قضية عربية: الرابحون والخاسرون في الأزمة العراقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

انقشعت أحدث أزمة بين العراق والولايات المتحدة بعد فصل متوتر, مشى العراق خلاله تحت ظلال السيوف الأمريكية التي تأهبت لضربه . ووضع اعلان عراقي أذيع في اللحظة الأخيرة حدا لأزمة كادت ان تنهي بضربة عسكرية هددت واشنطن أنها كانت ستكون شديدة ومدمرة, مع انقشاع سحابات الأزمة, تتجمع الأسئلة حول الرابح والخاسر فيها, بين قائل ان العراق نجح في تسليط الضوء على قضيته, وبين قائل ان بغداد قامت بتراجع مذل وان أمريكا نجحت في النهاية في فرض شروطها. وفضلا عن الرابح والخاسر, تلح أسئلة أخرى حول سبل منع حصول أزمات مماثلة, ولماذا كان الاهتمام بهذه الأزمة ضعيفا مقارنة بالمرات السابقة, وما هو حدود الدور العربي المطلوب في المستقبل لرفع الحصار عن العراق. وسعيا للحصول على اجابات لهذه الأسئلة, استطلعت (البيان) آراء أربع خبراء مصريين وخرجت بهذه الحصيلة. مسؤول برلماني: بغداد خاطرت بـ (طيش) و خسرت مخاطرة عراقية حرص الدكتور محمد عبد اللاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري على أن يوضح في البداية على انه إذا كانت الأزمة قد انتهت فهذا لا يمنع من القول بأن العراق قد أقدم عندما صعد الأمور إلى هذه الدرجة, على محاضرة كبيرة وجسيمة كانت من الممكن ان تؤدي إلى عواقب وخيمة, وهذا أمر عجيب, فالمعروف ان أية مخاطرة أو مقامرة يجب ان تحتمل المكسب والخسارة أما ما أقدم عليه العراق مؤخرا فكان يحتمل شيئا واحدا فقط وهو الخسارة بتعريض مصالحه للخطر, فقد كانت الضربات العسكرية على وشك الوقوع , والمفروض ألا توجد مخاطرات عندما يتعلق الأمر بمصائر الشعوب. وقال عبد اللاه ان نزع فتيل الأزمة يرجع إلى سببين رئيسين, أولهما أن الولايات المتحدة الأمريكية استشعرت أن هناك رفضا عربيا كبيرا وعلى كافة المستويات القيادية والشعبية لاستخدام القوة ضد العراق, وخاصة ان ذلك سيؤدي إلى مزيد من المعاناة للشعب العراقي الذي يكفيه ما هو فيه الآن.. وثانيهما تراجع العراق في اللحظة الأخيرة وموافقته على عودة لجان التفتيش دون شروط, وهذا أدى إلى حالة كبيرة من الارتياح لدى الشعوب العربية التي لم تعد تقبل ان يتم الاستمرار في استخدام القوة العسكرية ضد العراق. محاذير تكرار الأزمة ويشدد عبد اللاه على أنه يجب على القيادة العراقية في الفترة المقبلة ألا تكرر نفس الموقف الأخير وخاصة أنها تدرك جيدا ان الطرف الآخر ــ الولايات المتحدة ــ مستمر في استعداداته الجادة للقيام بأي عمل عسكري ضد العراق وفي أي وقت , وهذه العمليات العسكرية التي تقوم على أسلوب توجيه الضربات الصاروخية والقصف الجوي تؤدي إلى خسائر جسيمة في المنشآت المدنية والعسكرية العراقية دون ان تتعرض الولايات المتحدة أو جنودها لأية مخاطر, لذا فالمطلوب من العراق مستقبلا ألا يتخذ مثل هذه القرارات الفجائية التي تؤدي إلى تصعيد الأمور وبحيث تكون هناك دراسة للموقف وجعل الباب مواربا للعمل الدبلوماسي, وحتى لا يكون التراجع هكذا في آخر لحظة لأن ذلك ليس مضمونا, فقد كان من الممكن حدوث الضربات الجوية وبذلك يخسر العراق الكثير, والعراق عليه ان يتعاون بشكل جاد مع المفتشين الدوليين وإذا كان لديه ملاحظات على