رئيس وزراء ماليزيا لـ(البيان): لست سوهارتو أو شاه إيران وأنور خدعني، مجموعة السبع الكبار خطر على الاقتصاد العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكد مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا ان الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها بلاده مؤخرا لا تستهدف عزلها عن الاقتصاد العالمي مشيرا الى انها اجراءات قصيرة الأجل سيتم رفعها بعد توفير الشروط التي تضمن عدم تكرار الأزمة . وحذر مهاتير من خطورة الدور الذي تلعبه مجموعة الدول الاقتصادية السبع على الاقتصاد العالمي مؤكدا انهم لايهتمون الا بأنفسهم فقط. واكد مهاتير في حديث لصحيفة (لوس انجلوس تايمز) تنشره (البيان) بالتزامن معها انه فوجئ بالتهم الموجهة لنائبه ووزير ماليته السابق أنور ابراهيم, وتحقق من بعض اطرافها بنفسه لأنه تصور أن وراءها جهات لاتريد لابراهيم أن يكون رئيسا للوزراء في البلاد. وشدد مهاتير محمد على أنه كان يعتزم التنحي عن منصبه قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة تاركا المنصب لأنور ابراهيم الا ان تطورات الأحداث أتت بعكس ذلك, واكتشفت أن أنور خدعني. 1- القيود على رأس المال: وجهة نظر عالمية: كونكم الدولة الأولى التي تنسحب من السوق الحرة لتدفق رأس المال العالمي, أصبحت ماليزيا مركز الارتداد ضد العولمة, فقد زادت وتيرة الانتقاد لعمليات التمويل لدرجة ان نائب وزير المالية الياباني ايسوكي ساكاكيبارا حرص هذا الاسبوع على الدفاع عن القيود الماليزية على رأس المال ووصفها بأنها سياسة صحيحة. عندما يجتمع منتدى التعاون الاقتصادي الآسيوي كوالالمبور, فماذا ستخبرهم عن تجربتك التي بدأت في الأول من سبتمبر عندما فرضتم قيودا على حركة رأس المال؟ ــ كثيرون هم الذين فهموا خطوتنا هذه على اننا قد عزلنا انفسنا عن الاقتصاد العالمي رغم اننا لا نستطيع أن نفعل ذلك لأنه من شأن هذا ان يلحق بنا الكثير من الأذى, فنحن أمة تعتمد على التجارة ونحتاج العالم لتسويق انتاجنا من ناحية ولشراء العديد من المواد من الخارج, ولكننا نعتقد في الوقت نفسه ان تجارة العملة ضارة جدا لأنها قادرة على تدمير الأسس التي يقوم عليها اقتصادنا, وهذا هو اساس وجوهر الأزمة الآسيوية, ما قمنا به لايعدو أكثر من جعل عملتنا غير صالحة للتداول خارج ماليزيا, ولذلك إذا قام أحد المضاربين بشراء (الرنجيت) فانه لاقيمة له الا إذا أعاده واستثمره داخل ماليزيا حيث تقوم الحكومة بتحديد صرف العملة بالنسبة للعملات الأجنبية الأخرى. ويمكن القول ان القيود على حركة رأس المال والعملة ليست أكثر من خطوة محدودة تهدف الى منع المضاربين من شراء وبيع عملتنا الوطنية, وفيما عدا ذلك فان رؤوس الأموال يمكن أن تدخل وتخرج من البلاد بحرية شريطة ان تبقى داخل البلاد لعام واحد اذا تم استثمارها في سوق الأوراق المالية والأسهم والمعروف ان لدى تشيلي نفس هذا القانون. وبما اننا لم نعد نتعرض لتهديدات المضاربين وتجار العملة, فان أداءنا الاقتصادي بدأ بالتحسن, فقد خفضنا معدل الفائدة كما فعلت الولايات المتحدة, وزدنا الاحتياطي النقدي لدعم الاقتصاد, ونتيجة لذلك فان اسواق العقارات والسيارات بدأت بالتحسن وأصبح الميزان التجاري الآن لصالحنا, وزاد الاحتياطي من العملة