ندوة بالقاهرة تروّج للمحكمة الجنائية الدولية وتكشف مماطلات امريكا لاجهاضها

ت + ت - الحجم الطبيعي

ناشدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب وعدد من الفعاليات السياسية, الحكومات العربية التوقيع على اتفاقية انشاء المحكمة الجنائية الدولية.. ودعت المنظمات غير الحكومية في العالم العربي الضغط على حكوماتها للدفع في هذا الاتجاه, وكانت المنظمة عقدت ندوة موسعة حول القضية, قال فيها محمد فائق أمين عام المنظمة أن المحكمة آلية جديدة ومختلفة لتعزيز دور المجتمع الدولي في ظل قصور نظام الحماية الدولية لحقوق الانسان في صورته الحالية, لأنه غير ملزم وغير شامل مما يتيح إفلات المتورطين في الجرائم غير المشمولة بالملاحقة الجنائية الدولية كالجرائم ضد الانسانية وجرائم الإبادة, كما أن نظام الحماية الدولية الحالي غير دائم مما يجعل العدالة الدولية تتخذ شكلا موسميا وربما انتقائيا. وأشار فائق الى أن فكرة تأسيس محكمة تتمتع بصلاحيات قضائية جنائية هي فكرة ليست جديدة حيث تعود جذورها الى مطلع هذا القرن, ولكن عوامل مختلفة حالت دون قيامها بالشكل المطلوب, وأهم هذه العوامل الخوف من تسييس وظيفة المحكمة الجنائية الدولية طالما أن مباشرتها اختصاصاتها لا تتوقف بالضرورة على موافقة الدولة أو الدول المتهمة بالانتهاك. والخشية من اهدار سيادة الدولة كفاعل رئيسي على الساحة العالمية. وأضاف فائق: أن هذه العوامل أدت الى اقتصار المحاكم الجنائية المقامة حتى الآن على كونها محاكم خاصة بإنتهاكات حقوق الإنسان في حالات محددة: مثل نورمبرج وطوكيو ويوغسلافيا ورواندا.. لكن تغير مفهوم السيادة من ناحية وبروز دور المنظمات غير الحكومية كان ونمو الديمقراطية المدافعة عن حقوق الإنسان كل ذلك دافعا الى اعتماد النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في يوليو 1998. وقال الدكتور يحيى الجمل استاذ القانون بجامعة القاهرة ان الفارق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية أن الأولى لا تنعقد الا بالتراضي أما الثانية فسيذهب اليها المتهم مرغما وهذه قضية مهمة لانها تحول المجتمع الدولي الى صورة من صور المجتمع الداخلي في القانون الجنائي. خاصة وأن هذا القانون هو أقدم القوانين التي عرفتها البشرية لكن مع ذلك فإن القانون الجنائي الدولي هو آخر فرع يحاول الظهور في مجال القانون الدولي. خلافات وقال محمد منيب عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الانسان والذي شارك هو والسفير شريف بسيوني من مصر في وضع النظام الأساسي للمحكمة: ان هناك انعكاسات ايجابية للمحكمة على قضايا حقوق الانسان في العالم وأن هناك محاولة تجرى الآن لتأسيس تحالف عربي غير حكومي من أجل الدفع في اتجاه اقرار هذه المحكمة وخروجها الى حيز التنفيذ الفعلي. وأشار منيب الى أن الاجتماعات التي حضرها للتشاور حول وضع النظام الاساسي للمحكمة خاصة الاجتماع الأخير في روما شهدت خلافات شديدة حول عدد من النقاط أبرزها علاقتها بمجلس الأمن حيث قادت الولايات المتحدة جبهة ترى بضرورة أن تكون المحكمة تابعة تماما لمجلس الأمن في حين كان هناك جبهة أخرى تتزعمها ألمانيا والارجنتين وجنوب افريقيا ترى استقلالية المحكمة تماما, وأشار الى خلافات أخرى حول دور المدعي العام في اعداد ملفات الدعاوى المختلفة وتوجيه الاتهامات ومن ثم سلطاته في التحقيق وجمع المعلومات.. وخلاف أيضا حول الجرائم التي تختص بها المحكمة وتمويلها ثم دور الدول المختلفة وهل سيتم تجاوز فكرة السيادة أم لا؟! وقال إن الدول التي وقعت على الاتفاقية هي 19 دولة من افريقيا و8 دول من أمريكا اللاتينية و28 دولة من أوروبا ودولة واحدة من آسيا هي الأردن