التهديد والوعيد : بقلم ــ محمد الحسن احمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعلنت الحكومة السودانية انها تلقت تهديدا جديدا من حكومة الولايات المتحدة الامريكية تحملها فيه مسؤولية اي اعتداء يقع على اية سفارة لها في العالم وانها ستعاود ضرب السودان من جديد وقال الرئيس السوداني عمر البشير في حشد جماهيري في الخرطوم بمناسبة مرور شهر على القصف الامريكي لمصنع الشفاء : ارسلت امريكا لنا ورقة بدون توقيع تقول فيها انه اذا تعرضت اي سفارة امريكية للهجوم في اي مكان فانها ستضربنا وهذا جبن, ونقول مرحبا بالضربة. وفي المرة المقبلة لن نذهب لمجلس الامن ولن نشكو للمنظمات الدولية وسنحتفظ بحقنا في الرد, وردنا سيكون مؤلما وقاسيا, واضاف لن تخيفنا التهديدات, ووصف كلينتون بالشيطان وانه نصب نفسه عدوا للاسلام. وقيل ان الرسالة الامريكية اشتملت على ست نقاط وصفها نائب الامين العام للمؤتمر الوطني بانها سلسلة جديدة من الافتراءات منها ان السودان يأوي مجموعات قيادية لها صلة باسامة بن لادن. وتقول وكالة يونايتدبرس ان الرسالة الامريكية التي تسلمتها الحكومة السودانية عبر مندوبها الدائم في الامم المتحدة تضمنت ايضا تحذيرا من عمليات ارهابية تنوي جماعة اسامة بن لادن القيام بها ضد مصالح امريكية. واستنادا لماورد في الوكالة فان الولايات المتحدة الامريكية تتوقع هجوما ارهابيا جديدا وبالتالي فانها بوعيدها للسودان ستوجه ضربة جديدة حالما يقع اي انفجار يعرض مصالحها للخطر. ويبدو انها بهذا التهديد تترك فرصة الموازنة لتلك الجماعات بين الابتعاد عن تعريض المصالح الامريكية للخطر, وبين ضرب النظام الذي تعتبره مواليا لتلك الجماعات ومتواطئا معها. ذلك مايمكن استشفافه باختصار شديد من رسالة التهديد الجديدة التي وجهتها الادارة الامريكية للنظام السوداني. فماذا عن تهديد ووعيد الفريق البشير؟ لقد استبعد ان يتقدم السودان مرة اخرى بشكوى الى مجلس الامن أو غيره من المنظمات الدولية, وهذا الاستبعاد يعني ان النظام لا يستهدف مواجهة الولايات المتحدة من خلال ضغوط أو ادانات دولية وانما سيواجهها بضربات مؤلمة وقاسية, وهذا التعبير الذي ورد على لسان البشير وفي مسيرة شعبية وتناقلته وسائل الاعلام الدولية, اما ان يكون مجرد هيجان عاطفي وكلمات لزوم الاستهلاك المحلي. وان يكون بالفعل تعبيرا حقيقيا عن قدرات صدامية لمواجهة قوة امريكا. فاذا كانت الاولى فلن تزيد الولايات المتحدة الامريكية الا استخفافا بالنظام ومن ورائها العالم وان كانت الثانية فان الجميع يعلمون ان النظام لا يملك قدرات عسكرية لاستراد اراض انتزعتها منه المعارضة في الشرق والوسط واغلب مناطق الجنوب, وبالتالي من المستحيل ان يكون بمقدوره مناطحة الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر القوة العظمى في العالم. بل هو حتى الان لم يستطع ان يدرك او يحدد كيف قصفت امريكا مصنع الدواء في الخرطوم بحري؟ هل كان القصف بصواريخ بعيدة المدى من بوارج حربية؟ ام من خلال طائرات؟ وعدم التحديد هذا ليس سببه القدرات الخارقة للولايات المتحدة فحسب, وانما سببه عدم توافر الرادارات القادرة على اكتشاف ذلك الهجوم ناهيك عن قدرة الاستشعار به قبل حدوثه. اذن فان قدرة النظام على اي مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية معدومة فماذا تبقى اذن من مسالك الرد المؤلم؟ لا شيء غير انخراط النظام جهرة وفي تحد مكشوف في عمليات ارهابية ضد المصالح الامريكية, وفي هذه الحالة فانه يثبت كل التهم التي تكال اليه من ايواء ودعم للارهاب وممارسة له على مستوى الدولة. حقا ان ما قاله البشير يعتبر ورطة كبيرة للنظام, ان لم نقل ان الولايات المتحدة قد استدرجته لهذا المأزق الذي لا فكاك منه, فقد كان الاحرى بالنظام ان ينشر فحوى رسالة التهديد التي تلقاها من الادارة الامريكية عبر مندوبه الدائم بدلا من الاستخفاف بها. لكن الفريق البشير مضى في طريق التحدي والاعلان عن اشتهاء الموت وارسال الشعارات الحماسية والتهديدات الجوفاء والتحديات التي لا قبل له بها ولن تقوده الاّ الى نهاية النظام والحاق المزيد من الدمار بالسودان وبأهل السودان. صحافي سوداني مقيم في لندن*

Email