الجميع أدلوا بدلوهم لحل النزاع ونميري وحده حقق نجاحا: حصر شامل لـتركة المبادرات والمفاوضات بين الشمال والجنوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ انفجارها قبل سنوات طويلة, كانت قضية الجنوب محورا لمفاوضات او مبادرات لا حصر لها بهدف احتواء هذا الجرح النازف منذ زمان فيما الجسد السوداني مثخن اصلا بالجراح . وهكذا (توالدت) مبادرات تلو المبادرات ومفاوضات اثر المفاوضات, ضاربة ارقاما قياسية في اعدادها وفي مراوحتها حول نفسها ان لم يكن حول دائرة مفرغة. هنا محاولة لـ (حصر) هذه المبادرات والمفاوضات وجرد حسابات نجاحها القليل وفشلها الظاهر. أولى المبادرات كانت اول مبادرة معروفة قام بها رئيس سوداني لحل مشكلة الجنوب, هي تلك التي قام بها الرئيس اسماعيل الازهري الى جوبا عقب حدوث اول تمرد للضباط والجنود الجنوبيين في منطقة توريت عام 1955 واقترح الازهري على المتمردين عقد مفاوضات وان يصل الى توريت حاملا علما ابيض وبالفعل انتهى التمرد وتم اعتقال البعض ومحاكمتهم, بعدها دخلت مشكلة الجنوب اجندة عسكر ـ ديمقراطية, عندما استولى جنرالات الجيش على السلطة برئاسة الفريق عبود عام 1958 وكان في مقدمة برنامجهم حل مشكلة الجنوب ولكن بسياسة (الارض المحروقة) مما ضاعف من حجم المشكلة وكان ذلك سببا في اسقاط النظام عندما استغلت الاحزاب ندوة خاصة بقضية الجنوب عقدها طلاب جامعة الخرطوم وانتهت بثورة اكتوبر 1964 بعدها عادت القضية الى مائدة المفاوضات من خلال مؤتمر المائدة المستديرة الذي شارك فيه الى جانب ممثلين لكل الاحزاب قادة التمرد ومنهم وليم دينق وأفري جادين ولكن المكايدات السياسية ادت الى اغتيال دينق عندما كان في وزارة للجنوب بينما قاد زميله جادين التمرد بضراوة ضد الحكومة وعلى الاثر استولى الجنرال جعفر نميري على السلطة عام 1969 وانعقدت اول مفاوضات جادة بين الشماليين والجنوبيين تمخضت العام 1972 عن اتفاقية (اديس ابابا) التي رعاها هيلا سلاسي امبراطور اثيوبيا وقضت بأن يكون الجنوب اقليما واحدا وساد السلام جنوب السودان الى ان عاد نميري عام 1982 وقرر تقسيم الجنوب الى ثلاثة اقاليم لارضاء بعض الزعماء الجنوبيين وقبائلهم مما ادى الى تفجير التمرد مجددا عام 1983 بقيادة جون قرنق. واذا كان هذا باختصار تاريخ المشكلة فإن المبادرات لحلها بعد ذلك تجاوزت اعداد اليدين والقدمين ومنها مبادرتان قام بهما الدكتور دفع الله الجزولي رئيس وزراء حكومة المشير سوار الذهب الانتقالية واللواء عثمان عبدالله وزير دفاعه وبعدها مبادرات الحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدي وهي اربع مبادرات احداها حكومية والثانية عبر تجمع الاحزاب والنقابات الذي اطاح بنظام نميري والثالثة بواسطة مجلس الرحمة السوداني الذي يضم قيادات دينية اسلامية ومسيحية ويترأسه ادريس البنا نائب رئيس مجلس رأس الدولة السابق والمبادرة الرابعة تقدمت بها حكومة المهدي عام 1988 بواسطة الرئيس الاثيوبي منجستو هايلاماريام. البحث عن حل اما الاحزاب السودانية فانها وبلا استثناء تقدمت بمبادرات واجرت اتصالاتات مع المتمردين, حيث ارسلت احزاب الامة بزعامة الصادق المهدي والاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني والحزب الشيوعي والجبهة الاسلامية بزعامة الدكتور الترابي بوفود الى قيادة التمرد بحثا عن حل لا يأتي, كما ان زعماء سياسيين سودانيين وعالميين ورؤساء دول كانت لهم مبادرات وما زالت وهم