صبر البارود: بقلم ـ د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الثالثة بعد حرب الخليج الثانية ولن تكون الأخيرة بدأت الاجواء المحيطة بالخليج تسخن من جديد, فنبرات صوت ايران المتشدد من الداخل يدعو الى عمل ثأري سريع ضد طالبان التي تجاوزت بتصرفاتها كل درجات المراعاة لحقوق الانسان . وصوت الحكومة الخارجي والقريب من مصافحة عدو ايران اللدود والموصوف في أدبيات الثورة الخمينية بالشيطان الأكبر لتكراره في مؤلفات الخميني على وجه التحديد آلاف المرات, فهل ستحول تلك المصافحة التاريخية بين خاتمي وكلينتون في أروقة الامم المتحدة مجرى الاحداث بين الجارتين. في الوقت الذي يصف بعض المحللين اصحاب النظرة التآمرية البحتة ويلقى اللائمة والمكيدة على امريكا واسرائيل لان المطبوع لدى هذه العقلية ان النيازك التي تسقط احيانا في بعض المناطق من الكرة الارضية من فعل امريكا. من السهل جدا القاء التبعات دائما في مصائبنا على الاخر الذي لا نستطيع اتخاذ اي موقف تجاهه وذلك بسبب ضعفنا الشديد في مواجهة ازماتنا الداخلية, لذا يعلو صوت الرصاص ويرتفع دخان البارود اكثر من صوت العقل الحكيم. ولو اتخذنا اقسى السيناريوهات المتوقع حدوثها بين ايران وطالبان مع الفارق الكبير بان الاولى دولة والثانية مازالت مجموعة طلبة خريجي المدارس الدينية وهذا هو حجمهم في الميزان السياسي الدولي, فكفتا الميزان مختلفتان تماما, لان الحرب ولو انتصر فيها طرف على آخر فالمنتصر كذلك يعتبر مهزوما ولو تغطى بملاءة النصر الظاهري. لاشك بان ميزان القوى العسكرية لصالح ايران على طول الخط ولكن الدراما السوداء اذا وقعت ووقع معها الفأس على الرأس فلن تكون ايران وحيدة في الميدان فهناك باكستان والهند وروسيا والصين بالاضافة الى الجمهوريات المستقلة فلكل هؤلاء في حينها حادث وحديث. فالحدث لن ينتهي عند ضربة عسكرية خاطفة على غرار ما حدث للسودان وافغانستان ذاتها لانه اذا كان لصبر الانسان حدود ثم ينفلت ليضعه في يد البارود الذي ينتظر فقط الزمن الذي يستغرقه الجندي في ضغط اصبعه على الزناد, بل الامر اصبح عن طريق الريموت كونترول اسرع مما نتصور بكثير. فقياس ضربة ايران الخاطفة على الضربة الامريكية قياس في غير محله وفيه من المفارقات التي لا تخفى على المحللين الذين لا يودون المضي في طريق الحرب التي ما حلت مشكلة قائمة في القضايا التي تتصف بالخيوط المتشابكة وقضيتنا من صميم هذا الصنف ان لم تكن اكثرها خطورة في ظل الاوضاع المتردية بالمنطقة على وجه العموم. والى الآن لم يتم الحديث عن كشف الحساب الذي يوضح الخاسر والمنتصر من عملية التصعيد الجارية واشعال لهيب الحرب في القلوب والصدور قبل تسطيرها على صفحات الاحداث اليومية. ونؤكد على حقيقة سياسية مازالت صادقة الا وهي ان الحرب مجازفة غير محسوبة ومحسومة النتائج والسلم مجازفة تمسح من خلالها دخان البارود المتصاعد.

Email