قضية عربية:الدبلوماسية العربية في عالم متغير: العرب بين فشل في الغرب واخفاق في الشرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الحلقة الثانية من عرض (البيان)لأهم ما جاء على لسان المحاضرين في ندوة(تطوير داء الدبلوماسية العربية) يتحدث د. إيهاب الشريف الوزير المفوض بالخارجية المصرية عن الصعوبات التي تواجهنا كعرب في تحقيق نجاح دبلوماسي على الصعيد الأمريكي , لتحييد القرار السياسي الأمريكي في الصراع العربي الاسرائيلي, ويطرح عددا من الحلول, يثبت من خلالها ان معظم المتغيرات ــ دون افراط في التفاؤل ــ لصالحنا, ويرصد السفير علي حجازي امكانيات تطوير العلاقات العربية الآسيوية وسبل تنشيط الدبلوماسية العربية للملفات العربية ــ الآسيوية, والتي يغلب عليها الطابع الاقتصادي والثقافي بالأساس, ثم يستعرض السفير بهجت إبراهيم الدسوقي مشكلات الدبلوماسية العربية في افريقيا, وملاحظاته وانتقاداته للدبلوماسي العربي في افريقيا. وعن مشكلات الدبلوماسية العربية الأمريكية تحدث د. إيهاب الشريف الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية وأشار إلى اختلاف مشكلات الدبلوماسية العربية في أمريكا عن مثيلاتها في آسيا وافريقيا وأوروبا وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت بنسب متفاوته على تلك الأصعدة, يبقى النجاح على الصعيد الأمريكي, إذا جاز اطلاق ذلك التعبير ــ شديد المحدودية, وتكمن المشكلة في حقيقة اننا بعد عقود طويلة من العمل الدبلوماسي العربي على الساحة الأمريكية لم نتمكن من جذب الموقف الأمريكي لتبني وجهة النظر العربية, ولا حتى أن نجعله أكثر توازنا وحيادية تجاه القضية العربية الرئيسية وهي قضية الصراع العربي الاسرائيلي.. وقبل أن نبحث في عوامل القصور, وحتى ترى الصورة بطريقة أوضح ينبغي استعراض عدة ملاحظات: أولا : أن ما نسمية فشلا في تحقيق اختراق عربي على الساحة الأمريكية يتعلق في حقيقة الأمر بالسياسة الأمريكية تجاه اسرائيل فقط, فإذا نحينا هذه المسألة جانبا, اضافة إلى بعض المواقف السياسية الأخرى تجاه العراق وليبيا مثلا, سوف نجد ان الدبلوماسية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت نجاحات لا يمكن اغفالها, في الأوجه الأخرى, وخاصة في الشق الاقتصادي. عجز تام ثانيا : انه ثمة فشل آخر يتمثل في عجزنا التام على اقناع الإدارة الأمريكية للتعامل مع العالم العربي ككتلة واحدة, كما تتعامل الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي مثلا, إذا استثنينا المملكة المتحدة منه, وقد ترتب على ذلك عواقب وخيمة بالنسبة لمصالحنا.. فالإدارة الأمريكية تتعامل معنا بوصفنا إحدى عشرين دولة, عوامل الفرقة فيما بينها أكثر من عوامل الوحدة, ومن بين تلك النتائج الحصار المؤلم على العراق منذ ارتكاب قيادته خطيئة غزو الكويت, واستباحة المناطق الكردية شمال العراق, بحجة حماية وتأمين الأقليات, وهو ما يجب أن نتنبه له جيدا, حيث يمثل مدخلا مناسبا لفرض الإدارة