مشروع الزواج المدني يهز البيت اللبناني.. أنصار الهراوي : المشروع يخدم أربعة أهداف وطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتفع حدة الطلاق السياسي الداخلي في لبنان مع اصرار رئيس الجمهورية الياس الهراوي على المضي قدما في طرح مشروعه حول الزواج المدني والذي وافق عليه مجلس الوزراء الاربعاء الماضي بالغالبية بالرغم من تحفظات رئيسه رفيق الحريري . وقد استفتت (البيان) اربعة اصوات حول موضوع الزواج المدني الذي احدث هزة سياسية وشعبية كبيرة. الاول: مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الذي يطالب بسحب المشروع من التداول على الفور مؤكدا انه يمسس بجوهر عقيدة المسلمين وانه لا يمكن تمريره طالما, انه يمس بالوفاق الوطني بين اللبنانيين. والثاني: رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي يعتبر انه لايجوز طرح قضية خطيرة وحساسة تتعلق بالزواج والاسرة, كمن يطرح مسائل في مستوى الايجارات والضرائب وشراء الشقق او بيعها او ما الى ذلك. والثالث: رئيس الحكومة الاسبق النائب عمر كرامي فيقول: ان مجرد طرح مشروع الزواج المدني انما يعني دعوة الى الناس باتجاه ان يخرجوا عن اديانهم سواء كانوا مسلمين ام مسيحيين. والرابع: هو النائب تمام سلام فينطلق في رفضه لذلك المشروع, من مبدأ الاولويات والذي يشدد فيه على ان الغاء الطائفية السياسية هو الذي يتقدم على الزواج المدني وليس العكس. يعد مشروع الرئيس الهراوي الذي يثير جدلا سياسيا روحيا حادا على الساحة اللبنانية, ليس الاول من نوعه, وان كان التساؤل الاساسي حوله يدور في اطار الاستفسار عن السر في توقيت طرحه قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بحوالي ستة اشهر. فقد سبق طرح مشروع موحد مدني للاحوال الشخصية من قبل (الحزب الديمقراطي) في العام 1971 وجرى طرحه على مجلس النواب بواسطة احد مؤسسي هذا الحزب وهو النائب السابق اونمست باخوس في العام التالي. وكان قد وضعه ثلاثة محامين هم: جوزيف مغيزل, عبد الله لحود, ونورما ملحم. لكن الظروف التي افرزها اندلاع الحرب الاهلية في البلاد منذ 13 ابريل عام 1975 اخرج ذلك المشروع من دائرة الضوء ومن ثم عاد الرئيس الهراوي لطرحه في مناسبتين اساسيتين: الاولى في العام 1996 عندما اقترح : (مبادرة من اجل تعديل قوانين الاحوال الشخصية) وهو قال في ذلك السياق في رسالة متلفزة وجهها الى اللبنانيين (22 - 11 - 1996) : (ايها اللبنانيون تحتاج البلاد الى قانون جديد للاحوال الشخصية فلماذا نتأخر؟ ثم عاد وقال في ندوة تلفزيونية ( 25 - 11 - 1996) : (الى متى سنبقى مرتهنين لقضايانا المذهبية - الطائفية) ورأى انه: (يجب ان نبدأ بالخطوة الاولى في طريق الغاء الطائفية السياسية عبر ايجاد قانون موحد للاحوال الشخصية لدى القضاة) . اما المناسبة الثانية فكانت في 16 فبراير في العام 1998 عندما اعلن الهراوي عن ولادة مشروع للاحوال الشخصية والزواج المدني الاختياري في لبنان. فاشتد النقاش بعنف حوله آنذاك. وكان الموقف الابرز للمفتي الشيخ قباني الذي علق عليه انذاك بقوله: ان هذا المشروع مرفوض منا جملة وتفصيلا وستبقى المحاكم الشرعية هي صاحبة الحق والمرجعية الوحيدة, لانها جزء من تراثنا ولن نفرط بها, ولن نقبل مطلقا بتطبيق نظام الزواج المدني حتى ولو كان اختياريا على المسلمين. لكن الرئيس الهراوي يرد على المفتي قباني بصورة غير مباشرة حيث اعتبر مستشاروه ان مشروع الزواج المدني يخدم الاهداف (الوطنية) الاربعة التالية: - اولا: اعتماد العلمانية - وليس الالحاد - في عقود الزواج لمن اراد ذلك. - ثانيا: توسيع وتعميق الانصهار الوطني. - ثالثا: تأمين حماية الحقوق الزوجية بروح القانون المدني, دون ان يعني ذلك الغاء القوانين الشرعية او تهميشا لها في هذا المجال بالنسبة الى الراغبين في بقاء المحاكم الشرعية مظلة دينية وقانونية لهم. - رابعا: التقاء القوانين المدنية والنصوص الشرعية الدينية, في اكثرية النقاط والمفاهيم والتفسيرات والضوابط التي تدعو الى حماية الاسرة من التفكك وحماية المجتمع من نزاعات ومنازعات طائفية ومذهبية. ردود فعل سياسية احدثت اعادة طرح الرئيس الهراوي لمشروعه حول الزواج المدني هزة سياسية وشعبية, ووصف وزير النقل عمر مسقاوي الامر بانه (مجرد بازار بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب نبيه بري لتحقيق نتيجة في مواجهة رئيس الحكومة) كما قال مضيفا: (ان الغاء الطائفية السياسية تحتاج اولا الى الغائها من نفوس المسؤولين قبل سواهم) . ويقول الوزير مسقاوي في هذا الاطار : (ان الضجة التي اثيرت حول قرار مجلس الوزراء في اكثريته قد اتخذت منحى في غير موقعها الصحيح, وانا اعتقد بان الغائب الاكبر في تلك المناقشات كان مشروع الزواج المدني نفسه, فالقضية يجب معالجتها اولا من الناحية السياسية, لان الزواج المدني ليس مجرد ارشاد يصدره رئيس الجمهورية كالارشاد البابوي, مع العلم ان هذا الارشاد الاخير كان نتيجة ابحاث ومناقشات استغرقت سنوات طويلة. وفي رد على سؤال لـ (البيان) قال الامين العام لـ (حزب الله) , حسن نصر الله محددا موقف الحزب من الزواج المدني عبر النقاط الثمانية التالية: - ان عقلية النكايات التي تحكم العلاقة بين الرؤساء والوزراء هي اسوأ من العقلية الطائفية, واعجز من ان تحفظ وحدة البلاد, او ان تصون انصهارا وطنيا للشعب. - ان اقرار الزواج المدني لا يجوز ان يكون نتيجة ابتزاز او مقايضة مع اي شأن آخر على الاطلاق. - ان الزواج المدني هو شأن ديني , لا شأن للطائفية السياسية فيه. - ان اقرار الوزراء المسلمين وموافقتهم على الزواج المدني يطرح على فقهاء المسلمين ومراجعهم مسألة فقهية خطيرة لا قدرة لاحد في لبنان على تطويقها. - ان اقرار الزواج المدني هو اعتداء على نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية. - ان من يفترض ان العمل على الغاء الطائفية السياسية يبدأ بالزواج المدني يكون كمن يضع العربة امام الحصان. - ان الزواج المدني, وان كان اختياريا, لا يجوز بموجب النص الدستوري ان يقر في لبنان من دون المرجعيات الروحية . - ان (حزب الله) والاسلاميين جميعا, في لبنان يرفضون رفضا قاطعا هذا المشروع ويدعون الى سحبه حفاظا على الوحدة الوطنية. بيروت - وليد زهر الدين

Email