القيادات المسيحية تهب مطالبة الهراوي التراجع عن مرسوم التجنيس: لبنان يتخوف من مخطط سري لتوطين الفلسطينيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد توقيع اتفاق واي بلانتيشن بين الفلسطينيين والاسرائيليين في البيت الابيض كثر الحديث في الاوساط السياسية اللبنانية عن وجود ملاحق سرية في هذا الاتفاق تنص على توطين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان في محيط صيدا اللبنانية ومنطقتها ,عزز ذلك مرسوم كان اصدره الرئيس اللبناني الياس الهراوي حول التجنيس سمح لنحو 40 الف فلسطيني بالحصول على الجنسية اللبنانية وهو ما أثار حنق قيادات سياسية اغلبها مسيحية والتي طالبت بالتصدي لمخطط التوطين الذي يجري تطبيقه على نار هادئة حسب قولها. يحدث ذلك وخطر الازالة يتهدد 4 مخيمات فلسطينية في لبنان. فقد اطل الرقم الفلسطيني الصعب برأسه مجددا مع الخلاف القائم بين الرئيس الهراوي والقيادات المسيحية الروحية والسياسية خاصة البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير, حول عزم السلطة اللبنانية على اصدار ملحق لمرسوم التجنيس الرقم 5247 والصادر في 30 يونيو 1994. وترى القيادات تلك ان السلطة تريد ان تغطي مرسومها (الملغوم) ذاك, الذي منح الجنسية اللبنانية لالاف الفلسطينيين من دون وجه حق, وبافادات مزورة تمهيدا لتمرير (طبخة التوطين) . وينقل احد زوار البطريرك صفير قول الاخير: (لماذا يريدون اصدار مرسوم بالتجنيس يكون ملحقاً للاول تحت شعار الاخطاء التي وردت فيه. يضيف صفير: (اننا نرفض الحرص لدى البعض ــ بمن فيهم الرئىس الياس الهراوي ـ لاصدار ملحق التجنيس, لان الاخطاء في المرسوم الاول لا تعالج ببوس اللحي. فلو جنسوا في الملحق 50 الف مسيحي مثلا وظل هناك مجنس واحد في المرسوم السابق لبناني بالتزوير لايكون قد وصل للبنانيين, حقهم سواء اكانوا مسلمين ام مسيحيين على حد سواء؟ الخطأ لا يصحح بخطأ آخر, ولا والف لا لملحق التجنيس. اما اذا ما اخذت الدولة بمنطق القيادات المسيحية واعادت دراسة ملفات المرسوم الاول فسوف يتبين, كما يقول رئىس (الحزب الديمقراطي المسيحي) المحامي نعمة الله ابي نصر: (ان اكثر من 25 الف فلسطيني جرى تجنيسهم استنادا الى افادات كاذبة تفيد انهم مكتومو القيد (بدون) حررها في حينه بعض المخاتير. وكان مجلس المطارنة الموارنة الذي يعبر عادة عن رأي البطريركيه, المارونيه, في بكركي قد رفض اصدار اي ملحق تحت الشعار نفسه القائل بان (الخطأ لا يصحح بخطأ جديد) مطالبا بمنح الجنسية لمستحقيها فقط, اذ اظهرت التحقيقات (وفق قول المطارنة) في دعوى الطعن بالمرسوم والتي تقدمت بها الرابطة المارونية الى مجلس شورى الدولة: (ان عددا كبيرا من الفلسطينيين قد استفاد من المرسوم, مما يعني الشروع بالتوطين على رغم النفي الرسمي لذلك. وتأكيدا لذلك يبرز المحامي ابي نصر اخراج قيد الفلسطيني يوسف المقبل, وبطاقته لدى مديرية شؤون اللاجئين, مما يثبت انه يحمل الجنسية الفلسطينية, وعلى الرغم من ذلك تم تجنيسه على اساس انه مكتوم القيد. ويتساءل رئيس الحزب المذكور لماذا يتم تجنيس المقيمين في لبنان ولا يشمل منح الجنسية المغتربين من اصل لبناني, وهم من الراغبين في العودة الى وطنهم الام بجنسية الاباء والاجداد؟ ويتساءل: (هل نسي الرئىس الهراوي ما وعد به المغتربين عندما زار البرازيل وقال لهم هناك (اني وقعت مرسوم الجنسية من دون ان يرف جفني, وسأوقع مرسوم منح المغتربين الجنسية من دون ان يرف جفني ايضا. ويتابع المحامي ابي نصر قائلا: (لقد اثبتت التحقيقات ان عددا كبيرا من الفلسطينيين استفادوا من المرسوم السابق تحت ستار انهم مكتومو القيد, استنادا الى افادات كاذبة حررها بعض المخاتير لاشك ان هذه الخطوة تصب في خانة التوطين, اذ عمدت الدولة الى تجنيس هؤلاء في شكل هادىء ومن دون ضجة خلافا لما نصت عليه مقررات الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية ولتصاريح الدولة اللبنانية المتكررة من انها ترفض التوطنين. لكن الرفض بالكلام شيء, وارتكاب الهفوات لتمرير المشاريع المشبوهة شيء آخر, فكل شيء يمكن ان يتغير, كالانظمة