المارينز في سقطرى وصحف اليمن تتبادل الاتهامات: الخارطة الاستراتيجية في البحر الاحمر عرضة للتغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثيرت في الآونة الاخيرة قضية منح اليمن لتسهيلات عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في جزيرة (سقطرى) وبعض المناطق اليمنية الاخرى, ونفت وزارة الدفاع اليمنية على استحياء الانباء الصحفية التي اوردت ذلك, ولم تقدم الصحف اليمنية المعارضة منها الوحدوي (ناصريه) والثوري (اشتراكية) و(الامة) ــ شيعية, حيلة الرد وتأكيد الانباء من خلال وقائع دون ايراد اي وثائق, وفيما تسارعت الزيارات العسكرية المتبادلة بين اليمن وامريكا, وتكثفت والمعارضة بالنقل الخبري دون احداث اي تأثير على الرأي العام المحلي ولم تطرح القضية على طاولة البحث عند الاحزاب الحاكمة والمحكومة لانشغال الجميع بملفات الماضي وصراعات الحرب الباردة التي لم تنته في اليمن, وقد دشنت حملة التسهيلات العسكرية لامريكا بتحذير شديد اللهجة وجهه عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس شورى الاصلاح في القصر الرئاسي بصنعاء امام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وممثلي الاحزاب والفعاليات السياسية والقبلية في منتصف شهر رمضان الماضي (يناير 98) من مغبة منح تسهيلات عسكرية في جزيرة سقطرى (اكبر جزيرة عربية), ومن احتلالها, وابدى تخوفه من ان تلحق بجزيرة حنيش الكبرى, وعاضده في هذا التحرير جار الله عمر (اشتراكي) وبقية الاحزاب, حينها كانت الاخبار قد نقلت محاولة احتلال جزيرة (عبدالكوري) التي تدخل في نطاق ارخبيل سقطرى, لكن تحالف الاشتراكي والزنداني بالتحذير من احتلال الجزر لم يصمد لحظات وسرعان ما تحول الى مراشقات واتهامات حول جدوى وشرعية التسهيلات السياحية, الاشتراكي يرى فيها اساس للاستثمار, والزنداني يرى فيها اباحية للكاسيات العاريات, لم يمض وقت طويل حتى اعلن في صنعاء عن زيارة رسمية لقائد الاسطول الامريكي الخامس, والتقى الرئيس اليمني, بعد ان اعلن الرئيس صالح (سقطرى) منطقة حرة, ثم قام بزيارة لجزيرة سقطرى رافقة قائد الاسطول الخامس توماس مارجو, ولم يعلن رسمياً عن مرافقته للرئيس واكتفى الاعلام الرسمي بايراد وقائع جولة الرئيس صالح في الجزيرة, واعلانه تخصيص مبلغ عشرة مليارات ريال يمني لاصلاحات وبناء منشآت أساسية, وشكك رجال اقتصاد بصحة مصدر هذا المبلغ الذي لم يدرج في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 98, ونشرت صحيفة (الوحدوي) خبر الرغبة الامريكية في ايجاد قاعدة عسكرية في سقطرى, واكتفت صحيفة 26 سبتمبر باستنكار الخبر دون نفيه, وقالت صحيفة (الامة) ان عدداً من الخبراء الامريكيين, زاروا الجزيرة في منتصف فبراير 98 واجروا مسوحات عليها واكدت ما ذهبت اليه (الوحدوي) . وفي 19 مارس 98 اعلن عن قيام مناورة عسكرية مشتركة لقوات النصر اليمنية في المنطقة الغربية الساحلية تشاركها كتيبة من الاسطول الخامس الامريكي, وتراجع الاعلام الرسمي بعد اسبوع من اعلان الخبر بانها مناورة عسكرية واطلق عليها تدريبات مشتركة, لكن المؤكد ان الكتيبة العسكرية الامريكية لم تغادر البلاد, وما زالت في منطقة (الخوخة) الساحلية. وقالت صحيفة الوحدوي نقلاً عن