قمة مجلس التعاون في العيون الخليجية: عبدالله بشاره لـ(البيان): قمة أبوظبي لــ التشخيص والمراجعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عبر الدكتور عبدالله يعقوب بشارة, رئيس الهيئة الاستشارية الخليجية, والامين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي عن عدم رضا عميق تجاه وضع النظام العراقي (بهذه الطريقة) التي اعتبرها غير مريحة , وقال في مقابلة مع (البيان) عشية القمة الخليجية التاسعة عشرة التي تعقد في ابوظبي, انه يأمل ان تناقش القمة وضع هذا النظام, كما اعرب عن الامل في ان تجري هذه القمة مراجعة شاملة للوضع الاقتصادي لدول المجلس في ضوء هبوط اسعار النفط, ووصف قمة ابوظبي بانها قمة التشخيص والمراجعة لعثرات مجلس التعاون, وتوقع ان تهتم بايجاد صيغة جديدة للتعامل مع الواقع الراهن. وخلال المقابلة, قدم بشارة الذي يعد اول امين عام للمجلس, شهادة للتاريخ حول خلفيات تعيينه, واختيار الرياض كمقر للمجلس, وردود الفعل الاقليمية والدولية حول انشائه. وهنا نص المقابلة. امنيتان من القمة ونحن على اعتاب قمة ابوظبي ماهي امنياتك التي تتمنى ان تتحقق؟ ــ اتمنى شىئان: الاول ان يناقش القادة موضوع الامن في المنطقة ووضع النظام العراقي واستمراره في هذه المنطقة بهذه الطريقة وهي طريقة غير مريحة للمنطقة, واستمراره بمنهجه الحالي امر يهدد المنطقة ويثير القلاقل وعدم الارتياح ولابد من تعامل قمة ابوظبي مع الواقع الامني في هذه المنطقة. اما النقطة الثانية: في المراجعة الشاملة للوضع الاقتصادي لدول المجلس في ضوء الانحسار المالي وهبوط اسعار النفط ويستوجب ذلك ثلاثة اشياء لابد من عملها: اولا: اعادة النظر في اسلوب الصرف الخليجي. ثانيا: احلال المواطنة وتدريبها وتهيئتها للمرحلة المقبلة, بمرحلة التقدم والنماء يقي انتهاء دولة الرفاة في الخليج. ثالثا: التعامل مع الواقع الدولي لاسعار النفط والاستهلاك بمعنى اجراء حوارات وخلق قنوات التواصل مع الاعضاء المهيمنين في الاسرة الدولية كبار المستهلكين لمناقشة هذا الوضع باعتبار الطاقة سلعة استراتيجية مؤثرة في الامن العالمي. فلاشك الاسلوب الغربي والتكنولوجيا ساهما كثيرا في انخفاض اسعار النفط واصبح هناك نوع من التباعد بين المستهلكين والمنتجين وأصبح هناك عدم ارتياح بين الجانبين واتصور ان علينا خلق نوع من التواصل مع كبار المستهلكين للتعامل مع حقيقة الطاقة واعتبارها سلعة تهم الجميع. ودول مجلس التعاون لها دور اساسي في قضايا الطاقة وانخفاض اسعار النفط ونحن لدينا احتياطي كبير ويجب ان يكون لدينا صوت. نحن نتمنى كل التوفيق للقمة ولهذا اتمنى المراجعة الامنية حول العراق وماشكله وماسببه من جمود اقليمي وجمود الوضع الاقليمي في التطور ودراسة الوضع الاقتصادي وامكان الدخول في حوار بين المستهلكين والمنتجين حوار يزيل الشعور بأن هناك نوعا من الصدام. هناك اجماع بان استمرار المجلس انجاز في حد ذاته... رغم ذلك فإن كثيرين يطمحون في اكثر من ذلك مثل اصدار الجواز الخليجي او توحيد المناهج والتشريعات او التعريفة الجمركية.. مارأيكم؟ ــ الواقع ان مجلس التعاون قطع اشواطا كبيرة على اكثر من صعيد وحتى فيما يتعلق بالنقاط التي اثرتها, اذ ناقش الجواز الخليجي الموحد ووقف على الصعوبات التي تقف امام تحقيق الجواز الخليجي الموحد في هذه المرحلة ولكن لم يستسلم لها وقام بتأجيل ذلك لكنه يسعى لتحقيقه, هذه خطوة كبيرة الجواز الخليجي, الموحد سيأتي دورها بالنسبة للتعرفة الجمركية, قطع شوطا كبيرا في التوصل للاتفاق عليها, تعرف هي عملية معقدة فهي اكثر من الف سلعة توصلوا الى تعرفة موحدة, فهي سلع مستوردة المواد الغذائية والصحية وهناك سلع عليها تعرفة جمركية قليلة والتي هي الضروريات اما الكماليات فعليها تعرفة اعلى. اتفقوا على عدد كبير اكثر من الف, لكن معك حق, مجلس التعاون