الأمريكية مستقبلا على دول عربية أخرى استنادا للحجة ذاتها, والحصار المفروض على ليبيا استنادا إلى حجة تفتقد إلى الأدلة القانونية الدامغة وتكرس سياسة التعامل بمكيالين, لأن ما تفرضه أمريكا على ليبيا, لا يمكن أن تتعرض له دولة أخرى في أوروبا الغربية حتى لو رفضت لأسباب تراها تسليم متهمين ثبت تورطهم في أعمال ارهابية ضد أمريكا أو غيرها, ولعل ضرب مصنع الأدوية في السودان دون أدلة مؤكدة على تصنيع أسلحة كيماوية فيه ما يؤكد ان المسألة ليست إلا محاولة لتصدير مشاكل أمريكية داخلية وحلها على حساب السودان أو غيرها, وهو أسلوب دبلوماسي يثبت التاريخ ان اللجوء إليه تم مرات كثيرة, وحقق من خلالها النجاح في تشتيت الانتباه وعدم التركيز على قضايا الوضع الداخلي. استثمار الخلافات العربية الخلاف إدارة ــ والكلام ما زال على لسان الوزير المفوض إيهاب الشريف ــ يتركز حول موضوعات محددة كالصراع العربي الاسرائيلي, أو رغبة واشنطن في تسوية حسابات قديمة لم تستطع تسويتها خلال الحرب الباردة مع عدد من الأنظمة العربية الراديكالية, اضافة إلى محاولة أمريكية ــ منطقية تماما من وجهة نظر البراجماتية.. لاستثمار الخلافات العربية في تحقيق موطئ قدم, يضمن استمرار تدفق النفط بأسعار ــ أكاد أقول ــ مزرية, تقل عما كانت عليه في أكتوبر ,73 إذا أخذنا في الاعتبار قيمة الدولار آنذاك, وقارناها بما هو عليه اليوم, إذا ابتعدنا عن هذا الموضوع سنجد انه ليس ثمة خلاف عربي ــ أمريكي في المجال الاقتصادي على سبيل المثال, بدليل ان أكثر الدول العربية, إن لم يكن كلها, تطبق سياسة اقتصاد السوق, وتبعد بسرعات متفاوتة عن التطبيقات الاشتراكية بشكلها العربي الكلاسيكي, وقد ساعد على ذلك انهيار منظومة الدول الاشتراكية وهزيمة الماركسية بنمطها السوفييتي, وتراجع الأفكار الاشتراكية إلى حين ــ بدليل الانتصارات الانتخابية التي يحققها الاشتراكيون في أوروبا, والتي حققها كلينتون (الديمقراطي) في الولايات المتحدة, وقد جاءت بعد أن تحدث هؤلاء بلغة مستعارة من اليمين الرأسمالي. وما ينبغي استخلاصه هنا ان العلاقة الأمريكية ــ العربية تبدو ايجابية في كثير من جوانبها, ولكن تركيزنا على النقاط الخلافية خاصة النقاط ذات الطبيعة السياسية يجعلنا نتصور ــ خطأ ــ ان السلبية هي الصورة الوحيدة لهذه العلاقة. ويتعين علينا ملاحظة ان تحكم اللوبي اليهودي في الإدارة الأمريكية لا يعد من ثوابت الواقع السياسي الأمريكي, رغم اننا نتصور دائما غير ذلك, ونسلم مقدما بعدم قدرتنا على تغيير هذا الواقع, الذي أراه شخصيا واقعا طارئا وليس تقليدا راسخا لا يمكن المساس به, بدليل انه خلال حرب 56 كان الرئيس الأمريكي (أيزنهاور) أكثر استقلالية تجاه اللوبي اليهودي وتمكن من فرض ما قدر انه مصلحة الولايات المتحدة وأجبر البريطانيين والفرنسيين والاسرائيليين على الانسحاب وأتاح لعبدالناصر تحقيق انتصار سياسي مدوي, ولا يجب أن ننسى أيضا ان التسليح الاسرائيلي كان أوروبيا ــ (فرنس بريطاني) حتى حرب 