تقارير البيان: حرب خفية بين الجانبين يذكيها شارون، حسين سعى في واي بلانتيشن لاغراق نتانياهو في مستنقعه الداخلي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت مصادر أردنية عليمة أن العلاقات الاردنية ــ الاسرائيلية تمر في مرحلة صعبة ومتوترة, خصوصا, بعد تعيين ارييل شارون في موقع وزير الخارجية الاسرائيلي . وقالت هذه المصادر ان التوتر الاردني ــ الاسرائيلي بلغ ذروته بعد مشاركة الملك حسين في قمة واي بلانتيشن, واجتماعه الى ياسر عرفات وهو الاجتماع الذي لم يكشف عنه النقاب خلال اجتماعات القمة, ووفقا لمعلومات (البيان) فإن الملك حسين اجتمع مع عرفات لعدة ساعات استمع فيها العاهل الاردني الى شكوى الرئيس الفلسطيني بشأن نقاط محددة على قاعدة إصرار اسرائيل على مواصلة العراقيل, وشدد الملك حسين في مباحثاته مع الرئيس الامريكي على ضرورة الضغط على رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو الذي اعتبر مساعي العاهل الاردني لصالح الفلسطينيين في القمة, سببا هاما, أدى إلى الضغط عليه. وفي هذا السياق يقول مراقبون فلسطينيون ان الملك حسين عبر مشاركته في القمة وتدخله لصالح الفلسطينيين يكون قد جرع نتانياهو السم البطيء, وليس أدل على ذلك, من المواجهات التي عصفت بنتانياهو حال عودته الى فلسطين المحتلة, بالاضافة الى الانقلاب الذي حدث في علاقاته مع اليمين الاسرائيلي والتيار المتدين, الذي طالب باسقاطه وتظاهر أمام منزله. ويعتبر اسرائيليون مقربون من نتانياهو أن الملك حسين جعل رئيس وزراء اسرائيل يدفع فواتير سياسية مدمجة في فاتورة واحدة هي اتفاق واي بلانتيشن, الأمر الذي زاد في توتر العلاقات الاردنية ــ الاسرائيلية. الجدير ذكره في هذا الإطار ان نتانياهو اشتكى في أوقات سابقة وعدة مرات للإدارة الامريكية من أن الملك حسين يحاول اسقاطه عن سدة الرئاسة باستقباله معظم الشخصيات الاسرائيلية المعارضة لنتانياهو كأيهود باراك رئيس حزب العمل , وأفيجدور كهلاني وزير الأمن, وشخصيات أخرى, بعضها عاهد الملك الاردني على السعي لاسقاط الحكومة الاسرائيلية, واجراء انتخابات مبكرة, مما دفع رئيس وزراء اسرائيل الى كتابة رسالة الى الرئيس الامريكي وصف فيها الاردن بأنه تجاوز (الخطوط الحمراء) . وكان الملك حسين والرئيس عرفات, أشارا الى اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل السابق خلال حفل توقيع اتفاق واي بلانتيشن, مع اعتباره رجل سلام حقيقي, وهي الاشارات التي اعتبرت تنديدا غير مباشر بنتانياهو وعلى مسمع ومرأى مئات الملايين من مشاهدي شبكات التلفزة التي نقلت الحدث على الهواء. ويقول سياسيون أردنيون ان اتفاق واي بلانتيشن الأخير, بقدر ما قدم خدمة للجانب الفلسطيني, فإن ذات الاتفاق سيكون سببا في نهاية رئيس وزراء اسرائيل, سياسيا, فالملك حسين عبر مشاركته انتقم من نتانياهو, سياسيا وأدخله في محرقة المشاكل الداخلية في اسرائيل خصوصا أن الاخير خسر عبر الاتفاق قاعدته الأساسية المكونة من اليمين والتيار المتدين, ولعل الدعوات التي انطلقت من جانب اسرائيليين بقتل نتانياهو, أو إطاحته مؤشر على بدء سقوط نجم رئيس الوزراء الاسرائيلي, الذي شعر بدوره بحجم الأزمة التي يواجهها فسارع لاعلان حملة استيطانية جديدة. ان بناء المستوطنات لن يتوقف, وأن ستين مليون دولار سيتم رصدها لشق طرق التفافيه داخل الغربية العربية لخدمة المستوطنين في تحركاتهم, وهو الأمر الذي ترفضه السلطة الفلسطينية. وشهدت علاقة الملك حسين برئيس وزراء اسرائيل توترات مختلفة منذ بداياتها, حين أرسل العاهل الاردني رسالة قاسية لنتانياهو أعرب فيها عن شديد الاستياء لتصرفاته وتصريحاته بالاضافة الى عرقلته لمفاوضات السلام, تلا هذه الرسالة محاولة