أسلوب عملهم أو على بعض افراد اللجنة, فعليه ان يتقدم بالشكاوى ضدهم وينسق مع الدول العربية والأخرى الصديقة للوقوف إلى جواره حتى يتم التحقيق في شكواه, أما ان يلجأ لاتخاذ القرارات المفاجئة كما حدث مؤخرا فهذا لن يفيده, وخاصة ان العالم أصبح يدرك الآن ان ما يقوم به العراق من اثارة للازمات مجرد (فرقعة) وانه سيتراجع في النهاية ولا يستفيد شيئا من وراء ذلك سوى زيادة التوتر في المنطقة واستمرار معاناة الشعب العراقي والتأثير سلبا على صورة النظام العراقي الذي يتعمد تصعيد الأمور, وفي النهاية يرضخ ويلتزم بكل ما يطلب منه. ومع ذلك يرى الدكتور محمد عبد اللاه انه إذا كان العراق أراد من وراء موقفه الأخير لفت أنظار العالم إلى قضية الحصار واستمرار معاناة شعبه فهذه الرسالة قد وصلت وتحققت أهدفها, ووجدت لها صدى عند الآخرين, وهذا يتضح من الخلافات التي كانت موجودة داخل مجلس الأمن عند بحث الأزمة. اصرار أمريكي وعن حالة الاصرار التي كانت موجودة لدى الولايات المتحدة الأمريكية على ضرب العراق واستعجال هذا الأمر يقول الدكتور محمد عبد اللاه: عندما تحرك دولة عظمى كالولايات المتحدة قواتها وجيوشها من هذه الأراضي البعيدة إلى منطقة الخليج فإن هذا يكلفها الكثير, وهذا لا يأتي فجأة فهم قد درسوا الأمر وناقشوه, وتوصلوا إلى ضرورة ارسال القوات, لذلك عندما تتم التحركات فلابد أن نعلم أنهم جادون في توجيه الضربات, والذي يتحمل كل الخسارة هو العراق بتدمير منشآته, وبالنسبة للأزمة الأخيرة, استنفدت الولايات المتحدة كل الوسائل, وعندما لم يستجب حركت القوات, ثم وضعتها على أهبة الاستعداد, وفي هذه الحالة تكون امكانية وقوع الضرب عالية جدا, وخاصة ان القيادة الأمريكية سيتم مساءلتها عن هذه التحركات طالما انها لم تقم بعمليات عسكرية. أما فيما يتعلق بأن رد الفعل العربي والعالمي لم يكن على نفس الدرجة بالنسبة لما حدث خلال الأزمة الماضية, فأوضح ان الفعل العربي ما زال كما هو, فهناك رفض تام من كل الشعوب والقيادات العربية لتوجيه ضربات عسكرية ضد العراق لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم, كما سيؤدي إلى مضاعفة معاناة الشعب العراقي, اضافة إلى وجود شعور عام لدى الشارع العربي ان الشرعية الدولية والولايات المتحدة تكيل بمكيالين فيما يخص الدول العربية, هذا الشعور يجعل متحفزا ضد أية محاولات للاعتداء على العراق, أما بالنسبة لرد الفعل العربي فيقول عبد اللاه انه كان أقل حدة, إذ لم تتغير قواعد اللعبة كثيرا, فبريطانيا ما زالت تؤيد على طول الخط القرار الأمريكي, وباريس وموسكو وبكين يتحفظون ويؤيدون الحلول الدبلوماسية, وارجع ضعف الاهتمام بالقضية هذه المرة إلى حالة الملل التي أصابت الرأي العام العالمي والعربي من استمرار الشد والجذب. اثارة دائمة للقضية وأشار الدكتور محمد عبد اللاه إلى ضرورة ان يجعل العرب قضية العقوبات المفروضة على الشعب العراقي وآثارها المدمرة عليه موجودة دائما على الساحة الدولة والعربية وفي أذهان الناس, وذلك بالتنسيق فيما بين الدول العربية, ومن خلال المنظمات والهيئات العربية, وفي مقدمتها جامعة الدول العربية. وعلى الجانب الآخر في العراق يجب على المسؤولين هناك, كما يقول عبد اللاه ان يتحلوا بالصبر والحكمة, وان يحاولوا