1967 وأن نجاح الدبلوماسية العربية في إحداث اختراق على المستوى الأوروبي, دفع اليهود للعمل بسرعة لتعويض ذلك على الصعيد الأمريكي, ونجحوا وتمكنوا من فرض سيطرة شبه محكمة على إدارات أمريكية جمهورية وديمقراطية متعاقبة حتى اليوم. نجاح نسبي واستنادا إلى ملاحظاته استخلص د. إيهاب الشريف ان المطلوب هو العمل على تكرار النجاح النسبي الذي حققناه بدرجات متفاوتة مع أوروبا, لنحقق مثله في الولايات المتحدة الأمريكية ويجدر بنا أن نتأمل الصعوبات التي نتعامل معها, إذا أردنا تحقيق هذا الهدف خلال العقود القليلة المقبلة: (1) قوة اللوبي اليهودي الحالية, فرغم ان عدد يهود أمريكا يقترب كثيرا من عدد العرب والمسلمين ــ أخذا في الاعتبار عدم وجود احصاءات رسمية, لأن احصاء القناعات الدينية يعتبر أمرا غير دستوري في أمريكا ــ الا ان اللوبي اليهودي أكثر قدرة على التحرك لأسباب عديدة, انه أقدم من اللوبي العربي والأقلية المسلمة, وأكثر قدرة ــ بالتالي على التفاهم مع العقلية الأمريكية وأقدر على استخدام لغة الميديا ــ الاعلام, التي يحكم من يجيدها أمريكا, ويتوزع بنسب أفضل من العرب, وفي مواقع أفضل في مراكز صنع القرار كنيويورك مثلا, ويتحكم في الاقتصاد, وصناعات أخرى تتصل بالرأي العام كالسينما ووسائل الاعلام, ورجال الإدارة ونسائها مثل ولين كوهين ومادلين أولبرايت.. كما انه نجح في تحقيق انتصارات أيديولوجية عظيمة الأهمية, من خلال تحقيق مصالحات تاريخية مع الكنيسة الكاثوليكية, وعدد من الكنائس البروتستانتية, بحيث ترسخ في قناعات رجل الشارع الأمريكي الآن أن العهد الجديد ليس إلا امتدادا للعهد القديم, وان المسيحية امتداد لليهودية, وان الإسلام هو الدين الوحيد المختلف, وهذا يعني انه يجب على العمل العربي في أمريكا أن يضع في اعتباره انه لا يواجه ستة ملايين يهودي أو ثمانية ملايين يهودي فحسب, بل كل الذين يساندونهم ويتعاطفون معهم لأسباب عقائدية, تفقدهم الحيادية والموضوعية أمام المشكلة الفلسطينية مثلا. الصعوبة الثانية (2) تبدو الجالية العربية حاليا ــ في وضع لا يؤهلها لتحقيق التوازن المطلوب, وهذه هي الصعوبة الثانية, ولأسباب متعددة, فقد نقل المهاجرون العرب معهم إلى المهجر مشاكل الوطن, وحول بعضهم دول المهجر إلى ساحة لتصفية حسابات تاريخية, يصعب, بل يستحيل الوصول إلى حسمها بطريقة ترضي كل طرف, ولم ينس البعض خلافاتهم مع الأنظمة القائمة في بلادهم الأصلية, وكرسوا نجاحهم في المهجر لمهاجمة هذه الأنظمة, وركز البعض على الاندماج في الوطن الجديد لدرجة نسيان كل ما يرتبط بالوطن الأم من لغة وعقيدة ونظام قيمي, ودخل البعض الآخر في خلافات مذهبية مع الأقليات الأمريكية, كان من الممكن أن توفر دعما للجالية العربية, مثل الخلافات الكبيرة بين عدد من المنظمات الإسلامية وجماعة (أمة الإسلام) وزعيمها لويس فرخان, والذي أثبت انه أنشط زعماء السود حاليا, بدليل قدرته على تعبئة وحشد مليون أسود أمريكي للتظاهر أمام البيت الأبيض.. ولكننا لم نستفد