اعلان ابوظبي الصادر عن الدورة الأولى للمجلس الأعلى

ت + ت - الحجم الطبيعي

ان ظهور مجلس التعاون لدول الخليج العربي الى الوجود يعني استجابة للواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاستراتيجي الذي مرت وتمر به منطقة الخليج العربي, وهو اشد ما يكون الحاحا في الوقت الحالي اكثر منه في اي وقت مضى لصالح شعوب المنطقة . وان التضامن الطبيعي الذي يربط البلاد العربية في الخليج حري به ان يظهر في اطار مشترك بعد كل الخطوات الايجابية والفعالة, الثنائية والجماعية التي اتخذت حتى الآن, وان يصب هذا التضامن بصورة افضل واوضح لصالح شعوب المنطقة. ان العصر يتجه الى الوحدات الكبيرة السياسية والاقتصادية حفاظا على الاستقرار والامن والتقدم, وسداً للثغرات التي وقعت فيها كثير من الدول في مناطق اخرى من العالم وتعلمت دروسها بعد ان دفعت ثمنا غاليا من الدم والرجال والاموال, تلك الثغرات هي وجود نزاعات اقليمية طويلة وغير حاسمة تضيع فيها الجهود والطاقات وتخسر من جرائها الشعوب الكثير. واذا كانت التحديات تكفي لايجاد تعاون فعال في اي منطقة من العالم فان ظروف منطقة الخليج مواتية اكثر, فهنا نحن نشكل جزءا من قومية تدين بدين واحد ولنا تراث حضاري مشترك وقيم وعادات مشتركة, ونظرا لموقعنا الجغرافي السياسي وثروتنا النفطية التي تجعلنا عرضة للاطماع السياسية الدولية الى درجة تقرب الى الابتزاز الذي يدفعنا جميعا الى الاتجاه للتعاون المشترك. ان عالم اليوم يؤكد اهمية الترابط بين الأمم وبالتالي فان الاندماج الاقليمي خاصة في منطقة الخليج سيكون عونا ودعما لاهداف الامة العربية الاسلامية ويصبح اكثر الحاحا ومطلبا محليا في هذه الفترة التاريخية. ان التعبئة الفعالة للموارد والكفاءات في بناء منطقة خليجية تعزز الوضع وتعينه جديرة بان تحمل هذا الاقليم العربي الى افاق تنموية متوازنة يستفيد منها ابناء المنطقة بصفة خاصة والعرب بصفة عامة. ان التحديات التي تواجه هذه المنطقة تتعاظم بتعاظم حاجة العالم الصناعي للنفط واصبح الاندماج الخليجي هو العامل الحاسم نحو توجه جديد ورحب لصياغة سياسة اقتصادية تبعد المنطقة عن التنافس الدولي او تجعلها محط مساومة, ولا تستطيع الشهوات الدولية ان تجد لها موضع قدم في منطقة مندمجة لها صوت واحد ورأي واحد وقوة واحدة, انما تستطيع ان تجد لها ألف محط قدم اذا ظلت هذه المنطقة الغنية بنفطها ورجالها ذات كيانات صغيرة يسهل افتراسها. ان الحديث عن (فراغ القوة) في المنطقة والثروة التي ليس لها اصحاب يمكن ان ينتهي الى الابد اذا قام اصحاب البيت بعزم ثابت وأكيد بدورهم الجماعي. وتستطيع اقطار مجلس التعاون مجتمعة ان يكون لها صوت في المجال العالمي والاقليمي يعبر عن مكانتها في الاقتصاد العالمي, صوت محترم ومهاب في علاقاتها مع الشرق والغرب مع الشمال والجنوب وتكون عضيداً فاعلا في قضايا الامة العربية. ان الوحدة العربية منذ بزوغ فجر التحرر العربي بعد الحرب العالمية الثانية كانت محط انظار الشعوب العربية وآن لخطوات ايجابية ان تبزغ في هذا الطريق من منطقة احتضنت الاسلام ورعت العروبة وسارت في دمها المصلحة القومية منذ فجر التاريخ. ان مهمات صعبة وحقيقية تواجهنا جميعا ولابد من مواجهتها مواجهة جماعية, فالنفط الذي نعتمد عليه اليوم هو ثروة ناضبة, لقد ولد ثروات هائلة في العشر سنوات الاخيرة ولكنه ايضا ولد توترات هائلة وتغيرات في تصرفات البشر, وتنظر شعوب الخليج اليوم الى حكوماتها كي تحل لها المعادلة الصعبة وهي