بطىء, بسبب تباين في الفلسفات والتوجهات, فكلنا متفقون على الحرية الاقتصادية وحركة رأس المال وحريات السوق لكن الامر يحتاج الى اكثر من الاتفاق فأي اضافة للتعرض ستؤدي الى عبء على كاهل المستهلك بينما ترى دول اخرى من مجلس التعاون بأن هذا الدخل من الجمارك يشكل شريحة لابأس بها من الدخل للميزانية مثل البحرين ودول اخرى لاتعتبر الدخل من الجمارك اضافة للميزانية مثل الكويت ودولة مثل الامارات ترى انه كلما كانت التعرفة ضئيلة وقليلة كان التقدم والازدهار الاقتصادي افضل, لكن مسيرة مجلس التعاون حققت الكثير والكثير ونأمل من قمة ابوظبي ان تشخص, فهي قمة التشخيص لازالة العقبات, لماذا لاتزول؟ تدرس هذه القمة بشكل توجيهي للمؤسسات في الدول تشخيص العقبات التي تقف امام وتؤخر المسيرة وجعلها بطيئة لاشك انها بطيئة. بحساب المكاسب والارباح, وبعد خبرتكم الطويلة في تولي امانة المجلس دعنا نسألك سؤالا صريحا ماهي الايجابيات وماهي السلبيات؟ ــ برأيي ان المجلس حافظ على الامن, وحافظ على الوضع الراهن في المنطقة وحفظ الكويت ولاشك ان التحالف الدولي كان له دور ولكن لاتنسى انه من ارض مجلس التعاون ومن بحر التعاون ومن سماء مجلس التعاون التحالف تحرك لتحرير الكويت, انجازات المجلس الامنية كبيرة جدا, وانجازاته السياسية كبيرة اما الاقتصادية اليومية الحياتية فهي قليلة واقل من الطموحات ولذلك لابد من التوقف والتقسيم والتشخيص لتقييم المسيرة الاقتصادية بالذات, وتشخيص المسببات والبطء. الهىئة الاستشارية وكيف تنظر الى الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون والى مستقبلها؟ ــ الهيئة الاستشارية خطوة جيدة جاءت في وقت مناسب فهي هيئة تتكون من خبرات خصبة, لها تاريخ في العمل الخليجي الجماعي في مسيرة مجلس التعاون واعضاؤها اصحاب تجربة غنية جدا وبسبب هذه التجربة والنوعية ستكون الدراسات والمرئيات التي تقدمها لها طعم ومغزى كونها صادرة من اصحاب تجربة مباشرة في مسيرة مجلس التعاون, وانا متفائل بدور الهيئة ولاتنسى ان هذه بداية لاول مرة تنشأ اجهزة لمجلس التعاون معبرة عن طموحات المواطنين وتتلمس المواطنين وتحاول ان تعكس هذه الطموحات بواقع ملموس وتوجهه الى عمل ملموس, سيكون لها منزلة مهمة في عمل الدراسات وبتحسس في الوقوف على اولويات شعب المنطقة من اجل توضيحها وربطها بمرئيات فهي خطوة كبيرة ورافد اساسي لمسيرة مجلس التعاون وليست ديكورا اعلاميا وانما خطوة في التأقلم مع المستجدات والظروف المحيطة. وانا متفائل اولا لنوعيتها والعاملين فيها نوعية جيدة وعلى وعي بالمسؤولية وعلى ادراك بأن الهيئة وجديتها ومصداقيتها تنعكس في قيمة الدراسات التي ستقدمها. منذ تم توحيد اليمن وهو يلح في الانضمام الى المجلس كيف تنظرون الى هذا الطلب؟ ــ ارى وأتفهم الطلب الملح من اليمن في الانضمام الى مجلس التعاون من اليمن ايضا عبارة عن الخلفية الجغرافية الاستراتيجية والعميقة لدول مجلس التعاون وانا اقدر هذا الطلب ولكن في الوقت نفسه اعرف ان مجلس التعاون قائم على شروط معينة اهمها التماثل في التشريعات والقوانين والانظمة, وبين دول مجلس التعاون تتشابه وتتماثل وتتكامل في هذه الشروط, وبالنسبة لليمن فإن انظمتها السياسية وقوانينها وتشريعاتها تختلف عن واقع مجلس التعاون ولهذا انا اعتقد ان الحل هو في توسيع وتعميق التعاون بين المجلس واليمن واعطاء اليمن نوعا من الاولوية وصفة خاصة في العلاقة بين مجلس التعاون صيغة معينة لكن الانضمام امر صعب وفق الشروط التي وضعها النظام الاساسي لمجلس التعاون. كنت اول رئيس لمجلس التعاون, كيف تم ترشيحكم للرئاسة وهل كانت هناك اسماء اخرى مطروحة للترشيح في ذلك الوقت؟ ــ تم اختياري بناء على ترشيح الكويت ولم يكن هناك مرشح اخر. ماهي العقبات التي صادفتكم في فترة التأسيس الاولى وكيف تغلبتم عليها؟ ــ التحدي الكبير الذي واجهنا في بداية العمل هو تحويل النظام الاساسي والذي هو الميثاق الى وثيقة عمل لجهاز الامانة العامة وكفلسفة لمسيرة مجلس التعاون فالنظام الاساسي نظام كبير وفضفاض ويتكلم عن التعاون والتنسيق والتكامل في جميع المجالات وصولا الى وحدتها اي وحدة هذه المنطقة ويشكل عموميات ومنطلقات عامة, نحن عملنا في الامانة العامة وفي ذلك الوقت بالذات انا ومساعدي كنا نحول هذه المنطلقات العامة الى واقع ملموس, وكانت المشكلة التي واجهناها في البداية هي خلق جهاز قادر على استيعاب الفكرة لينقلنا الى مرحلة العمل الجماعي وتجاوز الولاء الوطني المحلي الى الولاء الجماعي, لكننا وجدنا مساعدات جمة في القمة الاولى في مايو 1981 والقمة الثانية في الرياض نوفمبر 1981, حيث كلف وزراء المالية باعداد اتفاقية اقتصادية خلال هذه الفترة القصيرة واعدت الاتفاقية الاقتصادية وتم التوقيع عليها في نوفمبر 1981 في القمة الثانية في المملكة العربية السعودية وقد حددت الاتفاقية الاقتصادية اهداف التكامل الاقتصادي وهكذا اصبح لدينا وثيقتان وثيقة الاهداف العامة ووثيقة الاتفاقية الاقتصادية واصبحت مسارات للعمل الاقتصادي الخليجي. ولكن لماذا اختيرت الرياض مقرا لمجلس التعاون؟ ــ الواقع انه تم الاتفاق خلال الاتصالات التي سبقت قيام مجلس التعاون على ان تكون الرياض مقرا للامانة العامة للمجلس بعد ان دار كلام كثير في ذلك الوقت عن اختيار عواصم اخرى ولكن تم الاتفاق على ان تكون الرياض المقر باعتبارها عاصمة اكبر دولة في مجلس التعاون ولديها امكانات كبيرة ودولة متعهدة بتوفير كل متطلبات اللوجوستيكية للامانة العامة لهذا فقد تم الاتفاق على ان تكون الرياض هي المقر بقناعة واتفاق جماعي. عودة الى الوراء, كيف كان صدى فكر انشاء المجلس على جيران دول المجلس الست وخاصة العراق, ايران, اليمن, وكذلك امام القوى الكبرى. ــ دعنا نأخذها واحدة واحدة, بالنسبة للعراق, كان ردة الفعل العراقي سلبية وغير مريحة بالنسبة لنا برغم ان الكويت بلغت القيادة العراقية مسبقا قبل قيام المجلس وقبل اجتماع المجلس في مايو 1981 بأن هناك تجمعا خليجيا وكذلك فعلت دول اخرى من مجلس التعاون بإبلاغ العراق بالنية لانشاء المجلس تقديرا للحساسية ولازالة اي سوء فهم, ولكن موقف (العراق) كان سلبيا خاصة وان قيام المجلس كان بعد انفجار الحرب العراقية ــ الايرانية بتسعة شهور وتصور العراق هذا التجمع محاولة هروب خليجية من المشاركة مع العراق في حربه ضد ايران, وترك العراق وحيدا. بالنسبة للموقف الايراني لم يكن سلبيا فقط, بل كان عدائيا حيث كان الموقف الايراني حذرا ومتشككا وكانوا يتصورون ان هذا التجمع بدعة امبريالية تهدد الثورة الايرانية وان هذا التجمع عسكري يجلس وراءه الامبرياليون والمعادون للثورة الايرانية وكان يطلق على المجلس ومن باب الطرفة او المداعبة (حلف الناتو الخليجي) كان موقفهم ضد قيام المجلس اما الموقف اليمني فلم يكن سلبيا وانما كان الانتظار والترقب لنرى كيف؟ والحقيقة ان العلاقة الخليجية مع اليمن الشمالي طيبة, حيث لم تكن الوحدة قد قامت وكانت هناك دولتان في الشمال والجنوب اما العلاقة بين اليمن الجنوبي والدول الخليجية فكان يشوبها الحذر بشكل عام ولذلك كان اليمن الجنوبي مشككا وكان موقفه نابعا من النظرة السوفييتية لمجلس التعاون. كان الموقف ايضا باردا ومتشككا والحمد الله انه بعد قيام المجلس وبروزه كحقيقة ودور اساسي في الامن الاقليمي بدأت العلاقات بين مجلس التعاون والاتحاد السوفييتي تأخذ في التحسن والتطور من الموقف البارد الى الموقف المتفهم المتعاون كحقيقة واقعة. اما الموقف الامريكي فكان متفهما ومؤيدا مثله مثل الموقف العالمي, الاسرة الدولية بمجملها كانت متمنية ومتبينة ومدركة للابعاد والمسببات التي ادت الى قيام مجلس التعاون الخليجي. الكويت ــ انور الياسين

Email