فاروق كدودة أبرز قيادي شيوعي سوداني في العلن لـ(البيان):نرفض أي دور خارجي لحل الأزمة بين المعارضة والحكومة

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم موقعه المتقدم في قيادة الحزب الشيوعي السوداني الذي يمارس نشاطه في الداخل سرا حتى الآن, ظل الدكتور فاروق كدودة صوتا يعبر علنا عن آراء ومواقف الحزب ولو من وراء حجاب الصفة الاكاديمية . ورغم اطلالاته النادرة على صفحات الصحف السودانية لا بصفته السياسية وانما بصفته عميد كلية الاقتصاد والادارة بجامعة ام درمان الاهلية لم يجرؤ محاوروه على نبش اوراق الحزب الذي كان يوما ما اكبر الاحزاب الشيوعية في الشرق الاوسط ولم يواجهه احد بالاتهامات التي تطال نشاط الحزب وقادته كما لم يرصد احد آراء الحزب في التطورات السياسية التي لا تنفكك (تتوالى) . (البيان) كسرت هذا الحاجز المفتعل والتقت به بوصفه ابرز قيادات الحزب الشيوعي (على سطح الارض) وفجرت في وجه الرجل اسئلة حرجة لكنها ملحة, فأجاب عليها بل وتجاوب معها بهدوء وصراحة لم تدهشنا بقدر ما اثارت شهيتنا الصحافية لامطاره بمزيد من الاسئلة ولنخرج بحصيلة نحسب انها جديدة وجديرة بفتح باب جدل مفيد اتفاقا معه او اختلافا. قال كدودة ضمن ما قال: الازمة السياسية في السودان ينبغي ان تحل من خلال اطار سوداني سوداني دون اي تدخل اجنبي دبلوماسيا كان او عسكريا او حتى من خلال المقاطعة والعزل واضاف في هذا السياق اذا كانت هناك قوات اريترية او غيرها تخترق حدودنا بالفعل فإننا مستعدون لحمل السلاح في وجهها اذا اعطيت لنا الفرصة, ودعا (كل السودانيين) المعارضين الى ان يكفوا عن استعداء العالم على بلادهم واضاف: كفى ما فعله النظام من استعداء للعالم بشعاراته وممارساته. وكشف كدودة ان نقاشا يدور في اوساط الحزب الشيوعي السوداني لوضع برنامج جديد لاستيعاب المستجدات كما يجري بحث تغيير اسم الحزب (وان كان هو شخصيا ضمن الغالبية التي لا توافق على ذلك) واعتبر ان انهيار النموذج السوفييتي ليس إلا (هزيمة في موقعة واحدة من معركة طويلة) . واعترف القيادي الشيوعي بضعف نشاط التجمع الوطني في الداخل لكنه برر ذلك بقساوة القبضة الامنية للنظام (الذي يعد جيشا يكفي لتحرير الارض العربية من اجل مواجهة حفنة من النساء يتظاهرن احتجاجا على قطع الكهرباء) . ودافع عن استمرار اختفاء زعيم الحزب محمد ابراهيم نقد قائلا ان دوافع اختفائه لازالت ماثلة وان الحزب غير معني وغير آبه بالانفراجة النسبية التي طرأت لانه (عدو ايدولوجي للجبهة الاسلامية) ولان شيئا لم يتغير بعد يدعو لظهور نقد. وفتح كدودة آخر طلقات رشاشه على المنشقين عن الحزب الشيوعي الذين شكلوا حزبا آخر باسم حركة القوى الحديثة والمعروفة اختصارا بـ (حق) . واعتبر ان اعلان هذه الحركة اعلان لحالة يأس وافلاس سياسي. وفي حالة مراوحة بين اسداء النصح لقادة حق (الذين اكن لهم تقديرا وحبا) وبين مهاجمتهم بعنف, شكك كدودة في ان تكون الاحداث المتعلقة باعتقالهم واطلاقهم حال اعلانهم مولد الحركة في مؤتمر صحفي الشهر الماضي, شكك في ان تكون هذه الاحداث مجرد مسرحية سيئة الاخراج تمت بالتنسيق مع السلطة: فإلي تفاصيل الحوار: انجازات رغم الظروف ‍ ظل الحزب الشيوعي بعيدا عن الانظار وآثر الاختفاء منذ 30 يونيو 89 وحتى الآن واكتفى فقط بحركة بعض قادته بالخارج الا يعني هذا الهروب من المواجهة؟ ـ لا اعتقد ان هذا التقرير صحيحا.. الحزب الشيوعي لم ينزو ولا يحصر نشاطاته على بعض قادته بالخارج الامر في حقيقته ان الحزب يعمل داخل السودان تحت ظروف بالغة الصعوبة ولذلك عمله محاط بسرية مطلقة وسط ظروف عالمية اثرت عليه تأثيرا كبيرا. جانب من الحقيقة ان الظروف السياسية التي تواجه البلاد دفعت الكثير من العناصر الحركية والنقابية والجماهيرية الى الهجرة للخارج وهناك عدد كبير من الذين بقوا بالداخل يعانون من المطاردة والمراقبة والبقية الاخرى استهلكتهم مصاعب الحياة وهذه الحالات تنطبق على الشيوعيين وغيرهم وفي ظل هذه الظروف المعقدة لم يتمكن الحزب من عقد مؤتمره الخامس إلا انه عقد اجتماعات على مستوى الهيئات القيادية وادار نقاشا بين اعضائه واصدقائه حول التغييرات العالمية التي حدثت مثل انهيار النموذج السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية وطرح قضاياه ذات المدلولات العملية والنظرية في استراتيجياته و(اسمه) وكل ما يتعلق بالتطورات العالمية وكان هذا بالنسبة للحزب الشيوعي انجازا لا يقل اهمية عن العمل الجماهيري. ورغم ظروف السرية المطلقة التي يعمل فيها الحزب فقد قطع شوطا كبيرا في انجاز المهام المطروحة امامه الآن. الحزب الشيوعي في العهد الديمقراطي كان يعقد ندوات وله مقار وله كوادر تتحرك بحرية الآن الوضع مختلف فالحزب لا يملك مقار وكوادره لا تستطيع التحرك بحرية وغاب الكثيرون في السجون ولاعوام طويلة ورغم ذلك فقد انجز الحزب ما يمكن انجازه في ضوء الامكانيات المتاحة وكان حاضرا في كل المناسبات السياسية والوطنية وقام بما كان يقوم به في ظروف الحرية والمتمثل في اصدار البيانات ومواصلة الدراسات حول ما يمكن ان يكون عليه برنامجه في المرحلة المقبلة وفيما يتعلق ببرنامج التجمع الوطني المعارض قام الحزب الشيوعي بدور اصيل واصدر بيانات وفي كل المناسبات السياسية مثل الدستور والتوالي والانتخابات الصورية التي كانت تجري في الاحياء والقرى وفي كل هذه القضايا وبقدر ما اتيح للحزب اصدر بيانا اوضح رأيه وفضلا عن كل ذلك تصدر صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب بانتظام. وكل هذا مقارنة بالظروف المحيطة يعد انجازا كبيرا, لان النظام الحالي بعتبر الحزب الشيوعي هو العدو الاستراتيجي لذلك سلط عليه كل الاجهزة وكل ما يهدف اليه هذا النظام هو القضاء على الحزب الى الابد ولذلك لا اعتقد ان الحزب الشيوعي انزوى فمن السرد السابق تجد ان الحزب كان رأيه واضحا طيلة العشر سنوات الماضية حتى باستثناء اول عامين من عمر هذا النظام حيث كان معظم كوادر الحزب داخل السجون وسكرتيره العام مختفيا. اما الآن اعتقد انه اكثر جهة سياسية مواكبة للاحداث السياسية وتعلن للرأي العام ــ بالقدر المتاح ــ رأيها بكل صراحة ووضوح. سياسة شق الصفوف لكن اذا مانظرنا الى نشاط الاحزاب العريقة المتحالفة مع الحزب الشيوعي في تجمع المعارضة نجد ان قادتها بالداخل يعقدون الندوات ويتفقدون قواعدهم ويدخلون في معارك معلنة وغير معلنة مع الحكومة في حين لا يلاحظ للحزب الشيوعي نشاط واضح؟ كما ذكرت آنفا, فإن الجبهة الاسلامية تعتبر الحزب الشيوعي هو العدو الاستراتيجي لها لذلك حتى الصحف تنشر آراء قادة الاحزاب الاخرى ولكن لا تعطي قادة الحزب الشيوعي هذه الفرصة, النظام انتهج سياسة شق كل الاحزاب وكان على رأسها الحزب الشيوعي ولذلك كان يعطي المجال لبعض الذين يتصورون انهم سيقودون انشقاقا او ينفضون من حول الحزب الشيوعي. الجبهة الاسلامية تزعم انها تشترك مع الاحزاب الكبيرة خصوصا حزب الامة والحزب الاتحادي في بعض النقاط والمبادىء, ولكن الذين تم الحوار معهم حتى داخل هذه الاحزاب كان بغرض استمالتهم ولذلك نحن نرى ان الحوار الذي تقوده الجبهة الاسلامية الهدف منه شق هذه الاحزاب او ضم بعض عناصرها الى برنامج الجبهة الاسلامية مثال الشريف الهندي وآخرين من حزب الامة. وقد قال الحزب الشيوعي ان كل ما يهدف اليه النظام من اصدار قانون التوالي السياسي هو خلق الفتنة وشق الصفوف... اضف الى ذلك ان الحزب الشيوعي لم تتح له الفرصة في اجهزة الاعلام كما اتيحت للاحزاب الاخرى وحتى الحديث الذي كان يدلي به بعض اعضاء الحزب كان في قضايا محدودة ومتخصصة ومن وجهة نظر اكاديمية, لذلك اقول ان الجبهة الاسلامية تعمل على تغييب الحزب الشيوعي حتي ينسى الناس ان هناك حزبا بهذا الاسم ولذلك العمل القليل الذي تمكن الحزب من ادائه يصب في خانة مناهضة تغييب الحزب الشيوعي... والجبهة الاسلامية تعلم انه لا يمكنها التأثير على القواعد المنظمة للحزب, في حين ان امكانية هذا التأثير تتوفر لها في الاحزاب الاخرى لان هناك بعض الافراد داخل هذه الاحزاب يمكن ان يلتقوا مع الجبهة الاسلامية في كثير من برامجها الامر الذي لا يتوفر لها داخل الحزب الشيوعي, فيمكنك ان تجد امثلة لما قلت في انضمام البعض لاطر النظام الحالي من امثال عثمان عبدالقادر وعبدالله محمد اللذين كانا ضمن قيادات حزب الامة والى جانب حسين ابو صالح الذي كان احد قادة الحزب الاتحادي هؤلاء ومن تشابه منهم داخل الاحزاب العريقة هم المستهدفون بما يسمى بالحوار ومساحة الحريات التي تتحدث عنها الجبهة الاسلامية حتى تتم استمالتهم او على الاقل احداث انشقاق اما بالنسبة للحزب الشيوعي فإن الجبهة الاسلامية تعلم انها لا تستطيع ان تحدث داخله انشقاقا واذا حدث هذا الانشقاقات داخل الحزب فهذا شأن الشيوعيين انفسهم ولا دخل للجبهة الإسلامية به. لهذا فإن الحزب الشيوعي غير معني بمساحة الحرية هذه لأنه لا توجد قوائم مشتركة بين الحزب والجبهة الإسلامية, وأعود فأذكر مجددا ان استراتيجية الجبهة الإسلامية من تهميش للحزب الشيوعي وان ينسى الناس ان هناك حزبا بهذا الاسم لأنه هو العدو الاستراتيجي لذلك لا يستطيع أي صحفي في السودان ان يجري حديثا مع أحد قادة الحزب باعتباره قائدا من قادة الحزب الشيوعي ولا يردفون هذه الصفه له إذا تحدثوا له وأنما ينعتونه بصفة الاكاديمية أو غيرها من الصفات وينشرون حديثه بشكل يمكن ان يفهم منه انه رأى الحزب ولكن لا يستطيعون النص على ذلك صراحة مثل ما يفعلون مع الاحزاب الاخرى. وهناك امر آخر هو ان الحزب الشيوعي اصغر حجما من الاحزاب العريقة مثل الاتحادي والامة لذلك لابد ان يكون صوت تلك الاحزاب اعلى من صوت الحزب الشيوعي لانه اقل