ولم يوقع أحد من أمريكا الشمالية رغم أن رئيس وفد كندا كان هو رئيس مؤتمر روما ولكنه خضع للضغوط الأمريكية. وقال إنه رغم أن الهند كانت من الدول المعول عليها دعم هذه المحكمة إلا أنها رفضت التوقيع لأن أمريكا فرضت على نظام المحكمة أن يتم تجريم الاسلحة البيولوجية دون الاسلحة النووية والذرية. اختصاصات وقال الدكتور حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن المحكمة الجنائية الدولية هي خطوة تاريخية هائلة للانتقال بالحياة الدولية من حالة الطبيعة الى حالة المجتمع.. مشيرا الى أن أهم نقاط الضعف في القانون الدولي التقليدي أنه كان يطبق على الدول وليس الافراد وهذا الوضع سيختلف جذريا بعد انشاء المحكمة الجنائية الدولية التي سيصبح من سلطتها محاكمة أي شخص في العالم حتى لو كان رئيس دولة ما دامت هناك دلائل قوية على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في نظام المحكمة. وأشار الى أن المحكمة الجنائية الدولية ليست بديلا للمحاكم الوطنية لكنها مكملة لها وهي تصبح مختصة اذا تهربت الدولة من المحاكمة او اذا لم تكن قادرة على اجراء هذه المحاكمة لأي سبب من الأسباب حيث أن بعض دول العالم مثلا تكون في حالة إنهيار مؤسسي لا تسمح لها بمحاكمة أحد. وأوضح نافعة أن المحكمة الجنائية الدولية يمكنها ان تحاكم مواطنين ينتمون لدولة لم تنضم للمحكمة وأن الجرائم التي تدخل في اختصاصات هذه المحكمة هي: ــ جرائم الإبادة الموجهة ضد مجموعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية. ــ الجرائم ضد الانسانية وهي التي تشمل جرائم العبودية والتعذيب والاغتصاب والحمل والعقم الاجباريين وابعاد السكان او النقل الاجباري لهم. ــ جرائم الحرب التي تأتي بانتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف المعروفة أو للقوانين والاتفاقيات التي تحكم النزاعات الدولية. وأشار نافعة الى أنه لم يتفق على تعريف للعدوان وحدوده وأنه تم استبعاد جرائم الإرهاب أيضا لعدم الاتفاق حول تعريف الارهاب وحتى لا يحدث خلط بين العمل المسلح المشروع من أجل التحرير وجرائم الإرهاب. وظهرت مشكلة حول المخدرات تتعلق بالتحريات حول جرائم المخدرات وأنه لن يكون بمقدور المحكمة أن تقوم باجراء التحريات اللازمة في هذه القضايا. وأوضح الدكتور أحمد الرشيد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الاعتبارات الدافعة لانشاء هذه المحكمة تتمثل في: ــ تطور المركز القانوني الدولي للفرد: حيث كانت تتم مساءلته من قبل من خلال دولته وهذا ما سوف يتغير. ــ تطور الاهتمام الدولي بقضايا حقوق الانسان والتي أصبحت تمثل مساحة مشتركة بين المجتمع الداخلي والمجتمع الدولي. ــ الانتهاكات المستمرة والمضطردة لحقوق الانسان من جانب بعض الدول والجهات الدولية. وأشار الى أن القضايا التي لم يتناولها النظام الأساسي للمحكمة مثل الارهاب والاسلحة الذرية هي أمور مجرمة في أماكن أخرى.. موضحا أن اختصاص المحكمة لا يمتد الا الى الجرائم التي تقع بعد دخول المحكمة حيز التنفيذ وأنه لن يتم التحقيق في جرائم وقعت في الماضي. وطالب الدكتور الرشيدي بادخال عقوبة الاعدام ضد بعض الاشخاص الذين يرتكبون جرائم ضد الانسانية خاصة وان نظام المحكمة يضع مدة 30 عاما كحد أقصى للعقوبة. وانتقد فاروق أبوعيسى أمين عام اتحاد المحامين العرب عدم مشاركة الجامعة في مثل هذا العمل وتركها هذا الامر للحكومات والمنظمات غير الحكومية العربية مشيرا الى أن هذه المنظمات لعبت دورا كبيرا في انشاء هذه المحكمة. وطالب ابو عيسى بتوعية الشعوب العربية من أجل خلق حركة ضغط تطالب الحكومات العربية بالتوقيع على انشاء المحكمة. القاهرة ـ محيي الدين سعيد

Email