منه بسبب تحفظات, قد يكون لها ما يبررها من جانب مؤسساتنا الدينية الرسمية, وربما كان من الأفضل في هذه المرحلة التي يتعين فيها أن نستجمع كل قواتنا أن نبحث عن الحلول الوسط, وتؤجل تصفية الحسابات لمراحل لاحقة. (3) وتتمثل الصعوبة الثالثة في عدم قدرتنا على الاستخدام الأمثل لوسائل الاعلام, لتحويل الرأي العام لصالح قضايانا ويكفي مثالا حرصنا على ابراز الحق الفلسطيني في أرض الأجداد وأن اليهود الذين هاجروا لاسرائيل, ليسوا سوى غرباء جاءوا من مختلف أنحاء العالم ليستوطنوا أرضا ليست لهم. وننسى ببساطة اننا بهذا الخطاب ندفع رجل الشارع الأمريكي للوقوف إلى جانب (الاسرائيلي) بلا قيد أو شرط, لأن هذا الاسرائيلي في الواقع ــ من منظور أمريكي ــ لم يفعل سوى ان كرر ما فعله الآباء المؤسسون لأمريكا, الذين جاءوا من كل الدنيا وحولوا أمريكا إلى أقوى دولة في العالم, بعد أن تخلصوا من (الهندي الأحمر) الذي لا يختلف كثيرا في اطار الخطاب الاعلامي الفاشل من جانبنا عن (الفلسطيني اليوم في الذهنية الأمريكية) !! النجاح ممكن وفي بحثنا عن الحلول ــ يذكر د. إيهاب الشريف ــ ان تعترف ان الأمر يحتاج إلى عمل دءوب ومستمر لعقود مقبلة, وان النجاح قابل للتحقق, بدليل اننا حققنا مثله في أوروبا ولكن تحقيقه في أمريكا أكثر صعوبة, لأن اللوبي اليهودي يدرك انه يحارب على أرض أمريكا معركة حياة أو موت, وان هزيمته هناك ــ بمعنى نجاح العرب مستقبلا في استقطاب الرأي العام الأمريكي ــ ستعني نهاية محتملة لكل الحلم اليهودي في فلسطين.. ومن ضمن الحلول المقترحة الاهتمام بالانتخابات الأمريكية, ولا نقصد الانتخابات الرئاسية, فهي ليست الا نتيجة فرعية لانتخابات الكونجرس, وهذه الأخيرة هي التي يجب التركيز عليها, حتى يصل أكبر عدد من النواب الذين يتفهمون قضايانا بطريقة أفضل.. والاهتمام بانتخابات الكونجرس يحتاج إلى نفقات باهظة, علينا ألا نبخل بها, مهما تأخر تحقيق النتائج الايجابية, وان نضع نصب أعيننا عملا دءوبا على الساحة الأمريكية على مدى بضعة عقود مقبلة, قبل أن نبدأ في حصد الثمار ولا ننسى ــ وأقول بكل موضوعية ودون افراط في التفاؤل ــ ان معظم المتغيرات في صالحنا ومنها الضعف التدريجي في الأقلية اليهودية, بسبب انصهارها مع الوقت في المجتمع الأمريكي وضعف قبضتها على مقاليد الأمور, في مقابل تزايد المصالح الاقتصادية الأمريكية مع العالم العربي, وتزايد الاستثمارات العربية في أمريكا, وبزوغ العرب كقوة اقتصادية لها وزنها, وزيادة وزن الجاليات العربية والمسلمة. من الحلول أيضا العمل على اعادة الوعي السياسي للاستثمارات العربية الضخمة في أمريكا, والتي لا تزال قابعة في مؤسسات مالية يهودية بدرجات متفاوتة, وعلى هذه الاستثمارات أن تتجنب المؤسسات التي لا تتبنى سياسات قريبة من المصالح العربية, ثم حل آخر يكمن في محاولة اللعب على التوازنات بين القوى العالمية الصاعدة, المتمثلة في أوروبا الموحدة وبين الولايات المتحدة, لأن التحالف بين العرب والأوروبيين