قضية عربية:القضية الكردية ميراث الماضي وسيناريوهات المستقبل: أكراد العراق بين مطحنة الصراعات الداخلية ومطرقة الحصار الأمريكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كيف تكون الحزبان الكرديان الكبيران في العراق, وماذا يريد أكراد العراق, وقد فشلت كل محاولات اقامة دولة كردية في كردستان .. وهل يمكن ان تكون المعارضة الكردية بديلا للنظام البعثي في بغداد, وما هي جذور الخلافات والصراعات الدامية بين أكراد العراق؟ رجائي فايد باحث ومثقف مصري عاش في أربيل تسع سنوات حيث عمل مديرا للتخطيط في احدى منشآت القطاع الحكومي. ــ عدنان المفتي: مسؤول العلاقات العربية في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني ــ سيد نصار الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الكردية. التقت (البيان) مع الثلاثة ودار الحوار من النشأة العدائية للأحزاب الكردية, مرورا بالبعث والأكراد وانتهاء بماذا يريد الأكراد الآن في العراق. وقبل الابحار مع رؤى الثلاثة يجدر التنويه إلى ان دولة العراق الحديثة تكونت نتيجة للاحتلال البريطاني لبلاد ما بين النهرين (1915 ــ 1918), وتم احتلال الموصل, وقامت بريطانيا بتوقيع اتفاقية مع 60 زعيما كرديا, بما فيهم الشيخ محمود برزنجي زعيم السليمانية, وتعهدت بريطانيا في الاتفاقية بأن تمد حمايتها ومساعدتها للأكراد, واختلفت بعد ذلك مصالح الأكراد والبريطانيين حتى وصلت إلى قصف الطائرات البريطانية لقرى السليمانية, وجربت القنابل الزمنية وقتلت مئات الأبرياء, ونفت الشيخ برزنجي وفي عام 1921 اختار الانجليز الملك فيصل الأول ملكا على العراق, وكان فيصل يريد ألا يترك كردستان الجنوبية حتى يمكنه حفظ التوازن الطائفي لدولة العراق ذات الأغلبية السنية, واختار الأكراد الانضام للعراق, وبمقتضى اتفاقية 1930 مع بريطانيا أصبح العراق مستقلا, ولم تتضمن هذه الاتفاقية أية اجراءات حمائية للأكراد, وحكمت الملكية الهاشمية العراق حتى عام 1958, ووجد الأغوات الأكراد مصالحهم في الأوضاع الراهنة حتى عام انقلاب عبد الكريم قاسم على الملكية في 1958. جمهورية مهاباد رجائي فايد: قبل هذا كان قاضي محمد في ايران قد أسس الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني عام 1945, وفي عام 1946 أعلن جمهورية مهاباد, وانضم إلها اكراد العراق وزعيمهم ملا مصطفى البرزاني الذين وصلوا من العراق كلاجئين على أساس أنها الأصل, وانهارت الجمهورية بعد عام واحد, وأُعدم قاضي محمد على أيدي قوات طهران, وهرب مصطفى البرزاني إلى الاتحاد السوفييتي, وكان التأسيس الأول للحزب الديمقراطي الكردستاني وهو في المنفى, فعقد المؤتمر التأسيسي الأول سرا في بغداد وكان السكرتير العام للحزب حمزة عبد الله, وابراهيم أحمد وجلال طالباني من قيادته, ونصبوا ملا مصطفى البرزاني رئيسا للحزب. واستمر برزاني في منفاه حتى عام 1958, استدعاه عبد الكريم قاسم, وحدث مد ضخم للحزب وأصبح الأقوى بعد الحزب الشيوعي, ودبت الخلافات داخل الحزب بعد أحداث الموصل ثم كركوك التي لام بعدها عبد الكريم قاسم قيادات الحزب لوما عنيفا على تجاوزاتهم ضد