جوزيف لافو اول رئيس حاكم للجنوب في عهد نميري بعد توحيد الاقليم والسفير المتجول حاليا بوزارة الخارجية ومبادرة وفد القساوسة المسيحيين ومن الرؤساء الجنرال اوباسانجو رئيس نيجيريا والاوغندي موسيفيني والرئيس الجنوب افريقي نيلسون مانديلا والامريكي الاسبق جيمي كارتر ودخلت الدول والتجمعات الاقليمية على خط المبادرات وفي دول (الايجاد) (كينيا ــ اثيوبيا ـ اوغندا ــ اريتريا) , كما اطلقت المانيا وايطاليا ومصر مبادرات وساطة من جهتها ونشير الى ان الحكومة الحالية لها عدة مبادرات بدأها العقيد وقتها محمد الامين خليفة عضو مجلس قيادة الثورة باجتماع مع حركة التمرد باديس ابابا في اغسطس 1989 بعد اقل من شهرين من استيلاء العسكريين على السلطة بتأييد من الجبهة الاسلامية. ولابد من الاشارة الى المفاوضات الاخرى التي انعقدت والاجتماعات التي تمت والاتصالات وموائد النقاش التي جرت مع المتمردين ومنها اجتماع قادة الجيش السوداني في نوفمبر 1987 مع قادة التمرد في لندن, واللقاء الذي تم بين وفد شعبي سوداني وحركة التمرد في هراري عام 1988 واجتماع وفد المجتمع مع الحركة في فبراير 1986 بفندق (امبو) باديس ابابا وكذلك اجتماع كوكادام واجتماعات فرانكفورت بين الحكومة والمتمردين قبل عامين. مبادرتا الحكومة الانتقالية اطلق اللواء عثمان عبدالله وزير دفاع حكومة المشير سوار الذهب الانتقالية تصريحا مدويا قال فيه ان قرنق لا يقاتل كمتمرد او انفصالي دائما وانما يسعى لتحقيق الوحدة الوطنية ومصلحة وامن السودان وكان ذلك في 23/5/1985 بعد شهر من انتفاضة ابريل التي اطاحت بنظام نميري. بعدها اعلن الدكتور الجزولي دفع الله رئيس وزراء الحكومة الانتقالية مبادرته بتاريخ 1/6/85 واشتملت على الاقرار بان حركة التمرد ادت دورها في اسقاط نظام نميري وان مكانها الطبيعي هو بين قوى الانتفاضة لتشارك وتحتل موقعها في الحوار الوطني, وان ميثاق الانتفاضة الذي تلتزم به الحكومة يذكر ان قضية الجنوب يجب ان تعالج في اطار (حكم ذاتي اقليمي) يقوم على اسس ديمقراطية بموجب صلاحيات محددة تحقق المشاركة الحقيقية لكافة القوى السياسية الممثلة للجنوب والتزام جميع الاطراف باتفاق اديس ابابا كأساس لادارة شؤون الجنوب في الوقت الراهن, والاعتراف بالخصائص الثقافية للجنوب وبذل الجهود للارتقاء به واذا تم الاتفاق على الجوانب الاخرى لقضية الجنوب فان القوانين الاسلامية لن تسبب حاجزا في طريق الحل, توجيه النداء لحركة التمرد للدخول في هدنة تمكن الحكومة من اغاثة المتضررين من الحرب مع الوعد بان لا تحمل وسائل النقل سوى مواد اغاثة, وان السودان هو المكان الطبيعي للتفاوض والحوار الا ان الحكومة لا تمانع في اللقاء بحركة التمرد في اي مكان آخر. ولدعم المبادرتين صدر البيان السياسي التمهيدي حول المؤتمر القومي لمسألة الجنوب 25 اغسطس 1985م وجاء فيه: ـ تأكيد العمل بقانون العفو الشامل لمن حملوا السلاح والعمل على اعادة توطينهم. ـ تأكيد قرار وقف اطلاق النار من جانب القوات المسلحة. ـ ان مسألة الجنوب لا ينبغي تناولها الا في اطار القضية الاشمل وهي قضية تأكيد الوحدة الوطنية في ظل التنوع. ـ الالتزام القومي بانتهاج سياسة تنموية مبرمجة تهدف للقضاء على النمو غير المتكافىء لاقاليم البلاد المختلفة وعدالة توزيع الثروة القومية. ـ تجاوز الاطر التي طرحت بها المشكلة في الماضي بانها مشكلة الجنوب وانما اصبحت جزءا لا يتجزأ من قضايا طبيعة الدولة وتوجهها ومستقبل