مصادر موثوقة ومطلعة انها تستعد للذهاب الى سقطرى والبقاء هناك, وزاد من تأكيد صحة الخبر ما نشرته صحيفة (الصحوة) لسان حال حزب الاصلاح وهي اكثر الصحف دقة ومصداقية بمثل هذه الاخبار, واكدت ان هناك تنسيقاً يمنياً امريكياً لتحويل سقطرى الى منطقة عسكرية, ثم زار قائد الاسطول الامريكي الخامس اليمني, واعلن عن استثمارات مصرية فرنسية في الجزيرة, ولم تتأكد صحة ذلك, واستمرت صحيفة 26 سبتمبر في نقل اخبار اللقاءات العسكرية وتبادل الزيارات, واعلنت بتاريخ 30 ابريل الماضي ان الجنرال انطوني زيني قائد القوات الامريكية سيصل الى صنعاء في زيارة رسمية في 24 مايو الجاري, وهو الموعد الذي يأتي بعد يومين من اعلان قرار التحكيم بشأن النزاع اليمني الارتيري حول حنيش المقرر اعلانه في 22 مايو الجاري ــ حسب مصادر رسمية ــ وقالت صحيفة (الأمة) ان هناك لقاء قمة يمنية ارتيرية قبيل اعلان قرار التحكيم.. وأوردت صحف المعارضة ان قائد القوات البريطانية وثمانية خبراء عسكريين قاموا بزيارة غير معلنة لمدينة (الحديدة) والجزر اليمنية المجاورة في البحر الاحمر.. في منتصف ابريل الماضي (16 منه). ردود الفعل وفيما اشتدت التحركات العسكرية والاستعراضات في المنطقة مطلع مايو الجاري في المناطق الساحلية المطلة على الجزر وتوافد زيارات عسكرية, خفت حدة ردود الفعل الصحافية وفي المساجد فما كتبته صحف احزاب المعارضة لم تترجمه تيارات الاحزاب بلقاءات مؤسسية ومواقف واضحة للاحزاب يستوي في ذلك احزاب الاشتراكي, والوحدوي والحق, اما الاصلاح وهو اكثر الاحزاب تشدداً تجاه مثل هذه القضايا فاكتفى بحملة عنيفة خلال جولة لا تزال مستمرة في المساجد عند الظهيرة والمساء يندد فيها بالسلطة وسماحها باحتلال امريكي لجزيرة سقطرى وجزر يمنية اخرى, وانتقل من خطاب التنبيه الى الجزم في ذلك, لكن الموقف لم ينتقل الى مشروع مؤسسي واضح يتبناه حزب الاصلاح, ففي دورة مجلس شورى حزب الاصلاح الذي يرأسه عبدالمجيد الزنداني, توقفت الدورة أمام هذه القضية لكنها اكتفت بالخروج بتوصية في البيان الختامي الصادر عن الدورة, توصي الدورة الهيئة العليا للاصلاح بتقصي الحقائق حول تسهيلات عسكرية منحتها الدولة في جزيرة سقطرى وجزر يمنية اخرى لدولة اجنبية, وفسر مراقبون هذه التوصية بحدوث خلافات وانقسامات داخل حزب الاصلاح حول هذه القضية, فالزنداني رئيس المجلس واصل حملته وتأكيده على صحة منح التسهيلات والتواجد, وصحيفة الصحوة تؤكد ذلك في وقت لم يتخذ حزب الاصلاح الموقف الواضح تجاهها, وامتد الخلاف الى خارج حزب الاصلاح فعلماء وفقهاء وقيادات احزاب تتهم الزنداني باثارة الفتنة بين العباد, وهو في موقف يؤهله للقرار, وذهب خبراء اقتصاد مطلعون الى ان موقف عبدالمجيد الزنداني من الجزر والبحر له مصالح خاصة لا ترتقي الى الموقف من قضية وطنية سيادية فهو رئيس شركة الاستثمارات للاحياء البحرية وهي من اكبر الشركات الناشئة في اليمن, وموقفه من الجزر وما يجري في البحر ازداد حدة بعد الاجتماع السنوي لمجلس ادارة الشركة الذي انعقد في عدن فبراير 98 الماضي. وعلى صعيد ردود الفعل ايضاً كشفت مصادر وثيقة الصلة والاطلاع لـ (البيان) عن تقرير اعدته لجنة متخصصة يمنية حول خبراء الشركات الفرنسية الالمانية التي