نسبة البطالة في مصر الى 4.9% عام 2002 حيث يصل عدد العاطلين الى 1.4 مليون شخض من اجمالي 21 مليونا هم اجمالي حجم قوة العمل في ذلك الوقت والحكومة تسعى حاليا الى توفير 550 الف فرصة عمل سنويا بالمدن الصناعية الجديدة والمشروعات العملاقة التي يتم انشاؤها في توشكى بجنوب الوادي وشرق التفريعة ببورسعيد وحول خليج السويس وحول ترعة السلام في سيناء وذلك لامتصاص جزء من نسبة البطالة الحالية واستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل غير ان هذا العدد من فرص العمل يحتاج لضخ استثمارات ضخمة لان توفير فرصة العمل الواحدة يتكلف حوالي 50 الف وللعلم فإن نسبة البطالة تقل كثيرا بين خريجي الجامعات وترتفع بين الحاصلين على الدبلومات الفنية. التعيين في الحكومة السؤال الذي نبحث له عن اجابة تطمئن جميع الاطراف هو هل تخلت الحكومة عن دورها في تعيين الخريجين؟ هذا الكلام مخالف تماما للحقيقة لان الحكومة لم ولن تتخلى عن دورها الاجتماعي في تعيين الخريجين ولكن عملية التعيين في القطاع الحكومي اصبحت صعبة لدرجة كبيرة وذلك بسبب زيادة العدد الاجمالي للعاملين بوحدات الجهاز الاداري للدولة عن الحاجة الفعلية للعمل حيث يصل عدد العاملين في هذا القطاع حوالي 5.5 ملايين شخص منهم حوالي 3 ملايين يزيدون عن حاجة العمل فعملية تعيين الخريجيين حاليا تخضع لمجموعة من الضوابط اهمها ضرورة وجود حاجة فعلية للتعيين وذلك للتخلص من التركة الثقيلة التي ورثها القطاع الحكومي خلال السنوات الثلاثين الاخيرة حيث كان يتم التعيين بشكل منتظم بغض النظرعن مدى وجود حاجة بشكل منتظم النظر عن مدى وجود حاجة فعلية لذلك مما اسفرعن زيادة نسبة البطالة المقنعة داخل وحدات الجهاز الاداري للدولة, وهو الامر الذي ادى الى انخفاض معدل انتاجية العامل المصري وتقول بعض الاحصائيات انه لايعمل سوى 27 دقيقة يوميا من اجمالي عدد ساعات العمل اليومية البالغة 7 ساعات. وما زالت عملية التعيين تتم بنفس الاسلوب المعتاد حيث تقوم الجهات الحكومية بإرسال كشوف باحتياجاتها من الخريجيين الى الوزارة ولكن معظم هذه الاحتياجات يكون مبالغ فيها الى حد كبير ويتم عرض هذه الاحتياجات ودراستها مع الوزارات المعنية مثل المالية والتنمية الادارية, لبحث كيفية توفير الاعتمادات المالية اللازمة لدفع رواتب الوظائف التي سيتم شغلها وبالاضافة الى ذلك فإن هناك بعض الجهات التي يتم تعيين الخريجيين بها عن طريق المسابقات نظرا لطبيعتها الخاصة واحتياجاتها الى نوعية معينة من الخريجيين مثل مصلحة الضرائب والجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة العامة, لان طبيعة العمل في هذه الجهات تختلف عن العمل الحكومي من حيث نوع الخريج وثقافته ودرجة تأهيله. تعويضات حرب الخليج تعتبر قضية تعويضات المتضررين من حرب الخليج من أبرز القضايا التي تستقطب اهتمام الجميع وتحظى باهتمام وسائل الاعلام المختلفة خلال العامين الأخيرين.. الى أين وصلت الأمور في هذه القضية حتى الان؟ تعويضات حرب الخليج كما هو واضح من تسميتها نوع من التعويض المخصص للمتضررين من الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990 من جميع الجنسيات, وقد تسلمت مصر حتى الان خمس دفعات من مستحقات أبنائها المتضررين من الغزو استفاد منها 357 ألفا و926 شخصا حصلوا على مبالغ اجمالية وصلت الى 5.885 مليون دولار.. منهم 292 ألف و44 شخصا من أصحاب الاستمارة (أ) الخاصة بمغادرة العراق والكويت حصلوا على 731 مليون دولار بواقع 2500 دولار لكل شخص و65 ألف و558 شخصا من أصحاب الاستمارة (ج) الخاصة بخسائر الوظائف والممتلكات حصلوا على 5.154 