التركمان في كركوك, وحتى يرضى ملا مصطفى عبد الكريم قاسم نحى حمزة عبد الله وعين مكانه ابراهيم أحمد سكرتيرا عاما للحزب فعقد ابراهيم أحمد ومعه المكتب السياسي للحزب مؤتمرا مصغرا نحو به الملا مصطفى من قيادة الحزب فجمع الملا والعشائر, وقبض على الثلاثة, حمزة عبد الله وابراهيم أحمد, وجلال الطالباني, أبعدوا تماما. ويقول ديفيد ماكدويل في دراسته عن الأكراد لمؤسسة حقوق الأقليات الدولية ان عوامل عدم الثقة نمت لدى ملا مصطفى برزاني وعبد الكريم قاسم, وتمت الاطاحة بقاسم في 1963, ورحب الملا وحزبه بالنظام الجديد ليكتشفوا بعد ذلك عدم وجود نية لديه للاعتراف بحقوقهم, وواصل برزاني مطاردة معارضيه بصفقة مع الحكومة الجديدة ـ حتى نهاية الستينات وكانت هناك مناطق خلاف بين الأكراد كلها منافسات مريرة من أجل السيطرة على الحركة الكردية, وكان مصطفى البرزاني ــ كزعيم قبلي ــ يستعين بأهل القبائل كقوة قتالية, ويرتاب في مثقفي المدينة الحضريين, وعلى العكس كان معارضيه متهمين بالأيديولوجية القومية والاشتراكية, يستخدمان القبائل ولكنهما ينظران للقبيلة على انها عائق للوعي القومي, ولكن في المحصلة النهائية سلكت جماعات برزاني وطالباني نفس السلوك, مستخدمة القبائل ووضعت الأيديولوجية جانبا, وتحالفت مع أعداء حقيقيين للأكراد. الأكراد والبعث فضل البعث في عام 1968 التكامل مع جلال الطالباني الذي كانت أيديولوجيته أقرب للبعثيين من مصطفى البرزاني, وان كان البعث كان يسمح دائما للحزبين بالتودد إلى بغداد, ولكن وكما يقول ماكدويل: كان مصطفى البرزاني هو الأقوى وكان على صدام حسين نائب الرئيس الجديد ان يتعامل معه, وكان اتفاق صدام حسين معه في مارس 1971 علامة على طريق العلاقات الكردية الحكومية. وجاء في الدستور الجديد للعراق ان الشعب العراقي يتكون من قوميتين العربية والكردية, وان يكون للأكراد الحق في سلطة تشريعية بشكل يتناسب مع حجمهم في العراق, ويكون واحدا من نائبي رئيس الدولة كرديا, وتوحد المناطق التي بها أغلبية كردية كوحدة حاكمة لذاتها, وان تستخدم اللغة الكردية إلى جانب العربية كلغة رسمية وفي التعليم في هذه المناطق, وان ينفذ الاصلاح الزراعي, وتوفر ميزانية لتنمية كردستان. رجائي فايد: قانون الحكم الذاتي وضع على أساس ان ينفذ في 1974, وفشل التنفيذ لأن الحكومة ارادته شكليا وليس حقيقيا, ويقول ماكدويل: أن القلق دب بين الطرفين فقد فشل النظام في تكوين المجلس الوطني كما وعد , وبدأ النزاع حول كركوك وخانقين وسنجار, وهي المناطق التي يؤمن مصطفى البرزاني ان حكومة البعث تقوم بتوطين العرب فيها عمدا لتغيير التوازن الديمغرافي فيها, وأصبحت كركوك بالذات منطقة حساسة بسبب مواردها الهائلة من النفط, وكان برزاني يتحدث عن بناء الثقة علنا ويتحدث عن القتال من أجل كركوك سرا, كما ناشد أمريكا المعونة فتعرض لمحاولة اغتيال في هذه الأثناء, وقامت العراق في 1972 بتأميم شركاتها النفطية, وأصبح لدى أمريكا سبب مهم لتقويض النظام في العراق حتى تسترد حصتها في حقول البترول, وفي 1973 أعلن برزاني في بيان له عن منح أمريكا حقوقا نفطية في كركوك, وأستعد الجانبان للحرب