نافذة: يمن التكفير والتأويل:بقلم- عبدالله سعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصدر الملحق الثقافي الامريكي بصنعاء الحلقة الاولى من مسلسل اختطاف السياح والاجانب بصنعاء فيما سجلت الفتاة المراهقة لينا مصطفى عبد الخالق ابنه وزير الاشتراكي السابق)اول عملية اختطاف سياسي على الصعيد المحلي, وماتزال حتى الان تمثل اخطر القضايا بما لحقها من تبعات ودراما فصول قصتها التي لم تنته بعد . في عملية اختطاف الاجانب والسياح بلغ الرقم 150 عملية, اما في عملية الاختطاف السياسي والصراع اليمني فقد بلغت الماساة ارقاما متناهية في الكبر, من فتاوى التكفير والحرب, والعنف الطائفي, وسجلات الزواج العرفي, والزواج الشرعي, ولم تكن لينا مصطفى عبد الخالق الاّ البداية العملية للمأساة اليمنية كما كانت اشرطة وكاسيتات تكفير الدستور والوحدة هي البداية القولية للماسأة اليمنية. بين اختطاف لينا من عدن الى صنعاء, وقصة فتاوى التكفير, وكفار التأويل المذهبي, التي توجت بفتوى تكفير اهل الجنوب (ورفع شعار من جهز غازيا فقد غزا) , ابان حرب صيف 94, وهي الفتوى التي لا تزال الاحتياطي النشط وصمام الآمان بين فقهاء السلطة لتجسيد الاستقرار والوحدة الوطنية, وهي فتوى تستمد جذورها وشرعيتها من جولات العنف والارهاب في الصراع اليمني اليمني منذ عقود وسنوات عجاف أكلت الاخضر واليابس, والجميع يردد في اليمن المقولة والفتوى الشهيرة لأحد الاممة (اني اخاف ان يسألني الله عما تركت للشوافع من مال ورجال) هكذا كانت الفتاوى عقب جولات الصراع والحروب اليمنية بما يسودها من نهب وقهر. عندما اطلق سراح ماهوني الملحق الثقافي الامريكي بعد اختطاف دام اسبوعين قال في حديث صحافي لكاتب هذه السطور (ان قبائل اليمن تتحدث عن القرن الحادي والعشرين واحدث تقنيات العصر, وتعيش في العصر الحجري) وما قبل التاريخ, حينها كانت وسائل الاعلام ووكالات الانباء تتناقل تحديات اليمن في ترسيخ النظام والقانون لضمان حياة السياح والدبلوماسيين من الاجانب, اما اهل اليمن فقد كانوا يحملون الهتافات والشعارات في مسيرات بالمدن في تعز وعدن والحديدة وصنعاء يطالبون بالاحتكام الى القضاء, في مقتل لينا مصطفى عبد الخالق ابنه وزير الشؤون القانونية في اول حكومة للجمهورية اليمنية, ولينا فتاة اختطفت من عدن ونقلت مخدرة الى صنعاء حّي الروضه منزل عبد المجيد الزنداني, وهناك قتلت بعد ثلاثة اشهر من الاختطاف؟ والزواج غير الشرعي, ويكشف ملف القضية اسرار فتاوى التكفير والقضاء الحزبي, فالجنوب ــ حسب الفتوى ــ دار كفر والشمال دار ايمان, وبذلك يتم تبرير الاختطاف, بالانتقال من دار الكفر الى دار الايمان والنساء سبايا, وزيارة القبور حرام. ولا يحق اللجوء الى القضاء, والتكفير في اليمن ليس التكفير الديني ولا التكفير السياسي فهناك تكفير ثالث, ذو خصوصية مميزة وذو طابع خاص, وهو يتصدر قائمة نظرية الصراع اليمني عند الشدة, انه (تكفير التأويل) (وكفار التأويل) وهذه هي ام المصائب في اليمن, وهي الاصل وتتلاشى امامها كل الفروع والاصول, وكل الافخاذ والبطون القبلية والمناطقية. يؤكد المتابعون بعناية والمطلعون على وثائق وحقائق الصراع اليمني وفتاوى التكفير, ان فتوى اختطاف وقتل لينا مصطفى عبدالخالق, هي المحطة الثالثة من بين اربع محطات هي الاخطر في تاريخ الصراع, الاولى كانت مطلع الثمانينات باجتماع موسع لاهم قيادات الاخوان المسلمين في اليمن, عندما تقدم احد القيادات من الجنوب بوضع معايير وخصوصية للتنظيم (الاخوان المسلمين) في اليمن الجنوبي, عندها صدرت فتوى, بتكفير وفصل خمسة من ابرز القيادات جميعهم من الجنوب وصدر القرار الحزبي (الاخواني) الى القواعد بعدم الحديث معهم او السلام عليهم, كان الشيخ عمر طرموم (المراقب العام للاخوان المسلمين حينها), في مقدمة هؤلاء الخمسة, لانهم فقط من الجنوب فهم كفار تأويل حتى ان كان المراقب العام للاخوان المسلمين, ومؤسس المعاهد العلمية الدينية في اليمن الشمالي, لكنه من حضرموت ومن لحج, ومن المناطق المعنية في اليمن, التي رسمتها اتفاقية دلمان العام 1911م بين الباب العالي في تركيا والامام يحيى حميد الدين امام الزيدية في اليمن, وتأتي المحطة الثانية تكفير دستور الوحدة, واعتبار قيام الجمهورية اليمنية والاتفاقية المحددة لاعلانها, قياسا على صلح الحديبية بين المسلمين والكفار, والمحطة الثالثة, اختطاف وقتل لينا مصطفى عبدالخالق, والمحطة الرابعة فتوى الحرب على الكفار في الجنوب, و(من جهز غازيا فقد غزا) . وبين المحطات الاربع تغلي قضايا الصراع, وترتدي مسميات متعددة الموديلات والاحجام, واسماء ما انزل الله بها من سلطان, وتبدو التعددية وحرية الصحافة متنفسات تتخذها الاحزاب, لتحجب الرؤية عن القبيلة, وتتخذها القبيلة لتحجب الرؤية عن المذهب, وفكر التكفير, وقد جمع قانون الاختطاف (الاثنا عشري) في مواده فتوى التأويل التي لاتفرق بين الرجم والجلد, ولله في خلقه شؤون.

Email