كسب الرأي العام العالمي إلى جانبهم وبحيث يصبح مساندا للقضايا العراقية ومؤيدا لرفع العقوبات المفروضة عليهم, وذلك في اطار التزام العراق بتنفيذ القرارات الدولية التي صدرت في أعقاب حرب الخليج الثانية, وإذا حدثت مشكلات أو تجاوزات من قبل لجان التفتيش فيتم معالجة الأمر بالطرق الدبلوماسية ودون اللجوء إلى القرارات الانفرادية التي ثبت أنها لن تحل المشكلة بل ستعقدها, وستؤدي إلى تآكل المساندة الدولية لقضية الشعب العراقي. الجوانب الايجابية للأزمة أما الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم فيرى ان العراق استطاع من خلال هذه الأزمة اثارة قضية رفع الحصار, بل هناك بعض التقارير التي تشير إلى انه قد حصل على وعد من ريتشارد باتلر رئيس لجنة التفتيش الدولية انه في حالة الالتزام بالقرارات الدولية وترك اللجان تقوم بأداء عملها فقد يمكن رفع الحصار عن العراق خلال ثلاثة أشهر من الآن, وهناك نقطة أخرى ايجابية وهي ان هذه الأزمة أكدت للولايات المتحدة الأمريكية ان عملية حشد القوات ليست بالعملية السهلة وانها مكلفة جدا من الناحية المادية , وأوضح ان دول الخليج لن تتحمل فاتورة نقل هذه الحشود لذلك طلب المسؤولون الأمريكيون من الكونجرس اعتماد اضافي قدره 1.4 مليار دولار لتغطية التكاليف, وهذا أدى إلى التراجع الأمريكي هذه المرة, وسيؤدي إلى ان تعيد الولايات المتحدة النظر خلال الفترة المقبلة في هذه المسألة العراقية برمتها في ظل المتغيرات الجديدة. وقال انه لم يشعر بفارق كبير بين رد الفعل العربي خلال الأزمة الأخيرة عنه خلال الأزمة السابقة, وقال ان هذا الشعور ربما جاء لأن هذه الأزمة لم تأخذ الفترة الزمنية التي أخذتها الأزمة السابقة, وربما لم تتح الفرصة لبذل جهود دبلوماسية أكبر, أو لأن الأزمة معادة ومكررة, أو ربما بسبب كل هذه الأسباب مع بعضها البعض. قصور عراقي وأضاف ان هناك سببا آخر مهم أدى إلى حال عدم الاهتمام بهذا الشكل وهو يعود إلى القيادة العراقية نفسها والتي تعاني من عيب خطير فهي لا تمهد للقرارات الخطيرة التي تتخذها بل انها لا تتشاور حتى مع الدول والقوى التي تصور انها تؤيدها الناس تفاجأ بالقرارات العراقية وتجد نفسها مضطرة لأن تدافع عن هذه القرارات من واقع أنها تدافع عن العراق, أيضا القيادة العراقية لم تستغل الأوراق التي في يدها بالشكل المطلوب بل وتلعب بأوراق قد تكون غير مهمة في الوقت الحاضر, فمثلا هي تركز على قضية الحصار وضرورة رفع الحصار وهذا لن يحدث الآن لأن هناك قرارات دولية وهناك مماطلات من لجان التفتيش وبغداد وتزيد في الحديث عن الحصار, دون ان تلتفت إلى أمور فرعية وجانبية أخرى قد تساعد في ذلك, فقد كان لدى العراق قبل الأزمة الأخيرة الكثير من القضايا التي يمكن ان تثار وتخلق رأيا كان من الممكن ان يساعد العراق في رفع الحصار عنه, منها ضبط بعض أفراد لجان التفتيش والتأكد من قيامهم بالتجسس لصالح اسرائيل, وكان يجب على السلطات العراقية ان تركز على هذه الجزئية وتطالب بابعاد هؤلاء المفتشين الجواسيس العملاء لاسرائيل, أيضا كان يجب عليها ان تركز على ان لجان التفتيش لم تكتشف شيئا منذ فترة طويلة رغم ان العراق قد فتح لها جميع المواقع والمنشآت وحتى القصور الرئاسية لم يمانع في فتحها أمامهم على أمل ان