وأصبحت كركوك هي بؤرة الصراع, وفي مارس 1974 أصدر النظام قانون الحكم الذاتي الكردي خاليا من كركوك, وللنظام اليد العليا في تعيين المسؤولين ورفضه الملا وبدأت الحرب. حرب 1974 ــ 1975 كانت الحرب عالية التكلفة من ناحية الخسائر المادية والأرواح البشرية, ولم تصمد قوات برزاني أمام جيش تم تدريبه لتلك اللحظة, ولم يوقف الجيش العراقي من التحرك صوب الأميال القليلة الباقية على الحدود إلا القوات الجوية الإيرانية, الأمر الذي دفع صدام حسين إلى التنازل لشاه ايران على الممر المائي لشط العرب مقابل تخلي ايران عن الأكراد, وتخلى ملا مصطفى البرزاني عن القتال, وقال: كفى لجيلنا ما حدث, وعلى الأجيال ان تكمل. الاتحاد الوطني الكردستاني رجائي فايد: أسس جلال الطالباني حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في عام 1975, واشتغل منفردا وبعيدا, ومات البرزاني في عام 1978, ثم عاد الحزب الديمقراطي للعمل بقيادة ادريس البرزاني ومسعود البرزاني, ولم يمر وقت طويل حتى كان الحزبان يكرسان طاقة أكبر لمحاربة بعضهما. الحرب العراقية الايرانية ماكدويل:أثناء الحرب استولى الحزب الديمقراطي بالتعاون مع القوات الإيرانية على مدينة حدودية هامة هي مدينة حاج عمران, فقبض صدام حسين على ثمانية آلاف من رجال قبيلة برزاني, وتم استعراضهم في شوارع بغداد ثم اعدامهم, واستطاع في 1983 أيضا عقد اتفاق لوقف انطلاق النار مع طالباني على أساس اعادة التفاوض على الحكم الذاتي وفشلت المحادثات لأنهما لم يستطيعا الاتفاق على خانقين وكركوك وسنجار, وانهاء اتفاق وقف اطلاق النار رسميا في 1985, وبعد الانهيار تبنى النظام سياسة منظمة لتدمير القرى, وقتل الابرياء في أربيل والسليمانية, واستخدم الأسلحة الكيماوية في 1987 ضد الأهداف الكردية, وأقر سياسة الأرض المحروقة, وقامت القوات العراقية بعمليات قصف واجتياح وحشي فقتلت حوالي خمسة آلاف مدني, وطهرت مناطق كاملة من الأكراد الأمر الذي سحق الروح المعنوية للأكراد, وبلغ ضحايا العمليات الوحشية حوالي 200 ألف كردي ووجد حوالي 60 ألف كردي طريقهم إلى تركيا, و100 ألف إلى ايران. حرب الخليج الثانية حتى الآن رجائي فايد: أسفرت انتخابات 1992 بين الحزبين عن اقتسام السلطة, رئيس البرلمان من الديمقراطي, ورئيس الحكومة من الاتحاد الوطني, مع توزيع الحقائب الوزارية, ثم بدأت الخلافات بينهما حول واردات الجمارك, حيث يمر المنفذ الوحيد للعراق بأكمله من محافظة دهولا, الواقعة تحت سيطرة الديمقراطي, بينما يسيطر الاتحاد الوطني على مصادر الامداد بالكهرباء, ثم ظهرت مشكلة الأرض, وكانت السبب المباشر لاشتعال القتال بين الحزبين, فقد أعطت الحكومة العراقية مساحات من الأراضي تركها أصحابها الأكراد وفروا للجبال, لمحاسبيها من الأكراد الموالين لها, وعندما عاد الفارون بمستندات ملكية دب القتال وأخذ طالباني وعدا بالمساندة من أمريكا ومن ايران, فلجأ الديمقراطي الكردستاني لعدوه الألد صدام حسين, وضربت قوات الحرس الجمهوري قوات طالباني في أربيل والسليمانية وفروا بالكامل إلى ايران. مصالحة واشنطن رجائي فايد: ارتفعت أصوات عديدة بضرورة