يستشهدون بانتصار خاتمي على البازار: الاسلاميون بالسودان يوحدون صفوفهم ضد جبهة الترابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد الخرطوم نشاطاً مكثفاً وجهوداً متسارعة الخطى لتوحيد صفوف الحركة الاسلامية بكل مدارسها وتياراتها لمواجهة الجبهة الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي, ومحاولة اعادة هيكلتها . تحت مظلة تنظيم سياسي جديد يحمل اسم (المؤتمر الوطني) كتنظيم يعبر عن سياسات الحكومة. ويعتبر المراقبون المناداة بين الاسلاميين لتوحيد صفوفهم ضد جبهة الترابي كسحب الخريف التي تتجمع فوق سماء السودان لتنذر بعاصفة غضب تهدد جبهة الترابي. وشهد هذا الاسبوع نشاطاً مكثفاً من جانب المناهضين لسياسة الجبهة وأفكار الدكتور الترابي ووثيقة الدستور المطروحة للاستفتاء, وكانت البداية عندما وصل الى الخرطوم قادماً من أمريكا الدكتور جعفر الشيخ ادريس استاذ الفلسفة ومدير المركز الاسلامي بواشنطن وأحد مؤسسي الجبهة الاسلامية, وشرع في عقد ندوات ولقاءات صحفية شدت الانظار وهو ينتقد الدستور بقوله: (ان المسلمين يريدون دستورا لا يفرض عليهم علمانية لأسباب سياسية مهما تعتقدت مشكلة الجنوب, كما انه لم ينص على أن القرآن والسنة هما المصدران الأساسيان الوحيدان للتشريع, بينما اضافت الوثيقة العرف الى جانب الشريعة كما لم تحدد وثيقة الدستور ديانة رئيس الجمهورية) . تقريبا هذه هي الانتقادات الاساسية التي تتجمع حول سحب الخريف الاسلامية, وقد انتقلت الحوارات الاسلامية وكوادرها من الندوات الى عقد اجتماعات مغلقة لمواجهة الجبهة الاسلامية او المؤتمر الوطني بعد اجازة الدستور مهما كانت المقاطعة الشعبية كما دعت لذلك الاحزاب المعارضة والجماعات الاسلامية المحتجة, وكان اكبر تجمع لهذه الجماعات بالمركز العام لانصار السنة بالخرطوم وفي هذا الاسبوع, وبعد ان قدم الدكتور جعفر شيخ ادريس اطروحاته السابقة كما اوردها منذ ايام في ندوة حاشدة بمكتبة الشيخ البشير بأم درمان تحولت الى مهرجان سياسي معارض, اقترح الدكتور الطيب زين العابدين القيادي الذي اعلن اعتزاله للجبهة الاسلامية منذ اسابيع, تكوين حزب اسلامي جديد او تحالف بين الاسلاميين, وذلك بعد ان خفت الصوت الاسلامي كما قال في وثيقة الدستور, وبالرغم من التأييد الواضح لهذه الدعوة, الا ان الشيخ الهدية رئيس جماعة انصار السنة رفض الفكرة الا ان قطاعاً واسعاً من الجماعة وشبابها اكدوا بعد ذلك في خطبهم بمساجد الجماعة وحلقات الدرس انهم يباركون الحزب الجديد, وخاصة تنظيم الجماعة بالخرطوم بحري, الذين طالبوا بفك التحالف مع الحكومة. كما ان جماعة الاخوان المسلمين ومرشدها الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد ومساعده الدكتور الحبر يوسف نور الدائم شاركوا بفعالية في الحملة ضد توجهات الجبهة الاسلامية والدستور, واصدرت الجماعة بيانا اثار ردود فعل واسعة في كل الأوساط لانتقاده بعنف وثيقة الدستور, وقال البيان (انه كان على الدولة ان ترفع شعاراتها في وثائقها المعتمدة وتحدد طبيعتها وهويتها ولا تستحي من ذلك) , وكما طالب احد قادة انصار السنة في مهرجان المركز العام الحكومة بأن تتعاون مع حزبي الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني والأمة بزعامة المهدي. ودعا بيان جماعة الاخوان المسلمين الى ذلك ايضاً, مما يعطي انطباعاً بأن الامر مخطط له ومتفق عليه في اجتماعات غير تنظيمية جماهيرية, او انه تهديد مبطن للجبهة الاسلامية بامكانية توسيع تحالف الاسلاميين بأحزاب الاغلبية التي لها قاعدة اسلامية عريضة. ولكن من الواضح فان مثل هذا التحالف او اقامة حزب اسلامي عريض تواجهه العديد من المستعصيات, مثلاً من رأي الهادي محمد الامين القيادي في جماعة انصار السنة, انهم قادرون وحدهم على تأسيس حزب اسلامي يلبي تطلعات الجماهير استناداً الى نجاح كبير حققته الجماعة في الجامعات ومن خلال مساجدها المنتشرة في الاحياء والمدن, وقال ان تجربة انصار السنة في التحالفات خاصة مع الاحزاب مريرة وغير سارة, وفيما يبدو انه محاولة لفتح الطريق واسعاً امام الجماعة قال الهادي الامين انها في السنوات الاخيرة انفكت من الجمود والتحجر وبدأت مواكبة العصر والتكيف مع علومه. كما ان المجموعة الرئيسية المنشقة عن الاخوان المسلمين, وهي بقيادة سليمان ابو نارو مثقف حجر عثره أمام الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد اذا تحالف مع الآخرين او الاحزاب, فقد وصف الشيخ ابونارو الدعوة للوفاق مع غير المسلمين بانها نفاق وتدليس اذا جاءت من قبل الحكومة كما قرر الدستور او من المعارضين, وقال ان الديمقراطية تدعو الى الحزبية, التي يمكن ان تقود الى انشاء حزب الفراشة (اي العاهرات) . كما حدث في ايطاليا, وتاريخ المسلمين يقول ان هناك حزباً واحداً فقط وهو حزب الله, ولهذا لا يستقيم ان يلتقي المسلمون والنصارى في المؤتمر الوطني كما يريد الدكتور الترابي. ويرفض اسحق فضل الله احد كوادر جبهة الترابي هذه الانتقادات ويقول ان جعفر شيخ ادريس وجماعته يصفون الدستور بأنه غير اسلامي لانه اعطى الجنوبيين وضعهم الخاص بهم (بينما الخلفاء الراشدون كانوا يحكمون منطقة ما بين مصر وخراسان.. تسعة اعشار الناس فيها غير مسلمين) . اما الدكتور حسن مكي من قيادة الجبهة الذين ينادون بالتعددية فانه يكرر في ندواته ان الرئيس الايراني (خاتمي) جاء رغم قوة (البازار) في اشارة الى القوة الاقتصادية التي اكتسبتها الجبهة الاسلامية في سنوات الحكم. الخرطوم ـ يوسف الشنبلي

Email