حجما وامكانيات ولذلك ارى الا تكون هناك مقارنة بمن هو الاعلى صوتا ولتكن المقارنة بمن هو الاكثر وضوحا في الرأي وفي التحليل السياسي والاجتماعي لاوضاع السودان وفي كل هذه القضايا تجد ان الحزب الشيوعي هو الاكثر وضوحا. بحث تغيير الاسم قلت ان الحزب الشيوعي قد عقد اجتماعات ناقش فيها استراتيجية العمل بعد انهيار النموذج السوفييتي ويتردد ان الحزب سيتخلى عن اسمه القديم ويدخل المرحلة القادمة باسم جديد. الحزب الشيوعي في الداخل والخارج ناقش مدلولات انهيار النموذج السوفييتي بهذا يمكن ان تفهم ان هناك انتقادا لهذا النموذج وان هناك نماذج اخرى للاشتراكية وان الحزب الشيوعي ليس مقلوبا ولا جامدا في نموذج واحد للاشتراكية, الحزب الشيوعي مازال يؤمن بالاشتراكية العلمية ويفسر ظاهرة الانهيار للنموذج السوفييتي ويستفيد منها لاستقامة العمل في بناء مجتمع اشتراكي متخطيا الجوانب النظرية والعملية التي ادت الى نهاية النموذج السوفييتي فقط نريد ان نعلن ان انهيار النموذج السوفييتي لا يعني خروج الفكر الاشتراكي من تيارات الفكر العالمي وكثير من الشيوعيين يعلمون تماما ان انهيار النموذج السوفييتي لا يقل الا هزيمة في موقعه واحدة من معركة طويلة ومن الممكن ان تصحح وتطور الافكار والآن وضح تماما في العالم ووضح لنا في السودان بالرغم من الحصار الثقافي المضروب ماهي مدلولات انهيار النموذج السوفييتي نعم هناك حوار ونقاش دائر حول برامج الحزب واسم الحزب منذ ثلاث سنوات ولا استطيع ان ادلي بتفاصيل لان المناقشة لم تنته بعد لكن بعض الناس رأوا ان ظروف السودان تستوجب تغيير الاسم وانا لست واحدا منهم واعتقد ان الغالبية تتقبل الاسم الحالي وطبقا للاطر التنظيمية للحزب سيسود رأي الاغلبية وما زالت المناقشات والدراسات مستمرة حول هذا الامر والاسم ليس هو المهم وانما البرنامج واستيعاب القضايا الهامة على الساحة السودانية هو الاساس الاهم. الانفراجة والعلنية هل يفكر الحزب الشيوعي في استغلال مساحة الحريات المتاحة الآن وينقل عمله الى العلن مثلما اعلنت الاحزاب الاخرى؟ الحزب الشيوعي كما اسلفت غير معني بهذه الانفراجه النسبية لانه عدو ايدلوجي للجبهة الاسلامية لذلك هو غير آبه بالذي يجري ويعلم انه غير مسموح له باستغلال حتى النذر اليسير من الانفراج. هذا يضع الحزب الشيوعي في دائرة الاتهام التي تقول انكم تدفعون بالاحزاب التقليدية لمصادمة النظام تحت مظلة التجمع الوطني بينما تبقون انتم بعيدا عن المعركة؟ هذا اتهام للكبار بالصغر, التجمع الوطني يضم احزابا عمرها اكثر من خمسين عاما في الساحة السياسية, ولها دراية وتجارب وعلى علم بالحركة السياسية والتطورات التي حدثت فيها منذ الاستقلال والى يومنا هذا والحزب الشيوعي هو احدث هذه الاحزاب واقلها قوة وامكانات فكيف يستطيع ان يسير احزابا مثل الامة والاتحادي ويخدع شخصيات في قامة وحنكة الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني, ان مثل هذا الحديث يرمي الى خلق فتنة بين اعضاء التجمع الوطني وخلق بلبلة داخل صفوفه. شلل التجمع هناك حديث عن ان التجمع الوطني بالداخل يقف مشلولا ولا يستطيع تقديم اي عمل ملموس وان اعضاءه يكتفون بترديد عبارات مثل (مؤتمر دستوري) وتصفية الحكومة ولم يتعد دوره هذه التصريحات المكررة ويذهب البعض الى ان وجوده وعدمه سيان؟؟ ابدأ من النهاية وهو القول بأن وجوده وعدمه سيان, اعتقد ان هذا ليس صحيحا, بدليل ان الحكومة تتعامل معه اما بغضا فيه او اعترافا بواقع, والحكومة تعلن دائما انها على الدوام تفاوض ممثلين لاحزاب التجمع سرا او علنا, ايضا حاولت الحكومة ان تعترف ببعض اطراف المعارضة على حساب البعض الاخر. قد اتفق مع القائلين بأن عمل التجمع ليس بالمستوى المطلوب في الداخل ولكن لا يصل الامر الى درجة الشلل. هناك ضعف في الاداء يرجع الى ان النظام عندما تقوم مظاهرة قوامها النساء احتجاجا على قطع الكهرباء يعد لها كأنما تلك القوات ذاهبة لتحرير الارض العربية ويقمعها بشراسة شديدة جدا والامثلة علي ذلك كثيرة, خذ مثالا واحدا, احتفال الاستقلال بمنزل الزعيم الازهري وعدد القوات التي جندت لمحاصرة المنزل وعلى الذين يقللون من شأن عمل التجمع بالداخل ان يضعوا في اعتبارهم الظروف التي تحيط بهذا العمل. هناك اسباب ذاتية تنقل من حركة التجمع بالداخل وهناك اسباب سياسية تتمثل في الشراسة التي يقابل بها النظام اي عمل حتي وان كان بسيطا فالنظام من منطلق الخوف يدفع بأقصى ما عنده لقمع اي احتجاج مهما كان بسيطا, الى ذلك فإن قيادات الاحزاب الموجودة في التجمع تخضع لرقابة يومية, وعندما أثير الحديث حول مذكرة المعارضة اعتقلت السلطات محمد محجوب مندوب الحزب الشيوعي في التجمع ظنا منها بأنه المكلف بصياغة المذكرة ولم يطلق سراحه الا بعد مرور ايام على تقديم المذكرة. ومقارنة بظروف الداخل فإن الفرصة موجودة لدى التجمع بالخارج اوسع وهذا لا ينفي عن التجمع بالداخل عدم القيام بنشاط, فقد نظم مظاهرات وقدم مذكرات واستغل بعض المنابر الاعلامية للتعريف بوجهة نظره, والآن بعد ان تبين الخيط الابيض من الاسود وتمايزت المواقف اعتقد ان هناك تصعيدا وعملا سياسيا لمواكبة الوضع السياسي الذي نشأ او سينشأ بعد اكتمال تنظيمات التوالي السياسي, وهذا ما لا نستطيع ان نتحدث عنه بتفصيل. ولكن قطعا اطراف التجمع قد بدأت تجمع صفوفها وتخاطب اعضائها وغير اعضائها ونتائج ذلك ستكشف عنه الايام المقبلة. هل هذا يعني ان التجمع قد وضع خطة للمواجهة في المرحلة القادمة؟ اعتقد ذلك اختفاء نقد نعود للحزب الشيوعي ونسأل ماهي دواعي اختفاء السكرتير العام للحزب خاصة ان السلطة قد كررت في اكثر من مناسبة انه غير مطلوب للعدالة؟ - انا شخصيا لاارى ان الوضع في السودان قد تغير, اعتقد ان سكرتير الحزب الشيوعي السوداني قد اختفى لأنه كان مستهدفا لتعطيله اما بالاعتقال او بأي اسلوب آخر وكذلك اختفى لكي يشرف على بعض الترتيبات الخاصة بالحزب, هذه الظروف باقية وسيظهر السكرتير العام عندما تنتهي هذه الظروف, وقبل ايام قرأت في الصحف ان كل المعتقلين قد تم اطلاق سراحهم ولكن امس وصلني خطاب من احد المعتقلين السياسيين في سجن (شالا) وبعد قانون التوالي السياسي اعتقل محمد محجوب, ان القوانين التي يمكن ان تجعل سكرتير الحزب الشيوعي عرضة للاعتقال مازالت موجودة, والمليشيات التي كانت يمكن ان تعتقله في اماكن غير رسمية مازالت موجودة, لذلك لا ارى ان شيئا ما قد تغير بحيث يبرر ظهور سكرتير الحزب الشيوعي الى العلن. مؤتمر حق ... مسرحية ‍ ظهرت حركة (حق) وبقوة دخلت في معارك مع الحكومة في غياب للحزب الشيوعي الا تعتقد ان ذلك سيجعلها ترث كوادر ومناطق نفوذ الحزب الشيوعي؟ - الحزب الشيوعي هو اتحاد طوعي لمجموعة من الناس ولأي عضو متى ما تغيرت خياراته ان يتخلى عن هذا الاتحاد. (حق) هي مجموعة من الناس تباينت قناعتهم عن قناعات الحزب الشيوعي وهذا حقهم , ولكن ارى اولا الا يدعو انصح ورثة الحزب الشيوعي, هم حزب آخر مختلف. وبجانب ذلك عليهم ان لايستعيروا برنامج الحزب الشيوعي طالما لم يعد مقنعا بالنسبة لهم لقد قرأت (المانفستون الذي يحدد برامجهم وبعض منشوراتهم ولا ارى مبررا نظريا لهذا الانقسام لأن مايطرحونه شبيه ببرنامج الحزب الشيوعي, وانا شخصيا اكن للخاتم عدلان والحاج روراق كل الاحترام مهما تباينت المواقف ولكني الومهما لانهما خرجا عن الاجماع بان قبلوا قانون التوالي السياسي حتى وان كان ذلك في صورة الجمعية الثقافية (التنوير) واريد ان اهمس وارجو الا تكون ملاحظتي خاطئة لقد بالغ النظام في مدح (حق) تماما واذاع التلفزيون مؤتمرهم الذي عقدوه في لندن عند قيامها, وفي تلك الفترة تساءل بعض الناس لماذا شارك التلفزيون الحكومي في الترويج لاعلان تأسيس (حق) وانا اخشى ان تكون احداث فض ندوة (حق) بدار جمعية التنوير الثقافية بالقوة مسرحية وكأنما كان محافظ ام درمان والمستشار الصحفي للرئيس على استعداد للعب دور في هذه المسرحية فقد اطلقوا كما هائلا من الاعتذارات واطلقوا سراح الحاج وراق وآخرين, بل اخذ المستشار الصحفي الحاج وراق في سيارته واوصله الى منزله, تماما كما فعل العاهل الاردني الراحل حسين عندما ذهب بنفسه لاطلاق سراح احد المعتقلين ( ليث شبيلات) وصحبه في سيارته الى منزله مع احتفاظ بفارق المقارنة, هذه مسرحية سيئة الاخراج وتقبل احد تفسيرين, اما ان تكون الحكومة تعتقد ان (حق) احد الاعداء وتريد بهذه المسرحية تشويه سمعتها كأن يصوروا انهم مكان احترام النظام ويعملون بالتنسيق معه, واما ان يكونوا فعلا بتصرفهم وباعترافهم بالتوالي السياسي يعمقون الاختلافات في جبهة المعارضة, لذلك ادعو الاخوه في (حق) ان يتدبروا هذا الامر وان لايقعوا في المصيدة كما ان حديث الصحف المحلية المحسوبة على النظام نشرت ما اعتبرتها (وثيقة) تقول ان حركة (حق) تسعى الى تدمير العاصمة القومية ونحن في انتظار رد فعل (حق) ونتوقع نفيهم ان تكون هذه (الوثيقة) صادرة منهم وانا استشف من اللغة المكتوبة بها انها غير صادرة عنهم. لاني اعرف تماما لغة الخاتم عدلان ولغة الحاج وراق, وعلى الاثنين ان يتدبرا هذا الدرس وان يكونا واعيين لمثل هذه المزالق. ‍ هل نستشف من حديثك هذا انك تتهم (حق) بانها تعمل بالتنسيق مع اجهزة الحكومة؟ - ليس لنا موقف ينفي او يثبت هذا الاتهام ولم نناقش هذا الامر. السلفيون العجائز اعضاء ( حق) يتهمون اعضاء الحزب الشيوعي انهم يقفون ضدهم ويقولون ان فكر الحزب الشيوعي لم يعد الفكر الذي يمكن ان يضيف جديدا للتجربة الانسانية ويسمونكم (السلفيون العجائز) .. ما ردكم؟ - نعم سمعت واقول لهم لماذا هربتم, وكان حريا بهم ان يظلوا داخل الحزب الشيوعي لكي يجددوا شبابه وافكاره وبرامجه واعتقد ان لهم افكارا وكان اجدى بهم اذا كان هذا هو سبب خروجهم عن الحزب ان يبقوا داخل صفوفه ويثيروها من الداخل هذا بدلا من اعلان هذا الافلاس السياسي او اليأس. لقد كانوا اعضاء في الحزب ولهم فيه مثل ما لسكرتيره العام وبصفة خاصة كان للخاتم عدلان وحاج وراق الفرصة لنشر افكارهما خلال اجهزة الحزب وقد فعلا ذلك في السابق ومعروف ان الحزب الشيوعي السوداني ان كان هناك مايميزه عن الاحزاب الشيوعية الاخرى انه حزب منفتح وليس حزبا جامدا وهذا كان وراء الخلاف بين الحزبين الشيوعي السوداني والشيوعي السوفييتي . واعتقد ان الاسباب التي ساقها جماعة (حق) هي نفس التبريرات التي تذرع بها كل الذين خرجوا على الحزب الشيوعي في كل الفترات. و (حق) خرجت من عباءة الحزب الشيوعي وقد يكون بينهم وبين المجموعات الاخرى قوائم مشتركة. عموما انا اعتقد عليهم ان يخجلوا من ترديد مثل هذه الاحاديث وينفذوا الى الجوهر, وهو ماذا يجب ان نفعله لتفعيل برنامج ورؤى القوى الاشتراكية في السودان بما فيها الحزب الشيوعي. اما ان تعادي هذا او ذاك وتدمغه بانه اصبح غير ذي فائدة وعجوز, فان هذه (قطيعة) اعتقد ان على الاخوة في (حق) يجب ان يكفوا عن ترديد مثل هذا الحديث وقد سمعته كثيرا. الحل الخارجي مرفوض ‍ لنعد الى التجمع الوطني بالداخل وقد شارك الحزب الشيوعي في كثير من اجتماعاته مع ممثلين للاتحاد الاوروبي فكيف تقيمون تلك الاجتماعات وهل ترون انها يمكن ان توصل السودان الى حل الازمة القائمة؟ - انا شخصيا اعتقد بل على قناعة كاملة بان الازمة السودانية يجب ان تحل داخل السودان وباطراف سودانية ولا تستدعي اي نوع من التدخل سواء كان من امريكا او اوروبا او أي نوع من هذا التدخل سواء كان دبلوماسيا او عسكريا او قطعا لمعونات لذلك نحن نتحدث وبعض اطراف التجمع لممثلين للاتحاد الاوروبي فقط لشرح وجهة نظر المعارضة وليس لاستدعاء تدخل من الخارج لحل الاشكال السوداني, والحزب الشيوعي يعول على العمل الداخلي ولذلك ادان بقوة الاعتداء على مصنع الشفاء ويدين كل مظاهر التدخل واذا كانت هناك قوات خارجية اريترية او غيرها تخترق. بالفعل حدود السودان فاننا مستعدون للتصدي لها اذا اعطينا الفرصة. عندما تدخل الامريكان في الصومال واعتقد كثير من السودانيين ان المحطة الثانية هي السودان, وكنا نسخر من هذا بل ننتقد كل ما يعلق آماله على الحل الخارجي, الا فيما يتعلق بفضح ممارسات النظام في مجال حقوق الانسان, والاعتقالات والحريات وغيرها, ونحن نعتقد ان امريكا واوروبا تسعيان لمصالحهما وليس بالضرورة ان تتطابق مصالح السودان معهما, يوما ما سنعارض ويوما ما سنتواجه وادعو كل السودانيين ان يكفوا عن استعداء العالم على بلادهم, نحن وطنيون ويجب ان نستصحب هذا في عملنا واعتقد ان النظام كفى المعارضة شر هذا لانه استعدى العالم بشعاراته وممارساته. امكانية المصالحة ‍ كيف ينظر الحزب الشيوعي الى الحوار الدائر حول المصالحة الوطنية وهل ترون ان هناك امكانية الى نقاط التقاء بين المعارضة والحكومة؟ - لا اعتقد ذلك خاصة بعدما وضح ان السلطة ماضيه في برنامجها الاصلي, وحتى بعض الذين كانوا يرون ان هناك نقاطا للالتقاء ويعملون على ادارة حوار انفضوا عن ذلك ان النظام يقدم الدليل تلو الدليل بانه يحتقر الآخرين وانه عازم على الانفراد بالسلطة والثروة وما يحدث الآن هو فقط مجرد محاولة لاكتساب الشرعية من خلال الدستور أو احزاب التوالي وغيرها مجرد محاولات لاكتساب الشرعية ليس الا ... الجبهة الاسلامية تصلح انها خسرت بممارساتها خلال العشر سنوات الماضية كل الاصوات التي وجدتها ابان الديمقراطية الثالثة لذلك خائفة على سلطاتها ولا يمكن ان تدخل في منافسة من شأنها ان تهدد هذا السلطان. الحزب الشيوعي متهم بانه وراء فشل كل محاولات المصالحة الوطنية لانه يعلم اذا حدث اي تقارب بين القوى التقليدية والحكومة سيؤدي ذلك الى عزله لذلك يعمل على بقاء الامر على ماهو عليه ماردكم؟ - هل للحزب الشيوعي بحجمه الصغير المقدرة على التأثير على كل الحركة السياسية في السودان .. الحزب الشيوعي طرد من البرلمان في عام 1965 والآن يتعاون مع الذين طردوه , الحزب الشيوعي لايملك هذه القدرات, والاطراف الاخرى في التجمع وخصوصا (الاتحادي) و(الامة) ليسوا بهذه الدرجة من السذاجة كل ماهنالك ان كل اطراف التجمع مقتنعة ان الجبهة الاسلامية عازمة على ابعاد كل منافسيها الآن ومستقبلا, ومنافسوها هم (الاتحادي) و (الامة) وليس الحزب الشيوعي, لذلك موقف الحزب الشيوعي لا يؤثر على هذين الحزبين الكبيرين والحزب الشيوعي ليس هو القوة الدافعة للقطيعة الحادثة بين الجبهة الاسلامية والقوى التقليدية. ‍ الآن مضت مسيرة التوالي السياسي والحكومة قامت باجراء العديد من الاجراءات التي وصفها الكثير من المراقبين بانها خطوات ايجابية نحو الحريات وخاصة بعد تعيين المجلس وقيام المحكمة الدستورية فكيف تنظرون الى هذه الخطوات؟ - رأيي الشخصي ان كل هذه التعينات من رئيس القضاء الى المحكمة الدستورية الى المجلس السياسي هي تأكيد على عزم الجبهة للمضي في طريقها , وما ترتب عن قانون التوالي وما افرزه من احزاب كان هو تأكيد على ما قلناه منذ فترة طويلة بان الجبهة تسعى الى تفتيت القوة السياسية المنافسة لها. ‍ ولكن هذا التفتيت طال (المؤتمر الوطني) الحاكم نفسه فخرج منه الهندي وغبوش ورياك مشار وحسين ابو صالح وغيرهم؟ - ما حدث داخل المؤتمر الوطني لايمكن ان تسميه انشقاقا ولا يمكن ان تشبهه بما حدث في القوى المنافسة لان ماحدث في هذه القوى انشقاق في كل الاحوال رغم محدوديته ولكن ماحدث في المؤتمر الوطني هو خروج حلفاء لاسباب منها انهم اكتشفوا ان المؤتمر الوطني ماهو الا الاسم الرابع للجبهة الاسلامية القومية وان الجبهة الاسلامية تتقوى بهم ومثل هذه التحالفات قديمة وكثيرة وهؤلاء تحالفوا مع كل القوى السياسية السودانية وليس غريبا ان يتحالفوا مع المؤتمر الوطني ولكن الشعب السوداني بذكائه سيعرف من هم, وما اذا كانوا مع المؤتمر الوطني من موقع الاستقلال الكامل, وهل يتحدثون عما تعتبره الجبهة الاسلامية (ثوابت) انهم خرجوا وشكلوا احزابا في اطار برنامج الجبهة الاسلامية وهو ما اسمته بالثوابت لذلك هي احزاب لاشخصية لها, ومع الاسف فان بعض هؤلاء لهم تاريخ وتشاركوا في العمل الوطني منذ الاستقلال وحتى الآن ولا نرضى لهم مثل هذا الوضع, خاصة وان بعضهم قد يكون وصل الى اول هذا الموقف اما بالترغيب أو الترهيب. الخرطوم ـ حوار عثمان فضل الله

Email