قراءة جديدة في احكام قائمة الــ 16 اليمنيين: العفو يواجه اشكاليات جمة وثلاثة سيناريوهات للمستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشية 22 مارس الماضي, وقف اهل اليمن مشدوهين امام التلفاز للاستماع إلى حكم المحكمة الابتدائية بصنعاء بحق قائمة الـ 16, بعدما ادانت معظمهم بتهم مختلفة تبدأ من الخيانة العظمى وتنتهي بالتآمر . ولمدة ساعتين وعشرين دقيقة قرأ القاضي محمد جسار العدوف حكمه على اعضاء القائمة, والذي شمل اعدام اربعة منهم وسجن آخرين بعضهم مع وقف التنفيذ وآخرين دون ذلك, في حين لم ينج سوى اثنين من الاحكام. وكان ملاحظا ان الاعلام الرسمي تجلى لثلاثة ايام عقب صدور الحكم عن مهاجمة اعضاء القائمة على غير عادته طوال سنوات المحاكمة. الحكم الصادر يوم 22 مارس اعاد إلى الاذهان قصة شاهدها الجميع في اليمن بأم أعينهم وعاشوا لحظاتها اولا بأول, انها قصة الوحدة والحرب أو فصل اخر من فصولها الكثيرة. فما هي قصة الحكم القضائي في قائمة الـ 16, وما هي الفصول الاساسية لهذا الملف؟ وما هي ردود الافعال للاطراف المعنية في الملف؟! وهل الاطراف المعنية هم اليمن وقضاياها؟! (البيان) تابعت 48 جلسة في المحكمة, وردود الفعل, ويوميات المحاكمات وعلائقها من ومن بعد!! وننقل هنا محصلة تقليب الصفحات استشرافا للمستقبل لا ابحارا في الماضي. اما (قائمة الـ 16) فقد ظهرت بعد اول جولة صراع وحرب شاملة في اليمن الموحد, وبقيت منذ يوليو 1994 وحتى مارس 1998 عنوانا رئيسيا لبضاعة التكفير والتخوين والتجريم والتشكيك. وبضاعة (التخوين والتكفير) هي العصا الغليظة بيد السلطة عقب كل جولة صراع, تهرب بها من البناء وتتقرب فيها إلى جولة صراع اخرى, وتهش بها على العباد من الرعية والخصوم السياسيين ولها فيها مآرب اخرى. القضاء والقضية في الاسبوع الاخير من الحرب اليمنية صيف 94 اصدر الرئيس اليمني قرارا بالعفو الشامل باستثناء البعض لم يحددهم القرار, وحددهم قرار النائب العام بقائمة الـ 16, ثم وجه رئيس الوزراء حينها رسالة إلى الامين العام للامم المتحدة اكدت الحكومة اليمنية فيها الالتزام الكامل بالعفو الشامل والديمقراطية والمصالحة ونظام اللامركزية. في اغسطس 95 بدأت محكمة شمال غرب صنعاء عقد جلساتها لمحاكمة قائمة الــ 16, ورغم الاعلان الرسمي ان المحاكمات ستجرى في مدينة عدن, الا ان المبرر في منح اختصاص محكمة شمال غرب صنعاء تم الاتفاق عليه, بالاستناد على انها المحكمة التي تقع في الحي الذي وقع فيه اول صاروخ يوجه إلى صنعاء, ووجهت المحكمة الدعوة للمحامين, وإلى المتهمين في الاعلام الرسمي, ولم يحضر احد فوجهت رسالة إلى نقابة المحامين, ثم نصبت الحكومة هيئة دفاع عن المتهمين. واستمرت المحكمة في عقد جلساتها في ظل اهمال شعبي منقطع النظير, تكثفن الجلسات وفقا لمواسم الازمة وعلاقة السلطة بالمعارضة, وحديث قضايا الحدود. القضاء وقد اعلنت الاحكام في ظرف يتسم بحالة اجماع رسمي وشعبي وسياسي وخارجي بضرورة اصلاح القضاء, وفي ظرف صراع حاد في السلطة والجهاز القضائي حول خطة الاصلاحات القضائية, وبعد دعم مالي هولندي حصلت عليه اليمن خصص لاصلاح القضاء, ومطالب دولية ويمنية لذلك, وفي ظرف اجماع على عدم استقلالية القضاء. القائمة المختلف عليها يجمع اهل اليمن السلطة والمعارضة, يوافقهم في ذلك ايضا الاطراف الدولية ان القضية ليست جنائية, وليست متعلقة باشخاص بل هي قضية سياسية جوهرها الوحدة اليمنية ودولتها والاطراف المعنية بها. والجدير بالذكر ان الاسماء الـ 16 الذين شملتهم القائمة هم محل اختلاف كبير ولم يحسم على الاطلاق منذ الاعلان الرسمي عن القائمة, ويتداول كبار الساسة والقيادات المطلعة ان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح اكد غير مرة ان الاسماء التي طرحها اربعة فقط, ويفعل بالمثل الشيخ عبدالله الاحمر, وقيادات حزب الاصلاح, وكذلك القيادات العسكرية, فكيف تم تحديد اسماء قائمة الـ 16 لا احد يدري حتى الآن, لكن المؤكد قطعا ان