نافذة: مصير الصحراء الغربية: بقلم - سعيد السبكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلق كوفي عنان تحذيرات إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو المستقلة من مغبة الانتظار الذي طال وحثهما على سرعة تنظيم اجراءات عمل الاستفتاء العام حول الصحراء الغربية مؤكدا ان عدم حدوث ذلك يهدد بعثة السلام التابعة للأمم المتحدة بالفشل ويدفعها إلى اعادة النظر في مهمتها, حيث ان الوضع الآن في الصحراء الغربية يسوده مناخ من الشك حول مستقبل المنطقة . وقد واكبت تحذيرات كوفي عنان تسرب تقرير سري من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الافريقية التابع للاتحاد الأوروبي, والذي أكد ان الجنرالات في الجيش المغربي قد بدأت تسيطر عليهم مشاعر اليأس الأمر الذي بات يهدد بانفجار الوضع هناك بعد 23 سنة من الصبر والامتثال لأوامر النظام الملكي المغربي والذي يأمل في حل مشكلة الصحراء سلميا بالتعاون مع الأمم المتحدة في حين يبدو الوضع على الناحية الأخرى في جماعات البوليساريو أكثر خطورة, الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من حدة الخطر وتفجر الصراعات في أي وقت. وقد أشار التقرير نفسه إلى أن بعض بلدان المنطقة (مشيرا بطرف عين إلى الجزائر) التي تغذي هذا الصراع من خلف الستار, لكنه في الوقت نفسه ألمح إلى أن العناصر الجزائرية التي تغذي الصراع انما هي منفصلة عن الجزائر الدولة... ولم يعلن عن هوية هذه العناصر بالتحديد وعن مآربها الحقيقية المستهدفة من اثارة هذا النزاع وتدعيم دوافعه. تحذيرات عنان وتقرير الاتحاد الأوروبي يكشفان بوضوح عما يعمل في المنطقة من غليان, ففوق قمة الجبل وضعت أعلام تدفعها التيارات الهوائية من كل جانب وتقذفها الصحراء برمالها. وهناك مئات الكيلو مترات من الأسلاك الشائكة والألغام الأرضية التي تفصل بين البوليساريو والقوات المغربية تمثل رمزا للصراع, لكنها علامة قوية في ذاكرة شعوب المغرب العربي - الحرب المنسية - في عام 1975 والتي كان من نتيجتها انفصال جزء من الصحراء, فقد ترك المستعمر الاسباني عند رحيله وضعا فوضويا كان بمثابة الشرر الموقد للصراع, قام بعدها الملك الحسن الثاني بعبور الحدود في جيش مشاة تضمن 350 جنديا وقد أطلق عليه (المارش الأخضر) من أجل المطالبة بالصحراء, أما موريتانيا فقد اتجهت للحدود الجنوبية, في الوقت الذي طالبت جبهة البوليساريو بالاستقلال الذاتي وتنفيذ المستعمر الاسباني لوعوده. وأثبتت التجربة العملية ان موريتانيا لا يمكنها بأي حال من الأحوال ان تكون شريكا لشعب الصحراء الغربية الذي تتسم عاداته بالصرامة والقسوة في تعامله الأمر الذي لم يستطع الموريتانيون التأقلم معه, بينما نجحت المغرب في اختراق شعوب الصحراء الغربية وسيطرت على أكبر أجزاء من الصحراء, في حين انطلق سكان الصحراء للبحث عن مهرب وأماكن أخرى ولم يكن أمامهم سوى أبواب الجزائر التي رفضت استقبالهم حرصا على مستقبل علاقتها مع المملكة المغربية. وفي عام 1992 توقف اطلاق النيران بين المغرب والبوليساريو تحت مراقبة الأمم المتحدة. وفي سبتمبر من العام الماضي قام وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر بدور في وساطة بين الجانبين واستطاع من خلالها التوصل إلى اتفاق مشروط بان تجري في المنطقة استفتاءات, وتحدد لها ان تبدأ في ديسمبر من العام الحالي إذا ما سارت الأمور في وتيرتها المستقرة. وتحذيرات كوفي عنان هذا الاسبوع والتقرير الصادر من الاتحاد الأوروبي يحركان الوضع للنسبة لما يدور في المنطقة لدفع الاستعدادات التي من شأنها انجاح هذه الاستفتاءات التي تتعلق عليها الآمال في انهاء الجانب الأعظم من الأزمة التي طال أمدها, ولكن اجراء هذا الاستفتاء تواجهه معوقات ومشاكل. وقد تم تسجيل 100 ألف مواطن حتى الآن خلال الشهور الماضية لهم حق الاستفتاء ولا يزال هناك مئات الآلاف الأخرى.. فهل سيتم التحرك السريع لاعداد هذا الاستفتاء المصيري لنزع فتيل الأزمة التي اشتعلت على مر السنوات الطويلة الماضية.

Email