المصالحة, بدأت مساع خيرة في أواخر 1997 بمعرفة عزيز محمد السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي وهو كردي, إلا ان اتفقوا على اجتماعات للجنة تنسيق بينهما تجتمع مرة في أراضي الديمقراطي ومرة في أراضي الاتحاد الوطني, واجتمعت اللجنة 17 مرة, وتحقق من خلالها الكثير مثل اطلاق سراح الأسرى, عودة المهجرين, ايقاف الحملات الإعلامية ولم يتبق سوى تشكيل حكومة ائتلافية وتحديد معود انتخابات. ولكن تدخلت أمريكا وتمت اتفاقية المصالحة بين الحزبين في واشنطن, وكنت أتمنى ان تتم في القاهرة أو كردستان. الوضع الحالي للأكراد رجائي فايد: الموقف حاليا, حكومتان في المنطقة الأولى مركزها أربيل وتتبع الحزب الديمقراطي الكردستاني, وتسيطر على الجانب الأكبر من كردستان العراق, كما تتحكم في البوابة الحدودية مع تركيا, الثانية مركزها السليمانية وتتبع الاتحاد الوطني الكردستاني وهي محاصرة حيث ان مدخلها إلى العالم الخارجي يتم أساسا من خلال ايران, كما ان مواردها محدودة, وهناك عامل قوة وحيد لديها هو تحكمها في الطاقة الكهربائية والتي ترد من سد دوكان. الخطاب السياسي الكردستاني الخطاب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني يتناقض تماما مع خطاب الاتحاد الوطني فمسعود البرزاني يصف خصومه بالارهابيين, قتلة الكرد, مثيري الفتن والقتال ويرجع البرزاني أسباب القتال إلى أسباب شخصية نتيجة جنون العظمة لدى شخص واحد (يقصد طالباني) والخطاب السياسي للاتحاد الوطني يصف مسعود برزاني بأنه انطوان لحد, ويعلن ان الشعب الكردي يعرف جشع وخيانة وجرائم ومطامع الحزب الديمقراطي الكردستاني, ويعلن دائما انه ليس عضوا في اي تحالف ضد تركيا, ولا يوجد بينه وبين حزب العمال المناوئ لتركيا أي تحالف وان هدفه الأساسي هو شيوع السلام في كردستان, من خلال القبول بأي مشروع يضمن سعادة الشعب الكردي, ويتهم قيادة برزاني بأنها وقفت عند كل المبادرات السابقة, بينما يرى الديمقراطي الكردستاني ان قوات أوجلان قد جاوزت كل الحدود التي يجب ان يقف عندها في الشمال العراقي, ويطلق عليهم لقب الارهابيين ويتعاون مع تركيا في مطاردتهم للعمال الكردستان. الولايات المتحدة والأكراد في العراق الصراع الدامي بين برزاني وطالباني في شمال العراق أدى إلى افشال خطط المخابرات المركزية المتواجدة هناك باعداد كبيرة في التمهيد للاطاحة بالنظام العراقي, إلى ان أعلنت الولايات المتحدة انه ما دام الحزبان مستعدان للعمل سويا من أجل الاطاحة بصدام حسين, فنحن مستعدون للعمل معها.. وعلى هذا استضافت الولايات المتحدة من أجل عقد اتفاق للتصالح بينهما ووقع الاتفاق بالفعل ونصحتهما بتنظيف صفوفهما من عناصر صدام حسين, واعتمدت مبلغ 100 مليون دولار للمعارضة العراقية من أجل الاطاحة بالنظام, كما أنشأت قسما خاصا بالسفارة الأمريكية في لندن من أجل التنسيق مع المعارضة العراقية في بريطانيا, هذا في نفس الوقت الذي تطلب فيه واشنطن من ايطاليا تسليم عبد الله أوجلان إلى حكومة أنقرة, وتعلن لندن أن العمل في العراق سيكون صعبا ولكن الظروف قد تغيرت داخل العراق, ويدعو الرئيس الأمريكي الأكراد إلى