الضباط تنفسوا الصعداء بعد انتهاء الأزمة: قانون الشرطة الجديد يثير جدلا ومخاوف

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوقع الرئيس المصـري حسني مبارك خلال ايام القانون الجديد للشرطة الذي وافق عليه مجلس الشعب بصفة نهائية في الجلسة الماضية . وقد طوقت الحكومة المصـرية الازمة المزدوجة التي تزايدت احتمالات وقوعها مع كل من البرلمان المصـري الذي رفض مشروع القانون بصورته الاولى وقبل التعديلات الاخيرة التي ادخلت عليه. ومع رجال الشرطة الذين قد تصاعدت بينهم حالة من القلق والترقب في ظل تزايد احتمالات احالتهم الى التقاعد في سن مبكرة وهو ما اطلق عليه النواب (المعاش المبكر) بالقياس مع الفارق لما يتم حاليا للعاملين داخل شركات قطاع الاعمال الذين يحالون الى المعاش المبكر كأحد الاثار الناجمة عن سياسة الخصخصة. وقد منحت التعديلات الجديدة لقانون الشرطة قبل اقراره بصورة نهائية في مجلس الشعب الفرصة للضباط للبقاء في الخدمة لمدة تتراوح ما بين سنتين وست سنوات في اطار التفسيرات التي قدمتها الحكومة لتلك التعديلات قبل الاحالة الى التقاعد في حالة صدور تقارير تثبت عدم صلاحية الضابط للاستمرار في العمل داخل السلك الامني. ونجحت ضغوط نواب البرلمان من جانب الاغلبية الساحقة منهم وبالاتصالات التي جرت بين النواب وعدد هائل من ضباط الشرطة في اطار استطلاع رأي رجال الامن قبل اقرار القانون في تراجع الحكومة عن تمسكها ببدء عملية الترقية بالاختيار للضابط عند وصوله الى استحقاق الترقية الى رتبة عقيد وعادت ووافقت على وصوله الى هذه الرتبة بالاقدمية المطلقة على ان يستمر في موقعه بعد هذه الترقية لمدة عامين قبل ان يخضع لتقارير التقييم التي بمقتضاها يمكن ان تمد له مدة العمل لمدة اخرى (سنتين) او اكثر حتى وصوله الى رتبة عميد وهي السابقة على تقلده رتبة اللواء وكلا الرتبتين تخضع للتقييم والاختيار ولا تتم بالاقدمية المطلقة. وتنفس رجال الامن في مصـر الصعداء وهم يتابعون الموقف من خلال شرفات قاعة البرلمان ومن خلال شاشات التلفزيون بعد الموافقة على التعديلات الجوهرية. وشهدت كواليس البرلمان وكواليس مسرح الحكومة طوال الـ 48 ساعة الاخيرة السابقة على صدور القانون مشاورات وحوارات مكثفة على اعلى المستويات بعد شعور حكومة الدكتور كمال الجنزوري بانها تسبح ضد التيار. وكشف كمال الشاذلي وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب والشورى النقاب عن بانوراما الاتصالات التي تمت امام نواب البرلمان عند تقدمه بالتعديلات الجديدة الى البرلمان باسم الحكومة. وقال الشاذلي انه واللواء حبيب العادلي وزير الداخلية قد عرضوا على الدكتور الجنزوري في مقر الحكومة المواجهة لمجلس الشعب ملخص مناقشات النواب حول مشروع القانون وانه اتفق على ادخال التعديلات الجديدة استجابة لمطالب مجلس الشعب. ووجه النواب من ناحية والدكتور احمد فتحي سرور ورئيس المجلس انتقادات حادة الى التلفزيون المصـري واتهموه بعرض صورة غير حقيقية عن مناقشات النواب التي رفضت المشروع بصيغته الاولى وتصوير الموقف بانه موافقة من البرلمان على المشروع قبل التعديلات. وفي صورة تحذيرية قال الدكتور سرور (انني اهيب باتحاد الاذاعة والتلفزيون ان يتوخى