النائب العام الذي اعلن الاسماء ليس اخر من لا يدري. جوهر القضية في 22 مايو 90م اعلن قيام الجمهورية اليمنية عبر وحدة اندماجية طرفاها نظاما الحكم في شمال وجنوب اليمن الذين اتفقا على تقاسم السلطة والثروة, ورحلا تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية المتعلقة ببناء الدولة, الحكم المحلي, وتوحيد الجيش, وترسيخ النظام الديمقراطي التعددي الحزبي إلى مرحلة لاحقة وظهرت قضايا خلافية اهمها الاستفتاء على الدستور الذي قاطعه حزب الاصلاح والذي كان تكون نتاج خروج اكثر من اربعين في المائة من قيادات اللجنة العامة واللجنة الدائمة (اعلى هيئتين قياديتين) في المؤتمر الشعبي العام في الشمال, وتأجلت الانتخابات البرلمانية الاولى تحت مسمى تمديد المرحلة الانتقالية, وقد اجمع خبراء مطلعون ان هذه المسألة مثلت هروبا من جانب الحزبين المؤتمر والاشتراكي (شريكا الحكم) إلى بعضهما بدلا عن الهروب إلى الشعب, فاشتدت الازمة تحت ثلاثة محاور الجيش, والاعلام, والبنك المركزي باستقوى المؤتمر بالاصلاح والجناح المنهزم في احداث 13 يناير في الجنوب (الذين اصطلح على تسميتهم بالزمرة) واستقوى الاشتراكي بالاهداف النظرية والمبدئية لبناء الدولة التي مثلها بيان اعلان الجمهورية اليمنية ومهام المرحلة الانتقالية (الحكم المحلي والمساواة, وبناء مؤسسات الدولة الحديثة) , فجاءت الانتخابات البرلمانية الاولى لتتمخض عن انهيار معادلة الديمقراطية بطرفيها (السلطة والمعارضة) واختلت موازين التقاسم الثنائي, فعقب اعلان النتائج وقع زعماء الاحزاب الثلاثة التي حصدت النتائج وثيقة تقضي بالغاء الطعون الانتخابية واخرى بقيام الائتلاف الثلاثي (المؤتمر والاشتراكي والاصلاح) فاستحوذوا على السلطات الثلاث (مجلس الرئاسة والبرلمان والحكومة) فاشتدت الازمة نتيجة هذا الاختلال الذي الغى معادلة الديمقراطية وظهرت مطالب ترفض الاستقواء بالاغلبية العددية فغادر نائب الرئىس علي سالم البيض إلى امريكا وعاد إلى عدن في اغسطس 93 رافضا اداء القسم الدستوري فتوسعت رقعة الازمة وتنادت الاطراف المعنية باليمن وتشكلت لجنة حوار وطني ووقعت وثيقة العهد والاكفاف في العاصمة الاردنية عمان وتشكلت لجنة عسكرية من اربع دول عربية واجنبية (الاردن, عمان, امريكا, فرنسا) لكن هذه اللجنة ولا الوثيقة لم تحل الازمة, فاندلعت الحرب في اليوم نفسه الذي وقع فيه اتفاقية الغاء الطعون الانتخابية من قبل علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض, وعبدالله بن حسين الاحمر (27 ابريل 94) وهو اليوم نفسه الذي اجريت فيه عملية الاقتراع في الانتخابات البرلمانية 93. استمرت الحرب سبعين يوما والتزمت اليمن للامم المتحدة في السابع من يوليو 94 بمعالجة ثلاث قضايا هي (العفو العام والمصالحة, الحكم المحلي, الديمقراطية) لكن الامور سارت على غير ما كتب بالاوراق حيث شكلت صنعاء محكمة سريعة لمحاكمة الفريق المهزوم في الحرب وسط رفض محلي وعربي ودولي, وفي هذه الاثناء, ظهرت تشكيلة جديدة في السلطة حيث تقاسم الائتلاف الثنائي (المؤتمر والاصلاح) الحكومة مما ادى إلى اختلال موازين القوى والذي ظهر بشكل لم يسبق له مثيل بعد الانتخابات البرلمانية 1997, فاستحوذ المؤتمر على الاغلبية المربحة وخروج الاصلاح من السلطة وتسلم زعيم الاصلاح الشيخ عبدالله الاحمر رئاسة مجلس النواب ــ كل ذلك ــ قد قدم فرزا جهويا ومصلحيا في تركيبة الحكم في اليمن, فاذا كانت نتائج انتخابات 93 مثلت ضربة لمعادلة الديمقراطية فان انتخابات 97 مثلت ضربة لمعادلة الديمقراطية فان انتخابات 97 مثلت ضربة للتعددية الحزبية, وظهر جوهر الاشكالية عند السلطة في تثبيت شرعية التمثيل الجهوي للجنوب ممثلا بجناح الزمرة الاشتراكي المنهزم في 13 يناير 1986 وهذه اهم المحاور لاجراء المحاكمة واخطر الرسائل التي تضمنها الحكم القضائي في قائمة الــ 16 حسب اهم سيناريوهات الحكم القضائي والرسائل التي تضمنها. جوهر الحكم القضائي تضمن الحكم القضائي الصادر في 22 مارس 98 عقب قائمة الــ 16 خمس رسائل واضحة انقسمت كافة ردود الافعال حولها إلى اتجاهين لا ثالث لهما. الاتجاه الاول: ان الحكم هو آخر صفحة اغلقت صراع الماضي وأول صفحة باتجاه التعايش وبناء الدولة. الاتجاه الثاني: ان الحكم القضائي اغلق ملف 13 يناير بالقوة ونكأ الجرح لتنفرد قوى بذاتها في الاستحواذ على السلطة والثروة واللعب بأوراق صراع الاطراف الاخرى فيما بينها. رسائل الحكم القضائي تضمن الحكم القضائي خمس قضايا هي: 1 ــ عدم استقلالية القضاء وتأكيد سياسية القضية. 