تقارير(البيان):الحكومة: مدخل للوفاق ... المعارضة: تصحيح لخطأ،جدل حول الغاء مصادرة منزل زعيم سوداني معارض

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت الاسبوع الماضي اجراءات اعادة منزل د. احمد السيد حمد القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي المعارض, المعارض البارز الذي يقيم في القاهرة والذي تمت مصادرته اداريا قبل سنوات . وأخلى المجلس القومي للصحافة والمطبوعات المنزل السبت الماضي بعد ان شغله لعامين, وبعد أكثر من عام كامل من اصدار الرئيس السوداني عمر البشير قرارا بارجاع المنزل لمالكه, وفي حين اعتبر الشريف زين العابدين الهندي, أحد مساعدي الميرغني في الحزب الاتحادي الذي انشق عنه وتصالح مع (الانقاذ) , ارجاع المنزل أحد ثمار مبادرته التي أطلقها منذ عامين, وانه خطوة في الطريق الصحيح للوفاق والانفتاح واحقاق الحق, رحبت قيادة المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) بالبادرة واعتبرتها أحد مؤشرات الوفاق والمصالحة, وثمنت الدور الوطني لمحمد. فيما قالت المعارضة ان اعادة المنزل لا تعدو كونها تصحيحا لخطأ اقترفته (الانقاذ) دون سند قانوني. وطالبت (الانقاذ) باعادة كل الممتلكات المصادرة وتعويض أصحابها من الضرر الذي لحق بهم, وأبانت ان البادرة لا يمكن اعتبارها مؤشرا للوفاق والمصالحة. وقال الشريف زين العابدين الهندي لــ (البيان) في معرض تعليقه على اعادة المنزل لصاحبه: ان اعادة الممتلكات المصادرة, والعفو العام وتحسين علاقات السودان الخارجية بالعلاقات السودانية المصرفية لطبيعتها, كانت في طليعة أجندة حوارنا مع سلطة (الانقاذ) , وان رئيس الجمهورية أصدر قرارات جمهورية تبنى خلالها هذه النقاط, واعادة الممتلكات المصادرة شملت حينها منزل احمد الميرغني (رئيس مجلس رأس الدولة السابق) وآخرين. وأضاف الهندي: لقد شكرت رئيس الجمهورية على ذلك, واعتبر ان اعادة منزل احمد السيد حمد منطلقا للحوار والوفاق الذي يحقق المصالحة الوطنية التي ينشدها الجميع لتجنيب البلاد ويلات الحروب والاقتتال. من جانبه قال عمر طه أبوسمرة أمين الدائرة الاقتصادية بأمانة المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) لــ (البيان) : ان احمد السيد حمد سوداني أصيل ومقدر ومحترم لدى قطاعات واسعة من السودانيين, والمؤتمر الوطني يقدر دوره الوطني, وفكره الوقاد, وعقليته الثاقبة, وعزيمته التي لا تخضع لاملاءات الآخرين. وأضاف أبوسمرة: نأمل ان تكون هذه البادرة تمكينا لحمد لاقناع زملائه في الحزب الاتحادي الديمقراطي بالجلوس حول أية مائدة مفاوضات, ونحن نعلم ان للرجل ثقلا وتقديرا لدى قطاعات الشعب السوداني لاسيما الختمية, ونأمل ان يكون في أرجاع المنزل مؤشرا للجميع للعمل على درء ما يمكن ان يقع فيه الوطن مستقبلا في ظل التفتت والشقاق. وأشار أبوسمرة الى ان وحدة السودان تشكل صماما لأمان مصر, لأن السودان يشكل دوما العمق الاستراتيجي لمصر, وتمنى أبوسمرة ان تعزز هذه البادرة خطوات الوفاق والمصالحة التي بدأت تمضي مسرعة منذ اقرار الدستور واجازة قانون التوالي السياسي, مشيرا الى ان الاخطار التي تحدق بالوطن أكبر بكثير مما يظنه المتقاتلون. من الجبهة الاخرى, اعتبر بكري عديل العضو القيادي في حزب الأمة الذي يتزعمه الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق, ان اعادة الممتلكات لا تعدو كونها تصحيحا لأخطاء (الانقاذ) التي ارتكبتها بحق الشعب, والمصادرة مهما كان سببها لا يمكن اعتبارها عدلا على الاطلاق. وطالب عديل بشمول القرار منزل عمر نور الدايم مساعد المهدي في حزب الأمة وآخرين صودرت ممتلكاتهم لا لشيء سوى انهم أبدوا آراءهم حول نظام جاء الى السلطة بقوة السلاح. وطالب بمراجعة قرارات مصادرات ممتلكات هيئة شؤون الانصار