بداية النهاية:بقلم-د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعود مرة اخرى الى نقطة الصفر في أحداث كوسوفو المسلمة والمستسلمة تحت التصفية العرقية التي لم تتحرك لها النخوة العربية والاسلامية من قبل اية دولة على الاطلاق . فمن السهل جدا هنا ابتلاع هذا الاقليم ولا يشبه الوضع للبوسنة التي كانت مستقلة ومعترف بها دوليا ولكن كوسوفو في عهد ميلوسيفيتش الذي غير الدستور من أجل ضمها الى صربيا الكبرى ولم يشفع قرار تيتو الذي اعطى هذا الاقليم في وقته حكما ذاتيا, فالامر تغير تماما لان الصرب يعتبرون بقاء كوسوفو تحت سيطرتهم امراً مقدساً ولا رجعة فيه بل اكثر من ذلك فقد ربطوا استقلال دولتهم برمتها ببقاء كوسوفو في حوزتهم. وهنا تكمن المشكلة بالنسبة للقرارات التي يتم اتخاذها والذي من ضمنها قرار الضربة العسكرية الذي تحول الى عملية (عين النسر) منزوعة السلاح. والملاحظ من مجريات الاحداث ان الولايات المتحدة الامريكية هي (المفتاح) وتقف صفا واحدا مع حق كوسوفو في الاستقلال او انهاء المجازر البشعة فورا ولو باستخدام الضربات الجوية اذا كان لابد منها. وسابقتها في البوسنة تشهد لها بشيء من الجدية في اتخاذ هذا القرار الذي يقف ضده على طول الخط روسيا والصين. ولا ننسى بان الولايات المتحدة ليست وحدها في الميدان لان حليفتها الاولى بريطانيا لا يقل حماسها عن امريكا ذاتها في اتخاذ اجراء رادع يوقف مجرمي الحروب عند حدودهم حتى لو ادى الامر الى القاء الدكتاتور ميلوسيفيتش خارج الحدود. وهذا ما صرح به الوزير البريطاني روبن كوك منذ اتفاق هولبروك ـ ميلوسيفيتش انه (لا يمكن الثقة بالرئيس الصربي) . هناك محاولة امريكية وبريطانية بطرح هذا الاتفاق على مجلس الامن لاستصدار قرار دولي جديد يصدره المجلس, يسمح ضمنا للناتو باستخدام القوة العسكرية عند خرق ميلوسيفيتش الاتفاق او عند عرقلة عمل مراقبي منظمة الامن والتعاون الــ 2000 في كوسوفو من اجل الحفاظ على ماء وجه الناتو ان لم يكن لشيء اخر. وبما ان الخروقات لهذا الاتفاق قد اتسعت وستتسع في الايام المقبلة اكثر واكثر وفق مجريات الاحداث اليومية وهي تبدو في صورة تطهير عرقي واضح جدا لتغيير الجغرافيا السكانية الخاصة بسكان كوسوفو حتى تضيع دماؤهم وتتفرق في شتى بقاع العالم ويصعب بعد ذلك المطالبة بها عند قبيلة معينة في هذا العالم الشاسع والمتعدد الأوجه في التعامل مع الأيتام الذين لا يجدون نصيرا من القريب قبل البعيد. فكما لجأت البوسنة الى الاتكاء على المساندة الامريكية على وجه التحديد كذلك كوسوفو ليس لها الا امريكا من دون العالمين لان الفريق لا يلام بمن يستعين فالاتفاق الاخير هو بداية النهاية وليس النهاية على الإطلاق.

Email