الصعبة بحوالي مليار دولار منذ شهر سبتمبر, وأصبح المناخ الاقتصادي للمستثمرين اليوم أفضل بكثير عما كان عليه في السابق عندما كنا عاجزين عن وقف مضاربات تجار العملة. يصر بعض الاقتصاديين الذين يتعاطفون مع الخطوة الماليزية في هذا المجال, مثل بول كروجمان من معهد ماسوشيستس للتكنولوجيا, على ضروة أن تكون القيود على حركة رأس المال مؤقتة وانه لابد من رفعها خلال سنتين أو ثلاث قبل أن تشوه الاقتصاد الوطني بشكل بالغ, فمتى سترفعون هذه القيود؟ ــ أوافق على هذا الرأي فالسياسة يجب أن تكون قصيرة الأجل, ولكن قبل رفع هذه القيود لابد من توفر بعض الشروط, فاذا استمرت تجارة العملة دون قوانين, وأنظمة تحكمها, فان المضاربين سيعودون لمهاجمتنا حالما نرفع القيود وليس من الصعب على المراقب أن يلاحظ أن هذا ما حدث تماما في المكسيك والبرازيل, فبعد ان تعافى الاقتصاد عاد المضاربون وأطاحوا بكل ما تم من انجازات, ولذلك لابد من وضع القوانين والأنظمة التي تحدد ضمن اطر معقولة ومقبولة تجارة العملة وعندها سنقوم برفع القيود, ولكن يجب ألا نسمح بتكرار الأزمة. اجتمع السبع الكبار في لندن وأعلنوا عن قوانين جديدة تضمن مزيدا من الشفافية حول عمليات كبار تجار العملة, بالاضافة الى اعتماد وسائل أخرى تضمن مساعدة الدول قبل وقوع أزمة مالية, فهل يبدو هذا منطقيا بالنسبة لك؟ ــ أنا حذر للغاية تجاه الدور الذي تلعبه مجموعة السبع الكبار, في آخر مرة تعرضوا فيها للمشكلة, عندما كان لدى اليابان فائض تجاري هائل مع الولايات المتحدة وأوروبا, كان أول ما فعلوه هو رفع قيمة الين, ونتيجة لذلك ارتفعت قيمة ديون ماليزيا بحوالي ضعفين ونصف لأن عملتنا انخفضت مقابل الين, فالسبع الكبار لايهتمون الا بأنفسهم, ولاينظرون الى الاقتصاد العالمي على أنه وحدة شاملة مترابطة, وخصوصا فيما يتعلق بدول مثل ماليزيا ولذلك لايمكن أن نكون متأكدين من خطوتهم التالية, قد تعود بالفائدة عليهم, ولكن من المؤكد انها ستعود بالضرر علينا, وما لم تسنح الفرصة لاقامة ما يدعى (الأسس والهيكلية المالية للقرن الحادي والعشرين) فأنا لا أتوقع الكثير, وسينتهجون طريقا خاطئاً مرة ثانية وخصوصا فيما يتعلق بمصالحنا. أنور ابراهيم خدعني محاكمة أنور ابراهيم بتهم تتراوح بين الشذوذ والتحريض على العصيان اثرت سلبا على سمعتكم, فالذين يعرفون أنور ومنور أنيس, رئيس تحرير الدورية الإسلامية والذي يتمتع باحترام كبير, بتهمة اقامة علاقة شاذة مع انور ينظرون اليهما على أنهما شخصان ورعان وتقيان ومن أكبر دعاة الانفتاح الديني, والانطباع السائد في معظم دول العالم ان التهم جاءت بدوافع سياسية خصوصا بعدما أعلن انور في شهر يونيو الماضي في تصريح موجه ضدك (أن الأزمة الاقتصادية ستؤدي الى اطلاق العنان للتدمير الابداعي .. الذي سينظف البلاد من الفساد والمحسوبية؟ ــ لم أنظر الى ملاحظاته على أنها موجهة ضدي ولكن الى منطقة شرق آسيا دون استثناء .. فنحن في ماليزيا أقل تورطا في هذا النوع الممارسات من أي مكان اخر في شرق اسيا تقريبا. فنحن لا نمارس المحسوبية او محاباة الاقارب في الوظائف والامتيازات ولقد بالغت الصحافة الاجنبية بالتأكيد على الخلافات السياسية والاقتصادية بيني وبين انور, ومع العلم ان السياسة والسياسة الاقتصادية لا علاقة لهما بهذه الخلافات. لقد اكتشفت انه متورط بممارسات جنسية غير لائقة مع رجال ونساء وهو امر لا يمكن القبول به لقائد ماليزي. وكرئيس للوزراء كان لا بد لي من التصرف. فاستشرت بعض الوزراء ووافقوا على تنحيته من منصبه. والامر مجرد مصادفة ان يحدث هذا خلال الازمة المالية. وحتى ولو كانت الامور على خير ما يرام على الجبهة الاقتصادية, فكنت سأقوم بنفس الشيء واطرده من منصبه. ورغم انني لم اكن ارغب بتنحيته من منصبه لاني طالما رددت واكدت ان انور كان الرجل الافضل لتولي مهام قيادة ماليزيا. الا انني امام ممارساته الشاذة, لا استطيع اليوم ان اقول بان لديه ما يكفي من الرادع الاخلاقي ليكون قائدا. اشعر ان انور قد خدعني,ولكني اشعر بالامتنان لاني اكتشفت امره قبل ان اتخلى عن منصبي. التقارير قديمة والقرار جديد هل جاءت المظاهرات المؤيدة لانور بعد اعفائه من منصبه مفاجئة بالنسبة لك؟ ـ كلا لم افاجأ بأن الشعب لا يصدق ما اخبرهم به عن انور الان. لديكم تقارير تعود الى عام 1993 حول الممارسات الجنسية الشاذة لانور, فان لم يكن الدافع سياسيا الان, فلماذا لم تتخذوا أي اجراء ضده قبل الان؟ ـ كنت مثل الاخرين اعتقد ان انور رجل تقي, ولهذا السبب وافقت على انضمامه للحزب ودعمته ليتبوأ قيادة الحزب. وعندما بلغتني الاخبار عن ممارساته الجنسية لم اصدق والتزمت الصمت. ولكن عادت التقارير تتوارد العام الماضي, وقلت في ذلك الوقت انها اتهامات لا أساس لها من الصحة تروجها جهات لا تريد لانور ان يصبح رئيسا للوزراء, وبعد ذلك تقدم انور بطلب للتحقيق. قمت بالتحقيق من الاتهامات شخصيا وفي كتاب كتب عنه بعنوان (50 سببا لعدم اهلية انور لمنصب رئاسة الوزراء) وبعد ان قامت الشرطة بالتحقيق ابلغوني انهم عثروا على بعض الحقائق التي تبرر هذه الاتهامات. ولكني لم اصدق ذلك, وقمت شخصيا باستجواب ستة اشخاص منهم سائق انور الشخصي وثلاث نساء, اثنتين منهن رفضتا التعاون اما الثالثة فوافقت بعد ان قدمت لها ضمانتي الشخصية بحمايتها ليخبروني بالحقيقة. واخبروني ما حدث. ولم اكن اتخيل ان ستة اشخاص لا صلة بينهم قادرين على سرد نفس القصة. ولكن الرجلين اللذين (اعترفا) باقامة علاقات شاذة مع انور, بما فيهم منور انيس, تراجعوا عن (اعترافاتهم) لانهم ادلوا بها تحت الاكراه؟ ـ نعم. لقد حدث ذلك, لان بعض المحامين اخبروهم ان بامكانهم (التراجع عن الشهادة واستئناف الحكم) ولكن كيف يمكن لهؤلاء الاشخاص ان يعترفوا في المقام الاول بارتكاب مثل هذه الاعمال وهم يعلمون ان هذا من شأنه ان يلحق العار بعائلاتهم ويقودهم الى السجن؟ انت مقتنع اذا ان منور لم يدل باعترافه مكرها على ذلك؟ ـ لم أتكلم معه ولم أره مطلقا. كل ما اعرفه هو ما اقرأه في الصحف. وبالتالي انا لا اعرف شيئا عن حالته. لماذا تعرض انور للضرب عندما اعتقل؟ ـ لا اعلم لماذا او كيف. ولكن هناك تحقيقا يأخذ مجراه الان. لن تكون هناك تغطية على احد ولابد للمسؤول من تحمل العواقب. ولكني شخصيا لا اعرف شيئا عما حدث لانور في السجن. ومن المؤكد اني لم ارغب بحدوثه وخصوصا انه ضرب من الجنون ان تسمح له بالظهور والورم ظاهر على عينيه ليعرضها امام العالم اجمع. كنت اعتزم الاعتزال من منصبي واترك المنصب لانور ابراهيم التقارير التي ترد عبر الانترنت تتهمك بالمحاباة والفساد. فما هو ردك على هذا التقرير الذي يقول: (لقد كانت الصفقات التي عقدت لبناء المطار الجديد ولانقاذ شركة النفط بتروناس تهدف في المقام الاول المحافظة على مصالح ابن مهاتير. لقد حول مهاتير لحسابه الخاص حوالي ملياري رينجيت من ميزانية الحزب لدعم ابنه واخراجه من ورطته. ولذلك, فان خطة مهاتير الاصلاحية بما فيها فرض القيود على حركة النقد, لا تهدف الى اعادة بناء الاقتصاد الماليزي بقدر ما تهدف لانقاذ شركات عائلته واصدقائه التي تعاني من مشاكل مالية؟ ـ في المقام الاول, فان انور بصفته وزيرا للمالية هو المسؤول عن المطار بما فيها حوالي300 عقد وقع مع شركات مختلفة. كما ان الشركات المقربة منه لاسباب واعتبارات سياسية حصلت على اكبر العقود. وفي ظل النظام القائم, فان هناك 200 شركة وطنية يحق لها الحصول على عقود في مشاريع ضخمة مثل المطار. ولكن في اغلب الاحيان, فان عشرة منها فقط تحصل على عقود جيدة. والتحقيق جار الان لمعرفة الاسباب وراء ذلك. اما فيما يتعلق بأموال الحزب, فانا لا اتولى القضايا المالية ولا تخضع لصلاحياتي. فكل الاموال تذهب الى امين الصندوق, وعند صرف اي مبلغ لا بد من وجود وصل. انور يتهمني بالحصول على اموال الحزب ولكن دون دليل او وصل يثبت ذلك. ودعني اقول لك اني لا اعيش حياة الترف التي يعيشها انور الذي يشتري ملابسه من باريس. لدي منازل اشتريتها بالتقسيط. اما المنزل الجديد الذي يبنى فهو عبارة عن مقر لرئيس الوزراء وملك للشعب وانا لن اتولى هذا المنصب الى ما لا نهاية. اضف الى ذلك اني كنت اعتزم التنحي عن منصبي قبل وقوع الازمة الاقتصادية, في وقت لن يكون به المقر جاهزا وكان اول من سيشغله انور وليس انا.. الازمة ومستقبل الاستثمارات من المتوقع ان تؤدي المشاكل السياسية الى المزيد من المصاعب الاقتصادية. الكاتب المرموق الفن توفلر كتب يقول: (ان مناخ الرعب السياسي) في ماليزيا سيؤثر سلبا على ثقة المستثمرين وخصوصا في مجال تقنيات المستقبل التي تحتاج الى ضمان الحريات. ألست قلقا بهذا الخصوص. ـ نعم انا اشعر بالقلق لان الفن توفلر يتمتع بنفوذ قوي. ولكني اشعر بالاسف لانه لم يحاول قبل ذلك ان يكشف حقيقة الظروف التي نمر بها الان. انا اعلم انه قلق على مصير صديقه منور انيس, ولكني لا املك ما يكفي من الصلاحيات لاطلاق سراح الدكتور انيسي. فالقانون هو القانون. لقد صدر حكم بحقه في المحكمة وكل ما استطيع القيام به الان هو ضمان معاملته بشكل جيد. ولكن الربط بين هذا المشروع التكنولوجي ليس عدلا ولا منصفا. فالمشروع لا علاقة له بالسياسة. انه مشروع عمل ولا ادري ما الفائدة من ربطه بالسياسة الداخلية للحزب. هل يعيش الناس حقا في جو من الرعب السياسي؟ كلا. والدليل على ذلك انهم يمارسون اعمالهم بشكل طبيعي, وما لم يبادر الناس الى القاء الحجارة على رجال الشرطة فانه ليس هناك ما يدعوهم للخوف. اذا كان المستثمرون مهتمون حقا بالاستقرار فانه متوفر نحن بلد يجمع عددا من الاعراف المختلفة بما فيها الصينية والهندية والمالاي ولكن لا نزال ننعم بالاستقرار. هذه ليست اندونيسيا. فالماليزيون لا يميلون الى الاطاحة بالحكومات بواسطة المظاهرات الصاخبة. انهم دائما يفضلون توجيه طاقاتهم لانجاح ما يقومون به من اعمال. اعداد : سليمان عوض

Email