والحكومات والاشخاص مثلا, لكن ديموجرافية الشعب لا تتغير, واللعب فيها مشكلة كبيرة, لذلك طالبنا مرارا بوجوب تصحيح المرسوم من قبل الدولة من دون انتظار الحكم الفضائي لان الرجوع عن الخطأ صواب وفضيلة. وتأكيد لتمرير مشروع التوطين يقول ابي نصر: (ظل عدد الذين تجنسوا في المرسوم غير محدد, ومازال حتى آلان غامضا, فالبعض يقول انه لايقل عن 250 الفا والبعض الآخر يرجح ان يصل الى 400 الف, هذا يعني ان هناك تضليلا مقصودا لعدم معرفة الرقم الحقيقي, الامر الذي يزيد من الشكوك بأن مرسوم التجنيس حمل في طياته نفحات توطينية. لكن وزير الاصلاح الاداري بشاره مرهج, والذي كان وزيرا للداخلية ايام صدور مرسوم التجنيس المشار اليه يؤكد ان هذا المرسوم سليم من كل النواحي, وانه وقع عليه هو الآخر من دون تحفظ. ويرد مرهج على ماذكره المحامي ابي نصر فيقول: ان مرسوم التجنيس الرقم 5247 كان الترجمة الفعلية لمقررات اتفق عليها النواب اللبنانيون في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في سبتمبر عام 1989. لكنه استدرك قائلا: (اذا كان هناك فلسطينيون حصلوا على الجنسية اللبنانية في المرسوم الصادر عام 1994, فالمطلوب سحب هذه الجنسية منهم لان في لذلك خطأ فادحا لايمكن السكوت عنه, واذا كان هناك من اخطاء اخرى فيجب ان تعالج وتزال, كذلك يجب سحب الجنسية من كل شخص حصل عليها اذا ماكان سجله العدلي (غير نظيف) . ويتابع قائلا: (اما اذا ماثبت وجود افادات مزورة صادرة عن عدد من المخاتير, فيجب ان ترفع بحقهم دعاوى جزائية اما في القضاء اللبناني الذي له الحق وحده ببت الامر, ربما كان هناك بعض حالات الخلل ولا اذكر ذلك بالتحديد, وقد تبلغت اثناء استلامي وزارة الداخلية في العام 1994, بان هناك اثنين من المخاتير يقوما بعمليات تزوير قيود رسمية, فتمت ملاحقتهما امام السلطات القضائية, ولايزال احدهما فارا من وجه العدالة. مخيمات مهددة بالإزالة لكن بعيدا عن حديث النوايا فان اعادة فتح الملف الفلسطيني في لبنان يتعدى مسألة التجنيس, وان كانت جزءا منه, ليلامس القضايا الامنية والاجتماعية والانسانية, في وقت بح فيه صوت الفلسطيني من المعاناة التي يمر بها وهو مضغوط بين فكي كماشة: سلطة وطنية فلسطينية لا تسأل عنه, وسلطة لبنانية تقمعه في كل لحظة حتى في العمل والحصول على (قوته ورزقه هو وعياله) . يقول الباحث الفلسطيني المتخصص في الشؤون الفلسطينية, وهو مقيم في لبنان, حسين شعبان ان: (صورة الوضع الفلسطيني في لبنان تبدو مأساوية, كما ان مستقبل اللاجئين والفقراء منهم خصوصا لايبشر بالخير الى درجة يمكن التأكد معها ان الهوية الوطنية الفلسطينية, معرضة للضياع بعد 50 عاما من اللجوء, هذه الحقيقة تؤكدها الوقائع الاتية: اولا: استعداد اللاجئين الفلسطينيين للقبول بأي حل يضمن لهم كرامتهم الانسانية التي يهددها اشقاؤهم والمسؤولون عنهم الذين يدعون تمثيلهم. ويمكن التأكيد ان الغالبية الساحقة من الفلسطينيين ستقبل بالتوطين الذي يضمن لهم حق العمل وحرية التحرك والتخلص من حياة اللجوء. ثانيا: خطر ازالة المخيمات التي تديرها (الاونروا) خلال العقود الخمسة الماضية, من الوجود اذ ازيلت عن الخريطة الجغرافية خمسة مخيمات تديرها (الاونروا) وتشكل 33.33 بالمائة من المخيمات التي اقامتها (الاونروا) منذ مطلع العقد السادس وضمن خطة الحكومة هناك اكثر من مخيم معرض للزوال ومنها مخيم شاتيلا بفعل مشروع (اليسار) مخيم برج البراجنة بسبب الاوتوستراد العربي, ومخيم البص نتيجة خط سكة الحديد وتحسين مدخل مدينة صور اضافة الى مخيم البرج الشمالي (قضاء صور) بفعل اوتوستراد السلام. ثالثا: تقلص خدمات (الاونروا) والمنظمات الدولية او التراجع العام والشامل وماينجم عن ذلك من تدهور للاوضاع الصحية والتعليمية وتحول الامية ظاهرة واسعة في اوساط الاطفال. رابعا: ارتفاع نسبة البطالة بين الفلسطينيين وتدني رواتب العاملين منهم. تلك الملاحظات الاربع يوردها الباحث الفلسطيني حسين شعبان وهو واحد من اهل البيت الفلسطيني (والمخيماتي) اي انه يتحدث من قلب المعاناة وعقلها وحواسها الخمسة. بيروت ــ وليد زهر الدين

Email