الوصول الى تنمية حقيقية ومستمرة من جهة والحفاظ على السلام الاجتماعي والامن والتقدم من جهة اخرى. تلك المعادلة لن تحل الا بالنظر ببصيرة ثاقبة الى الاولويات التي امامنا وهي اقامة تنمية شاملة تعتمد من جهة على اقامة بنية اساسية وقاعدة انتاجية ثابتة, ومن جهة اخرى على اعداد وتدريب في الرأسمال الاهم وهو العنصر البشري, ان علينا ان نواجه الاجابة على السؤال المهم كيف نحول النفط الى تنمية شاملة ومستقرة لمصلحة شعوبنا. ان الفرصة التاريخية مهيأة لنا اليوم كي نتخذ الخيار ولكنها قد لا تكون مهيأة لنا في المستقبل لقد كان جنين الثورة لصناعة البوصلة البحرية والبارود والطباعة اما اليوم فالبشرية تندفع نحو الفضاء وتطور الفيزياء النووية الحديثة وتستخدم الاتصالات السريعة والفورية الطويلة المدى ومن يتخلف عن ذلك يبقى في اعداد الدول والشعوب المتخلفة. انه بكلمة, عصر الانفجار العلمي الذي يفرض استخدام الادوات العلمية في امور السياسة والاقتصاد والصناعة والتعليم. ومن اولويات التفكير العلمي المنظم هو ان نصل نحن في هذا الاقليم الى اندماج حقيقي وشامل للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. تلك هي التحديات التي امامنا ومن خلال خطط اندماجية صحيحة بين اقطارنا وشعوبنا نستطيع جميعا ان نواجه تلك التحديات ونستطيع ان نرعى استثماراتنا المادية والبشرية ونحقق تنمية شاملة لشعوبنا من خلال توزيع عادل وحكيم كما نستطيع كمجموعة ان نساهم في مجهودات السلام العالمي الذي تشتد حباله اضطرابا. وتحقيقا لهذه الاهداف ووضعها موضع التنفيذ. قرر المجلس انشاء اللجان الآتي بيانها من الوزراء المختصين, وتكون هذه اللجان ذات مهمة مؤقتة تعمل بالتنسيق والتعاون مع الامانة العامة وتبدأ عملها وفقا للمواعيد التي يقترحها الامين العام: * لجنة التخطيط الاقتصادي والاجتماعي: تتولى هذه اللجنة استنباط مجالات العمل المشتركة في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والتنسيق بينها بهدف تحقيق التجانس بين الخطط الاقتصادية الوطنية في تلك الدول ووضع الاسس لتطوير تخطيط مستقبلي متكامل وبصورة مستمرة بهدف الوصول الى التكامل الاقتصادي بين الدول الاعضاء. * لجنة التعاون المالي والاقتصادي والتجاري: تقوم هذه اللجنة بدراسة الوسائل الكفيلة بتنسيق التعاون المالي والاقتصادي على ضوء الاهداف العامة في العمل الاقتصادي المشترك ويقع في اختصاصها ما يلي: * التعاون المالي والنقدي: أ ــ السعي الى توحيد الانظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار وذلك من اجل التوصل الى وضع سياسة استثمارية مشتركة تهدف الى توجيه الاستثمارات الخليجية الداخلية والخارجية بما يخدم مصلحة هذه الدول وتطلعات شعوبها في التنمية والتقدم. ب ــ تنسيق السياسات المصرفية والنقدية وزيادة التنسيق بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية لدول المنطقة لخلق عملة خليجية موحدة تكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود. ج ــ تنسيق السياسات المالية والنقدية للدول الاعضاء على الصعيد الخارجي في مجال تقديم المعونات الدولية والاقليمية للتنمية. * انتقال الاموال والافراد وممارسة النشاط الاقتصادي: أ ــ وضع الأسس الكفيلة بمعاملة رعايا دول مجلس التعاون في اي دولة من هذه الدول نفس معاملة مواطنيها دون تفريق او تمييز وفقا لما يتفق عليه في المجالات التالية: 1 ــ حرية الانتقال والعمل والاقامة. 2 ــ حرية التملك والارث والايصاء. 