يمكنه أن يجعل منطقة ضفتي البحر المتوسط منطقة الثقل الاقتصادي في العالم, وهو أمر يخيف الولايات المتحدة التي لا ترغب في تهميش دورها ولكننا لا ننظر لهذه المسألة بما تستحق من أهمية. النهوض الآسيوي وحول مشكلات الدبلوماسية العربية الآسيوية تحدث السفير علي حجازي ورصد في البداية عناصر القوة والسمات المميزة لعدد من الدول الآسيوية والتي تظهر مدى أهمية آسيا بالنسبة للدبلوماسية العربية في سعيها نحو تعظيم الاستفادة العربية والعلاقات معها, فعلى المستوى الثقافي هناك ما يؤهل لعلاقات ممتدة, ففي آسيا يعيش أغلبية من مسلمي العالم. في اندونيسيا 180 مليون مسلم, باكستان 130 مليون مسلم, بنجلاديش 120 مليون مسلم, حتى الهند بلغ عدد المسلمين فيها 150 مليون مسلم, علاوة على أعداد كبيرة من المسلمين في دول آسيوية أخرى, وقد قطعت بعض الدول الآسيوية شوطا طويلا في مجال التكنولوجيا العسكرية والنووية, كالصين والهند وباكستان وإيران, وبعضها الآخر يسعى في نفس الاتجاه, ومن حيث القوة الاقتصادية حققت النمور الآسيوية في مدى زمني قياسي تطورا كبيرا, وستتجاوز الأزمة الحالية سريعا, ولا ينبغي أن تقلل الأزمة من تقديرنا لما حققته تلك الدول من انجازات, وهي سعت للخروج من دائرة الفقر, والاعتماد على الديون والمساعدات الأجنبية, لتبدأ مرحلة الاعتماد على الذات والتنمية الاقتصادية والبشرية, ونجحت في اقامة عمليات تصنيع كبيرة مع التوسع السريع نحو غزو الأسواق العالمية بجودة عالية, فوصلت كوريا الجنوبية ــ مثلا ــ بصادراتها إلى نحو 80% من اجمالي الدخل القومي, ماليزيا 70%, تايوان 53%, بعد أن استوعبت هذه الدول التدفق السريع للتكنولوجيا العالية, مع جذب غير عادي للاستثمارات الأجنبية, بصورة مباشرة, ثم الاعتماد على المدخرات المحلية في مرحلة لاحقة. وأصبح الاقتصاد الصناعي الياباني الثاني في العالم, واستطاعت هونج كونج وسنغافورة الارتفاع باجمالي الناتج القومي للفرد بما يتجاوز مرتبة بعض الدول الأوروبية الغربية, واستطاعت ماليزيا وتايلاند أن تحققا انجازات وضعتهما في صفوف الدول الصناعية,.. ونجحت الصين في مجابهة الدول المجاورة والمتميزة اقتصاديا, فارتفع فيها معدل النمو السنوي إلى أكثر من 13%. حتى فيتنام ومنغوليا بدأتا في تطبيق آليات السوق والملكية الخاصة والتوسع في العلاقات الاقتصادية الخارجية, وحققت مجموعة دول آسيا معدلات نمو عالية في السنوات الأخيرة تراوحت ما بين 7% إلى 10%, وفاقت معدلات النمو في أمريكا 2,25% ومعدل النمو في أوروبا 6%.. ودخلت آسيا عصر التكتلات الاقتصادية والتي بدأت برابطة الآسيان ,67 واتخذت خطوات ايجابية لفتح الحواجز الجمركية.. وقد عززت كل من أمريكا وأوروبا وجودها وعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع آسيا.. أى ان أمريكا وأوروبا يتنافسان بالفعل على علاقات اقتصادية متميزة مع آسيا على المستوى الثنائي وفي اطار متعدد الأطراف.. وقد عقدت قمة آسيوية أوروبية في 1996 في بانكوك, تلتها قمة في لندن ,1998 وثالثة مقرر عقدها في سول 2000 والأسس التي تم الاتفاق عليها هي تطبيق آليات السوق الحرة, فتح الأبواب أمام الاستثمارات الدولية, الاهتمام بالتنمية البشرية, وتحسين الخصائص السكانية من تعليم وتدريب وخدمات, تحقيق الاستقرار السياسي كمطلب أساسي للتنمية, التصدير للأسواق المتقدمة بجودة عالية. العرب وآسيا وللاجابة على سؤال أين نحن كعرب من آسيا؟ أشار السفير علي حجازي ان للبلاد العربية علاقات دبلوماسية رفيعة مع معظم الدول الآسيوية. ما بين بعثات مقيمة وغير مقيمة, بالاضافة إلى عدد لا بأس به من المكاتب التجارية والسياحية والثقافية, وبعض خطوط طيران عربية منتظمة مع معظم العواصم الآسيوية, وهي انعكاس ايجابي للتمثيل العربي ــ الآسيوي المتبادل, وان كانت هناك قناعة متبادلة ان العلاقات الاقتصادية والتجارية العربية الآسيوية لم ترق بعد إلى مستوى تميز العلاقات السياسية, وان علاقات الصداقة قائمة على أساس عدم وجود مشكلات بين الدول العربية والآسيوية, غير إن الأمر يحتاج إلى جهود أكبر تجعل العلاقات تسير بسرعة أكبر نحو التدعيم والتطوير, بل ان العلاقات الثقافية والسياحية والدينية خاصة وإقامة المعارض الثقافية والإعلامية والبعثات الطلابية وتبادل الزيارات تهيئ الطريق نحو مزيد من التعاون وتطور العلاقات السوية بين الطرفين وهذا يدعونا للتفكير في تفعيل الدور الدبلوماسي العربي تجاه دول آسيا, ومن خلال التعاون الاقتصادي والاستثمار, وان تبذل الدبلوماسية العربية الجهد الأكبر لفتح أسواق للصادرات العربية إلى آسيا, ووضع خط عربية ــ قبل فوات الأوان ــ لاقامة معارض دائمة ومنتظمة في مختلف العواصم الآسيوية مع استقبال معارض مماثلة, وتوفير المناخ الملائم عربيا لجذب الاستثمارات, واعداد كتيبات تتضمن مختلف المشروعات الصغيرة والمتوسطة والعملاقة موضحا فيها دراسات جدوى للمشروعات والضمانات والتسهيلات والاعفاءات وتنظم اعادة الأرباح ورؤوس الأموال حتى يكون المستثمر على معرفة بالامكانات العربية, وتستطيع جامعة الدول العربية, والسوق العربية المشتركة القيام بدور ايجابي في هذا الخصوص, ويمكن البدء انطلاقا من بعض العواصم العربية كبداية للتعاون الثنائي أو في اطار متعدد الأطراف أي مع التجمعات الاقتصادية الآسيوية, وان تدفع الدبلوماسية العربية رجال الأعمال العرب, وغرف الصناعة والتجارة على الجانبين وتشجيعها لاعداد برنامج للتعريف بما هو متاح في العالم العربي, وما هو متوافر في الدول الآسيوية لاستكشاف آفاق التعاون, مع الاهتمام بالصادرات غير التقليدية... وان تنشط الدبلوماسية لبدء حوار شامل مع التجمعات الآسيوية, وبحث امكانية الانضمام لها, سواء من خلال الحوار أو المراقبة أو المتابعة الدقيقة للتطورات فيها والمشاركة في تجمعات دول العالم الثالث التي تساعد على انجاح مثل هذا التعاون. وعلق السفير علي حجازي على أهمية تبني الدبلوماسيين العرب لنهج (دبلوماسية التنمية) كهدف استراتيجي, باعتبارها الطريق للرخاء, والاستقرار