البيان تحاور الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: الحجيلان: اولويات الالفية الثالثة في الخليج اقتصادية.. المجلس الاستشاري ليس برلماناً ولدينا ما يكفينا من اللجان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدو ادارة حوار مع دبلوماسي محترف مهمة في غاية الصعوبة بالنسبة لاي صحافي نظرا لان الدبلوماسيين المحترفين يحملون موازين ذهب لوزن كلامهم بالقيراط, وذلك بعد تغليفه بالكثير من ورق السوليفان, ما يجعل من الصعوبة بمكان انتزاع جملة مثيرة او عنوان صارخ . لكن جميل الحجيلان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي والدبلوماسي المخضرم, يبدو استثناء لهذه القاعدة, وتأكيدا لها في آن واحد. فالوزير السابق للصحة ثم للاعلام في السعودية وعميد السلك الدبلوماسي العربي السابق في فرنسا كان تلقائيا ومنفتحا وايضا مرنا غير ان كلماته الواضحة كانت تغرق مع ذلك في الدبلوماسية حتى آخر وريد, كما ان ابتسامته الواثقة ظلت مرسومة على وجهه بين مطبات الحوار مع (البيان) الذي كان فيه حاسما كسيف ورقيقا كشاعر من العصور القديمة. قلنا للحجيلان في بداية اللقاء اننا نسعى لمقابلة غير تقليدية, وان ذلك يستدعى اسئلة ساخنة فرد على الفور بأن الساخن يمكن ان يبرد. دافعا العتب ومعطيا لنا ضوء اخضر لان نسأل ما بدا لنا, غير ان اسئلتنا اصطدمت مع ذلك باجابات حاسمة, على شاكلة (لست محاسبا في الخارجية الامريكية, عندما سألناه عمن يدفع فاتورة الحشود الامريكية في الخليج, وبأن مجلس التعاون لديه ما يكفيه من اللجان. غير ان الحوار مع الحجيلان والذي بدا باتجاه مضاد, عندما تحول الرجل الى صحافي (أخذ يمطرنا باسئلة عن موقع (البيان) في خارطة الصحافة المحلية والعربية وعن تأثير انتشار الفضائيات والانترنت على الصحافة.. ونحو ذلك من الاسئلة, لم يخل من الودية التي اشاعتها روح الحجيلان المرحة ودبلوماسيته العتيدة التي اسهمت سنوات باريس في توطيدها وترقيتها. مجلس التعاون الخليجي مضى عليه 18 سنة وقد أنجز الكثير ولكن رغم كل هذه الانجازات هناك حديث عن اخفاقات وعثرات, بهذا الفهم فإن التحديات ما زالت كثيرة: الحدود.. الجيش الخليجي الموحد, التعرفة الجمركية... إلخ. كيف المخرج من هذه التحديات وهل من أمل في تجاوزها؟ ــ نظرة موضوعية لمجلس التعاون تنتهي بنا إلى القناعة أن المجلس تجربة رائدة ويمكن القول انه التجمع العربي الوحيد الذي استطاع أن يثبت ويعمر رغم ان كثيرين من الذين رافقوا مسيرة هذا المجلس راهنوا على مصيره وقالوا انه لن يكون أسعد حظا من المحاولات التي عرفها العالم العربي في الماضي ولكنها لم تتجاوز مرحلة الاحتضان ثم ماتت. هذا المجلس كيان عمره 18 سنة.. لماذا استطاع الصمود؟ لأن مقومات وجوده تنفرد بها دول المجلس وشعوبه دون غيرها.. لنأخذ أولا الرابطة الإنسانية: ليس هناك مجموعة دول عربية بينها روابط إنسانية عالية مثل تلك الروابط الموجودة بين دول مجلس التعاون الخليجي, أي ان الأسرة الواحدة تجد لها آثارا وفروعا في كل دولة من دول المجلس.. الروضان, المشاري, الحجيلان, العيسى.. وهذه الأسر تجد لها أقارب في الامارات, عمان, البحرين, قطر, السعودية, أعني ان هناك رابطا أسريا شديدا بين شعوب الخليج. وهناك أيضا روابط المفاهيم والقيم.. فشعوب دول مجلس التعاون تتفق في أمور كثيرة: المأكل, الملبس, المشرب, المزاج, الأغنية, اللهجة, لذلك فإنه قلما تجد بلادا عربية مرتبطة بهذه الروابط. التاريخ, اللغة, الدين, انبساط الأرض, غياب الحواجز الطبيعية التي تحول دون الحركة. فضلا عن ذلك المصير الأمني المشترك.. المصير الاقتصادي المتشابه لذلك فإن كل هذه الاعتبارات أتاحت لمجلس التعاون أن يكون تجمعا عربيا إسلاميا سياسيا اقتصاديا كبيرا قادرا على مواجهة التحديات التي أشرت إليها. يضاف إلى هذه العوامل أمر في غاية الأهمية هو الوقت والاستقلالية. ولكن هذه العوامل هي بالفعل عوامل تساعد على مواجهة التحديات.. فلماذا هي كثيرة رغما عن ذلك؟ ــ هناك عامل في غاية الأهمية وهو ان دول مجلس التعاون تؤمن بالوقت, بالزمن.. وتعلم ان الأمور يجب ألا تتم بشكل متعجل.. وان الشيء الذي لا يمكن اتمامه في سنة يمكن في سنتين, وما لا يمكن في سنتين يمكن في أربع سنوات.. وهكذا. فإن مبدأ الترابط الاجتماعي في الرأي كان القاعدة الأساسية في عمل دول مجلس التعاون. لذلك فإنه لم يجر أبدا أي تصويت في داخل مجلس التعاون.. سواء في المجالس الوزارية أو المجلس الأعلى أو في أي لجان, لأن التصويت عادة يكون نتيجة خلاف ونظرا لعدم وجود مثل هذا الخلاف فالتصويت غير موجود علما بأن النظام الأساسي للمجلس قد نص على التصويت كإحدى آليات العمل في المجلس. لكننا لم نعمد إلى التصويت لاننا في الواقع نعمد إلى التوافق في الرأي كوسيلة من وسائل العمل وهذا في اعتقادي من أهم أسباب بقاء المجلس وعدم تعرضه لهزات. (نأتي إلى التحديات.. الحاصل ان البعض يطالب بكونفدرالية وهذه طبعا كلها أحلام تراود أي مواطن عربي وخليجي ولكن الكونفدرالية ليست مسمى بدون مضمونا إذا كنا مفتونين بالمسمى يجب أن نكون قادرين على الاستجابة للمضمون. والواقع ان دول مجلس التعاون لم يتجاوز عمر بعضها بالاستقلال أكثر من 25 سنة وهي نشأت في ظروف صعبة, لم يكن لديها شيء.. لا أجهزة إدارية ولا قدرة مالية, ولا استقلال في الإرادة السياسية الخارجية, لكن هذه الدول استطاعت أن تقف على قدميها وأن تبني إدارة وتقيم صلات مع العالم الخارجي وتقيم هياكل داخلية, فهي بذلك فرحة باستقلالها, فرحة بعلمها, فرحة بمجالس وزاراتها بنشيدها الوطني بسفاراتها, بكيانها الجديد, ليس من الواقع أو المعقول أن تطالب دولة هذا وضعها بأن تنصهر فورا وتنفي كل هذه المكاسب الوطنية التي حققتها. المطلوب ليس هو الانصهار إذن, وإنما أن تتوصل دول مجلس التعاون إلى علاقات فيما بينها اقتصادية.. اجتماعية.. سياسية وثيقة فيما بينها عن طريق اصدار الأنظمة والقرارات التي تزيد هذه الروابط.. هذا برأيي هو العمل الايجابي.. وأنا أعتقد ان مجلس التعاون