مليون دولار تحت بند التسوية لحين تحويل أموال جديدة من سكرتارية التعويضات التابعة للأمم المتحدة في جنيف بالاضافة الى 324 شخصا من أصحاب الاستمارة (ب) الخاصة بالمصابين والمتوفين حصلوا على 3.1 مليون دولار بواقع 12 ألف و500 دولار لكل شخص. أما الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لقضية التعويضات فهو موافقة الأمم المتحدة على تحويل جزء من قيمة (الحوالات الصفراء) الخاصة بالمصريين الذين كانوا يعملون بالعراق فقد اعتبرت اللجنة أن الحوالات الصادرة خلال الفترة من 2 يوليو حتى 2 أغسطس 1990 ضمن تعويضات المتضررين من حرب الخليج وتم تحويل 5.84 مليون دولار قيمة 232 الف حوالة يستفيد منها 224 شخصا ويجرى حاليا صرف قيمة هذه الحوالات بمعرفة البنك المركزي المصري. قانون العمل نموذجي أعلنتم أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة أن قانون العمل الموحد سوف تتم مناقشته داخل مجلس الشعب خلال الدورة البرلمانية الماضية ولكن ذلك لم يحدث وها هي الدورة الحالية توشك على الانتهاء ولم يتم ادراج القانون على قائمة المناقشة, فما هى دواعي التأخير خاصة وأن القانون حسب التصريحات الرسمية جاهز للمناقشة؟ بالفعل القانون جاهز للمناقشة منذ أكثر من عامين حيث تمت مناقشته على أوسع نطاق وشارك في صياغته أساتذة التشريعات الاجتماعية بالجامعات وخبراء في القانون وممثلين عن الحكومة والعمال وأصحاب الأعمال وكافة الاحزاب السياسية, ولكن المشكلة تكمن في ضرورة ايجاد فرصة مناسبة لمناقشة القانون داخل المجلس باستفاضة حتى يخرج بالصورة المثلى التي يمكن أن تنظم علاقات العمل في ظل تنامي دور القطاع الخاص وقرب الانتهاء من برنامج الخصخصة. لا مجاملة لرجال الأعمال وبالنسبة لما يتردد بشأن مجاملة أصحاب الأعمال على حساب العمال, فإن هذا الكلام مجرد افتراء لأنه بقدر أهمية رجال الأعمال والمستثمرين فإن العمال هم أهم حلقات العملية الانتاجية التي لا يمكن أن تتم بدونهم ومن خلال هذا القانون تم وضع حدود دنيا للأجور في حين تم ترك الحد الاقصى للأجر مفتوحا بحيث يتم تحديده حسب القدرة المالية للمنشأة وخبرات ومهارات العامل وهو الأمر المعروف على المستوى العالمي بالمفاوضة الجماعية, حيث يتم تحرير عقود عمل جماعية تحدد عدد ساعات العمل اسبوعيا وكيفية التعيين وتنظيم الحصول على اجازات والعمل الليلي والاضافي والحوافز والبدلات. وعقد العمل الجماعي في ظل قانون العمل الموحد يتم تحريره بين أصحاب الأعمال والنقابات العمالية التي تمثل قطاعا معينا مثل النسيج والبترول والبناء والتشييد, بحيث يكون العقد ساريا على كافة منشآت القطاع. ويتم تجديد هذا العقد كل فترة زمنية حددها القانون بثلاث سنوات لضمان تحقيق الاستقرار في العلاقة بين أطراف العملية الانتاجية. نشرة التوظيف هناك اتهامات توجه للنشرة القومية للتوظيف بأنها محاولة حكومية للتنصل من تعيين الخريجين بالحكومة, بالاضافة الى ان معظم الوظائف الموجودة بها وهمية.. فما ردكم على هذه الاتهامات؟ بداية لابد من ان نوضح ان النشرة القومية للتوظيف والتي بدأت الوزارة في اصدارها منذ شهر سبتمبر الماضي هي احدى الثمار اليانعة للصلة الوثيقة والتعاون المستمر بين الحكومة ورجال الأعمال والمستثمرين الذين أصبحوا يشكلون جزءا مهما من نسيج المجتمع, فالقطاع الخاص أصبح حاليا يقود قاطرة التنمية في عدد كبير من القطاعات المنتجة لفرص العمل الحقيقية ذات الاجور المرتفعة ويكفي انهم وفروا حتى الآن حوالي 60 ألف فرصة عمل تراوحت مرتبات الملتحقين بها بين 200 جنيه وحتى سبعة آلاف جنيه حسب نوع الوظيفة ودرجة الخبرة والمهارة