الحكم فيها. ـ الالتزام بما يتوصل اليه الاتفاق من خلال الحوار الوطني حول صيغة الحكم الذاتي الاقليمي وتقنين ذلك في الدستور الدائم للبلاد. مراجعة بعض تشريعات سبتمبر 1983 وازالة كل جزء فيها يفرق بين المواطنين. كما اصدرت الحكومة الانتقالية بعد ذلك ملامح عامة لسياستها بشأن السلام بان مسألة الجنوب ستعالج في اطار قومي بانها اصبحت تتعلق بطبيعة الدولة وشكل الحكم, وفي ذلك تطور عما جاء في ميثاق الانتفاضة الذي قرر معالجتها في اطار حكم ذاتي اقليمي, كما اكد الاصرار على السير في طريق الحل السلمي وضرورة الحوار كاسلوب ديمقراطي واحتواء مبادرات الفترة الانتقالية على خطوات اجرائية محددة للوصول للسلام وللعفو الشامل ـ وقف اطلاق النار... الخ. الحكومة المنتخبة تعهد الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب امام البرلمان في يونيو عام 1986 بالسعي نحو حل سلمي لقضية الجنوب وعقد المؤتمر القومي الدستوري, والوعد بالغاء قوانين سبتمبر ,1983 ودفع حالة الطوارىء بالتزامن مع وقف اطلاق النار, ودعم القوات المسلحة لحماية امن المواطنين واعادة تأهيل وبناء المرافق العامة التي اقعدتها الحرب. كما قام الصادق المهدي في 30 يوليو 1986 بعقد لقاء مع حركة التمرد اثناء تواجده في اديس ابابا لحضور مؤتمر القمة الافريقي حيث التقى بوصفه رئيس حزب الامة القومي بجون قرنق واستعرض في ذلك الاجتماع المستجدات السياسية وازالة المفارقات بين التجمع والذي لا يشمل كل الاحزاب المشتركة في الحكومة وبخاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي وبين حكومة تريد ان تشرك الجميع حتى اولئك الذين يقفون خارج نطاقها في هذا الجهد. وتوالت بعد ذلك مبادرات الحكومة عبر التجمع من خلال الرسائل الشفهية من رئيس الوزراء التي حملها د. تيسير محمد علي, وتم التوصل الى: ـ ان يلتزم الطرفان بالعمل الجاد لفك الجمود في الحوار. ـ ان يلتزم الطرفان بالحد من الهجوم الاعلامي. ـ ان يحدد الطرفان التزامهما بمقررات اعلان كوكادام. ـ ان يلتزم الطرفان بالحديث عن الاهداف المشتركة مثل السودان الموحد, القرار السوداني الحر, ضرورة السلام وضرورة عقد المؤتمر الدستوري, مبادرة 6 ابريل 87 واهم ما جاء في مبادرة 6 ابريل التي ايدتها الاحزاب باستثناء الجبهة الاسلامية: ـ الدعوة لوقف اطلاق النار لمدة اسبوعين والالتزام بضوابط معينة في هذا الاتفاق. ـ اقرار ان اتفاق كوكادام يصلح كاساس للتحضير للمؤتمر القومي الدستوري. ـ عقد اجتماع فني مفوض عقب الاجتماع السياسي المذكور للاتفاق على ترتيبات وقف اطلاق النار. ـ عقد اجتماع سياسي مفوض فوري لمناقشة توقيت وتكوين اجندة المؤتمر الدستوري. ـ على ضوء ترتيبات وقف اطلاق النار يتفق على خطة عاجلة للاغاثة تشمل كل المناطق المتأثرة بالعمليات العسكرية. ـ الترحيب بعقد تلك الاجتماعات في اي مكان في ارض السودان او في اي بلد محايد. مجلس الرحمة في اوائل يناير 1988 تم تشكيل لجنة السلام الاسلامية المسيحية من القادة الدينيين السودانيين بهدف تنشيط مساعي السلام ومن داخل هذه اللجنة تم تكوين مجلس الرحمة السوداني لتقديم المساعدات الانسانية والاغاثة للمتضررين في مناطق الحرب في الجنوب وارسل المجلس وفدا منه لاديس ابابا للقاء بقادة التمرد والاتفاق على اجراءات توصيل الاغاثة للمنكوبين في الجنوب وتأييد هذه الاجراءات الا ان مساعي المجلس لم تكلل بالنجاح لتصلب حركة التمرد في موقفها ومطلبها بتسلم مواد