الموساد الاسرائيلي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في وضح النهار في العاصمة الاردنية, وهي المحاولة التي فشلت, وأسفرت عن استثمار الملك حسين لها وتدخله للافراج عن الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس, وعدد من المعتقلين الاردنيين والفلسطينيين, بالاضافة الى الاطاحة برئيس جهاز الموساد, وفضيحة دبلوماسية بين كندا واسرائيل, بسبب استخدام عملاء الموساد لجوازات سفر كندية. التوتر في العلاقات الاردنية ــ الاسرائيلية مازال مستمرا, والقصر الملكي في عمّان اعتبر الاتيان بشارون وزيرا للخارجية, بمثابة رسالة حرب على الاردن, خصوصا, أن شارون يطرح دوما الخيار الاردني, وأن الدولة الفلسطينية يجب أن تقام في الاردن, وهو الأمر الذي يرفضه الاردنيون والفلسطينيون على حد سواء, ولعل صحيفة (يديعوت أحرونوت) المقربة أساسا من شارون, بنشرها تقريرا مشكوكا فيه عن صحة العاهل الاردني, دللت على الحرب الدبلوماسية السرية القائمة بين الجانبين على كافة الأصعدة. ووجه نتانياهو مؤخراً تهديدات للأردن على عدة أصعدة, كان أهمها الصعيد الاقتصادي, عبر عرقلة التجارة الاردنية ــ الفلسطينية, بالاضافة الى تأخير صرف مبلغ 50 مليون دولار من المساعدات الامريكية للاردن والتي تدفعها كل ثلاثة شهور, عبر اسرائيل, وهي المفارقة الهامة في هذا السياق, فمبلغ مائتي مليون دولار أمريكي, مقدار المساعدة الامريكية للاردن, يتم دفعه على أربع دفعات عبر (اسرائيل) وقبل حوالي سنة ادعت (اسرائيل) ان حوالة المساعدة الامريكية لم تصل ليتم تحويلها للاردن, في حين ردت واشنطن بتأكيد أنها أرسلت مبلغ الخمسين مليون دولار, وما بين أخذ وعطاء بين الجانبين ماطلت اسرائيل لاسابيع في دفع مبلغ الخمسين مليون دولار, في رسالة للاردن تحمل الكثير من معاني الضغط والتهديد. وما بين السياسة والاقتصاد, تتواصل الحروب السرية بين الاردن واسرائيل, والتي اشتعلت مؤخرا وعلى خلفية دينية بحتة, حين أمر العاهل الاردني الملك حسين وولي عهده الأمير حسن بالاستعداد للاحتفالات بمناسبة الالفية الثانية لميلاد السيد المسيح, وتزامنت هذه مع إعلان خبراء الآثار الاردنيين عن اكتشاف مغطس السيد المسيح, الذي كانت تجري فيه عمليات التعميد, وعلى الجانب الشرقي الاردني من نهر الاردن, الأمر الذي اعتبرته اسرائيل تدميرا لسياحتها القائمة على أساس وجود مغطس السيد المسيح في الجانب الغربي من نهر الأردن والذي يستقطب سنويا مئات آلاف السائحين من الولايات المتحدة وأوروبا, بالاضافة الى قيام اسرائيل باستغلال موقع المغطس, عبر تعبئة زجاجات خاصة من مياه المغطس, وتصديرها الى أوروبا والولايات المتحدة, حتى يستخدمها المسيحيون في التعميد. من جانبه أصر الاردن على أن موقع مغطس المسيح موجود في الجانب الاردني, واستقدم لاثبات رأيه خبراء آثار أجانب بالاضافة الى رجال دين من الفاتيكان حيث أكدوا هذه المعلومات, الأمر الذي دفع الاردن لبدء أعمال انشاءات الفنادق ومنتجعات سياحية في ذلك الموقع, والتي ستنتهي بعد عام, استعدادا لقدوم ملايين المسيحيين من العالم للاحتفال بالألفية الثانية لميلاد المسيح. ويبدو أن مشكلة اسرائيل ستكون مضاعفة مع الاردن خلال العامين المقبلين, خصوصا, مع اقتراب مفاوضات الحل النهائي الذي يوجب حل قضايا كبيرة وعالقة كمشكلة اللاجئين الذي يضم الاردن منهم العدد الأكبر, بالاضافة الى مشكلة مدينة القدس, التي يواصل فيها الأردن دوره الديني, في حين تراه السلطة الفلسطينية, عاصمة سياسية للدولة الفلسطينية, وربما يؤدي تمازج المصالح بين الفلسطينيين والاردنيين الى تضاعف الضغط على اسرائيل واستمرار الحرب الدبلوماسية الخفية بين عمان وتل ابيب. عمّان ــ ماهر أبوطير

Email