يستطيع أن يقول انه أنجز أمنيات المواطن إذا تحققت الأمور التالية: ان أي مواطن من مواطني دول مجلس التعاون سواء من الامارات, أو السعودية أو البحرين.. يستطيع أن ينتقل من دولة إلى دولة أخرى خليجية يشعر انه في بلده في البيع, في الشراء.. شراء الأسهم والتملك والسكن والانتقال بدون عائق.. هذا هو الهدف.. حتى نعزز على الأقل من ثقة المواطن الخليجي في هذا الكيان. وحتى نطلب منه التضحية في المستقبل بأن يدافع عن الكيان يجب أن نؤمن له مثل هذه الأشياء. آلية انجاز الاحلام هذا يقودنا إلى آلية انجاز هذه (الأحلام) . فهل نحن بحاجة إلى تغيير أنظمة مجلس التعاون أو انشاء لجان أو غير ذلك؟ ــ لا, الواقع ان مجلس التعاون ليس في حاجة إلى انشاء مزيد من اللجان.. أو الأجهزة الجديدة فهو لديه ما يكفيه ولكن الأمانة العامة لمجلس التعاون جهة تنفيذ وجهة متابعة وطرح اقتراحات.. ولكن دون إرادة سياسية من الدول المعنية لا تستطيع الأمانة العامة القيام بأي شيء. طبعا البداية هي الإرادة. وكيف يمكن إذن مواجهة هذا الوضع لتسريع النهوض بأداء المجلس؟ ــ على كل حال يتبين لنا مع الوقت نتيجة الممارسة.. المعوقات.. ونحن نحاول تجاوزها ولكن لا تنس انك تتعامل مع ست دول وليس دولة واحدة أو دولتين.. لهذا فالتنفيذ يستغرق بعض الوقت.. وعادة بعض الأنظمة تتأثر مصالحها, وهذه المصالح قد تكون فردية وفي الوقت نفسه تقابل مصالح جماعية فيحدث أحيانا بعض الأخذ والعطاء قبل اقرار هذا النظام أو ذاك.. ثم يجب أن نعلم انه ليس كل الأنظمة التي تصدر عن مجلس التعاون ملزمة فمثلا وزراء العدل اجتمعوا وأقروا نظام توحيد القانون المدني ــ طبعا اتفقوا على اصداره على أساس ان الدول كلها مقتنعة ولكن بعض الدول قد ترى ان جزءا من هذا القانون لا يتناسب مع أوضاعها فتأخذ منه ما يتناسب معها وتنتظر إلى أن تهيأ الأمور للأخذ بالباقي ــ وهذا في الحقيقة يوفر نوعا من المرونة للدولة لأنها تأخذ ما تراه مناسبا. مقارنة ظالمة ويلتقط الحجيلان أنفاسه قليلا قبل أن يقول لا تنس ان القدرة على التنفيذ داخل دول مجلس التعاون لا تزال مرتبطة بقدرة الأجهزة نفسها. فمثلا في الاتحاد الأوروبي.. الأنظمة هناك تنفذ بسهولة أكثر لأن الأجهزة قادرة على التنفيذ نتيجة الخبرة فهذا يأتي بالمران والتأهيل. ونحن في دول مجلس التعاون أعتقد ان الأجهزة لم تصل بعد لهذا المستوى وهذا أمر طبيعي.. لأن العديد من دول مجلس التعاون حديثة العمر.. فالإرادة السياسية متوفرة والأجهزة الموكل إليها التنفيذ في الأمانة العامة تحاول أن تعمل ولكن التنفيذ ليس مرتبطا فقط بأجهزة الأمانة العامة وإنما أجهزة دول مجلس التعاون.. فإذا كان لدينا قرار ذو طبيعة تجارية تتعامل فيه مع وزارات التجارة في كل من قطر وعمان والبحرين والسعودية والكويت والامارات.. لذلك فإن قدرة الأجهزة ليست على النحو الذي نتمناه وهذا أمر طبيعي لأن بعض هذه الدول حديث العهد بالاستقلال. ألا يعكس هذا برأيكم ان أجهزة المجلس تعاني من بيروقراطية طالما ان الإرادة السياسية موجودة؟ ــ قد يكون المعوق هو البيروقراطية كما تقولون. فعمل اللجان قد يتعطل لسنة أو سنتين لأن معظم الأنظمة التي تصدر دائما ما تكون لمدة ثلاث سنوات والمفروض بعد ثلاث سنوات أن تتحول إلى ملزمة لكن قد تأتي دولة وتقول لا وتطلب ثلاث سنوات أخرى لأن الظروف لم تتهيأ لديها لتحويل النظام إلى إلزامي فتأخذ الفرصة. انجازات غير منظورة وسط هذا وذاك.. أين هو مجلس التعاون على الأرض؟ ــ في اعتقادي ان الكثير من هذه الجوانب موجودة لكن هناك انجازات كثيرة غير منظورة لا يلتفت إليها الكثير من المواطنين في دول مجلس التعاون.. فكل ما يهم المواطن هو كيف ينتقل من دولة إلى دولة خليجية أخرى دون أن يقف عند المنافذ البحرية والبرية أكثر من عشر دقائق.. ويقول لك انني في أوروبا ــ وهذا صحيح ــ انتقل بسهولة لكن من ينظر للموضوع من هذه الزاوية لا يعلم بالأمور الأخرى التي استهدفت توثيق العلاقات.. لا على الصعيد الاجتماعي أو الصعيد الاقتصادي بل على كل الأصعدة لكن الحاصل أن السعودي الذي يريد أن يأتي الامارات لا يلتفت كثيرا إلى تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين لكنه إذا وصل إلى الحدود ووقف طويلا يبدي الشكوى من أنه رغم انتمائه لدول مجلس التعاون يعامل معاملة غيره. هذه نقطة أساسية أفهمها وأدركها. وقد بدأنا في محاولة تجاوزها, ومن ذلك ان بعض دول المجلس بدأت الأخذ بنظام السماح بالبطاقة والبعض الآخر في طريقه إلى ذلك, وتسهيلا لهذا الأمر اتخذ وزراء الداخلية قرارا بالعمل بالجواز المقروء آليا. وهو عبارة عن جواز عادي يحوي شريطا ممغنطا, يحمل كافة المعلومات التي من المفروض أن يتم تفريغها في البطاقة, بل أكثر من ذلك انه يحوي ما إذا كان قد صدر حكم ضد الشخص المعني أم لا, وكذلك عمل رقم بطاقة الشخص ورخصة قيادته.. كل المعلومات الشخصية التي تؤمن معرفة تامة لحامل الجواز.. فإذا وصلت الحدود يأخذ ضابط الجوازات الجواز ويمرره على الكمبيوتر دون معاناة أو وقت طويل. وقد بدأ تطبيق هذا النظام في سلطنة عمان والمفروض انه يتم تطبيقه في كافة دول مجلس التعاون في نهاية 99. تنسيق مستمر ما أريد أن أقوله ان هناك تفكيرا مستمرا لتجاوز أية مشكلات تواجه تعزيز وضع مجلس التعاون الخليجي. فهناك إلى جانب ذلك اللجان الأمنية.. لا تنقطع اجتماعاتها سواء لجان مكافحة المخدرات.. وأمن المطارات, والدفاع المدني, لجان تجمتع ليل نهار حتى تصنع أنظمة يؤخذ بها في دول المجلس. هذه الأمور غير منظورة ولا يعني بها المواطن العادي لانه لا يراها فهو يحكم على الأمور من خلال وقفته على الحدود.. وهو معه بعض الحق في ذلك. ولكن ألم يكن من الممكن الأخذ بالجواز الخليجي الموحد بدلا من الجواز المقروء آليا في اطار خطوات التعاون؟ ــ نتمنى أن يكون هناك جواز موحد.. على الأقل في التعامل الخارجي لمواطني دول المجلس.. وفي الداخل يتم تبيان الجنسية التي يحملها الشخص. هذه كلها طموحات نستشعرها وندركها.. ولكن لا تنسوا ان مجلس التعاون عمره 18 سنة.. الاتحاد الأوروبي عمره 500 سنة مع الفارق الهائل بين قدرة الاتحاد الأوروبي على العمل وقدرة مجلس التعاون على العمل. مع الفارق في الخلفية الحضارية.. (500) سنة حضارة في أوروبا ونحن دول كما قلت لم يمض على استقلالها الكامل أكثر من ربع قرن. فضلا عن انه توجد في أوروبا مؤسسات دستورية تساعد الدولة على العمل مثل الصحافة والرأي العام ــ كل هذه أمور لها تأثيرها. ومع ذلك أعود وأقول ان مجلس التعاون هو التجمع العربي الوحيد الذي استطاع أن ينجح وأن يعمل. لكن البعض يرى ان مجلس التعاون يواجه مع ذلك تحديات كثيرة أبرزها خلافات الحدود التي يعتبرها البعض بمثابة لغم يمكن أن يفجر العلاقات بين دول المجلس ويشير في هذا الصدد إلى الخلافات بين السعودية وقطر, وقطر والبحرين.. إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه القضية على مستقبل المجلس؟ ــ هذه الخلافات موجودة منذ أكثر من مائة سنة, كانت هناك قضايا حدودية بين السعودية والامارات وتم حلها وكذلك كانت هناك قضايا حدودية سعودية مع عمان وتم حلها, مع قطر وتم حلها, مع الكويت وتم حلها بتقسيم المنطقة المحايدة وهناك الآن قضية موجودة بين قطر والبحرين وكان الطرفان في منتهى الحكمة والعقل بأن رأى كلاهما اللجوء إلى التحكيم الدولي.. فلم تحدث حرب أو شيء من هذا القبيل.. ولذلك فإن الحديث عن خلافات حدودية قد تفجر المجلس, كلام غير موضوعي وأعتقد انه مبالغ فيه. ماذا عن طلب اليمن الانضمام لمجلس التعاون.. ما هو موقف المجلس بشكل عام؟ ــ لقد نص النظام الأساسي لمجلس التعاون على أنه يتكون من الدول الست الآتية المتشابهة في أنظمتها وأمور كثيرة وحتى تنضم أي دولة أخرى يجب أن يعدل النظام الأساسي, والنظام الأساسي لا يعدل إلا بالاجماع. ولذلك سواء كان اليمن دولة جارة وشقيقة وعزيزة علينا والتعاون قائم بين دول المجلس واليمن على أصعدة عديدة وتاريخية. وهل هناك خطوات تجاه هذا الاجماع بشأن تعديل النظام الأساسي؟ ــ لم يبحث هذا الأمر.. ولكن أوضح ان هذا الموقف من قبل مجلس التعاون موقف عام تجاه أي دولة وليس اليمن بعينها. فالنظام الأساسي نص على دول بعينها وحتى ينظر في طلب دخول أي دولة جديدة يجب أن يعدل النظام الأساسي. لكن هناك حديث عن ضغوط أمريكية على دول التعاون بضم دول معينة إليه؟ ــ لا, لا وبأي حق تتدخل الولايات المتحدة أو غيرها, فليس من حق أي دولة أن تتدخل في شؤون مجلس التعاون. هذا أمر غير مقبول ولا أعتقد أن أحدا يفكر فيه. ألا يوجد تباين خليجي في هذا الشأن؟ ــ على الاطلاق.. لا يوجد أي خلاف أو تباين بشأن الموقف من انضمام دول أخرى إلى المجلس, هناك توافق على القضايا الأساسية والمصيرية. قضية التوطين هناك كلام كثير عن التوطين, لكن مضت على هذه القضية سنوات كثيرة دون أن تصادف نجاحا كاملا.. فما هو تقييمك للجهود المبذولة في هذا الصدد؟ ــ أولا توطين الوظائف الخليجية, أمر في غاية الأهمية ونظرا لذلك جعله المجلس الأعلى بندا ثابتا على كافة اللجان.. سواء لجان الصحة أو التعليم... إلخ. بحيث يحتل هذا الموضوع أولويات عمل هذه اللجان.. فالجامعات بدأت تخرج أعدادا كبيرة واصبح لدينا عددا كبيرا من الخريجين يبحث عن عمل.. فهذا أمر طبيعي وليس في ذلك أي ضير, ولكن تنفيذ هذه السياسة ليس من السهولة بحيث يتم بسرعة ــ فهناك مثلا القطاع الخاص يضع في اعتباره مصلحته بشكل أساسي.. فهناك اعتبارات عديدة ليست كلها مئة بالمئة في يد الدول.. لكننا نخاطب الضمير الوطني العام ونخاطب الدوائر المصلحية للقطاع الخاص على المدى البعيد ونعمل بكل وسيلة لتحقيق هدف التوطين. برأيك.. كيف نصل إلى مرحلة القضاء على (بطالة) المواطن الخليجي؟ ــ الدول أدركت أخيرا هذا الأمر وتعلمون ان الجامعات بدأت تخرج آلاف الطلبة لكنهم دون عمل وهذه ظاهرة ليست صحية ولذلك بدأ البحث عن حلول لها. والحديث عن الحلول طويل لكن في ايجاز هذا أمر يشكل هاجسا أساسيا في عمل دول مجلس التعاون. ننتقل إلى هاجس آخر هو هاجس انهيار أسعار النفط.. ما هي استراتيجية دول التعاون لمواجهة هذا الأمر؟ ــ هذه قضايا مصيرية وتأكد ان أي مسؤول في مجلس التعاون ليس أقل حرصا على وضع الخطط لمواجهتها ويتطلب الاجابة على هذا السؤال اجابة من مسؤول عن هذا القطاع.. فلست خبيرا بتروليا... اسألني سؤالا سياسيا أعطيك اجابة محددة عليه. الديمقراطية والمجلس الاستشاري تحقق أخيرا المجلس الاستشاري الخليجي لكن السؤال الذي يطرح من قبل كثيرين يتعلق بطبيعة اختيار أعضاء المجلس.. فلماذا لا يتم من خلال الانتخاب المباشر باعتباره خطوة نحو تدعيم الديمقراطية في دول التعاون الخليجي؟ ــ أولا : قلنا في البداية ان دول التعاون ليست بحاجة إلى مزيد من اللجان أو الأجهزة... هناك المجلس الأعلى.. قمة المسؤولية, هناك المجلس الوزاري يتكون من وزراء الخارجية, هناك لجان وزارية.. فكل وزراء قطاع معين في دول المجلس يجتمعون على الأقل مرة في العام.. وزراء المالية يجتمعون مرتين, وزراء الخارجية أربع مرات. يعني ليس هناك شأن من شؤون الحياة يتعلق بدول مجلس التعاون الا ويجري بحثه.. فهناك اجتماعات لوزراء الصناعة, ووزراء التجارة, ووزراء الزراعة. كل الوزراء يجتمعون ويبحثون قضايا قطاعهم والأمور التي تهم شؤون المجلس. فالخوض فيما هو وثيق الصلة بحياة المواطنين موجود ولكن تطويرا لهذا الأمر, تقدم الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت في عام 1984 بمشروع اقامة هيئة استشارية ثم رؤي أن يبحث مرة أخرى, فتم طرح هذا الموضوع في الدوحة 1996 من قبل الشيخ جابر وتم اقرار طرحه بانشاء هيئة استشارية يتم من خلالها اختيار 30 شخصا من خيرة الرجال ومضى النظام على أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة مهمتهم تحقيق هدف المجلس الأعلى في أن يعكسوا نبض الشارع. طبعا الهيئة الاستشارية لن تبحث الأمور التي يطلب المجلس الأعلى منها بحثها.. فهي ليست حرة أن تجتمع وتبحث ما تشاء ,الأمور يجب أن تنظم, ولكن باعتبار ان أعضاء من المجلس غير موظفين أو مسؤولين رسميين, فلديهم