الاغاثة وتوزيعها بنفسها. لجنة كل الاحزاب: عقب توقيع ميثاق السودان الانتقالي في يناير 1988 تشكلت من الاحزاب الموقعة على الميثاق لجنة عرفت بلجنة كل الاحزاب للسير قدما في جهود السلام وشكلت هذه اللجنة لجنة تسيير برئاسة د. باسفيكو لادو لوليك عضو مجلس رأس الدولة واعدت هذه اللجنة العدة للقاء بقادة التمرد للتمهيد لعقد مفاوضات السلام الا ان حل الحكومة الائتلافية وتشكيل حكومة الوفاق بادخال الجبهة الاسلامية الحكومة جمد نشاط هذه اللجنة كليا. مبادرة السلام لسنة 88: تقدمت الحكومة بمبادرة سلام جديدة في عام 1988 وقد ارسلت بواسطة الرئيس الاثيوبي السابق هايلي مريام وتضمنت المبادرة النقاط التالية: اولا: عقد اجتماع تمهيدي لمناقشة ترتيبات وقف اطلاق النار, وتنشيط عمليات الاغاثة للمناطق المتأثرة وموعد ومكان واجندة المؤتمر القومي الدستوري. ثانيا: فيما يتعلق بالمؤتمر القومي الدستوري تقترح المبادرة: عقد المؤتمر الدستوري باسرع فرصة ممكنة وعقد المؤتمر في الخرطوم وان تشارك في المؤتمر كل من الحكومة, الاحزاب السودانية وحركة التمرد ومراقبين من الدول المجاورة, وان تتضمن اجندة المؤتمر الموضوعات الاتية: طبيعة الدولة اقليمية ام فدرالية, ثم موضوع الدين والسياسة والهوية العربية الافريقية وتوزيع الثروة والتنمية العادلة والمشاركة في السلطة في الاطار الديمقراطي وان تشكل قرارات المؤتمر ميثاق الشعب السوداني وان تكون الاساس لصيانة الدستور الدائم للبلاد. ثالثا: في حالة نجاح المؤتمر تتخذ الترتيبات التالية: اعلان العفو العام لاتمام عمليات التعويض والاصلاح, وضع صيغة لمشاركة حركة التمرد في الحكومة, وضع برنامج لتعويض اللاجئين السودانيين, وضع برنامج لاعادة توطين المواطنين النازحين, وضع خطة طموحة لاعادة تأهيل وتنمية المناطق المتأثرة بالحرب. واهم سمات هذه المبادرات: انها امتداد لخط الدولة الذي بدأ يتجدد منذ الانتفاضة والداعي للحوار والسلام ونبذ العنف العسكري وتبني الحل السلمي الديمقراطي, وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية بترك الباب مفتوحا امام الاحزاب والمنظمات والافراد للاتصال بحركة التمرد. مبادرات التجمع الوطني في الفترة الانتقالية صدرت عن التجمع الوطني مجموعة مبادرات وبيانات ورسائل, منها بيان التجمع 8 ابريل 1985 ويحتوي على مناشدة حركة التمرد باتخاذ موقف ايجابي نحو السلام والحضور الى الخرطوم, وتبعتها مجموعة رسائل لحركة التمرد في الفترة من 16 مايو 1985م الى 26 فبراير 1986 كانت هذه الرسائل للتمهيد للقاء وفد التجمع بحركة التمرد, حيث انعقد الاجتماع في 23 فبراير 86 وتمخض عن: ترحيب حركة التمرد بالتفاوض مع التجمع, الاتفاق على قومية المشكلة وانها ليست مشكلة اقليم معين ومن ثم الاتفاق على حلها عن طريق الحوار الديمقراطي. مبادرات الاحزاب: بعد الانتفاضة قامت الاحزاب السياسية ببلورة وصياغة رؤيتها فيما يخص قضية الجنوب والبحث عن السلام وتقدمت بطرحها في هذا المجال للمواطنين في الداخل ولحركة التمرد في الخارج وكان ذلك اما في شكل بيانات او لقاءات بالحركة عن طريق وفود منفصلة عن هذه الاحزاب ووفود جماعية من عدة احزاب داخل التجمع الوطني. فقد عقد حزب الامة عدة لقاءات مع حركة التمرد من خلال ممثليه في التجمع الوطني وكانت آراؤه ومواقفه من الحركة مطابقة لمواقف التجمع الوطني اذ وقع الحزب على اعلان كوكادام الا ان هذه المواقف طرأ عليها بعض التعديل والتخطيط بعد