الدقة وان يعرض صورة صادقة على الشاشة لما دار في مجلس الشعب عند نقله لوقائع الجلسة) تدارك كمال الشاذلي الموقف بسرعة وكشف عن وعد تلقاه من صفوت الشريف وزير الاعلام باعادة اذاعة هذه المناقشات كاملة مرة ثانية متعللا بان (البتر) الذي حدث في اذاعة تلك الجلسة جاء نتيجة لازدحام التلفزيون بالاعمال الكثيرة التي كان يتعين عليه اذاعتها عن مجلس الشعب في الايام الثلاثة الاخيرة. وازاء التعديلات الجديدة التي توصلت اليها الحكومة لمشروع القانون تحول موقف نواب المعارضة من المعارضة للمشروع الى تأييده وشاركوا في تقديم الشكر الى الحكومة على استجابتها لتلك التعديلات التي كان قد اصر عليها النواب خلال المناقشات. وقال د. سرور ان ذلك يعكس علاقات التعاون ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وطمأن اللواء حبيب العادلي البرلمان والضباط على حد سواء ان القانون الجديد لن يمس حقا اكتسبه الضباط حاليا ولن يطبق على اي منهم القانون الجديد إلا بعد انتهاء مدته في رتبته الحالية. واشار الى ان عملية التقييم سوف تتم اعتبارا من اول اغسطس المقبل واكد العادلي حرصه الكامل على مصالح الضباط. رفض العادلي ما حذر منه النائب محمد مرزوق من ان خروج ضابط الشرطة سيكون عرضة لاستقطاب العناصر الارهابية والمتطرفة وقال وزير الداخلية ان ذلك اهانة لضباط الشرطة... واكد انه لا يوجد ضابط شرطة واحد عرضة لاستقطاب من هذه التنظيمات وان رجل الشرطة رجل وطني قبل ان يكون رجل شرطة. من جهتها نفت الحكومة بشدة امام البرلمان وجود شبهة عدم دستورية عند خضوع الضابط لعملية التقييم وذلك ردا على ما اثاره بعض النواب من ان كافة موظفي الدولة يخضعون لنظام الترقية بالاقدمية. وان الدستور اكد المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين... وقالت الحكومة ان طبيعة الجهاز الامني ذات الحساسية تستوجب عملية التقييم. وتقضي التعديلات الجديدة والنهائية ايضا بان تكون الترقية الى رتبة عميد بالاختيار ومن لا يشمله الاختيار يحال الى المعاش مع ترقيته الى رتبة عميد للحصول على المعاش المستحق لهذه الرتبة وتكون الخدمة في رتبة عميد في حالة بقاء الضابط في الخدمة لمدة سنة يجوز مدها مرة او اكثر حتى حلول موعد ترقيته الى رتبة لواء التي تخضع للاختيار ايضا. وتكون الخدمة في رتبة لواء سنة واحدة يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة او اكثر. وفرضت التعديلات الجديدة حظرا على الضباط بعدم الافضاء بمعلومات او ايضاحات عن المسائل السرية بطبيعتها او بمقتضى تعليمات كتابية صادرة من الجهة المختصة او نشر وقائع او مستندات او صورها تتعلق بنشاط الشرطة واساليب عملها في الحفاظ على سلامة امن الدولة الا باذن كتابي من وزير الداخلية على ان يمتد هذا الالتزام بعد انتهاء خدمة الضباط... ويعاقب المخالف لذلك بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسة الاف جنيه ولا تزيد على عشرة الاف جنيه وايضا مصادرة المضبوطات محل الجريمة... ويكون للوزير او من يفوضه تعديل تلك العقوبة بتشديدها او خفضها او الغاء العقوبة وحفظ الموضوع او مع احالة الضابط الى مجلس التأديب خلال 30 يوما من تاريخ توقيع العقوبة. القاهـرة ـ مكتب البيان

Email