مساحة مرنة من حرية الرأي. وبالتالي يستطيعون ان يقدموا للمجلس الأعلى رؤية ليست بالضرورة رؤية رسمية. انها ليست برلمانا حتى أقول يتم انتخابهم. ثم لنكن عمليين هذه أول تجربة عربية عملية رائدة يجب أن تحيى, وأن يرحب بها وألا تقابل بمشاعر سلبية, وأن تعزز بأيلائها المزيد من الثقة. فالمجلس الاستشاري جاء انطلاقا من هدف تعزيز عمل المجلس. فنحن كمسؤولين عندما يعرض علينا رأي.. دائما نضع في اعتبارنا أمورا كثيرة.. هذا الرأي يرضي.. هذا لا يرضي, بينما عضو الهيئة الاستشارية غير مقيد بهذه الاعتبارات. القرن الحادي والعشرون وما هي الأولويات ونحن ندخل أعتاب الألفية الثالثة؟ ــ الأولويات اقتصادية فيجب أن نوازن, بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي, يجب أن نواجه اختلال هذا التوازن من خلال التصنيع وعدم الاعتماد على النفط, توطين العمالة. هذه هي الأولويات وهي أولويات مشروعة هناك انفتاح على العالم.. هناك نظرة جديدة لمناهج التعليم تستجيب لمقتضيات العصر ومتطلباته. خبرة دبلوماسية طويلة تمثل خبرتكم من العمل الدبلوماسي في أوروبا اضافة كبيرة لرئاستكم لمجلس التعاون؟ ــ اضافة متواضعة جدا. هذا من تواضعكم لكن رجلا بقامتكم لابد أن لديه رؤية أو لمسة يضعها على المؤسسة التي يرأسها, ماذا يتمنى أن يضيف الشيخ الحجيلان من خلال تجربته الأوروبية.. بحكم رؤيته لآليات عمل قد تختصر الزمن أحيانا وتعطي قوة لما يطرح على المستوى الخليجي؟ ــ أنا لا أستطيع أن أنقل رؤاي التي عايشتها في أوروبا وأحوالها إلى تمنيات واجبة لمجلس التعاون نظرا للأسباب التي شرحتها لكم. هناك قدرة في أوروبا على التخطيط والانجاز لذلك فمؤسساتها ذات فعالية أكبر بكثير من دول المجلس على ذلك.. ولكني أتمنى ان كان لي أن أتمنى ان القرارات والأنظمة التي تصدر عن مجلس التعاون تنفذ بفعالية وقوة بحيث ان مواطن دول مجلس التعاون يشعر في أي دولة من الدول الست بأنه في بلده وان هذه الدولة هي بلده بالفعل. وأنا أفكر في المستقبل فلحماية هذا الكيان يجب أن أعزز ثقة هذا المواطن في حين يدافع عنه ويؤمن به, ولن يتم ذلك الا إذا شعر انه فيه بلده لدى انتقاله إلى أي دولة خليجية سواء بانتقاله عبر الحدود فلا يقف كثيرا, أو سواء عبر البيع والشراء فلا يحس بأنه يوجد تباين بين تواجده في العين أو الطائف.. أو أي مدينة خليجية. الأزمة العراقية دعنا ندلف إلى موضوع آخر, بدأت الأزمة العراقية تنفرج قليلا.. لكن الضربة العسكرية غير مستبعدة مع ذلك؟ ــ لا ان شاء الله لا يكون هناك ضربة. هذا أمر يوجد انطباع بامكانية حدوثه وان كنا لا نتمنى كعرب ذلك. فما هو رؤيتكم لموقف دول المجلس من الأزمة بشكل عام؟ ومتى يتحقق مطلب رفع العقوبات؟ وهل توجد بالفعل تباينات خليجية في التعامل مع الأزمة؟ ــ أولا: يجب أن نحكم على الأمور من خلال المواقف السياسية المعلنة.. فقد صدر قبل عدة أيام بيان عن اجتماع دول اعلان دمشق والبيان واضح.. فلم يقل مثل ان دولة الامارات العربية المتحدة ترى كذا, والسعودية ترى كذا.. وانما البيان عبر عن موقف دول مجلس التعاون وموقف دول اعلان دمشق. لا يمكن أن يعقل بأن الفرنسي أو الألماني أو حتى الآسباني هو أكثر حرصا على الشعب العراقي الشقيق من العرب.. نحن نسعى ليل نهار من أجل ان نرفع الغمامة عن الشعب العراقي عن طريق رفع العقوبات.. والأزمة ليست بين مجلس التعاون والعراق وإنما هي بين العراق ومنظمة دولية, وهناك قرارات صدرت وقبلها العراق. الخلاف هو حول تفسير هذه القرارات نحن نقول انه يجب ألا ينهض في سبيل تطبيق تلك القرارات أية عوائق من أجل أن يعجل رفع العقوبات عن الشعب العراقي. نحن نقول انه من مصلحة العراق.. هذا البلد العربي أن يسهل مهمة الأمم المتحدة ولا يقف في طريق أي شيء يدعو إلى الشك ويثير الريبة في مسلك العراق حتى على الأقل ترفع العقوبات ويكون ذلك المدخل إلى عودة العراق إلى الحظيرة العربية والدولية. الشعب العراقي منا وفينا. يحمل نفس الدماء ونفس المصير ونفس القدر.. لكنه إذا كانت الظروف المحزنة التي لا أريد الخوض فيها أدت إلى هذا الشيء (الغزو العراقي للكويت) يجب أن نعمل حتى نزيل العقبات حتى يعود العراق عن طريق تطبيق قرارات الأمم ونحن نتمنى أن ينتهي الموقف الحالي بحل دبلوماسي يقي العراق الشقيق ويقينا ما لا نتمناه. الصراع العربي الاسرائيلي يثور الحديث عن تحقيق تقدم في عملية السلام ما دعا اطرافا إلى دعوة العرب إلى التطبيع مع اسرائيل. فما هو الموقف الخليجي من هذه الدعوة؟ ــ هناك اجماع عربي على ضرورة اقرار السلام في المنطقة وليس هناك خلافا في هذا الشأن, لقد بدأت عملية السلام باتفاق عقدته مصر مع اسرائيل ثم أعقبها اتفاق أوسلو واتفاقات أخرى ثم أعقب ذلك اتفاق الأردن واسرائيل. واثر هذا بدأت بعض دول المغرب العربي في أخذ مبادرات متقدمة في التعامل مع اسرائيل.. موريتانيا, المغرب وتونس.. بدأت العجلة تسير. دول مجلس التعاون لا تخرج عن هذا الاطار العربي. تريد السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.. دولتان من دول مجلس التعاون أرادتا أن يأخذا بعض المبادرات الدبلوماسية.. هي قطر وسلطنة عمان. ليس في النظام الأساسي لمجلس التعاون ما يمنع أي دولة من ممارسة سيادتها الخارجية على ألا تضر هذه الممارسة بدول المجلس.. واتخذت قطر وعمان مبادرات لاثبات حسن النية تجاه السلام وعندما تعقدت الأمور جمدا علاقاتهما مع اسرائيل. ليس هناك شيء غير عادي من دول التعاون. ولكن ماذا بعد واي بلانتيشن؟ ــ إذا كانت اسرائيل استجابت للمطالب الفلسطينية في عملية السلام ستسير, وهناك بالطبع المساران السوري واللبناني. ما اعتقده أنه لن يكون هناك استقرار حقيقي الا بتسوية هذين المسارين.. فدول مجلس التعاون لم تكن المبادرة في العلاقات مع اسرائيل فقد سبقتها مصر وفلسطين والأردن ودول المغرب فلماذا التركيز على دول التعاون.. ولما تعنت السياسة الاسرائيلية بادرت عمان وقطر بتجميد العلاقات كما أشرت. حوار- د.عبد الله العوضي- محمد خالد- مصطفي عبد الرازق

Email