ان تكون قيادتهم السياسية متناسقة وحيوية, تستطيع ان تقيم نظاما دستوريا دائما وبرلمانا منتخبا مباشرة من الشعب العراقي, فهل تستطيع الولايات المتحدة تحقيق هذا الهدف. رجائي فايد: أمريكا وجدت الورقة الكردية جاهزة الآن, ويهمها ان تحاصر حزب العمال الكردستاني التركي, وكان متدربان من الأتراك يرافقان ديفيد ولش المسؤول الأمريكي في زيارته التي سبقت مصالحه واشنطن والوضع الحالي أحسن وضع لأمريكا فهو وضع فريد يوفر مزيدا من التواجد الأمريكي ومزيدا من التأثير الأمريكي ومزيدا من التردي العربي. ماذا يريد أكراد العراق سيد نصار: يريدون دولة, بدليل ان اتفاق الحكم الذاتي سمح لهم بوجود برلمان, وجامعات محافظات, واعتبرت اللغة الكردية هي اللغة الثانية, ولهم أربع وزراء, وهم غير راضين بما منحهم العراق من حقوق وهي حقوق تفوق الحكم الذاتي, في تركيا ممنوع عليهم ارتداء الزي الكردي أو التحدث باللغة الكردية, انما في العراق داخل العاصمة وداخل مجلس الوزراء يرتدون الكردي, الرئيس العراقي له 33 نائبا, اثنان منهم أكراد, يريدون دولة, يريدوا ان يضموا كركوك. رجائي فايد: مطلوب تحقيق معادلة يحصل بمقتضاها الأكراد على حقوقهم في اطار وحدة وسلامة العراق, حكم ذاتي للاكراد, وديمقراطية للشعب العراقي, الحكم ذاتي في 1974 كان أكثر من ممتاز على المستوى النظري, ويوم صدوره كان عرسا حقيقيا في كردستان العراق, ولكن بغداد ارادته شكليا, مؤسسات الحكم الذاتي موجودة شكلا والأكراد يتندرون عليها, ولوحظت عملية تحول واسعة في دهوك لمدارس عربية كانت كردية أثناء هذا الحكم الذاتي, ومن صالح الأكراد ان يكونوا جزءا من العراق, أعدوا قانون متقدم للانتخابات, العلم العراقي يرتفع الآن على المجلس التشريعي الكردي, وعلى كل مؤسسات المنطقة, وفرقهم الرياضية تنشد النشيد العراقي, ويقسموا بما سينتهي عليه التفاوض مع الحكومة المركزية, انهم يريدون تحقيق طموحاتهم القومية في اطار دولة عراقية موحدة وللعلم المفاوضات والاتصالات بين الحكومة والأكراد لم تنقطع على الاطلاق. عدنان المفتي: الشعب الكردي في العراق لا يريد الانفصال واقامة دولته المستقلة, ولكن من الطبيعي ان نتطلع إلى كيان مستقل والقيادة السياسية الكردية بما لديها من تجربة ووعي سياسي ترى ان اقامة الدولة الكردية أمر غير واقعي وشبه مستحيل, وهي تحتاج إلى تغير في جغرافية الدولة العراقية, وما يتيح ذلك من تأثير على جغرافية تركيا وسوريا وايران وهو ما كان وراء التنسيق الثلاثي لهذه الدول خلال السنوات من (91 ــ 1996) وكانت اجتماعيات وزراء خارجيتهم تؤكد دائما رفضهم لتقسيم العراق, وعدم قبولهم بما يسمونه (الوضع في شمال العراق) , وربما توجد خلافات بين هذه الدول ولكن ليس من بينها القضية الكردية, كذلك أمريكا ضد تقسيم العراق, ليس من أجل العراق, ولكن من أجل مصالحها مع تركيا, لذلك ولأسباب أخرى الحركة الكردية متفقة على شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان, ولكنه ليس الحكم الذاتي الذي أراده البعث عام 1974. وانما هو الحكم الفيدرالي الذي يوفر الحقوق القومية والثقافية للشعب الكردي ضمن الجمهورية العراقية, الفيدرالية نوع من أنواع الحكم الذاتي, في النظام الفيدرالي دولة واحدة للجميع وجيش واحد واقتصاد موحد, ودستور واحد, ووزير خارجية واحد. المعارضة والتغير * هل المعارضة العراقية مؤهلة لاحداث وقيادة التغير في العراق؟ ــ رجائي فايد: المعارضة العراقية غير مؤهلة, هذه المبالغ التي خصصتها أمريكا لن تضع شيئا وأنا لا أعرف أحمد شلبي الذي خصصت المبالغ باسمه. سيد نصار: كل المعارضة العراقية يمكن وضعها في (أتوبيس واحد من أتوبيسات) القاهرة, لا قيمة لهم, الكونجرس الذي خصص 97 مليون دولار لـ15 فصيل أمام من امام حزب البعث الموجود في السلطة بصفة رسمية من 1968, 30 سنة في الحكم, وهو موجود على الساحة من عام 1947, ويمثل اعضائه الفاعلين 10% من عدد سكان العراق, وهل الـ97 مليون دولار سوف يتيحوا للمعارضة العراقية الهشة سواء التي تعيش في أوروبا أو غيرها شراء أسلحة, شيء واحد يمكن ان يحدث التغير في العراق, وهو حزب البعث ذاته, من داخل الحزب, يحدث تمرد, ويُقدم نوع من المصالحة مع الأمريكان. الأكراد والأمن القومي العربي رجائي فايد: التأثير الفادح للمشكلة الكردية على الأمن القومي العربي تبين من خلال المؤشرات التالية: أولا: حلف بغداد الذي نص في مادته الأولى على التعاون بين دولة (ايران وتركيا والعراق) على مواجهة الحركات التحررية في المنطقة وفي مقدمتها الحركة الكردية. ثانيا: اتفاقية الأمن المتبادل بين تركيا والعراق 1982, اتفق بمقتضاها صدام حسين مع الأتراك على انه من حق كل دولة ان تطارد المناوئين لها في حدود الدولة الأخرى وعليه فإن التوغل التركي في شمال العراق له غطاء قانوني وسط عجز عراقي. ثالثا: مشكلة الحدود العراقية الايرانية, فقد تم رسم الحدود بموجب اتفاقية عام 1937, وبمقتضاها كانت شط العرب بالكامل تحت السيادة العراقية, وظل الشاه على مر السنين يطالب بالتعديل, وقوبل طلبه بالرفض التام فكان يلجأ دائما للعب بالورقة الكردية يسلح الأكراد, يفتح أراضي ايران لتدريبهم, واستطاعت اسرائيل من خلال الشاه ان تعاون الأكراد, إلى ان جاء البعث عام 1968, وكانت حكومة البعث أمام خيارين إما ان تتفق مع الشاه وتسلم له مطالبه الحدودية في شط العرب أو تتفق مع الأكراد, فلجأت لعقد اتفاقية الحكم الذاتي مع الأكراد في 11 مارس 1970 ورفض الأكراد الحكم الذاتي, واشتعلت حرب عام 1975, في الوقت الذي ألغى فيه شاه ايران اتفاقية 1937 من جانب واحد على هامش مؤتمر الأوبك في الجزائر, وبمباركة هواري بومدين, اجتمع الشاه مع صدام حسين وتم التوقيع على اتفاقية الجزائر وتم التسليم للشاه بكل مطالبه الحدودية. ويعد ثورة الخميني والمد الشيعي الخطير لها داخل العراق, واقدام العراق على اعدام الامام محمد باقر الصدر, المرجع الشيعي الكبير, وبدأ المناوشات الحدودية ألغى صدام حسين اتفاقية الجزائر في سبتمبر 1980, واشتعلت الحرب العراقية الايرانية تسع سنوات, وانتهت بالعودة لاتفاقية الجزائر وهذا كله مرجعه للعب بالورقة الكردية من جانب حزب البعث إلى هذا تتضح مدى فداحة تأثير هذه الورقة على الأمن القومي العربي. القاهرة ــ (البيان) ــ نور الهدى زكي

Email