تولي الحزب رئاسة الحكومة بعد الانتخابات فصارت مواقفه مطابقة بمواقف الحكومة التي استعرضناها سابقا. وتمثلت مبادرات الاتحاد الديمقراطي: في طرح القضية على الاسس نفسها الواردة الذكر في دستور 1968 ومراعاة المستجدات التي ظهرت والمشكلات التي افرزها التطبيق في الفترة السابقة. ولهذا قرر الحزب ان الخطوة الاولى اللازمة لحل المشكلة وعلاج اثارها تتمثل في الوقف الفوري لاطلاق النار ثم الجلوس على مائدة الحوار وللحزب مبادرات تتمثل في لقاء وفده لحركة التمرد في الفترة من 18 ــ 20 اغسطس 1986 وتم الاتفاق في هذا اللقاء على الآتي: مناشدة الاسرة الدولية والمنظمات الانسانية والخيرية لتقديم المساعدات للمتضررين في كافة ارجاء السودان, مناشدة القوى السودانية للتحلي باليقظة وتفويت الفرصة على المتربصين وضرورة لقاء السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي وجون قرنق وضرورة لقاء الوفدين مرة اخرى. اما الجبهة الاسلامية القومية فانها كما قالت بالحل السلمي للمشكلة رأت ان يعقد مؤتمر يشترك فيه الجميع بما فيهم حركة التمرد ولكنها اشترطت لاشتراكها ان تكف عن اعمال العنف والعدوان ثم انها تقدمت برؤية محددة لنظام الحكم في البلاد والذي ترى ان يكون فدراليا ولتوضيح رؤيتها هذه ارسلت الجبهة وفدا منها الى كل من اثيوبيا وكينيا واوغندا وانجلترا حيث اتصلت بمندوبي حركة التمرد وتقدمت لهم بطرحها والذي طرح ايضا على المواطنين والاحزاب السياسية جميعا بالداخل فيما يعرف بميثاق السودان. اما الحزب الشيوعي السودان فقد قرر في مبادرته التي اعلنها في 13 يونيو 1987م الآتي: ـ لا مخرج للسودان من مشاكله الا عبر ترسيخ النظام الديمقراطي والذي يكفل الحوار لكافة الاطراف السودانية. ـ هناك فرصة لاتفاق كافة القوى السياسية بعقد المؤتمر القومي الدستوري والتعجيل بوضع الحلول المناسبة لمشكلات السودان. ــ لابد من تهيئة المناخ لعقد المؤتمر القومي الدستوري وما جاء في اعلان كوكادام يمثل مرتكزا اساسيا لذلك. واقترحوا الخطوات الاتية لوقف اطلاق النار: ـ رفع حالة الطوارىء فورا. ـ حل ما يسمى بالمنظمات الصديقة ووقف تسليح القبائل. ـ فتح طرق المواصلات وتأمينها. ـ تقويم اجهزة الامن في مناطق التماس لمنع الاشتباكات القبلية. كما اقترحوا الاتي لتهيئة المناخ لعقد المؤتمر القومي الدستوري. ـ الغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر وكل الاتفاقيات المشابهة. ـ الغاء قوانين سبتمبر 1983م واعادة العمل بالقوانين التي كانت سائدة قبلها. مبادرة الاحزاب الافريقية وفي سبتمبر 87 قام وفد يمثل الاحزاب الافريقية بزيارة كل من اثيوبيا, اوغندا وكينيا والتقى بحركة التمرد وزعماء تلك الدول... وتمخضت تلك الزيارة عن توقيعها لثلاثة قوانين التزمت فيها بتبني خط حركة التمرد والتوقيع على اعلان كوكادام. ورغم ان رد فعل الحكومة والاحزاب الاخرى نحو هذه الزيارة خاصة اعلان منبر اديس ابابا للسلام كان امتعاضا لان الوفد لم يعكس بصدق مبادرات الحكومة للسلام ووجه الانتقاد لمواقفها نحو السلام مما ترتب عليه عدم تناول هذه المبادرة بالاهتمام الكافي من جانب الحكومة والاحزاب السياسية وكانت من نتائجها: ـ توحيد نظرة الجنوبيين نحو اسباب المشكلة وكيفية حلها مما يزيد من فرصة الوصول لاجتماع سوداني حول القضايا الكبرى. ـ توسيع قاعدة مؤيدي اعلان كوكادام والذي رأت فيه العديد من القوى السياسية الاساس الوحيد للوصول للسلام. ـ اعطاء