والسلام, حتى لو بدأنا بالترويج للصادرات العربية الصغيرة, مع الحرص على تقديم كل ما هو جيد وجديد لأسواق آسيا, والمبادرة بعقد اتفاقيات حماية الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي ومنح الاعفاءات وتقديم التسهيلات هي الاطار الضروري لجذب وتشجيع الاستثمارات الواردة وضمان استمرار تدفقها. والجامعة العربية لها دور نشط في تقديم النصح والارشاد وتحت مظلتها يمكن انجاح مثل تلك الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف. السوق الأفريقي وفي محاضرته عن مشكلات الدبلوماسية العربية الأفريقية أشار السفير بهجت ابراهيم الدسوقي إلى ان الدول العربية بما فيها مصر لن يكون أمامها سبيل لتسويق منتجاتها بعد تنفيذ اتفاقية التجارة العالمية إلا السوق الافريقي, وسيحتاج الأفارقة لمساعدة مصر والدول العربية وهم يتطلعون دائما للدول العربية ويستشعرون انهم أحق بالمساعدة العربية ماديا من دول أخرى, ولهم الحق في ذلك. وطالب السفير بهجت الدسوقي الجامعة العربية بأن تزيد اهتمامها بالدول الأفريقية وتوسيع قنوات الاتصال والحوار معها, وتشجيع الدول العربية على الاهتمام بأفريقيا, ومطلوب أيضا من الدبلوماسية المصرية ان تزيد مشاركتها في التجمعات الاقليمية الأفريقية , وتطوير العلاقات مع غرب ووسط القاهرة, مثلما بدأ مؤخرا مع تجمع شرق أفريقيا (كوميسا) .. المهم ان يكون التحرك جادا وايجابيا مع الاقتناع بأهميته لدى الدبلوماسي المصري والعربي. ومن مشكلات الدبلوماسية العربية الافريقية رصد الدسوقي النظرة المحدودة الضيقة للعمل في أفريقيا, وتترسب ــ للأسف ــ في أعماق الدبلوماسي العربي نظرة استعلائية ومتكبرة تجاه المسؤول والمواطن الافريقي, تجعل آداءه الدبلوماسي ليس على المستوى المطلوب, وفي بعض الأحيان تسبب مشكلات انسانية واجتماعية تضطر الدولة المبعوث إليها احيانا إلى طلب نقله, وقد حدث هذا بالفعل في عدة دول أفريقية, وينظر الدبلوماسي المصري إلى عمله في أفريقيا باعتباره منفى وعقابا. ويكون يوم ترشيحه لاحداها يوما بائسا وأليما!! وهو أمر ينعكس لا شك على الأداء الوظيفي ويضعف مساهمته في تقوية علاقة بلده بالدولة المبعوث إليها.. واسترشد الدسوقي بما تفعله بعض الدول الأوروبية وأمريكا من انتهاج أسلوب التخصص, بحيث يتخصص دبلوماسيون في أفريقيا أو الدول العربية أو اسيا, يتنقل الدبلوماسي بينها, فنجحوا في خلق جو عام مؤثر لمصلحة دولهم.. وتقيم الولايات المتحدة وبعض الدول الآسيوية والأوروبية شركات أو مؤسسات اقتصادية ترعاها الدولة, لكي تسهم في تفعيل دور البعثات الدبلوماسية في الجانب الاقتصادي ولم تكن تلك التجربة بعيدة عن مصر حيث أنشأت شركة النصر للتصدير والاستيراد في الستينات وكان لها دور هام في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بالتعاون مع السفارات المصرية بأفريقيا, وللأسف يجرى الآن تصفية هذه الشركة!! وما يعنيه ذلك تصفية دور مصري تجاري واقتصادي في أفريقيا!! القاهرة ــ أيمن شرف

Email