التي يتمتع بها العمال. والحكومة لم تتنصل من تعيين الخريجين كما يردد البعض, ولكن هذه العملية كما سبق وقلت سوف تخضع لضوابط وتنظيم أكثر خلال المرحلة المقبلة وفي مقدمتها الاحتياجات الفعلية وعدد الوظائف الشاغرة بوحدات الجهاز الاداري للدولة.. ونشرة التوظيف القومية تعتبر حلقة الوصل بين أصحاب الأعمال والباحثين عن فرص عمل حقيقية منتجة في ظل تزايد شكوى أصحاب الأعمال في المدن والمجتمعات العمرانية والاستثمارية الجديدة مثل السادس من اكتوبر والعاشر من رمضان وبرج العرب الجديد والبحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء. تراجع العمالة بالخارج آخر سؤال نود ان نختم به هذا الحوار يتناول فئة هامة جدا من سوق العمل المصري وهذه الفئة هي المصريون العاملون بالخارج.. ماهي اسباب التراجع الواضح في حجم العمالة المصرية بالخارج وكيف يمكن مواجهة ذلك؟ العمالة المصرية بالخارج شريحة هامة جدا ولايمكن اغفال دورها في التنمية سواء في مصر او بالدول التي تعمل بها فبالنسبة لمصر تمثل تحويلات العاملين بالخارج مصدرا مهما جدا من مصادر الدخل القومي ويتم استغلال هذه التحويلات في رفع معدلات التنمية وبالنسبة للبلاد التي تعمل بها فقد قامت العمالة المصرية بدور بارز في احداث النهضة القومية بمعظم الدول العربية وخاصة الخليج من خلال نشاطها المتميز وجهودها المستمرة منذ منتصف السبعينات في مجالات البناء والتشييد والبترول والتدريس والاعمال التجارية. اعداد العمالة المصرية بالخارج بدأت تتأثر سلبيا منذ بدايات عقد التسعينيات وذلك لأسباب خارجة عن ارادتنا وفي مقدمتها الغزو العراقي للكويت والذي ادى الى تلاشى سوق العمل العراقي تماما حيث كان هذا السوق يستوعب اكثر من مليوني عامل, كما تأثرت اسواق العمل في بعض دول الخليج وخاصة السعودية التي انخفض عدد العاملين بها من 1.4 مليون عامل الى حوالي 800 الف فقط. كما فقد السوق الكويتي بريقه لفترة طويلة غير انه استعاد توازنه بسرعة ويصل عدد العاملين المصريين به حوالي 231 ألف بعد ان كانوا 83 ألفا قبل الغزو. اما عن اسباب هذا التراجع فيمكننا القول انها اسباب متداخلة ومتشابكة منها تدهور اسعار البترول وانعكاساتها السلبية على خطط وبرامج التنمية واسواق العمل وبدء معظم دول الخليج العربي التوسع في سياسات (توطين الوظائف) بمعنى احلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة وهذه السياسيات تتخذ مسميات مختلفة من دولة لاخرى وتعتبر من الشؤون الداخلية لكل دولة تقوم من خلالها بتنظيم سوق العمل بها ولا نملك التدخل فيها. وبالرغم من كل ذلك فإن هناك بعض الاسواق ما زالت منتعشة وتحقق العمالة المصرية معدل نمو سنوي بها مرتفع منها سوق العمل الاماراتي الذي يستوعب حاليا 110 آلاف عامل ولاتوجد اي مشاكل لهم من منطلق العلاقات الحميمة بين الشعبين وعلى المستوى السياسي من خلال القيادة السياسية لكل دولة متمثلة في صاحب السمو الشيخ زايد والرئيس مبارك. كذلك فان اوضاع العمالة المصرية في قطر 20 ألف عامل والبحرين 40 الفا وعمان 17 الفا واليمن 31 ألفا والاردن 170 الفا وليبيا 400 الف عامل مستقرة وما زالت هذه الاسواق تطلب العمالة المصرية في التخصصات الفنية التي لم تتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من ابنائها حتى الآن. اما عن سبل مواجهة عملية تدهور بعض اسواق العمل, فان الامر يتطلب اعادة النظر في سياسات الاستقدام العربية والحد من الاعتماد على العمالة الاسيوية على امل تعريب كافة الوظائف وفي نفس الوقت دفع مسيرة التنمية لخلق فرص عمل جديدة تستوعب الداخلين الجدد لاسواق العمل.

Email