نافذة: انتخابات الرئاسة اليمنية: بقلم - عبد الله سعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار حديث الشارع اليمني حول الانتخابات الرئاسية في اليمن قبل موعدها بعام حفيظة المؤتمر الشعبي (الحزب الحاكم)وذهبت التفسيرات والاجتهادات في ذلك مذاهب شتى عند رجال السياسة والقانون وفقهاء الاحزاب , على أن الحقيقة التي لم يستطع تجاوزها أحد, هي معادلة الرئاسة والولاية في اليمن فمعادلة الحكم في اليمن يترتب عليها استقرار المحكومين وتعايشهم مع الحكام, قبل ان تكون هناك زوبعة انتخابية بغض النظر عن اخراجها الديمقراطي او الشورى, او بيعة اهل الحل والعقد, وحتى الان فإن الدستور اليمني المعدل عن دستور دولة الوحدة, يعطي الصلاحيات الواسعة لرئيس البلاد, وهي صلاحيات لاتوازي الصلاحيات الممنوحة للبرلمان كسلطة رقابية وتشريعية, بل تفوقها بعشرات المرات ــ حسب الدستور الحالي, فالرئىس يحدد له الدستور اليمني فترتين رئاسيتين مدة كل منهما خمس سنوات, ويتم في كل دورة الانتخاب من قبل الشعب مثله مثل الانتخابات البرلمانية وبطريقة التنافس, والانتخاب الحر والمباشر, والحقيقة ان المشكلة لا تكمن في النصوص الدستورية, ولا في اعادة انتخاب الرئيس علي عبد الله صالح لفترة ثانية (تنتهي الفترة الاولى في يوليو 1999م) فتلك مسألة محسومة سلفا باجماع قيادات الاحزاب المعارضة اليمنية, وبشهادة واقع الحال في الدول النامية, والعربية والاسلامية تحديدا, ولايبدو الحديث والاهتمام المبكر بانتخابات الرئاسة في اليمن مقتصرا على شخص المرشح للرئاسة, ولا في الرعاية الانتخابية والاجراءات القانونية ـ الغائبة حتى الان, فالقضية ابعد من ذلك بكثير. جوهر الاهتمام بالانتخابات الرئاسية يتلخص في ثلاث حقائق: هي استحقاقات مرحلة الدولة الوحدة اليمنية, وللوحدة الاندماجية بالاساس, البقاء او التفكك, صحيح ان العودة الى الوراء عملية مستحيلة لكن الصحيح ايضا ان السير قدما والى الامام عملية مطلوبة واكثر الحاحا وبالاجماع, اما حقائق الاستحقاقات فهي. الاولى: (التزامات اليمن الى الامم المتحدة في رسالة الحكومة الى الامين العام للأمم المتحدة عقب انتهاء الحرب اليمنية صيف 94, والتي جاء فيها تأكيد التزام الجمهورية اليمنية بتوسيع المشاركة الشعبية باجراء انتخابات الحكم المحلي, واجراء الانتخابات الرئاسية, والان وقد مضت اربع سنوات من هذا الالتزام لم تتحقق انتخابات الحكم المحلي, وهو مأزق حمل معه طيلة اربع سنوات ثلاثة تلويحات بفتح الملف في الامم المتحدة, ولا علاقة بين الانتخابات الرئاسية والمحلية.. الا من حيث ترحيل القضايا في اليمن, بحيث تولدت التراكمات الى الجمع بينهما في آن واحد. الثانية: الجانب التشريعي والقانوني في الالتزامات امام الامم المتحدة, فقانون الحكم المحلي لم يقر بعد, وفيه الكثير من الخلافات بين القوى والاحزاب السياسية اليمنية, والقانون للادارة المحلية (السلطة المحلية) الذي أقره مجلس الوزراء قبل اسبوعين, لم يدرج في جدول اعمال البرلمان اليمني, وقد يعاد في التعديل, يزيد من ذلك ان قانون الانتخابات خضع للتعديل, ولا توجد اي اسس حتى الان, قانونية, لاجراء الانتخابات الرئاسية او المحلية, بما في ذلك اللوائح, والدليل الاعلامي, وهيكل اللجنة العليا للانتخابات, يزيد من ذلك مانشب من خلافات حادة بين المعهد الديمقراطي الامريكي واللجنة العليا للانتخابات, وبين لجنة الانتخابات ايضا واللجنة المفوضية للانتخابات في امريكا والامم المتحدة, تمخض عنها( الخلافات) استدعاء السفير اليمني بالولايات المتحدة الامريكية, وتحفظ حول قوام اعضاء اللجنة العليا للانتخابات, ويبدو الحراك في هذا الخلاف قد تفاقم, ولم تفلح زيارة رئىس اللجنة العليا للانتخابات عبد الله بركات الى امريكا, في تسوية القضايا الخلافية. الثالثة: ان الجانب المذهبي والطائفي والمناطقي في اليمن هي عوامل لا مفر من التعامل معها في استحقاقات بناء دولة الوحدة اليمنية, ومن المؤكد قطعا ان الانتخابات الرئاسية, والانتخابات المحلية هما اهم العوامل المحركة لهذه العصبيات, وتبدو معها صلاحيات الرئيس حسب الدستور غير مستقيمة في ظل غياب الحكم المحلي واسع الصلاحيات, يزيد من ذلك ان الانتخابات الرئاسية في حالة اجرائها, قبل الحكم المحلي, ستواجه بعاملين اساسيين, الاول: اثارة النزعة المذهبية, فالمذهب الزيدي يرى ضرورة ولايته على البلاد, يستقوي في القبيلة, والثاني: عدم امكانية تصديق اي نتيجة للانتخابات الرئاسية بالنظر الى الاغلبية العددية التي تطالب بالحاح بالحكم المحلي واسع الصلاحيات. ان الثلاث استحقاقات للوحدة اليمنية المتزامنة مع الحديث عن الانتخابات الرئاسية, لاينبغي النظر اليها بعيدا عن جملة القضايا والمشاكل الداخلية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, وهي بمجملها لا تفضي الى نتيجة ازالة آثار الحرب صيف 94, بل والى المصالحة الوطنية وبناء الدولة اليمنية الحديثة, في زمن لا مكان فيه للمغفلين.

Email