أحمد عطاف وزير خارجية الجزائر لـ (البيان): مؤسساتنا مستقرة ومكافحة الإرهاب عملية شاملة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اشاد وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف بالتنادي العربي والاسلامي لمكافحة الارهاب الامر الذي يتمثل في اوضح صوره خلال توقيع الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب بالقاهرة في 22 ابريل الحالي خلال الاجتماع المشترك لوزراء العدل والداخلية . واعتبر عطاف في حواره مع (البيان) ان هنك تغيرا لافتا قد طرأ على موقف الحكومة السودانية وخطابها السياسي حيث صارت هناك قناعة مستقرة تجاه مكافحة الارهاب وادانة الممارسات المتطرفة. ونفى وزير الخارجية الجزائري اجراء مفاوضات أو حوار بين الحكومة والاسلاميين في الجزائر معتبرا ان مروجي هذه المعلومات يهدفون إلى تضليل الرأي العام إلا انه اكد وجود حوار سابق لاعلان هدنة تتوقف خلالها عمليات العنف في اطار قانوني. والقى عطاف بالمسؤولية كاملة على جماعات العنف والارهاب في تدمير البنى التحتية والحاق ضرر بالغ بالاقتصاد الجزائري للمصادرة على مستقبله. ونفى عطاف ما يتردد من انباء حول تورط الحكومة وبعض قيادات الجيش والامن في المذابح التي تشهدها الجزائر واعتبرها محاولة لخلط الاوراق وتزييف الحقائق. نص الحوار - إلى اين وصل الوضع العام في الجزائر الآن؟ ــ مكافحة الارهاب هي عملية شاملة, فيها الجانب السياسي وفيها الجانب الاجتماعي الاقتصادي, وفيها الجانب الامني, ونحن نعتقد اننا نجحنا على الصعيد السياسي المؤسساتي, باعتبار ان الهدف الاساسي للارهاب هو تعطيل الحركة على هذا الصعيد, فالآن عندما نتكلم عن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, نرى انها والحمدلله عادية جدا. فالمؤسسات مستقرة وقوية وشرعية, والحياة الاقتصادية في نمو متزايد, حيث حققت نسبة نمو بـ 4% بعد عشرية كاملة من الركود, والحياة الاجتماعية تتميز بنجاحها في عزل الارهاب بين فئات المجتمع المختلفة, كما تم عزله سياسيا, فحتى الاحزاب التي كانت تتردد في تسمية الاشياء باسمائها, اصبحت اليوم تدين الارهاب, وتعمل ضمن المجموعة الوطنية لاستئصاله, ويجب على الجميع ان يتذكر بان الارهاب في الجزائر, مر بمراحل عديدة, كان اولها محاولة استهداف الرموز من سياسيين ورجال الامن, وعندما اتخذت السلطات كل الاجراءات اللازمة لمنع شر الارهاب عن هؤلاء, اضطر الارهابيون إلى الانتقال إلى مرحلة ثانية, استهدف فيها الفكر والمثقفين بشكل خاص, فذهب ضحية ذلك العشرات من خيرة ابناء البلد, لكن السلطات تحركت بسرعة, ونجحت في تطويق هذه المرحلة الثانية من خطة الارهابيين. فكان ان توجهوا إلى استهداف البنية التحتية للجزائر, وهذا كلام يقال لأول مرة, فالرأي العام المهتم بما يجري في الجزائر, يجهل إلى حد الان ان الارهابيين استهدفوا مئات المدارس والكليات, وعشرات الطرق والجسور وعشرات المستشفيات والمصانع, وكل مكتسبات الشعب الجزائري, ومن ثم أمنا حماية هذه المنشآت جميعها, وابطلنا مرة اخرى خطتهم. هنا ادعوك, وادعو الجميع, لتخيل حجم الامكانيات الامنية, بشرا وعتادا, التي احتجناها لتأمين كل ما اتيت على ذكره من اهداف للارهاب, كل المنشآت العامة اصبحت محروسة, حتى خطوط سكة الحديد. ولما اغلقت امامهم كل الابواب, انطلقوا إلى المرحلة التي عشناها في الاشهر الماضية, واقصد الفلاحين العزل في المناطق الريفية النائية, واصبح الشعب الجزائري هدفهم بشكل عشوائي, فأصبحوا يذبحون كل من يجدونه امامهم اطفالا وشيوخا ونساء. المجازر... من المسؤول؟ - معالي الوزير... مادمت قد وصلت إلى هذا الامر, هناك من يحمل المسؤولية في هذه المجازر للحكومة الجزائرية, بشكل أو بآخر؟ ــ لقد تمت مواجهتي بمثل هذا السؤال, وانا ارد عليه بشكل بسيط, وهو دعوة كل من يردد هذا الكلام لزيارة هذه الاماكن, وكل من زارها, اعترف لنا بان الحكومة الجزائرية لم تقصر ابدا في حق هؤلاء المواطنين. اضيف إلى هذا... ان هذه الظاهرة حديثة العهد, وبالتالي تطلب ذلك من اجهزتنا تطورا وتكيفا مع المعطى الجديد, وهنا ايضا اترك لك تخيل مدى الامكانيات التي يجب توفيرها لحماية الاحراش والاماكن النائية. ولابد من ان اقول بان قوات الامن الجزائرية قائمة بواجبها على احسن وجه, وبكل اخلاص. - في الاطار نفسه, هناك من يقول ان بعض المجازر تم ارتكابها على بعد مئات الامتار فقط من ثكنات الجيش والامن فما هي الحقيقة؟ ــ هذا افتراء, وكلام غير صحيح, وكل من زار هذه الاماكن تيقن بنفسه بان هذا مجرد هراء, هنا دعني انبه إلى ان الحرب الدعائية كذلك هي جزء من خطة الارهابيين والمتواطئين معهم في الخارج. - لقد دخلت بنا إلى الخارج, ونعرف ان الدبلوماسية الجزائرية, نشطت من اجل توضيح صورة ما يجري حقيقة هناك, ما مدى تطور النظرة الخارجية إلى ما يدور في الجزائر؟ ــ لقد تغيرت نظرة كل الذين زارونا على عين المكان, جميعهم يحكون على الاوضاع من خلال ما يطلعون عليه في وسائل الاعلام فقط, وعندما تكلموا مع كل الاطراف, بما فيها تلك المتباينة سياسيا مع السلطة, ادركوا الحقيقة والواقع, واقتنعوا بان الوضع على الارض مختلف تماما عما تنقله لهم وسائل الاعلام في بلدانهم. مشكلات مع الترويكا - ربما تقصدون ما حصل لوفد البرلمان الاوروبي, لكن بالنسبة للترويكا الاوروبية التي زارت الجزائر ايضا, فان ما تقولونه لا ينطبق تماما على رأيها؟ ــ ليس لنا مشاكل مع الترويكا, ولعلمك, فان جميع الحكومات الغربية اعلمتنا رسميا بأنها تؤيد كل الاصلاحات التي تقوم بها السلطة الجزائرية, وتقف إلى جانبها في مقاومة الارهاب, وهو الخطاب الرسمي لهذه الدول. وما دام ذلك هو ما يتم ابلاغنا به, فليس لدي مأخذ على هذه الدول, وبالنسبة لموضوع (الترويكا) الاوروبية, فقد جاء وفدها إلى الجزائر ليواصل الحوار السياسي, لانه على عكس ما يروج, لم تكن تلك زيارتها الاولى للجزائر, فقد جاءت في سنة 94 وزارها وزير الخارجية الجزائري في 95, وفي 96 كان لنا مع ممثليها عدة لقاءات يعني ان زيارة الترويكا الاوروبية الاخيرة, تندرج في اطار حوار منتظم بين اوروبا والجزائر. وبيننا لبس واحد, هو اننا نطالب الدول الاوروبية بمكافحة الارهاب من خلال الشبكات التي تقيمها على اراضيها, والمشكلة القائمة انهم يردون علينا بان الاتحاد الاوروبي ككيان جماعي ليس مخولا بالتكفل بالمواضيع الامنية مثل مكافحة الارهاب, وان مثل هذه الامور يجب بحثها بشكل منفرد مع كل دولة لوحدها. واود ان اقول بان هناك تعاونا ثنائيا جادا بيننا, وبين هذه الدول, لكن المشكلة اليوم هي فتح فضاء (شينغان) وبالتالي الغاء الحدود الداخلية بين الدول المنتمية لهذا الفضاء, وهذا يعطي سهولة اكبر لهذه الشبكات الارهابية لكي تنتقل, وتهرب من المراقبة. لذلك فنحن نركز مطلبنا على ضرورة ايجاد صيغة لتعاون جماعي يردف التعاون الثنائي في هذا المجال. هذا هو لب الخلاف القائم بين الاتحاد الاوروبي, وبيننا في مجال مقاومة الارهاب. - حسنا, نحن نرى ان فرنسا وايطاليا وبلجيكا على وجه الخصوص تبذل جهدا في مقاومة هذه الشبكات, لكن تبقى المشكلة في لندن اساسا, هل طرأ تطور على وعيها بالالتفات إلى هذا الامر؟ ــ اظن اننا قطعنا شوطا هاما في مصارحة الشركاء سواء في بريطانيا أو في بلاد اخرى مثل السويد والدول الاسكندنافية, والآن هناك خطوة اعلنت عنها الحكومة البريطانية والهادفة إلى تعديل واعادة تنظيم قانون منح حق اللجوء السياسي, واعتبر ذلك مكسبا لكنه لا يرضي طموحنا, لذلك ابلغنا اصدقاء هناك, بأننا راغبون في تعاون اكثر تطورا. فتح ملف الارهاب - نحن نعلم ايضا ان الجزائر, اشتكت من عدم تعاون كاف في هذا المجال, من طرف بعض الدول العربية والاسلامية, هل طرأ تطور على هذا الصعيد؟ ــ الحقيقة اننا لم نتجاوز هذا الامر تماما, لكن يجب الاعتراف ايضا بأن هناك ايضا خطوات ايجابية على الطريق, ولك ان تتذكر انه منذ سنتين فقط, كان من الصعب علينا جدا فتح ملف الارهاب وسط التجمعات العربية والاسلامية, اليوم رصدنا تطورات مهمة, ففي الاطار العربي حصلت اكثر من معاهدة, وسيتم التوقيع على معاهدة مهمة يوم 22 ابريل الحالي في القاهرة خلال اجتماع عربي مشترك بين وزراء العدل ووزراء الداخلية, واهمية هذه الوثيقة انها ملزمة لكل الدول الموقعة. اما في الاطار الاسلامي, فاننا بدأنا نخطو خطوات جيدة, حيث توصلنا في قمة طهران الاسلامية إلى ضرورة تطوير مرونة السلوك لمكافحة الارهاب بين الدول الاسلامية, وتحويلها إلى اتفاقية دولية ملزمة, شأنها شأن الاتفاقية العربية, وقد اجتمع الخبراء واعدوا اتفاقية صارمة ودقيقة, املنا ان يلتزم بها الجميع. - قبل الاتفاقيات, لابد من ان تتوفر لدى هذه الدول قناعة عميقة بالشيء الذي تتضمنه اي اتفاقية, هل تشعرون بان الظرف قد نضج الان لدى هذه الدول, واصبحت تؤمن بضرورة مكافحة الارهاب؟ ــ اظن ذلك, وحتى اذا كان هناك لبس أو عدم تفهم لما جرى ويجري في بعض الدول كالجزائر, فقد اصبحت القناعة السائدة لدى الجميع بأن ما يحدث لا صلة له بالاسلام اطلاقا, بل هو مسيء إلى هذه الديانة السمحاء,. تحولات سودانية - اعتقد انكم التقيتم وزير خارجية السودان, على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية, هل تطرقتم لهذا الموضوع معه؟ وماذا كان رد الفعل؟ ــ لاحظت تطورا على مستوى الخطاب السياسي السوداني, اذ ان المسؤولين السودانيين اصبحوا يدينون جهرا هذه الممارسات المتطرفة, وقد ابلغونا, بان قناعتهم اصبحت مستقرة, حول ان هذه الجماعات, هي جماعات شريرة, الاسلام منها برىء, وانها تقوم بعمل دنيء يسىء إلى وجه الاسلام الناصع. - وبالنسبة لايران التي تتهمونها دائما؟ ــ ليس لنا اي اتصال معها, وبالتالي نحن نراقب التطورات التي يمكن ان تأتي من ناحيتها. - لكن يقال ان الرئيس خاتمي اتى بوجه جديد, قد يغير الصورة؟ ــ نحن نراقب ونتابع, وسنحكم على الافعال. - وبالنسبة لبعض ما يروج بين الحين والاخر, عن محاولات للحوار بين الاسلاميين في الجزائر والسلطة, ما هي الحقيقة؟ ــ في احسن الحالات, اقول بان الذين يروجون هذا الكلام لا يعلمون اي دراية بما يحدث في الجزائر, ويمكن ان اصف هذا ايضا بأنه محاولة لتضليل الرأي العام. فليس هناك اي تفاوض مع اي كان من هذه الجماعات الشريرة, ونحن لا نتعاطى مع الاشياء خارج الاطار القانوني. صحيح, كان هناك حديث حول هدنة, واشياء اخرى, لكننا نتعامل مع كل هذا في اطار قانوني شفاف, فقد مرت اشهر عديدة على مثل هذه الادعاءات, ولك ان تسأل اين المقابل الذي تقدمت به الحكومة, لو حصل فعلا وكان هناك مفاوضات؟! - معالي الوزير, دعني اسأل عن حقيقة ما اشيع اثناء الازمة الاخيرة بين العراق والامم المتحدة, حول اخفاء بغداد لبعض اسلحة الدمار الشامل في الجزائر, ما رأيكم؟ ــ هذا اخلال فاضح باخلاقيات المهنة الاعلامية, وهذا تخريف ليس بعده اخر. لقد قرأت هذا في وسائل الاعلام الامريكية, وكذبناه تكذيبا قاطعا, واعتقد ان المسؤولين يعلمون بان هذه الانباء مثل غيرها, افتراء على الجزائر. - حسنا, ربما تثيرون لدي سؤالا, عن هذا الصراع الدولي حول الجزائر, هل يمكن القول ان ما جرى عندكم داخل في اطار ما يمكن تسميته بصراع المصالح الدولية؟ أو لعبة الامم؟ ــ نحن لا نسمح ابدا بأن نكون موضوع صراع, فنحن دولة مستقلة, وذات سيادة بكل معنى الكلمة, ونتعاطى مع الجميع على اساس مصالحنا وحدها, معيارنا الوحيد في هذا التعاطي هو الحفاظ على سيادتنا واستقلاليتنا في وجه كل من يحاول المساس بها, وعلى الجميع ان يقرأوا جيدا تاريخ الشعب الجزائري قبل ان يغامروا فيحرقوا اصابعهم. اجرى الحوار في الدوحة - فيصل البعطوط

Email