2 ــ الفرز لاطراف الصراع في الحرب ومقدمة لاظهار اطراف بديلة عن اخرى من خلال احيائها. 3 ــ رسائل واضحة للاعتذار واعادة الاعتبار للعلاقات اليمنية السعودية. 4 ــ تأكيد عدم شرعية تمثيل الحزب الاشتراكي الذي وقع اتفاقية الوحدة ــ تمثيله ــ الجنوب. 5 ــ اعلان مصادر كافة اموال الاشتراكي وتثبيت شرعية مصادرة الممتلكات السابقة وتجميد ارصدته. وفي القضايا الخمس وعند تثبيتها لا ضير من اصدار قرار بالعفو العام الشامل ولا ضير من عودة المحكوم عليهم ومن يمثلهم من عدمه بل لا ضير من تسليمهم مناصب قيادة عليا في الدولة والحكومة. القانون والدستور استندت حيثيات الحكم الى قوانين شطرية والدستور المستغنى عليه وليس الذي تم تعديله بعد الحرب وابرز ما اثار انتباه رجال القانون اعتماد القاضي وبناءه الحكم على اساس الغاء صفات المتهمين الرسمية كقيادات عليا في السلطة (نائب رئيس, ورئيس حكومة, ووزير دفاع) واستند القاضي في هذا الالغاء مبررا ذلك بعدم اداء علي سالم البيض لليمين الدستورية, حيث كان قد رفض ذلك بحجة عدم تحمل ذمته لقسمين ولم يبرر القاضي الحجة في الغاء صفة الآخرين لكن المهم في ذلك ــ حسب رجال قانون ــ هو انتفاء شرعية القوانين والاجراءات التي صدرت في السنوات الثلاثة محل قضايا حيثيات الحكم. وانتقد قضاة قاضي المحكمة لتسخيره الواضح متناقضات الدستور والقانون لقضايا سياسية, وايراد عبارات مبهمة مثل مصادر الممتلكات والارصدة دون ايراد الحيثيات لذلك ومنذ الفترة ديسمبر 1990م, وايراد تسليم التعويضات والديات للضحايا من (بيت مال المسلمين) حيث لا يوجد بيت مال المسلمين في اليمن, واعتبر مراقبون ذلك انها اشارة تسولية الى المملكة العربية السعودية, وفي الجانب الدستوري والقانوني فلم ترد في مجمل التشريعات اليمنية مصطلح (الخيانة العظمى) , لا في الدستور ولا في القوانين, باستثناء مرة واحدة وردت في قانون الامن السياسي, انها من اختصاصات وصلاحيات الامن السياسي, فالخيانة العظمى تعريفها في المادة رقم 2 الفقرة هـ, هي (القيام بعمل مجمع على انه كفر او المساس بوحدة الوطن او التنازل عن جزء منه او تغيير النظام الجمهوري والثورة اليمنية او القيام بأي من اعمال التجسس او افشاء الاسرار لصالح قوى اجنبية او معادية لليمن) . ويؤكد رجال القانون على ان الحكم مع وقف التنفيذ لا يجوز للقاضي ولا يقره الدستور والقانون اليمني الا اذا كانت المدة لا تزيد عن سنة واحدة فيجوز للقاضي الامر بايقاف التنفيذ. ردود الفعل اتسمت ردود الفعل اجمالا برفض الاحكام واعتبار القضية سياسية وطالبت بعدم زج القضاء في الصراع السياسي. فالمكتب السياسي للحزب الاشتراكي عقد اجتماعا عاجلا واصدر بيانا من ست نقاط تمنى فيه استقلالية القضاء ودعا السلطة الى حوار مفتوح واعتبر ان صدور الاحكام يتنافى مع دعوة الرئيس علي عبد الله صالح لاغلاق ملفات الماضي. واصدرت الامانة العامة للتنظيم الوحدوي الناصري تصريحا صحفيا اعتبرت فيه صدور الاحكام مستندة الى قوانين شطرية لا يتوافق مع مصلحة البلد وطالب باستقلالية القضاء وتنفيذ دعوة الرئيس. واصدرت رابطة ابناء اليمن رأي بيانا صحفيا اعتبرت فيه الاحكام باطلة من اساسها وهو نفس مضمون تصريحات عبد الرحمن الجفري. وعقد مجلس التنسيق لأحزاب المعارضة مؤتمرا صحفيا واصدر بيانا دعا فيه السلطة للاحتكام للعقل والمنطق, وقيل في المؤتمر الصحفي في الاحكام مالم يقله مالك في