ينتهوا ويتم رفع الحصار المفروض عليهم, هذه الأمور لو ركزت عليها السلطات العراقية لكانت قد وجدت تجاوبا كبيرا من الرأي العام الدولي والعربي, ولكن بدلا من ذلك وجدنا العراق يبادر بأخذ قرار مفاجئ بقطع تعامله مع لجان التفتيش ويخلق أزمة كان من الممكن ان تؤدي إلى عواقب وخيمة وجسيمة عليه. ونبه اللواء طلعت مسلم إلى ضرورة ان نؤمن كشعوب وقيادات عربية ان الدفاع عن العراق ضد أية محاولات للاعتداء عليه واجب على كل عربي وكل مسلم. خسائر.. لا مكاسب ويختلف الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء المصري الأسبق مع الرأي السابق ويرى ان العراق لم يكسب شيئا من وراء افتعاله لهذه الأزمة, وخاصة انه تراجع في النهاية ودون أية شروط, وهذه التصرفات التي يقدم عليها العراق من حين لآخر هي امتداد لسلسلة اخطائه الكثيرة منذ أقدم على خطأه الأكبر بغزوه دول عربية شقيقة, وهو الخطأ الذي ما زال يدفع ثمنها حتى الآن من خلال الحصار المفروض عليه والذي يكلفه الكثير سواء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والذي يعاني منه الشعب العراقي, وخاصة أطفاله, وهذا الأسلوب الذي تنتهجه القيادة العراقية بافتعال الأزمات مع الأمم المتحدة ووقف التعامل مع لجان التفتيش ليس له ما يبرره ويؤدي غالبا إلى تمسك المجتمع الدولي باستمرار فرض الحصار على العراق. وطالب الدكتور لطفي العراق ان يركن خلال الفترة المقبلة إلى العقل ويلتزم بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن فهي قرارات صريحة واضحة, وبدون الالتزام بها لن يكون هناك أمل في رفع الحصار عنه, هذا الحصار الذي نتمنى جميعا ان يأتي اليوم الذي نرى فيه الشعب العراقي وقد انتهت معاناته منه. وهذا لن يتحقق بطرد المفتشين وافتعال الأزمات بل بالالتزام بالقرارات الدولية وابداء حسن النية تجاه الجيران وحل مشكلة الأسرى الكويتيين, وعدم اثارة مشكلات الحدود من آن لآخر معهم لأن ذلك يخلق مناخا من عدم الثقة. سيناريو محفوظ وبالنسبة لها يقال ان من العراق يحاول من خلال هذه الأزمات لفت الأنظار إلى قضية الحصار, أكد الدكتور لطفي ان هذا ليس في صالح العراق من بعيد أو قريب, فهذه الأزمات لم تجعل المجتمع الدولي يتراجع عن شروطه التي فرضها على العراق, كما ان العراق وبمرور الوقت وبعدما كثر استخدامه لهذا الأسلوب أصبح لا يجد تجاوبا من الرأي العام العربي والعالمي كما حدث في الأزمات السابقة لأن الكثيرين أصبحوا ينظرون إلى هذا الأمر على انه لعبة معروف نتائجها وسيناريو محفوظ.. العراق يوقف التعامل ويطرد المفتشين وأمريكا تهدد وتتوعد, وبريطانيا تدعم, وفرنسا تتحفظ, وفي النهاية يتراجع العراق ويوافق على كل ما يطلب منه في آخر لحظة!! وأوضح لطفي ان الفترة المقبلة هامة جدا وتتطلب منا كدول عربية ان نسعى للمصالحة وعودة التضامن العربي, وبحيث يعود العراق مرة أخرى إلى الأسرة العربية ليلعب دوره الهام والضروري, وهذه المصالحة يجب ان تقوم على أساس المصارحة بأن يعترف المخطئ بخطئه ويتعهد بأنه لن يعود إلى تكراره مرة أخرى, كما يجب على الدول العربية بذل مزيد من التنسيق والتوحد في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاعلامية لأن العالم لا يؤمن إلا بالتكتلات ولا مكان به لدول فرادى, هذا إلى