نافذة : خطة أمريكية لتجريد العرب من أسلحة الدفاع : بقلم - سعيد السبكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشترط مصر لموافقتها على اتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية والنووية ان تلتزم اسرائيل بالاتفاقية الدولية لحظر اسلحة الدمار الشامل والاسلحة النووية, وهذا الشرط له شرعية عادلة حيث ان اسرائيل التي كانت في الماضي تفتعل البكاء والصراخ طلبا للسلام حصلت عليه على صحن من ذهب , من مصر في اتفاقية كامب ديفيد بضمانات شاملة وكاملة التزمت بها مصر, لكنها (اسرائيل) لم تلتزم ولم تثبت حسن نواياها تجاه العرب في المنطقة العربية باعتبارها (وفقا لاتفاقية السلام والتطبيع التي افرزتها المعاهدة المصرية الاسرائيلية) دولة في المنطقة لها حق العيش مع جيرانها العرب, لذلك كان الشرط المصري رد فعل طبيعيا جدا حيث ان صحراء النقب بها مفاعلات نووية, واسرائيل تمتلك اكثر من 300 قنبلة ذرية, وتملك ايضا اسلحة كيماوية وبيولوجية خطيرة ومتقدمة جدا, وهي (اسرائيل) لا تخفي ذلك وتشير بطرف عين وتهدد وتتوعد من وقت لآخر بأنها لا تتوانى عن استخدام كل ذلك من اجل الحفاظ على أمنها بالرغم انها دولة معتدية وتعتدي وتستعدي دولا افريقية صغيرة على العرب, وامريكا مع شركائها في اوروبا على علم تام بكل ما نعرفه نحن العرب وما لانعرفه ايضا, وهي منذ اتفاقية كامب ديفيد قامت بارتكاب جرائم ومذابح في صبرا وشاتيلا وقانا وتضرب الفلسطينيين في الداخل والخارج, وحتى ساعات قليلة مضت تعتدي على جنوب لبنان وليس بجديد قول ان امريكا تكيل بمكيالين وتستخدم اكثر من معيار في سياستها مع العرب الذين اعطوا السلام للاسرائيلين في الوقت الذي تضرب فيه اسرائيل العرب وتضع العراقيل في طريق السلام! وفي الشهر الماضي أقامت امريكا الدنيا واقعدتها بسبب استمرار العراق في السماح للجان التفتيش التابعة للامم المتحدة في القيام بعملها ودخول القصور الرئاسية والغوص في عمق السيادة العراقية وحشد قواتها العسكرية في المياه العربية استعدادا لضرب العراق (ووقفت لجانبها بعض الدول العربية) تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة في نزع الاسلحة الكيماوية والجرثومية من العراق. وليس بسر ان الدول المنتجة لأساسيات صنع الاسلحة الكيماوية والميكروبية هي اوروبا وامريكا هي ذات الدول التي صدرت للعراق وغيرها ما يساعد على صنع الاسلحة الفتاكة. وجراب الساحر لدى العم سام يحوي بداخله اوراق ابتزاز للعرب تخرجها حينما تشاء وتحرض شركاءها الاوروبيين ايضا حينما وكيفما تشاء, فمن ورق لوكيربي ضد ليبيا مرورا بورقة الاقباط ضد مصر التي سبقتها اوراق اخرى في السودان وغيرها يتضح ان العم سام يريد تجريد كل العرب وبدون استثناء من كل ادوات الدفاع عن انفسهم, فهي تستخدم الضغوط والابتزاز خاصة ضد مصر كدولة لها وزن سياسي في المنطقة العربية, وبدا هذا واضحا حينما بدأت مصر في لم الشمل والتقارب مع اشقائها لاحتواء ازمات, ففي الوقت الذي عادت فيه العلاقات المصرية السودانية الى مسارها الطبيعي (السودان التي تصنعها امريكا على رأس قائمة الدول الارهابية) وزار مصر امير قطر لرأب الصدع الذي كاد ان يفتك بالعلاقات المصرية القطرية بسبب المؤتمر الاقتصادي الذي شاركت فيه اسرائيل بالدوحة في نوفمبر العام الماضي, بدأت امريكا في حث الشركاء الاوروبيين لممارسة ضغط على مصر من نوع جديد لاظهار عيون العم سام الحمراء للعرب, فقد تسرب مؤخرا تقريرا من المخابرات الامريكية مفاده ان مصر تملك كميات كبيرة من الاسلحة الكيماوية والجرثومية واضاف بأن كل ما يهدد أمن اسرائيل ستقوم امريكا بنزعه من المنطقة العربية . وجاء توقيت هذا التقرير الذي وصف بالسرية بالرغم من تسربيه لصحيفة (الواشنطن بوست) بعد وقت قصير من الزوبعة التي اثارتها اسرائيل ابان ازمة العراق مع امريكا وبأن اسرائيل تشعر بالخطر من السلاح الكيماوي العربي بالرغم ان عديدا من الدول العربية قد وقعت بالفعل على اتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية, اذن المقصود بالدول العربية التي تقصدها اسرائيل وتزعم انها تهددها بالاسلحة الكيماوية هي (الدول التي لم توقع على الاتفاقية) مصر ـ ليبيا ـ السودان ــ سوريا. وحقيقة ان ما جاء في تقرير المخابرات الامريكية ليس بجديد حيث انه منذ العام الماضي 97 بدأت بالفعل دولا اوروبية بايعاز من امريكا في خطة حظر تصدير المواد الكيماوية لمصر على اعتبار انها ضمن عددا من دول تنتج غازات الاعصاب بالاضافة لدول غير عربية مثل ايران والباكستان. وهذه ورقة ضغط على مصر تعيق اجراء التجارب والابحاث الخاصة بالاغراض السلمية ويتضح من كل ما سبق ان امريكا على اعتاب سياسة تتويج لما بدأته منذ سقوط نظم الشيوعية واصبحت هي القطب الواحد الذي لاينازعها فيه احد حتى الان فهي تريد تجريد العرب من كل اسلحتهم, في الوقت نفسه تصبح اسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة العربية تملك القوة والسلاح يحدث ذلك في الوقت الذي حصلت فيه اسرائيل على القاعدة الاساسية من احلامها لتتحرك عليها بحرية, فنشرات محطات التلفزيونات العربية التي تدخل كل بيت عربي اصبحت تتصدرها اخبار اسرائىل, ومراسلو التلفزيون الاسرائيلي في حوارات مستمرة مع خطوط التليفون بالصوت والصورة يدلون بآرائهم على العرب, ورجالات الحكومة الاسرائيلية الذين كانوا بالامس القريب ضباطا في جيش اسرائيل يقتلون شباب العرب في مقابلات مستمرة مع زعماء عرب في زيارات متتالية, فهي (اسرائيل) اخذت كل شيء ولم تعط شيئا, تحتل الجولان السورية, وتضرب جنوب لبنان, وتضع العراقيل امام السلام مع الفلسطينيين في الوقت نفسه اقبلت امريكا على تجريد العرب من السلاح وتشاركها اوروبا فماذا تبقى لنا نحن العرب ندافع به عن أنفسنا؟ العراق بالأمس واليوم مصر وليبيا والسودان في حصار فمن سيكون عليه الدور؟

Email