الخمر, وهو ما فعله الشارع السياسي والشعبي بالاجماع ونقله مجلس التنسيق في المؤتمر الصحفي. اشكاليات العفو يقول القاضي حمود الهتار رئيس المحكمة الاستئنافية بأمانة العاصمة صنعاء ان مجمل القوانين المعمول بها اليوم تعتبر الحكم نافذا الا في حالة واحدة وهي ان يتقدم احد المحكوم عليهم خلال 15 يوما بطلب الاستئناف شخصيا على ان حيثيات الحكم استندت بالنص بأن المتهمين لا يعرف مكان تواجدهم فاضطرت المحكمة الى تنصيب محامين عنهم وهذه كبوة من كبوات كثيرة للقاضي الذي تسلم رسالة خطية من احد المتهمين اثناء سير المحاكمة ونشرتها الصحف يطلب فيها محاكمة عادلة وانه سيصل في اي وقت اضافة الى ان اخبار المتهمين وتحركاتهم واماكن تواجدهم يتداولها الشارع اليمني وتنشرها الصحف باهتمام. اما المشكل الاساسي قانونا للعفو العام فان الدستور يجيز لرئيس الجمهورية الغاء العقوبات او التخفيف منها في حالة جرائم الحد والقصاص لكن هذا الحق لرئيس الجمهورية (بالغاء العقوبات) ولا تنتفي معها الجريمة وهو الامر غير المقبول لدى الفرقاء السياسيين في البلاد, ومع ذلك فالحكم ساري المفعول في اليمن هو (السياسة فوق الدستور والقانون) . والعقوبات في اليمن حسب الدستور ثلاثة انواع (قصاص وحد وتعزير) وما تضمنه الحكم يدخل في اطار اعدام تعزير وجريمة تعزيرية ويسقط الحكم نهائيا بعد مرور 25 سنة من صدور الحكم ولا يجوز تنفيذه الا بمصادقة رئيس الجمهورية, لكن العفو يواجه اشكاليات ثلاث هما: اولا: ضعف الآليات لحل الخلافات السياسية في اليمن. ثانيا: الاشتباك القانوني والخلط الفاضح بين الجرائم العادية والجرائم السياسية. ثالثا: عمق الازمة اليمنية وفتح ثغرات لتلفيق الاحكام وفي الوقت نفسه فتح الثغرات للخروج منها بحيث تظل لعبة بيد الحكام ومن يمسك بزمام السلطة, وعندما تكون الاحكام القضائية ذات طابع زئبقي تغدو ساحة الوطن مرتعا خصبا للتجريم والتنكيل, وتغدو فئات المجتمع قطيعا من الاغنام في مواجهة الذئاب المفترسة. سيناريوهات المستقبل يبدو وان هناك ثلاثة سيناريوهات لا رابع لها في مجمل الحراك الدائر في اليمن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي كل ذلك فلا مجال للحديث عنها بعد يوليو المقبل فمايو ويونيو المقبلان هما محطة الحسم, ففي 22 مايو ذكرى قيام الجمهورية اليمنية يمكن ان يلغي الاحتفال بذكرى السابع من يوليو (انتصار الحرب على الشعب اليمني) وفي 17 يوليو تكتمل 20 عاما على تولي الرئيس علي عبد الله صالح زمام السلطة في اليمن وهي فترة زخرت بالصراع اليمني اليمني, ويحرص الرئيس اليمني وبشدة على ان تكون هذه المناسبة محطة للتسامح مع كافة الخصوم والشركاء السياسيين وفرقاء الحكم وان لم يستطع ذلك ــ حسب قول مراقبين ــ فالحد الادنى ملامسة خطوات عملية لقضايا جوهرية تتعلق ببناء الدولة لم تعد على الاطلاق قابلة للترحيل والترحيل الآخر. اما السيناريوهات الثلاثة فهي: الاول: ان يتم اصدار قرار عفو عام مترافق مع سلسلة من القرارات المتعلقة بالجانب الهيكلي للنظام في الدولة والحكومة والشروع في انتخابات محلية واقرار مشروع قانون التقسيم الاداري ووضع برنامج وفاق وطني تتبناه الدولة بعد اتفاقات قيادية للفرقاء دون عقد اي فعالية وطنية عامة. الثاني: اصدار قرار عفو مع سلسلة من قرارات وتعديلات حكومية والزج بقائمة طويلة من القيادات من اطراف سياسية مختلفة الى عضوية المجلس الاستشاري ويعلن عن سلسلة من الترقيات العسكرية لقيادات عسكرية تركت البلاد بعد الحرب اضافة الى سلسلة من قرارات التعيين القيادية في مؤسسات الدولة والمحافظات ويتبنى الاعلام الترويج بأن الحكومة ائتلافية جامعة وفي هذه الحالة يستمر زمام الامور بيد الرئيس علي عبد الله صالح تحت يافطة المؤتمر الشعبي العام وبرنامجه. السيناريو الثالث: خلافات تتوسع في صفوف المعارضة تتيح للسلطة اللعب بورقة ارضاء الخارج ويعود عبد الرحمن الجفري بعد ان هيأت له السلطة مكانة مرموقة باعادة صحيفة رأي الى الصدور قبل