وزير الاعلام العراقي في حديث شامل لـ (البيان): العراق ليس معسكر اسرى يكتفي بالاسبرين والقمح

ت + ت - الحجم الطبيعي

جدد وزير الاعلام العراقي همام عبدالغفور عبدالخالق استعداد العراق لبدء صفحة جديدة في علاقته العربية , وقال ان بلاده قطعت شوطا مهما في تطبيع العلاقات مع دول الخليج ولاسيما مع دولة الامارات العربية المتحدة مثمنا جهود صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة ومواقفه من رفع الحصار وتحقيق المصالحة العربية. واضاف الوزير في حديث خاص لـ (البيان) , على هامش زيارته الاخيرة للمغرب مبعوثا من الرئيس العراقي صدام حسين الى العاهل المغربي الملك الحسن الثاني, انه في حال تطبيق الاتفاق العراقي مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان بهمة وجدية وموضوعية فستكون امام شعب العراق فرصة مهمة جدا لرفع الحصار في امد غير بعيد. وتحدث المسؤول العراقي بالتفصيل عن ملف الاسلحة العراقية وعمل اللجنة الخاصة, وظروف العراق الداخلية تحت الحصار, معتبرا ان العراق ليس معسكر اسرى يكتفي بالاسبرين والقمح كما تحدث عن الاسباب التي تحول دون اخراج مشروع حرية الصحافة والتعددية الحزبية الى حيز التطبيق, وموقفه من عملية السلام, والمبادرة الاردنية الهادفة الى فتح حوار بين العراق والولايات المتحدة. وهنا النص الكامل للحوار: - كان لافتا ان تتم زيارتكم مباشرة بعد زيارة نائب رئيس الوزراء العراقي محمد حمزة, فما هي الضرورة وراء تكثيف زيارات المسؤولين العراقيين؟ ــ الزيارة جاءت لكي نشرح للسادة الرؤساء العرب الاتفاق الذي حصل مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان, تعرفون كانت هنالك ازمة, وهذه الازمة نشأت بسبب عدة عوامل, وعندما اتفقنا مع كوفي عنان كانت هناك ايضا عوامل ادت الى هذا الاتفاق. الرئيس العراقي كان يرى انه من المناسب, بل من الواجب ان يتشاور الاخوة الملوك والرؤساء فيما ينبغي ان يتشاوروا بشأنه في الامور الاساسية, وعلى هذا الاساس بعث برسائل اليهم ليشرح لهم ماهي العوامل التي ادت لنشوب الازمة, وماهي الافاق المستقبلية, فهو يضع السادة الملوك والرؤساء العرب في الصورة كلما كان ذلك مطلوبا وممكنا, ضمن هذا الاطار, اي التشاور بين الاخوة, تأتي الزيارة. - هل نستطيع ان نعرف مضمون الرسالة التي حملتموها, وهل هناك رسالة نقلتموها من العاهل المغربي؟ ــ كما صرحت وقتها, كانت الرسالة التي سلمتها للعاهل المغربي الملك الحسن الثاني وفق هذا الاطار, اطار التشاور بين الاخوة فيما يتعلق بشؤون العرب, وفيما يتعلق بالعراق تحديدا في قضية الازمة مع الولايات المتحدة والحل الذي تم التوصل اليه, فكانت الرسالة في هذا الاطار وكذلك تتعلق بالعلاقات الثنائية بين العراق والمغرب, وبالعلاقات العربية العربية ايضا, كان هناك تجاوب جيد من قبل الملك الحسن الثاني مع الافكار التي وردت في رسالة الرئيس صدام حسين, وقد نقل من خلالي الى الرئيس صدام تأكيد المغرب على دعم العراق وضرورة رفع معاناة شعب العراق وايقاف هذا الظلم الذي يعاني الشعب العراقي من جراء الحصار, موقف المغرب معروف منذ بدء فرض الحصار, هو ضد هذا الحصار لما يسببه من معاناة للشعب العراقي. قصة ملف الأسلحة - تحدثتم عن آفاق المستقبل كيف ترون هذه الافاق؟ ــ اهم شيء في الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع الامين العام للامم المتحدة, انه اتفاق بين طرفين, هنالك طرف هو العراق وهناك طرف مقابل هو الامم المتحدة ومجلس الامن واللجنة الخاصة, ولكل من هذين الطرفين التزامات عليه ان ينفذه, فكما على العراق ان ينفذ التزاماته فعلى الطرف الآخر ايضا ان ينفذ التزاماته, فاذا تم تنفيذ هذا الاتفاق بهمة وجدية وموضوعية فستكون امام شعب العراق فرصة مهمة جدا لرفع الحصار الذي لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا, في امد غير بعيد. - توليتم في وقت سابق مسؤولية مركز الطاقة الذرية في العراق, نود من خلالكم ان نعرف اين وصلت ملفات الاسلحة بانواعها بعد هذه السنوات؟ ــ هذا الموضوع طويل, وساحاول, كما يقول المثل الانجليزي, ان (اجعل من القصة الطويلة قصة قصيرة) , بغض النظر عن رأينا في القرارات التي صدرت عن مجلس الامن, فان القرار 687 هو القرار الذي يتعلق باسلحة الدمار الشامل كما سميت وهي الاسلحة الاربعة المعروفة, النووية والكيميائية والبيولوجية والصواريخ, في القسم (ج) من القرار, هناك فقرات تبدأ من الفقرة الثامنة وتنتهي بالفقرة الثالثة عشر تنص على ان العراق ان يعرف برامجه عن هذه الاسلحة, والمقصود بهذا التعريف هو انه لكل برنامج ما يسمى بالاعلان الشامل والكامل النهائي, وبعد ان يتم رسم او تعريف هذه البرامج ووصفها بشكل نهائي كامل يتم تدمير ما ينبغي ان يدمر, وتحييد ما ينبغي ان يحيد, ونقل ما ينبغي ان ينقل لخارج العراق, وبعد ذلك يؤسس نظام للرقابة يضمن ان العراق لايعود ثانية الى انتاج هذه الاسلحة المحظورة. هذه خلاصة الفقرات من 8 الى 13 من القرار687, جميع هذه الفقرات نفذت منذ زمن طويل, فقد عرفت البرامج العراقية, ودمر ما ينبغي ان يدمر, وآخر جزء دمر من برامج الاسلحة العراقية كان عام 1994, ونقل ما ينبغي ان ينقل في اضخم عملية نقل وقود نووي في العالم جرت هي نقل الوقود النووي العراقي من بغداد الى موسكو, ثم اسس نظام للرقابة متطور ومعقد لايوجد له شبيه من قبل, وهو بمثابة جرس انذار في حالة ان العراق يعاود نشاط انتاج اسلحة الدمار الشامل الاربعة التي ذكرتها, فاذن, الاساس في القرار 687 نفذ, ونفذ منذ فترة طويلة, وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الذي سألت عنه هو ربما كان الاكثر حظا من غيره, حيث ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد اعلنت من انها لن يعد لديها شيء فيما يتعلق بالقسم (ج) من القرار, وانها تستطيع الانتقال الى مرحلة الرقابة المستمرة. ابحث عن الامريكان - كانت هناك شكوى دائما من تصرفات لجان التفتيش, لماذا كثر الكلام عنها في الفترة الاخيرة؟ ــ حتى نكون صرحاء في البداية لم تكن الاشكالات مع اللجنة الخاصة, كانت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وكما تعرفون كانت هناك جهتان مكلفتان بالقرار 687, الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بالبرنامج النووي واللجنة الخاصة فيما يتعلق بالاسلحة الثلاثة الاخرى (الكيمياوية, البيلوجية والصواريخ), وبداية عمل الامم المتحدة في العراق كان من خلال هاتين الجهتين, وكانت المشاكل مع المنظمة الدولية وليس مع اللجنة الخاصة, ونعتقد الآن, اذا اردنا ان نحلل الماضي بهدوء, ان المشاكل كانت طبيعية, فلأول مرة يطبق نظام لم يطبق على بلد سابقا, وكانت هناك عناصر معروفة تصرفت بما يفضي الى استفزاز الطرف المقابل, فكان هناك فعل ورد فعل, وحصلت مشاكل ولكنها سرعان ما استطعنا التغلب عليها مع الوكالة الدولية للطاقة النووية, ذلك ان هذه المنظمة عريقة لها تقاليدها, ولها سياسة عمل, كما لها سمعتها في العالم, فهي لم تنشأ لاغراض العراق مقارنة باللجنة الخاصة, فالاخيرة مؤسسة اسست وانشأت خصيصا لتصفية اسلحة العراق, ولذلك اساليب عملها تختلف عن اساليب عمل اللجنة الخاصة, على اية حال, بعد فترة قصيرة حصلت مشاكل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وتحديدا مشكلتان رئيسيتان ثم استقامت الامور بشكل اعتيادي, وكان وراء هذه المشاكل شخص امريكي الجنسية يدعى ديفيد كي, وضعنا عليه نحن اكثر من علامة استفهام لشكوكنا حول ارتباطه بالمخابرات الامريكية, ولكن الوكالة سرعان ما استغنت عن خدماته, ولكن دون طلب منا, ثم نقل الى مكان آخر غير الوكالة الدولية وايضا تم الاستغناء عن خدماته وعاد الى امريكا وهو الآن استاذ في احدى جامعاتها. كنا كلما وصلنا الى مرحلة نعتقد اننا على شفا غلق الملفات تظهر مشاكل من النوع الذي اشتكينا منه, وكلما كنا نعتقد ان الملفات باتت قاب قوسين او ادنى كي تغلق يأتي سكوت ريتر الامريكي المشهور لكي يختلق مشكلة عن طريق طلب غير مألوف, وهكذا الى ان وصلت المسألة الى القصور الرئاسية او المواقع الرئاسية. منذ ست سنوات ونصف من عمل اللجنة لم تطلب اللجنة الخاصة زيارة المواقع الرئاسية, ونحن نعتقد ان سبب ذلك هو لان العراق نفذ كل التزاماته واصبح لايوجد شيء سوى هذه الورقة المضمومة الى ان حان وقتها قبل وقت قصير, فسبب اثارة هذه المشاكل هو ان العراق ينفذ ويصل الى مرحلة يصبح فيها واضحا امام العالم, وان الملفات باتت قريبة من الاغلاق تثار المشاكل وتفتعل للعودة الى نقطة الصفر. - كيف تنظرون الى السياسية الامريكية في الوقت الحاضر لاسيما, وان مارتن انديك مساعد وزير الخارجية الامريكية صرح خلال وجوده بالرباط مؤخرا عن عدم وجود نية لبلاده لفتح حوار مع العراق, واعتبر المشكلة اساسا هي بين العراق والامم المتحدة مع احتفاظ امريكا بحق توجيه ضربة للعراق, كما ان وزيرة الخارجية اولبرايت اعلنت انها تتمنى التعامل مع نظام آخر في العراق؟ ــ بغض النظر عما قال المسؤول الامريكي هذا او المسؤولة الامركية تلك, يعرف الجميع بان لامريكا اهدافا واضحة ومعلنة تجاه العراق, فهي اعلنت في اكثر من مناسبة انها تهدف الى تغيير النظام الحاكم في العراق, وتعمل على ان تأتي بنظام آخر مهما كان شكل هذا النظام الذي تأتي به, اكثر من ذلك, هي تعلن انها تعمل من اجل القضاء على صدام حسين وهذه واحدة من الاسباب التي نعتقد انها وراء الدخول للقصور الرئاسية لغرض الحصول على معلومات عن صدام فالهدف الامريكي تجاه العراق معروف, ولكن عندما تحرج الادارة الامريكية في بعض الاحيان تجيب بان المشكلة ليست بينها وبين العراق ولكنها بين العراق والامم المتحدة, نحن نعرف ان هدف الادارة الامريكية تجاه العراق هو قلب النظام وتغييره والايتاء بنظام جديد, وهي تعمل من اجله, لكنها توظف ذلك بغطاء المنظمة الدولية. ضوء في نهاية النفق - صرح ريتشارد باتلر انه في حال تعاون العراق مع رجال التفتيش فان بالامكان الانتهاء من التفتيش خلال سنة, الا ترون هذا السقف الزمني طويل بعد قرابة سبعة سنوات من عمل اللجنة الخاصة؟ ــ باتلر يصرح كثيرا, ونأمل ان يستقر في يوم ما على شيء لكي نعرف عن ماذا يتحدث, هو عندما جاء لرئاسة اللجنة الخاصة قال (لقد طال هذا الامر اكثر مما ينبغي علينا ان ننتهي منه بسرعة) , ونحن ايضا نريد ان ننتهي من الامر بسرعة, ثم ذكر فترة ستة اشهر, ثم قال لا استطيع ان احدد فترة زمنية, والآن يذكر سنة, الحقيقة, ليس هو هذا المهم, المهم انه اذا كان هناك وضوح ونية صادقة وموضوعية في التعامل نستطيع ان نقول بانه يمكن ان يكون هناك مثلما يقولون: (ضوء في نهاية النفق) . - اثير الكثيرة عن المبادرة الاردنية لفتح الحوار بين العراق والولايات المتحدة, كيف تتصورون امكانية هذا الحوار, وهل تم التشاور معكم حولها؟ ــ منذ فترة طويلة, وتحديدا قبل الازمة, كنا ندعو الى الحوار مع جميع الاطراف ولازلنا ندعوا الى ذلك, وعندما اعلنت وسائل الاعلام الاردنية ان للملك حسين مبادرة, عقب وزير الخارجية العراقي بالقول (اذا كان الامر هكذا فنحن لسنا ضده) , نحن قلنا ونقول لسنا ضد الحوار مع الولايات المتحدة ولا مع غيرها, وانما الولايات المتحدة هي التي ترفض الحوار مع العراق, فاذا ما كانت الولايات المتحدة مستعدة للجلوس مع العراق للتحاور فنحن مستعدون وقد أعلنا عن هذا الامر منذ زمن. لا اعتذار قبل المصارحة - كيف تنظرون الى امكانية المصالحة العربية, خصوصا وان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل اعلن انه في حال اعتذار العراق عن اجتياحه للكويت بالامكان تطبيع العلاقات معه؟ ــ انا لم اسمع بتصريح الوزير السعودي, ولكن اقول لك اذا كان الامر هو لماذا حصل ما حصل فينبغي ان يكون ذلك من خلال جلسة حوار. يجلس الجميع على مائدة واحدة, لمعرفة ماذا حصل ولماذا حصل, اما اذا كانت الرغبة تجاوز الماضي وغلق صفحة الماضي ليبدأ العرب صفحة جديدة تضمن مستقبلهم ,تحفظ كرامتهم وتصون امنهم فهذا افضل. - ما هو تقييمكم للموقف العربي الداعي الى رفض توجيه ضربة عسكرية الى العراق, ,هل يمكن اعتبار هذه المواقف خطوة على طريق المصالحة؟ ــ كان الموقف العربي في الازمة التي حصلت تعبيرا عن رفض الموقف الامريكي. كانت الولايات المتحدة تدعي ان العراق يهدد جيرانه وانه خطر عليهم وكان هذا الادعاء واحد من الاسباب التي تذرعت بها لحشد قواتها بالمنطقة. فاذا كان العراق يهدد جيرانه فلماذا قام كل العرب باستثناء الكويت باستنكار التهديد الامريكي للعدوان على العراق ورفضهم الحقيقة, ان الاحداث التي حصلت في الازمة الاخيرة اظهرت نظرة جديدة للتعاون العربي والبدء بصفحة جديدة, لذلك ان قلت اذا كانت الرغبة هكذا فمن الافضل ان نطوي صفحة الماضي وجراحاته الى الخلف ,ونبدأ برؤية جديدة في العلاقات العربية العربية. انا اعتقد ان الاخوان في الكويت يرتكبون اخطاء مداها بعيد والنظر في التعامل معها مع الاسف قصير. ان حفر الجروح ليست في مصلحة احد الآن ويزيد من الضغائن. وزيادة الضغائن بين العرب انفسهم ليس في صالح الكويت. هذه جغرافيا لا تتغير شاءت الكويت ام ابت. وشاء العراق ام ابى. فنحن جيران. والعقل يقول ان علينا ان نبدأ صفحة جديدة وحواراً بروح اخوية لكي نتناسى جراحات الماضي ونجد طريقنا في التعامل مع المستقبل. - وماذا بشأن الاسرى الكويتيين في العراق؟ ــ نحن اعدنا الى الكويت اكثر من 6000 اسير بعد ان توقفت اصوات المدافع, وكان من بين هؤلاء اعضاء في الاسرة الحاكمة وقادة في الجيش الكويتي, فلو كنا نرغب ان نحتفظ بمجموعة من البشر هم من عامة الشعب, مع احترامي للقيمة الانسانية للجميع سواء كان اميرا او فقيرا. لو كان العراق راغبا بان يحتفظ بمجموعة من الاشخاص فالمفروض ان يحتفظ بمن لهم قيمة سياسية, ثم ما هي مصلحة العراق في ابقاء هؤلاء محتجزين او اسرى مقابل اطالة الحصار على شعبنا, اعطوني سببا واحدا فيه مصلحة للعراق بان يحتفظ ليس بـ 600 كويتي انما بكويتي واحد. هناك عدد من الكويتيين في العراق رفضت الكويت عودتهم باعتبارهم ليسوا كويتيين (بدون) هؤلاء لا تعتبرهم مواطنين كويتيين, وقد قلنا اكثر من مرة شكلوا اي لجنة عربية من الجامعة العربية او ممن يختارهم الامين العام من الجامعة العربية للبحث في السجون العراقية عن اسرى كويتيين مزعومين. اننا تعتقد الامر مجرد ورقة سياسية. السلام المؤجل - زار العراق مؤخرا صحفي اسرائيلي وكتب عنها عدة تقارير, هل نستطيع اعتبار ذلك مؤشرا على استعداد العراق للحوار مع اسرائيل كونه سيساعد على رفع الحصار؟ ثم ما هو موقف العراق من عملية السلام؟ ـ الصحفي الاسرائيلي الذي زار العراق دخل بجواز سفر فرنسي, ولم نكن نعرف انه يحمل جنسية مزدوجة الا بعد ان كتب تحقيقاته في الصحافة الاسرائيلية, ليست لهذه الزيارة اي مؤشر سياسي اخر, انه صحفي زار العراق ضمن وفد فرنسي وظهر لنا فيما بعد انه اسرائيلي. وبالنسبة لما تسميه بعملية السلام فاننا نعتبر انفسنا غير معنيين بها, اولا لاننا لسنا من الدول التي لها حدود مع اسرائيل, وثانيا ان المهم بالنسبة لنا الان هو رفع الظلم المفروض على شعبنا عن طريق رفع الحصار, اما عملية السلام فان اهل مكة ادرى بشعابها, ونحن لدينا مشاغلنا في هذه المرحلة. - نود من خلالكم ان نعرف ونتعرف على الوضع في العراق, وهل هناك تحسن بعد اتفاقية النفط مقابل الغذاء؟ ــ مذكرة التفاهم وباعتراف الامين العام للامم المتحدة لا تسد إلا جزءا من حاجة الشعب العراقي من الغذاء والدواء, واخر تقرير من الامم المتحدة يتحدث عن ان مذكرة التفاهم بمراحلها لا تشكل 20 في المئة من هذه الحاجة. نحن لسنا معسكر اسرى يحتاج فقط الى الاسبرين او القمح. إننا شعب من 23 مليون نسمة وجذور حضارته تمتد الى ستة الاف سنة, كما ان البنية التحتية للمجتمع طالها دمار خلال العدوان الذي لم يشهد له التاريخ مثيل, وباعتراف امريكا ألُـقيت على العراق خلال 42 يوما ما يكافىء من حيث القوة التدميرية سبعة قنابل من تلك التي القيت على هيروشيما, ولكم ان تتصورا مقدار الدمار الذي حصل. كل البنى التحتية في المجتمع تقريبا طالها دمار اما مباشر او غير مباشر, كامل او جزئي واين القيمة الانسانية التي يبحث عنها مجلس الامن في اعانة شعب العراق؟ حتى الزيادة التي حصلت مؤخرا برفع مبلغ عائدات النفط العراقي الى 5.2 مليار دولار تفوق قدرتنا على ضخ النفط, فلا نستطيع بكامل امكانياتنا, خلال الفترة الموصوفة بـ ستة اشهر, ان نجلب بها هذا المبلغ, وقد طلبنا مبالغ لغرض صيانة منظومة تصدير النفط التي طالها ما طالها خلال سنوات الحصار فهي بحاجة الى صيانة وتجديد واستبدال بعض الاجزاء لكي ترتفع بكميات التصدير ونصل الى المبلغ, الا ان الامريكان والبريطانيين رفضوا الطلب, فاللجنة 616 التي توافق على العقود يرأسها امريكي ونائب الرئيس البريطاني. اضافة الى ذلك ان اسعار النفط قد انخفضت وعلينا ان نزيد من كميات التصدير حتى نصل الى المبلغ. - كان مطروحاً في العراق عام 1989 مشروع لاطلاق حرية الصحافة وتعددية الاحزاب, الا ترون ان من الخطوات التي تساعد على تحسين المناخ السياسي داخل العراق وخارجه الشروع في تنفيذ هذا المشروع المعطل حتى الان؟ ــ نحن اول من نادى بهذا الموضوع وحتى اننا قدمنا نصائح لبعض الاشقاء الذين اخذوا يتغنون بالتعددية الحزبية ويقدمون لنا حكما بشأنها. الديمقراطية نؤمن بها ايمانا عميقا وحقيقيا, ولكن هل تعتقد ان الحديث المنطقي في ظروف غير منطقية يمكن ان يؤدي الى نتيجة, كيف نأتي الى بلد يراد افراغ ثلاث من محافظاته في الشمال من الادارة المحلية, بينما يفرض على جنوبه حظر للطيران الى الحد الذي لا يستطيع فيه ان يمارس سيادته, فضلاً عن اجواء حطام سبع سنوات ونصف, وشح الغذاء والدواء وموت الالاف يوميا, ونطلب ان يتصرف المجتمع العراقي مثلما يتصرف المجتمع السويسري. اعتقد ان هذا الكلام غير منصف. الحديث ان التعددية الحزبية والديمقراطية ليس مهما فقط بل اساسي وجزء من الحياة التي ينبغي ان تكون, ونحن نؤمن ايمانا عميقا بذلك, وليس لاغراض شكلية. ومع ذلك فاننا في اصعب ظروفنا ايام الحرب العراقية الايرانية انتخبنا برلماننا مرتين, كما جرى على صدام حسين اضخم استفتاء شعبي في تاريخ بلدنا السياسي, وشهدت على ذلك اعداد كبيرة من الصحافيين العرب والاجانب. ان قانون الاحزاب صادر, ولكن لم تسمح الفرصة بظهور اي حزب لحد الآن ليمارس عمله واعتقد ان الحديث عن الديمقراطية والتعددية يكون ممكناً عندما يرفع الحصار, ويرجع البلد يمارس دورة في المنظومة الدولية والعربية. - ما هو تقييمكم للعلاقات العراقية ــ الاماراتية؟ ــ لقد رحبنا بدعوة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة الى المصالحة العربية, وخاصة مع العراق, وهناك خطاب للرئيس صدام حسين يعلن بوضوح لا يقبل اللبس عن استعداد العراق لبدأ صفحة جديدة في العلاقات العربية, كما ان هناك اكثر من تصريح لنائب رئيس الوزراء طارق عزيز الذي يعبر عن السياسة الخارجية العراقية فيما يتعلق بالعلاقات العربية ــ العربية واستعداد العراق لتطبيع علاقته التي تعكرت معها. وتعرفون اننا قطعنا اشواطا عملية بهدا الاتجاه, فعلاقتنا الان مع مصر علاقة طبيعية وجيدة, وبدأنا مع سوريا نتبادل الوفود وكذلك مع اقطار الخليج قاطبة, عدا الكويت, فالسعودية تستمع وتصغى ولكنها لا تتجاوب, ونستطيع ان نقول رد فعلها الان ليس ايجابيا, لكنه ليس سلبيا. نحن قطعنا مع دول الخليج, وضمنهم الامارات, مرحلة مهمة على طريق تطبيع العلاقات واعادتها الى سابق عهدها. الرباط ـ رضا الاعرجي

Email