الاحزاب الجنوبية بعدا حقيقيا داخل المشكلة مما يؤهل ان يؤدي الى تقارب وجهات النظر نحو المؤتمر القومي الدستوري وتوحيد الجبهة الداخلية وهي ارضية لازمة لوحدة الامة وتمكن الدولة من تحقيق اهدافها. ـ تأكيد كل من كينيا ويوغندا مساندتهما لجهود السلام واعادة الاستقرار في السودان. مبادرات الافراد والمنظمات : قام الزعيم الجنوبي جوزيف لاجو بمبادرة تضمنت التالي ــ دعوة الطرفين لانهاء الحرب عن طريق الحوار, وقومية المشكلة. - ان الجنوبيين هم الاكثر تضررا من الحرب فعلى حركة التمرد التي تدعى تمثيلهم الاسراع بانهاء الحرب. - ان الدعوة للاشتراكية التي تتبناها حركة التمرد لاتجد القبول والرضى من السودانيين في الشمال والجنوب لتدينهم. وتقدم بالاقتراح والاجراءات التالية لحل المشكلة. - وقف اطلاق النار من الجانبين. - قيام حكومة قومية تمهيدية. - تعيين ادارة للجنوب بالشكل القائم في تلك الفترة. - اعادة بناء الجيش القومي على اسس نسبية. - ان يكون مجلس رأس الدولة من خمسة اعضاء اثنان منهم من الجنوب. وان تكون رئاسة المجلس دورية. مبادرة الاساقفة المسيحيين في ديسمبر 85 تقدم الاساقفة المسيحيون بمبادرة تنص على الغاء قوانين الشريعة. * مبادرات رؤساء الدول ونتناول في هذه الحلقة مبادرات رؤساء الدول في عام 1987 قبل الحكومة الحالية, حيث تقدم الجنرال اوياسانجو رئيس نيجيريا بمبادرته في اغسطس 87 وتضمنت الآتي. 1- ان الاسباب الرئيسية للصراع تتلخص في علاقة الدين بالدولة والتوازن الاقتصادي والغبن المترتب عليها غياب المساواة في الحقوق السياسية بالاضافة الى الهوية القومية. 2- ان كل القوى السياسية المتصارعة تجمع على ان المؤتمر القومي الدستوري هو المنبر الامثل لايجاد الحلول للمشكلات التي تدور حول الصراع. 3- هناك عدم وضوح في الرؤيا حول بعض القضايا المحيرة والاعتماد على مفاهيم مبنية على اشياء غير مؤكدة. 4- هناك قدر من سوء الفهم لدى الطرفين نتيجة للفجوة في الاتصال بينهما. 5- هناك ازمة مصداقية بين الحكومة والذين خارجها. 6- هناك اختلافات جوهرية في توجهات طرفي النزاع فالنظام السائد في البلاد هو نظام ليبرالي ديمقراطي في حين ان الحركة الشعبية حركة تحررية تتبنى الفكر الاشتراكي ولكل مفاهيمه التي تختلف عن الآخر. 7- هناك اتفاق على الآتي: أ- ضرورة كسر حالة الجمود السائد وتنشيط جهود السلام. ب- ان الحرب لا يمكن لاي من الطرفين كسبها. ج- ان اي انقلاب عسكري لن يقود لحل جذري للمشكلات القومية. د- تكوين لجنة قومية شعبية تضم كل الاطراف السياسية لخلق ارضية مشتركة لعقد المؤتمر الدستوري. وتقدم الجنرال اوبا سانجو ود. فرانسيس دينق بالمقترحات الآتية لكسر حالة الجمود: * ان تقوم اللجنة القومية الشعبية بالآتي: 1- تهيئة المناخ المناسب لعقد المؤتمر القومي الدستوري باعادة جسور الثقة وازالة مخاوف الجماعات الاخرى. 2- ازالة العثرات التي تقف حاجزا في طريق السلام مثل قوانين سبتمبر 1982 والاتفاقات الدفاعية. 3- تحديد اجندة المؤتمر القومي الدستوري. * اجراء تعديلات دستورية وادارية لتحقيق مبدأ الوحدة في ظل التنوع كما تقدم الرئيس الاوغندي موسفيني في عام 1987بمبادرة لازالة الاسباب الجذرية للصراع كما بينها وفد الاحزاب الافريقية والذي التقى به في عنتبي وهي: أ- مسألة الدين ب- المشاركة في السلطة. ج- مسألة القومية. د- التنمية غير المتوازنة. هـ- غياب العدالة الاجتماعية في السودان. الخرطوم ـ يوسف الشنبلي

Email