اعلان الاحكام بأسبوع وروجت لتفعيله لدعوة الرئيس بالاعلان المتكرر بأنه استطاع ان يجمع اكثر من نصف مليون توقيع من المحافظات الجنوبية في اشارة واضحة الى منافسته في تمثيل الجنوب كضد ومنافس قوي للحزب الاشتراكي الشريك في الوحدة ولزمرة المؤتمر الشعبي المهزومة في يناير 86م. وفي هذا يظهر الوجه الآخر للارث الانفصالي الذي يكمن في عقليه السلطة والممارسة التي تتبعها في ادارة البلاد وتظهر ملامح هذا السيناريو باستكمال تمشيط آثار الحرب اليادرة والاتجاه الماركسي خارج السلطة وداخلها واعادة احياء ترتيبات كيانية هي اقرب الى القبلية العشائرية منها الى المجتمع المدني. الى ذلك يشير خبراء مطلعون ان على طلائع المثقفين العودة الى الاعتكاف والانهماك بقراءة عبد الرحمن الكواكبي وطبائع الاستبداد. أما قبل وبعد كل السيناريوهات والحيثيات لا تلغي ان هناك سبع قضايا ليس بوسع السلطة ولا المعارضة ولا كلاهما معا غض الطرف عنها اليوم وهذه القضايا هي المصالحة الوطنية, الحكم المحلي واللامركزية, قانون التقسيم الاداري, الاصلاح الاقتصادي والمالي والاداري الشامل, اصلاح التعليم, اصلاحات القضاء, الحدود اليمنية السعودية ومشكلة حنيش والجزر اليمنية. ان المحراب الذي ترتمي بداخله هذه القضايا وتقرع ابوابه بشدة ليس مبنى اللجنة الدائمة (القيادة العليا للمؤتمر الشعبي العام الحاكم) ولكنه محراب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح, ويجمع اهل اليمن على ان مسكه لزمام هذه القضايا فسيكون الشعب بكافة فئاته ومسمياته الى جانبه ان اتجه باليمن باتجاه القرن الواحد والعشرين وليس باتجاه (اللجنة الدائمة) الذي انقلب على الوحدة أول المتحمسين لانجازها! بقلم يوسف الشريف ليس صحيحاً ما يدعيه قادة الحزب الاشتراكي في اليمن من ان الاحكام الصادرة من محكمة شمال صنعاء يوم 23 مارس الماضي في حق المتهمين بإعلان انفصال جنوب اليمن عن شماله كان مفاجأة, كون ما حدث ــ على حد تقديرهم ــ لا يرقى الى الخيانة العظمى ولا يبرر الاتهام الجنائي!. والشاهد ان الشعب اليمني خاض غمار الثورات تباعاً خلال تاريخه الحديث في الشمال ضد حكم بيت حميد الدين وضد الاستعمار البريطاني في الجنوب ونصب عينه استعادة وحدته عبر ازالة مظاهر التشطير التي فرضت عليه شكلاً بينما يظل موحداً عملياً عبر حركة الانتقال والتجارة والزواج والثقافة من الشمال الى الجنوب وبالعكس! وهكذا جاءت بيانات وادبيات تلك الثورات تؤكد على حتميات التصحيح التاريخي والسياسي والاجتماعي, الاشكاليات, الانقسام والتشطير, لكن ما ان تحرر الشمال عام 1962 وتحرر الجنوب عام 1963, وآن للأمل المنشود ان يتحقق دستورياً, حتى نكب اليمن بالحرب الاهلية.. لا نقول بين الشعب الواحد في الشطرين وإنما بين النظامين اللذين آلت اليهما مقاليد السلطة في صنعاء وعدن! ولأن الحكمة كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (يمانية) من هنا رأى أهل الحل والعقد من حكماء اليمن ومرجعياته السياسية والقبلية والدينية ان طوق النجاة من الاستنزاف والمواجهات الدامية يكمن في العودة الى الثوابت والجذور, فكانت اتفاقية القاهرة للوحدة اليمنية عام 1972. تعثر تنفيذ الاتفاقية بينما ظلت اللجان المتخصصة المنبثقة عنها تمارس نشاطاتها الى أجل غير مسمى دونما تحديد لموعد انجاز الوحدة, ووقعت اشتباكات مسلحة وحرب أهلية ثانية بين الشطرين وحوادث اغتيالات لرموز الوحدة والتشطير معا, وكان الحكماء والمرجعيات الوطنية والجامعة العربية ودول شقيقة تسارع دوماً الى اطفاء الحريق ووأد الفتنة! وحتى كان عامي 77 و1988 حين تم اكتشاف البترول في مناطق متداخلة بين الشطرين وكادت الحرب الاهلية تطل برأسها للمرة الثالثة لولا ان الحكمة جاءت هذه المرة عبر نضح الفكر السياسي الذي حنكته التجارب المريرية وعقلانية القيادة السياسية في الشمال بزعامة علي عبدالله صالح وفي الجنوب بزعامة علي ناصر محمد, فكان قيام شركة وطنية للبترول تقتسم عائداتها بين