جانب التزام العراق بكل القرارات الدولية التي صدرت عقب حرب الخليج الثانية حتى تعود الأمور إلى نصابها, وبذلك نضمن رفع العقوبات عن الشعب العراقي الذي عانى كثيرا. لعبة مكشوفة ومن جانبه أوضح المفكر الدكتور ميلاد حنا ان آليات التفكير لدى كل من القيادة العراقية والأمريكية قد صارت معروفة عند كل منهما وبالتالي فإن تكرار مثل هذا السيناريو وهذه العملية أصبح لا طائل منه ولن يؤدي إلى حل المشكلة فلعبة القط والفأر الذي تلعبها كل من القيادتين أصبحت مكشوفة ولن يستفيد النظام العراقي من ذلك. المفروض ان يقفل العراق هذا الملف مؤقتا لحين اشعار آخر وظروف تاريخية أخرى تكون مواتية أكثر, العراق لن يستفيد بأن يكون لديه الآن أسلحة في الخفاء بهدف تمكينه من استرداد عافيته القتالية, فعافية أي دولة أو أمة ليس فيما لديها من أسلحة قانونية وشرعية أو غير مقرة قانونيا ولا هي في جيش قوي مؤهل للدفاع وفي حالة ترقب لسنوات , ولكن عافية وقوة أي شعب في رفع مستواه التعليمي, وفي تحسين مستواه من الناحية الصحية, وفي اطلاق قدراته التعبيرية ولذلك على العراق ان يطرح جانبا لعبة (الاستغماية) التي يلعبها مع (فريق) الولايات المتحدة الأمريكية لأن هناك الآن أقمارا صناعية تتجسس عليه ولا تدرك اجهزته مدى فعاليتها, ولأن أمريكا والجهات الدولية لها أعين تراقب قد لاتعلم عنها المخابرات العراقية شيئا, فإذا كان العراق قد استطاع من خلال الأزمة الأخيرة ان يطرح قضيته أمام الرأي العام العالمي وان يتحاشى ضربة عسكرية, فعليه ان يعلن أيضا وللكافة انه لا يمتلك أسلحة دمار شامل سواء كانت جرثومية أو كيماوية أو بيولوجية, ويترك لجان التفتيش تتأكد بنفسها بذلك, وحتى يسترد مصداقيته ليس في العالم الغربي فحسب, وإنما لدى الكويت والسعودية, وايران وسوريا ومصر والسودان وكل الدول. البداية من بغداد ونبه الدكتور ميلاد حنا انه من غير المعقول ان نطالب بدور تقوم به الدول العربية دون ان تكون هناك نقطة بداية من العراق ذاته, فإذا غير العراق من سلوكه وسعى إلى رفاهية شعبه, وأعلن بوضوح عن نواياه تجاه جيرانه وتجاه العالم فعندها فقط تمد كل الدول العربية يدها إليها وتساعده حتى يتم رفع الحصار عنه ويعود إلى الأسرة العربية مرة أخرى. وأضاف: أتمنى ان يعقد حزب البعث العراقي مؤتمرا يعلن فيه انه طوى صفحة قديمة مضت وانتهت, وان كل مخططاته وأحلامه الداخلية غير المعلنة قد انتهت أيضا, وانه سيتجه إلى فتح صفحة جديدة تقوم على الشعارات الأتية: الشفافية, لا أسلحة محظورة, التنمية في جميع المجالات, البدء في مسلسل طويل من الحريات والديمقراطية والبعد عن الشعارات الجوفاء والتي لم تتحقق, واعطاء الفرصة لجيل جديد لكي يحمل الراية ويتعامل مع المعطيات الجديدة التي طرأت على العالم, ويجب على الجيل القديم ان يختفي تدريجيا, وفي فترة خمس سنوات سيكن هناك عراق جديد مقبول من شعبه وجيرانه وأمته العربية وأمته الانسانية, وسيكون أقوى في النواحي المدنية وليس في الجوانب العسكرية فقط , وفي هذه الأثناء سيكون توازن القوى في المنطقة قد تغير وسيلعب شعب العراق من خلال قيادة تنمو من داخله دوره اللائق به في عالم جديد يعتمد على الابداعات التكنولوجية والمساهمة في التنمية الحضارية. القاهرة ــ صالح الفتياني

Email