3 ــ حرية ممارسة النشاط الاقتصادي. ب ــ العمل على ازالة العوائق التي تحول دون حركة الموارد ورؤوس الأموال وجميع عناصر الانتاج وتنسيق وتوحيد الانظمة والتشريعات التجارية والمالية والجمركية بحيث يتلقى مواطنو الدول الاعضاء معاملة مماثلة في كافة الدول الاخرى. ج ــ تشجيع القطاع الخاص في الدول الاعضاء على اقامة المشاريع المشتركة وانشاء الشركات بما يؤدي الى ربط المصالح الاقتصادية للمواطنين في مختلف المجالات. * التبادل التجاري: العمل على: أ ــ ازالة الحواجز الجمركية بين الدول الاعضاء في هذا المجلس فيما يخص منتجاتها والسعي من أجل تعرفة جمركية موحدة بين هذه الدول والعالم الخارجي. ب ــ تطبيق مبدأ الاعفاء الشامل من الرسوم الجمركية بالنسبة للمنتجات المحلية للدول الاعضاء ومعاملة منتجاتها معاملة السلع الوطنية. ج ــ تنسيق سياسات الاستيراد والتصدير والمخزون الغذائي. د ــ خلق قوة تفاوضية جماعية في مجال التصدير والاستيراد. * النقل والمواصلات: أ ــ التعاون في مجال النقل البحري والبري والاتصالات والتنسيق في اقامة مشاريع البنية الاساسية كالموانئ والمطارات ومحطات الماء والكهرباء والطرق ودعم وتطوير المؤسسات القائمة حاليا بهذه النشاطات بين الدول الاعضاء. ب ــ العمل من اجل تنسيق سياسات الطيران والنقل الجوي بين دول المجلس وذلك على مختلف المستويات. * لجنة التعاون الصناعي: تتولى هذه الهيئة ما يلي: أ ــ تنسيق النشاط الصناعي فيما بين الدول الاعضاء بوضع السياسات واقتراح الوسائل المؤدية الى التحول الصناعي للدول الاعضاء على اساس تكاملي يحقق اقصى المنافع لكل دولة ويوفر الرخاء والطمأنينة لكافة شعوبها. ب ــ دراسة توحيد التشريعات والانظمة الصناعية في الدول الاعضاء. ج ــ العمل على زيادة توجيه اجهزة الانتاج المحلية لسد احتياجات الدول الاعضاء. د ــ اعداد انظمة وترتيبات لاستيراد التكنولوجيا والخبرات واختيار الانسب منها في ظل اهداف ومتطلبات التنمية في الدول الاعضاء. هـ ــ توزيع الصناعة على رقعة الدول الاعضاء بتشجيع اقامة الصناعة المكملة للمشروعات الاساسية موزعة في الدول الاعضاء حسب الميزات النسبية والجدوى الاقتصادية. و ــ وضع سياسات وتنفيذ برامج منسقة بين الدول الاعضاء للتدريب والتأهيل الفني والمهني والحرفي على كافة المستويات والمراحل. * لجنة النفط: تتكون هذه اللجنة من وزراء الخارجية والبترول والمالية وتقوم بما يلي: أ ــ العمل على تنسيق سياسات دول المجلس في مجال الصناعة النفطية بجميع مراحلها من استخراج وتكرير وتسويق وتصنيع وتسعير ونقل واستغلال الغاز الطبيعي وتطوير مصادر الطاقة. ب ــ وضع سياسة نفطية موحدة ومواقف مشتركة ازاء العالم الخارجي وفي المنظمات المتخصصة والمنظمات الدولية. * لجنة الخدمات الاجتماعية والثقافية: تتولى هذه اللجنة استنباط مجالات العمل المشتركة في التربية والتعليم والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والثقافية ووضع اسس تكاملها وتجانسها. يدعو الامين العام وزراء المالية والاقتصاد لوضع اتفاقية اقتصادية موحدة تحل محل الاتفاقيات الثنائية المعقودة حاليا, وذلك طبقا للمبادئ التي اتفق عليها في اجتماعهم الذي عقد في الظهران في المملكة العربية السعودية بتاريخ 16 رجب 1401هــ الموافق 20 مايو 1981, على ان يتم ذلك خلال الشهرين القادمين ليتم عرضها على المجلس الوزاري تمهيدا لعرضها على مجلس الرؤساء في دورته المقبلة. 21 ـ 22 رجب 1401هــ 25 ـ 26 مايو 1981م

Email