الشطرين بالتساوي, الامر الذي اشاع اجواء من الثقة المتبادلة والتفاؤل بنعمة الاستقرار والوحدة الوطنية ومؤشرات التنمية وسد هوة التخلف عبر استثمار مشترك للثروة البترولية الواعدة! لكن ظل المنظرون والسوفسطائيون هنا وهناك يشيعون مقولاتهم بالحق وبالباطل في مواجهة الدعوات السياسية والمطالب الشعبية التي ترجح كفة الوحدة, تارة عبر خطورة الاندماج بين نظام رأسمالي قبلي في الشمال ونظام اشتراكي علماني في الجنوب مما يفرض البدء بالتماثل بين مؤسسات وتوجهات النظامين, وتارة بالادعاء ان تجربة الوحدة المصرية السورية انتهت بالانفصال لأن الظروف الموضوعية لم تكن قد اكتملت بعد, ومن ثم لا مفر من ان تنضج وتكتمل في اليمن حتى تتحقق وحدته, وكان المعنى الوحيد لجملة هذه الادعاءات المتباينة انتظار ما سوف تسفر عنه صراع الارادات بين النظامين.. فإما ان يقتنع الشمال أو يخضع بالقوة للجنوب ويتبنى الاشتراكية, او يتبنى الجنوب رأسمالية الشمال عبر أي من الاسلوبين! ثم حدث مالم يكن في حسبان أحد في اليمن ولا ضمن رهانات اي من المراقبين... إنهيار الاتحاد السوفييتي وتفكيك المنظومة الاشتراكية في اوروبا الشرقية ايذاناً بنهاية الحرب الباردة بين القطبين الكونيين آنذاك, ومع هذا الانهيار تداعى النظام الاشتراكي في الشطر الجنوبي من اليمن, ليس فقط على الصعيد الايدولوجي فحسب, ولكن أيضاً على صعيد الدعم المادي والعسكري, وحتى بدا وكأنه بعد هذه التداعيات على وشك الافلاس الفكري والاقتصادي, بل ومواجهة الشعب الذي يتطلع الى الحريات الديمقراطية والتعددية السياسية ويوم الحساب.. حساب الحزب الاشتراكي اليمني على ممارساته الخاطئة طوال انفراده بالسلطة! الشطر الشمالي كذلك لم ينج من هذه التداعيات وتوابع الزلزال, بشكل ما على رصيد المساعدات الاقتصادية والعسكرية المستديمة التي كان يتلقاها من الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية ولكن بدرجة أقل, في الوقت الذي طافت تؤرقه في الداخل موجات متقطعة من تمردات القبائل التي كان يغذيها الخارج بالمال والسلاح مما كان يهدد مصداقية أمنه الوطني في الصميم! باختصار وقع ما لم يكن في الحسبان يوم 30 نوفمبر عام 1989 وكنت بالصدفة شاهدا عليه.. كان الشعب اليمني برمته معبأ ويكاد ينفجر بعد أن مل وعود الوحدة التي لم يتحقق منها سوى حسن الجوار واستتباب الامن بين نظام صنعاء ونظام عدن, وازالة الحواجز والاجراءات التي كانت تعطل حركة انتقاله وانسياب التجارة بين الشمال والجنوب, بينما كان يرنو الى خطوة متقدمة اكثر على طريق الوحدة في هذا اليوم تحديداً. يومها كنت ضمن قافلة الرئيس علي عبدالله صالح التي تحركت من مدينة (كفر) الى عدن للمشاركة في احتفالاتها بعيد جلاء القوات البريطانية, وبينما كان وعلي سالم البيض يفتتحان النفق الذي قامت الصين ببنائه لتسهيل حركة المرور في المدينة والجماهير المحتشدة على الجانبين تهتف لهما وتطالب بالوحدة, مال البيض برأسه على الرئيس وفاجأه قائلاً: الى متى الانتظار.. الشعب لن يرحمنا ان تأخرنا بعد اليوم عن اعلان الوحدة! لم أسمع بالطبع ما دار بينهما, لكني عرفت التفاصيل من الدكتور عبدالكريم الارياني وزير خارجية صنعاء آنذاك, وفي مساء ذلك اليوم المشهود رأيت وسمعت التمجيد العملي لهذا الخيار, إذ كنت الوحيد الذي سمح له من بين الصحفيين العرب والأجانب حضور ذلك اللقاء التاريخي الذي جمع بين علي عبدالله صالح والبيض في استراحة الرئاسة التي تقع على قمة جبل (المعاشيق) وتطل على المحيط الهندي وخليج عدن, حين جاء وزيرا شؤون الوحدة في الشطرين ليضاف عليهما مسودة البيان الصادر عن الاجتماع بانتظار الرأي بشأن القرارات السياسية الملائمة قبل اعلانه على الجماهير, فكانت عبارة البيض التي سمعها جميع الحاضرين:(الوحدة الاندماجية بإذن الله) ! والحقيقة ان علي سالم البيض بذل مجهوداً مضنياً وراء الكواليس لاقناع قيادات الحزب الاشتراكي بهذا الخيار دون انتظار للموافقة عليه عبر مؤسسات الحزب