والاحزاب السياسية لأن الاسلام لا يقر المصادرة دون وجه حق. وأضاف عديل ان المصادرة يجب أن تتم وفق القانون وبواسطة المحكمة, لأن قرارات المصادرة الادارية تعتبر أبرز عيوب الانظمة الشمولية, وتتعقد العملية أكثر عندما تتم مصادرة ممتلكات المعارضين للحكم, لأن ذلك يدفع بهم الى المزيد من المعارضة لدرجة استخدام العنف. وأبدى عديل تشاؤما من مستقبل الوفاق, حيث قال: ان العلاقة بين الحكومة والمعارضة بلغت درجة خطيرة من الخصومة والمقاطعة, لدرجة ان اصلاح ذات البين يحتاج الى كثير من الجهد, ولا يمكن اعتبار اعادة منزل لصاحبه يمثل قطرة في محيط الجهد المطلوب, لأن هذه البادرة ان قصد منها الحوار, تماثل علاج السل بالاسبرين. الى ذلك قال علي محمود حسنين القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي لــ (البيان) : اننا نرفض المصادرة من حيث المبدأ, لأنها لم تصدر كعقوبة جنائية تصدرها محكمة ذات اختصاص بعد ان يمثل أمامها متهم ويواجه بالبينة ويسمح له بتقديم دفاعه كاملا ثم تصدر المحكمة حكمها. وأضاف حسنين ان المصادرة لا يجيزها القانون الجنائي لــ (الانقاذ) الصادر في 1991 بنص المادة (50) التي تقول: (من يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد, أو بقصد تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر, يعاقب بالاعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل, مع جواز مصادرة جميع أمواله) , وحتى بنص القانون فإن المصادرة جوازية, لذا فالمصادرة باطلة قانونا وظالمة وجائرة وتعبر عن رأي استبدادي تحكمي. واعتبر حسنين ان اعادة المنزل لا تشكر عليه الحكومة لأنه تصحيح لخطأ يقتضي الحق استتباعه بتعويض صاحبه المتضرر من الضرر الذي لحق به خلال الفترة التي حرم خلالها من أمواله, لكن الاعادة لا تجبر الضرر عدلا. وأضاف حسنين ان اعادة المنزل لا تعتبر منطلقا للوفاق, لأنه لا يجوز المعاقبة ظلما ثم طلب المصالحة في حالة رفع الظلم, ان على الحكومة ان تعتذر عن قرارات المصادرة بجانب اعادة الممتلكات المصادرة وتعلن انها أخطأت, واعتبار اعادة المصادرات مدخلا لمصالحة, فهذا اغتنام لفرصة في غير مناسبتها, لأن التصالح لا يتم الا عبر وفاق وطني يعبر عن قضايا الأمة, وليس جبر الاضرار الشخصية التي لا تعدو كونها محاولات للاستتباع والالحاق. وأوضح حسنين ان الحل الجذري لكل تلك الاشكالات يكمن في اجتماع سائر القوى السياسية السودانية لبحث ومناقشة كل القضايا التي تهم الوطن وعلى رأسها الحرب والسلام والديمقراطية والأزمة الاقتصادية ونظام الحكم, وقانون الاحزاب والتداول السلمي للسلطة واصلاح العلاقات الخارجية وعلاقة الدين بالعمل السياسي, كل ذلك يجب ان يناقش عبر ممثلي القوى السياسية في اجتماع شامل ويتوصلون الى قرارات تقوم بتنفيذها حكومة انتقالية, هذا هو المدخل السليم لتحقيق مصالحة وطنية وحلحلة كل مشكلات الوطن. وأضاف: نحن لسنا في خصومة شخصية مع أحد, لكننا في حال خلاف سياسي ومبدئي حول سياسات واستراتيجيات السلطة. وختم حسنين التصريح الذي خص به (البيان) بالقول: ان احمد السيد حمد الذي ظل يناضل من أجل الحرية والديمقراطية وسيادة حكم القانون لسبعين عاما لا تحزنه مصادرة منزله, كما لا تفرحه اعادته, لأنه أوقف هذا المنزل لجامعة الخرطوم بعد رحيله ولم يورثه لورثته الشرعيين, وهذا المنزل هو كل ما يملكه الرجل, وهو بعد ان بلغ من العمر عتيا, لا يمكنه السقوط ان كانت (الانقاذ) تود الحاقه بصفوفها فتكون كررت أخطاءها التاريخية. وتشير (البيان) الى ان رئاسة الجمهورية بدأت صيانة المنزل لتسليمه الى مندوب مالكه عمر احمد صهر احمد السيد حمد الذي كان يعمل مفوضا للشؤون التعليمية السابق لمعتمدية الخرطوم ابان حكومة المهدي (1986 ــ 1989). الخرطوم ــ محمد الاسباط

Email