تقوم بعمليات المسح في جزيرة سقطرى, وقدمت تقريرها قبل سفر الخبراء وعددهم اكثر من 70 خبيراً, كشف التقرير ان الخبراء هم انفسهم الذين اجروا مسوحات ميدانية في جزيرة حنيش الكبرى وخرجوا منها قبل احتلالها من قبل ارتيريا, وان الشركة التي عملت تحت اسمها في حنيش هي غير الشركة التي تقدمت للتعاقد باجراء المسح في سقطرى تغيرت هوية واسم الشركة ولم يتغير الاشخاص (الخبراء) .. وهذا التقرير رغم ما اورده من حقائق ورفعته اللجنة الى السلطات العليا لم يلتفت اليه. الارهاب والمارينز يؤكد خبراء ومراقبون ان متغيرات في خارطة ما اصطلح عليه امريكياً (حراس الخليج) ستشهدها الفترة القليلة المقبلة وان معادلات في المصالح للسيطرة على جزر ومنافذ في البحر الاحمر ستدخل حيز التنفيذ عقب اعلان قرار المحكمة الدولية بشأن ارخبيل حنيش وما سيليها من عمليات تعيين للحدود البحرية اليمنية ــ السعودية ــ الارتيرية, والمصالح والاساطيل الغربية الامريكية في المنطقة, ويعير خبراء الاهتمام الامريكي المكثف في الآونة الاخيرة الى الانتباه الامريكي لاهمية منطقة القرن الافريقي, ولا يستبعد مراقبون العلاقة الوطيدة لهذا الاهتمام ايضاً بما يترتب على المواقف عقب ازمة المفتشين في العراق التي اسدلت الفصل الاول منها بتوقيع الاتفاق مع الامين العام للامم المتحدة. والى كل ذلك تعيد (البيان) الى الاذهان ان اول عملية ارهاب في اليمن بعد قيام الجمهورية اليمنية في مايو 1990 كانت احتجاجاً على وصول القوات الامريكية الى مدينة عدن اثناء التدخل الامريكي في الصومال.. وتمت العملية في 27/12/1991م بعدة انفجارات في فندق عدن (جولد مور) حيث كانت ستحتفل القوات الامريكية بعيد رأس السنة الميلادية, وادت الانفجارات الى وفاة ثلاثة اشخاص اثنين منهم اجانب, كما ادت الى جرح واصابة جمال الهندي احد قادة الجناح العسكري لمنظمة الجهاد اليمنية ــ حسب الصحف ــ ومنذ ذاك الحين شهدت اليمن متغيرات ولم تكن الجزر في البحر الاحمر غائبة من سيناريوهات متغيرات الخارطة في المنطقة والملاحة في البحر الاحمر, اما في اليمن فقد كانت الجزر هي الاكثر غيابا من اجندة وحسابات الاحزاب والقوى اليمنية لانهماكها في صراعات داخلية, اما مجلس النواب اليمني فقد طالب الكثير من اعضائه خلال الازمة السياسية قبل حرب صيف 94 بنقل القيادة السياسية الى جزيرة سقطرى حيث الشجرة النادرة في العالم (دم الاخوين) اما اليوم وفي 4 مايو الجاري فقد زار عدد من كبار الشخصيات منهم ساسة واعضاء برلمان, وصحفيين, الفرقاطة العسكرية الامريكية التي زارت عدن, وخلال جولة في ممراتها وحوار مع قائدها سأل بعض الصحفيين قائدها عن فحوى الاتفاقات اليمنية ــ الامريكية لعلهم يجدون لديه الصدق والخبر اليقين لكنه تحفظ عن الاجابة, وتدخل المستشار الثقافي بالسفارة الامريكية بصنعاء قائلاً.. لا توجد قواعد عسكرية امريكية في اليمن لكن هناك تعاوناً عسكرياً مشتركاً.. واحجم بعض اعضاء البرلمان من تقديم مذكرة يطالبون فيها بمناقشة قضية التسهيلات, ولم تكشف الاسباب بعد.., والى كل ذلك وحتى الغد القريب تبدو الجزر اليمنية والجزر في البحر الاحمر تراوح بين خيارات سيناريو القرن الحادي والعشرين والقرن الافريقي.. صنعاء ـ عبدالله سعد

Email