الداخلية وهو ما يحسب له بالمعيار السياسي والتاريخي, ولولا هذا الدور لما تحققت الوحدة اليمنية في حينها.. بعدها اجاز مجلس الشورى في صنعاء ومجلس الشعب في عدن الدستور الدائم لدولة الوحدة, تلاه الاستفتاء الشعبي بالاجماع الكاسح على قيام الوحدة, وفتح الابواب على مصارعها لتفعيل الديمقراطية وتنظيم الاحزاب واصدار الصحف, ثم اجراء الحكومة الائتلافية بين الحزب الاشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي العام انتخابات نيابية مرتين في ظل الوحدة,و شهد المراقبون على نزاهتها وشفافيتها وانها تكاد تشبه الانتخابات في اعرق الدول الديمقراطية. ومن هنا تأتي مسؤولية الحزب الاشتراكي وحده عن اعلان الدولة الانفصالية من عدن, وكأنه اراد ان يعود بعجلة الزمن الى الوراء ضارباً عرض الحائط بنضالات الشعب اليمني وثوراته وتضحياته حتى يحقق حلمه التاريخي الاثير باستعادة وحده ترابه, وهو خيار باطل ومرفوض وطنياً وقومياً مهما كانت الدواعي والاسباب! صحيح ان قيادات الحزب الاشتراكي في الداخل اعلنت رفضها للإنفصال من حيث المبدأ, لكنها قرنت موقفها بتجريم الطرف الذي بدأ الحرب, فهل كان على القيادة السياسية ان تقف مكتوفة اليدين أمام جملة الشواهد الخطيرة الماثلة على المسرح السياسي بانتظار ان يصبح الانفصال واقعاً مرفوضاً يصعب تصحيحه, بينما الحزب الاشتراكي يرفض اندماج قوات المسلحة وقوات الامن في جيش الوحدة ومؤسساتها الأمنية! والصحيح كذلك أن على سالم البيض اسفر عن نواياه الانفصالية, عندما قرر السفر الى امريكا بدعوى العلاج, وهناك التقى بنائب الرئيس الامريكي ال جور دون استئذان الرئيس علي عبدالله صالح, ودون ان يصطحب معه سفير اليمن في واشنطن محسن العيني لحضور اللقاء كما تقضي الاعراف الدبلوماسية, وبدلا من ان يعود الى العاصمة عدن لحلف اليمن الدستورية بعد اختياره للمرة الثانية نائباً للرئيس, عاد الى عدن ومنها شرع الى التشكيك في الوحدة والشكوى من كونه بلا صلاحيات, في الوقت الذي ظل يمارس على الشطر الجنوبي (سابقاً) صلاحيات الرئاسة وسلطات رئيس الحكومة التنفيذية! والقصة باتت معروفة بكل تفاصيلها الدقيقة, حيث منيت مختلف وساطات رأب الصدع التي قامت بها المرجعيات اليمنية والدول العربية بالفشل تلو الفشل, وحتى قبل الرئيس علي عبدالله صالح بكل شروط البيض في لقاء عمان تحت رعاية الملك حسين حفاظاً على الوحدة عبر توقيعهما المشترك على (وثيقة العهد والاتفاق) , لكن البيض نكص على عقبيه ورفض العودة مباشرة الى صنعاء كما تعهد, وقام وأركان قيادته بجولات خارجية لجس النبض تمهيدا لاعلان الانفصال من عدن.. ووفقا للقواعد الديمقراطية السليمة ومبدأ التداول السلمي للسلطة, كان المجال متاحاً امام البيض والحزب الاشتراكي للانسحاب من الحكومة الائتلافية احتجاجاً على الممارسات الخاطئة وقناعته بضرورة تغييرها عبر الوقوف في صف المعارضة, لكنه اراد ان يظل في السلطة وان يختلف معها في نفس الوقت, وهو اسلوب مرفوض دستوريا وديمقراطياً, واسفر تلقائياً من الناحية العملية عن انسحاب قيادات الحزب الاشتراكي ومعظم الفعاليات التنفيذية من صنعاء والتمترس في عدن, ومنها بدأ الهجوم على دولة الوحدة وسب قيادتها ورموزها, والى حد المطالبة بعودة قوات الحزب الاشتراكي من شمال البلاد الى جنوبه. شرطاً أساسياً في أي مصالحة وطنية وهو ما رفضه الرئيس علي عبدالله صالح وحمل البيض مسؤولية عواقبه! واذا كانت خسارة اليمن من جراء اعلان انفصال الجنوب والدفاع عن الوحدة قد بلغت كلفته المادية عشرة مليارات دولار غير الخسائر البشرية الا ان القاضي عبدالرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري سابقاً ــ يرحمه الله ــ عندما استطلعت موقفه في دمشق قال في وضوح وحسم (ان الشعب اليمني على استعداد وقناعة بالتضحية من اجل بقاء الوحدة حتى لو ادى خراب الحرب وخسائرها العودة باليمن الى القرن التاسع عشر او الثامن عشر, ما يفضي الى مصداقية لإدعاءات الحزب الاشتراكي بعدم مسؤوليته عن الانفصال والحرب.. والا من المسؤول اذن؟ ومن الذي يحاكمه القضاء اذن؟ الذين اعلنوا الانفصال من عدن.. ام الذين بادروا من صنعاء للدفاع عن الوحدة؟ ثم من أين للحزب الاشتراكي هذه الثروات الطائلة التي تبددت في الدعاية الواسعة التي قامت بها شركات امريكية واوروبية وعربية للعلاقات العامة, وتذاكر الطائرات والاقامة في الفنادق, وجلب صفقات السلاح التي وصلت الى ميناء عدن والمكلا, ومن الذي قصف الآمنين في صنعاء بالصواريخ (اسكود) و ...و.... ان معالجة الاخطاء لا تبر ارتكاب اخطاء ابشع, ورغم ذلك ظل الحزب الاشتراكي باقياً يمارس نشاطاته على الساحة السياسية, في الوقت الذي توقعت زعاماته حل الحزب او الغاءه, وصدر العفو الشامل عن كل من غرر بهم دعاة الردة, واقتصر الاتهام على خمسة عشر من المسؤولين عن جريمة الانفصال وتقديمهم للمحاكمة مع توفير أقصى ضمانات العدالة للمتهمين! ثم ماذا بعد؟ عقدت المحكمة برئاسة القاضي جسار محمد سيف اربعين جلسة, بينما قدمت النيابة 3300 مستند مكتوب ومسموع ومرئي يدين المتهمين وطالبت باعدامهم بتهمة الخيانة العظمى, ولذلك استمر نظر القضية فترة سنوات, استمعت خلالها لمرافعات النيابة والدفاع حتى اعلنت حكمها باعدام خمسة من المتهمين على رأسهم علي صالح البيض وابو بكر العطاس وهيثم قاسم طاهر, وصالح منصر السيلي (مفقود) وصالح عبيد احمد والحكم بالسجن عشر سنوات مع النفاذ على قاسم يحيى قاسم ومثنى سالم عسكر ومحمد علي القيرحي لثبوت مشاركتهم مع المتهمين الرئيسيين في تنفيذ جريمة الحرب والانفصال ودورهم في قيادة العمليات العسكرية, وبالسجن عشر سنوات مع وقف التنفيذ على عبدالرحمن الجفرة رئيس حزب الرابطة, وخمس سنوات لسليمان ناصر مسعود, وثلاث سنوات لأحمد عبيد مبارك بن دغر والافراج لبقية المتهمين! ولا شك ان الاحكام جاءت مفاجأة للجميع, سواء على صعيد النظام الذي لم يتوقع الافراج عن اي من المتهمين وتخفيف العقوبات على بعضهم وخاصة عبدالرحمن الجفري الذي اعلن الانفصال من عدن, اما على صعيد الحزب الاشتراكي فقد شكك في الاحكام وفي حدوث المحاكمة وقال عضوه القيادي جار الله عمر ان الحزب أدان الانفصال وأدان الحرب, والمحاكمة تعني أن الحرب هي سبب الانفصال والانفصال لم يكن لولا الحرب بينما هاجم حزب الاصلاح بزعامة الشيخ عبدالله الاحمر افتعال الحزب الاشتراكي للجدل والتشويش على الاحكام وقال عضوه القيادي عبدالوهاب الأنسي اذا كان الانفصال بلا سبب ومن تلقاء نفسه دون وجود متهم, اذن فمعنى ذلك ان هذه الحرب والدفاع عن الوحدة جريمة, وتساءل عن مصدر الاموال التي اغدقت على الانفصاليين وما تزال مستمرة على عناصر الحزب الاشتراكي في الخارج ونشاطاته المعادية مشيراً الى احترامهم للاحكام وللقضاء العادل. في كل الاحوال فقد كشفت المحاكمة عن سوء تقدير الحزب الاشتراكي لمدى شعبيته وقوته ودقة تخطيطه للانفصال, عندما استبعد الشعب اليمني وخياراته من حساباته, واعتمد فحسب على قوته العسكرية وحسن تدريبها وتسليحها, وعلى الدعم السياسي والمادي من الخارج, فيما استبعد كذلك ان تخاطر قوات الوحدة بالاستيلاء على حضرموت معقل البيض ومعظم زعامات الحزب الاشتراكي التي تقع على بعد الاف الاميال من صنعاء وقبل ان تسقط عدن, وراهن ايضاً على تأييد مصر او حيادها وهو ما لم يحدث حيث شجبت الحرب في البداية ثم استنكرت الانفصال عندما اسفر عن وجهه القبيح... اما على صعيد الرأي العام اليمني, فالواضح انه يرى في الاحكام الجزاء العادل, دون ان يشغله ذلك في كثير او قليل عن مشاغله اليومية وطموحاته المستقبلية والرهان في النهاية على الحكمة اليمنية وقدرتها على اسدال الشعار على ما جرى والتوجه نحو بناء اليمن وترسيخ وحدته الوطنية.. ومن هنا تبدو ضرورات الانتظار لجولة جديدة من استئناف المتهمين للاحكام الصادرة ضدهم.. وبعد ذلك يأتي دور الرئيس علي عبدالله صالح اما بالتصديق على الاحكام او تخفيف العقوبات, وربما العفو العام! صنعاء ـ عبدالله سعد

Email